الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان عشرة وثلاثمائة
هبت ريح من المغرب في آذار، وحملت رملا أحمر يشبه رمل الصاغة، فامتلأت منه أسواق بغداد في الجانبين وسطحها ومنازلها. قاله في «الشذور» .
وفيها توفي القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسّان التّنوخيّ الحنفيّ الأنباري الأديب [1] أحد الفصحاء البلغاء، وله سبع وثمانون سنة. روى عن أبي كريب وطبقته، وولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة، وله مصنف في نحو الكوفيين.
وفيها أحمد بن محمد بن المغلّس البزّاز [2] ، أخو جعفر. كان ثقة نبيلا، روى عن لوين، وعدة.
وفيها إسماعيل بن داود بن وردان المصري [3] . روى عن زكريّا كاتب العمري، ومحمد بن رمح، وتوفي في ربيع الآخر عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها أبو بكر الحسن بن علي بن بشّار بن العلّاف البغدادي
[1]«العبر» (2/ 177) وانظر «الوافي بالوفيات» (6/ 235- 237) و «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» (1/ 137- 142) .
[2]
«العبر» (2/ 178) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 520- 521) .
[3]
«العبر» (2/ 178) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 521- 522) .
المقرئ [1] صاحب الدّوري، وكان أديبا ظريفا نديما للمعتضد، ثم شاخ وعمي.
قال ابن خلّكان [2] : كان من الشعراء المجيدين. وحدّث عن أبي عمرو الدّوري المقرئ، وحميد بن مسعدة [3] البصري وغيرهما، وكان ينادم الإمام المعتضد بالله.
وحكى قال: بتّ ليلة في دار المعتضد مع جماعة من ندمائه، فأتانا خادمه ليلا وقال: يقول أمير المؤمنين: أرقت الليلة بعد انصرافكم، فقلت:
ولما انتبهنا للخيال الذي سرى
…
إذا الدّار قفر [4] والمزار بعيد
وقال: قد أرتج عليّ تمامه، فمن أجازه بما يوافق غرضي أمرت له بجائزة.
قال: فأرتج على الجماعة، وكلهم شاعر فاضل، فابتدرت وقلت:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي
…
لعلّ خيالا طارقا سيعود
فرجع الخادم [إليه] ثم عاد، فقال: أمير المؤمنين يقول: لقد أحسنت، و [قد] أمر لك بجائزة.
وكان لأبي بكر المذكور هرّ يأنس به، وكان يدخل أبراج الحمام التي لجيرانه ويأكل أفراخها [5] وكثر ذلك منه، فأمسكه أربابها وذبحوه، فرثاه بهذه القصيدة.
[1]«العبر» (2/ 178) وانظر «وفيات الأعيان» (2/ 107- 111) و «سير أعلام النبلاء» (14/ 514- 518) . و «نكت الهيمان» ص (139- 142) و «الوافي بالوفيات» (12/ 169- 173) .
[2]
في «وفيات الأعيان» والمؤلف ينقل عنه بتصرف واختصار، وما بين حاصرتين زيادة منه.
[3]
في الأصل والمطبوع: «وحميد بن سعيد» وهو خطأ، والتصحيح من «وفيات الأعيان» و «نكت الهيمان» ص (139) و «سير أعلام النبلاء» وغيرها.
[4]
في الأصل: «قفرى» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في المصادر التي بين يدي وهو الصواب.
[5]
في «وفيات الأعيان» : «فراخها» .
وقد قيل: إنه رثى بها عبد الله بن المعتز، وخشي من الإمام المقتدر أن يتظاهر بها، لأنه هو الذي قتله، فنسبها إلى الهرّ وعرّض به في أبيات منها، وكانت بينهما صحبة أكيدة.
