الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
فيها ظهر ما كان المطيع يستره من الفالج، وثقل لسانه، فدعاه الحاجب سبكتكين- وهو صاحب السلطان عز الدولة- إلى خلع نفسه، وتسليم الخلافة إلى ولده الطائع لله، ففعل ذلك في ذي القعدة، وأثبت خلعه على قاضي القضاة أبي الحسن بن أم شيبان.
وفيها أقيمت الدعوة بالحرمين للمعزّ العبيدي، وقطعت خطبة بني العبّاس، ولم يحجّ ركب العراق، لأنهم وصلوا إلى سميراء، فرأوا هلال ذي الحجة، وعلموا أن لا ماء في الطريق، فعدلوا إلى مدينة النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، ثم قدموا الكوفة في أول المحرم.
وفيها مات ثابت بن سنان بن ثابت بن قرّة الصابئ الحرّاني، الطبيب المؤرخ، صاحب التصانيف. كان صابئي النحلة، وكان ببغداد في أيام معز الدولة بن بويه، وكان طبيبا عالما [1] نبيلا تقرأ عليه كتب بقراط، وجالينوس، وكان فكّاكا للمعاني، وكان قد سلك مسلك جدّه ثابت في نظره في الطب، والفلسفة، والهندسة، وجميع الصناعات الرياضية للقدماء، وله تصنيف في التاريخ أحسن فيه.
[1] في الأصل: «عاملا» وأثبت ما في المطبوع. وانظر «معجم الأدباء» لياقوت الحموي (7/ 142- 143) .
وفيها جمح بن القاسم [1] ، أبو العبّاس، المؤذن بدمشق. روى عن عبد الرحمن بن الرّواس، وطائفة.
وفيها أبو بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد الحنبلي، صاحب الخلّال، وشيخ الحنابلة وعالمهم المشهور، وصاحب التصانيف. روى عن موسى بن هارون، وأبي خليفة الجمحي، وجماعة. توفي في شوّال وله ثمان وسبعون سنة، وكان صاحب زهد وعبادة وقنوع. قاله في «العبر» [2] .
وقال ابن أبي يعلى في «طبقاته» [3] : عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر، المعروف بغلام الخلّال. حدّث عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، ومحمد بن الفضل، وأبي خليفة الفضل بن الحباب [4] البصري، وخلائق. وروى عنه أبو إسحاق بن شاقلا، وأبو عبد الله بن بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو عبد الله بن حامد، وغيرهم، وكان أحد أهل الفهم، موثوقا به في العلم، متسع الرواية، مشهورا بالديانة، موصوفا بالأمانة، مذكورا بالعبادة، وله المصنفات في العلوم المختلفات:
«الشافي» «المقنع» «تفسير القرآن» «الخلاف مع الشافعي» «كتاب القولين» «زاد المسافر» «التنبيه» وغير ذلك.
حدّثنا جعفر بن محمد بن سليمان الخلّال، حدّثنا محمد بن عوف الحمصي قال: سمعت أحمد بن حنبل- وسئل عن التفضيل؟ - فقال: من قدّم عليا على أبي بكر، فقد طعن على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن قدّمه على عمر، فقد طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر، ومن قدّمه على عثمان،
[1] ويعرف ب «ابن أبي الحواجب» انظر «سير أعلام النبلاء» (16/ 77) .
[2]
(2/ 336) .
[3]
انظر «طبقات الحنابلة» (2/ 119- 125) .
[4]
في الأصل والمطبوع: «ومحمد بن الفضل، وموسى بن هارون بن الحباب» والتصحيح من «طبقات ابن أبي يعلى» .
فقد طعن على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى أهل الشورى، والمهاجرين [1] والأنصار.
وبه حدّثنا محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا، قال: سألت أبا عبد الله عن الاستثناء في الإيمان؟ فقال: نعم، الاستثناء على غير معنى الشك [2] ، مخافة واحتياطا للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره، وهو مذهب الثوري.