وذكر صاعد اللغوي في كتاب «الفصوص» قال: حدّثني أبو الحسن المرزباني قال: هويت جارية لعلي بن عيسى غلاما لأبي بكر بن العلّاف الضرير، ففطن بهما فقتلا جميعا وسلخا وحشيت [1] جلودهما تبنا. فقال أبو بكر مولاه هذه القصيدة يرثيه [بها] وكنى عنه بالهرّ. وهي من أحسن الشعر وأبدعه، وعددها خمسة وستون بيتا، وطولها يمنع من الإتيان بجميعها فنأتي بمحاسنها، وفيها أبيات مشتملة على حكم فنأتي بها، وأولها:
يا هرّ فارقتنا ولم تعد
…
وكنت عندي بمنزل الولد
فكيف ننفكّ عن هواك وقد
…
صرت [2] لنا عدّة من العدد
تطرد عنّا الأذى وتحرسنا
…
بالغيب من حيّة ومن جرد [3]
وتخرج الفأر من مكامنها
…
ما بين مفتوحها إلى السّدد
يلقاك في البيت منهم مدد
…
وأنت تلقاهم بلا مدد
لا عدد كان منك منفلتا
…
منهم ولا واحد من العدد
وكان يجري ولا سداد لهم
…
أمرك في بيتنا على السّدد
حتّى اعتقدت الأذى لجيرتنا
…
ولم تكن للأذى بمعتقد
وحمت حول الرّدى بظلمهم
…
ومن يحم حول حوضه يرد
وكان قلبي عليك مرتعدا
…
وأنت تنساب غير مرتعد
تدخل برج الحمام متّئدا
…
وتبلع الفرخ غير متئد [4]
[1] في الأصل والمطبوع: «وحشي» وأثبت ما في «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف.
[2]
في المراجع التي بين يدي: «كنت» .
[3]
أقول الأصل أن يقول: «ومن جرذ» بالذال المعجمة، ضرب من الفأر، وقد ذكره بالدال لأجل القافية. (ع)
[4]
في «الوافي بالوفيات» : «وتبلع اللحم غير مزدرد» .
أطعمك الغيّ لحمها فرأى
…
قتلك أصحابها [1] من الرّشد
حتّى إذا داوموك واجتهدوا
…
وساعد النصر كيد مجتهد
صادوك غيظا عليك وانتقموا
…
منك وزادوا ومن يصد يصد
ثم شفوا بالحديد أنفسهم
…
منك ولم يرعووا إلى أحد
فلم تزل للحمام مرتصدا
…
حتى سقيت الحمام بالرّصد
لم يرحموا صوتك الضعيف كما
…
لم ترث منها لصوتها الغرد
وكنت بدّدت شملهم زمنا
…
فاجتمعوا بعد ذلك البدد [2]
كأنّ حبلا حوى بجودته
…
جيدك للخنق كان من مسد
كأنّ عيني تراك مضطربا
…
فيه وفي فيك رغوة الزّبد
وقد طلبت الخلاص منه فلم
…
تقدر على حيلة [3] ولم تجد
فجدت بالنفس والبخيل بها
…
أنت ومن لم يجد بها تجد
فما سمعنا بمثل موتك إذ
…
متّ ولا مثل عيشك [4] النّكد
عشت حريصا يقوده طمع
…
ومتّ ذا قاتل بلا قود
فلم تخف وثبة الزّمان كما
…
وثبت في البرج وثبة الأسد [5]
عاقبة الظلم لا تنام وإن
…
تأخّرت مدة من المدد
أردت أن تأكل الفراخ ولا
…
يأكلك الدّهر أكل مضطهد
هذا بعيد من القياس وما
…
أعزّه في الدّنوّ والبعد
لا بارك الله في الطعام إذا
…
كان هلاك النفوس في المعد
كم دخلت لقمة حشا شره
…
فأخرجت روحه من الجسد
ما كان أغناك عن تصعّدك [6] ال
…
برج ولو كان جنّة الخلد
[1] في «وفيات الأعيان» : «أربابها» .
[2]
تأخر هذا البيت في المراجع التي بين يدي إلى ما بعد أبيات عدّة.
[3]
في «الوافي بالوفيات» : «على حيله» .
[4]
في «سير أعلام النبلاء» : «ولا مثل حالك» .
[5]
رواية البيت في الأصل والمطبوع و «وفيات الأعيان» تختلف قليلا عن روايتها في المراجع الأخرى.
[6]
في «وفيات الأعيان» : «عن تسورك» وفي المراجع الأخرى: «عن تسلقك» .
قد كنت في نعمة وفي دعة
…
من العزيز المهيمن الصّمد
تأكل من فأر بيتنا [1] رغدا
…
وأين بالشّاكرين للرّغد
انتهى ما أورده ابن خلكان ملخصا.
ومات عن مائة سنة.
وفيها أبو عروبة الحسين بن أبي معشر محمد بن مودود السّلميّ الحرّاني [2] الحافظ، محدّث حرّان، وهو في عشر المائة. روى عن إسماعيل بن موسى السّدّي وطبقته. وعنه أبو حاتم بن حبّان، وأبو أحمد الحاكم، وكان عارفا بالرّجال. رحل إلى الجزيرة، والشام، والعراق. ورحل إليه النّاس.
وفيها سعيد بن عبد العزيز أبو عثمان الحلبيّ الزاهد [3] نزيل دمشق.
صحب سريّا السّقطي. وروى عن أبي نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وأحمد بن أبي الحواري وطبقتهما.
قال أبو أحمد الحاكم: كان من عباد الله الصالحين.
وفيها أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني [4] الحافظ المصنّف، وله ثمانون سنة. روى عن الحسن بن محمد الزعفراني [والذّهلي][5] ، وطبقتهما ورحل الكثير، وكان ثبتا مجوّدا.
وفيها محمد بن إبراهيم الحافظ الأوحد العلّامة أبو بكر بن إبراهيم بن
[1] في «سير أعلام النبلاء» : «دارنا» .
[2]
«العبر» (2/ 178- 179) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 510- 512) .
[3]
«العبر» (2/ 179) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 513- 514) .
[4]
«العبر» (2/ 179) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 547- 548) .
[5]
ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع، واستدركته من «العبر» .
المنذر النيسابوري [1] شيخ الحرم [2] . روى عن محمد بن ميمون، ومحمد بن إسماعيل الصائغ وخلق، وعنه ابن المقرئ، ومحمد بن يحيى الدمياطي، وغيرهما. وكان مجتهدا لا يقلد أحدا، وله تآليف حسان.
قال ابن ناصر الدّين: هو شيخ الحرم ومفتيه، ثقة مجتهد فقيه.
وفيها محمد بن إبراهيم بن نيروز [3] ، أبو بكر الأنماطي [4] سمع أبا حفص [الفلّاس] وطبقته.
وفيها يحيى بن محمد بن صاعد الحافظ الثقة الحجّة أبو محمد البغدادي [5] مولى بني هاشم، في ذي القعدة، وله تسعون سنة. عني بالأثر، وجمع وصنّف، وارتحل إلى الشام، والعراق، ومصر، والحجاز. وروى عن لوين وطبقته.
قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحد في فهمه، والفهم عندنا أجلّ من الحفظ، وهو فوق أبي بكر بن أبي داود في الفهم والحفظ. انتهى.
وممّن روى عنه: أبو القاسم البغوي، والدارقطني، وخلق.
وقال الدارقطني: هو ثقة ثبت حافظ.
[1] وهو صاحب الكتب التي لم يصنّف مثلها، مثل «المبسوط» في الفقه، وكان مجتهدا لا يقلد أحدا (ع) .
[2]
انظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 490- 492) .
[3]
في «العبر» «فيروز» .
[4]
«العبر» (2/ 179) وانظر «سير أعلام النبلاء» (15/ 9- 10) .
[5]
«العبر» (2/ 179) وانظر «سير أعلام النبلاء» (14/ 501- 507) .