ولما مات أبو بكر عبد العزيز اختلف أهل باب الأزج في دفنه، فقال بعضهم: يدفن في قبر أحمد، وقال بعضهم: يدفن عندنا، وجردوا السيوف والسكاكين، فقال المشايخ: لا تختلفوا [3] ، نحن في حريم السلطان- يعنون المطيع لله- فما يأمر نفعل، قال: فلفوه في نطع مشدود بالشراريف [4] ، خوفا أن يمزق الناس أكفانه، وكتبوا رقعة إلى الخليفة، فخرج الجواب: مثل هذا الرجل، لا نعدم بركاته، أن يكون في جوارنا، وهناك موضع يعرف بدار الفيلة [5] ، وهو ملك لنا، ولم يكن فيه دفن، فدفن فيه رحمه الله تعالى.
وحكى أبو العبّاس بن أبي عمرو الشرابي قال: كان لنا ذات ليلة خدمة، أمسيت لأجلها، ثم إني خرجت منها نومة الناس، وتوجهت إلى داري بباب الأزج، فرأيت عمود نور من جوف السماء [6] إلى جوف المقبرة، فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت، خوفا أن يغيب عنّي، إلى أن وصلت إلى قبر
[1] حصل بعض التحريف هنا في الأصل وأثبتنا لفظ المطبوع وهو موافق للفظ «طبقات ابن أبي يعلى» .
[2]
في الأصل والمطبوع: «شك» وأثبت لفظ «طبقات ابن أبي يعلى» .
[3]
في «طبقات ابن أبي يعلى» : «لا تقتتلوا» .
[4]
في «طبقات ابن أبي يعلى» : «بالشوارف» .
[5]
في الأصل والمطبوع: «بدار الأفيلة» وأثبت لفظ «طبقات ابن أبي يعلى» ، وانظر «تاريخ الطبري» (3/ 589) .
[6]
أبي بكر عبد العزيز، فإذا أنا بالعمود من جوف السماء إلى القبر، فبقيت متحيرا، ومضيت وهو على حاله. انتهى ملخصا.
وفيها أبو بكر بن النابلسي، محمد بن أحمد بن سهل الرّملي الشهيد، سلخه صاحب مصر، المعزّ [لدين الله]، وكان قد قال: لو كان معي عشرة أسهم، لرميت الرّوم سهما ورميت بني عبيد تسعة، فبلغ القائد جوهر، فلما قرّره [1] اعترف، وأغلظ لهم، فقتلوه، وكان عابدا صالحا زاهدا، قوّالا بالحق.
وفيها أبو الحسن الآبري محمد بن الحسين السجستاني [2] مؤلف كتاب «مناقب الشافعي» .
وآبر: بمد الهمزة، وضم الموحدة، ثم راء خفيفة، قرية بسجستان.
رحل إلى الشام، وخراسان، والجزيرة، وروى عن ابن خزيمة وطبقته.
قال ابن ناصر الدّين: الآبري: محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم السجستاني، أبو الحسن، كان حافظا مجودا، ثبتا مصنفا. انتهى.
وفيها محدّث الشام، الحافظ أبو العبّاس، محمد بن موسى بن الحسين بن السمسار، الدمشقي. روى عن محمد بن خريم، وابن جوصا، وطبقتهما، وعنه تمّام الرّازي وغيره، وكان ثقة نبيلا حافظا جليلا، كتب القناطير، وحدّث باليسير. قاله الكتاني.
وارتحل إلى مصر وإلى بغداد.
وفيها الغزّال الزعفراني، الحافظ الإمام المقرئ، أبو عبيد الله، محمد بن عبد الرحمن بن سهل الأصبهاني. [روى] عن محمد بن علي
[1] أي فلما استجوبه.
[2]
انظر «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدّين (1/ 118) .
الفرقدي، وعبدان الأهوازي. وعنه المالينيّ، وأبو نعيم الحافظ، وقال: هو أحد من يرجع إلى حفظه ومعرفته [1] ، وله مصنفات. قاله ابن بردس [2] .
وفيها المظفّر بن حاجب بن أركين الفرغاني، أبو القاسم، توفي بدمشق في هذا العام أو بعده. رحل به أبوه، وسمع من جعفر الفريابي، والنسائي، وطبقتهما.
وفيها النّعمان بن محمد بن منصور القيرواني القاضي، أبو حنيفة، الشّيعي ظاهرا، الزنديق باطنا، قاضي قضاة الدولة العبيدية، صنّف كتاب «ابتداء الدعوة» وكتابا في فقه الشيعة، وكتبا كثيرة، تدل على انسلاخه من الدّين، يبدّل فيها معاني القرآن ويحرّفها، مات بمصر في رجب، وولي بعده ابنه.
[1] في الأصل والمطبوع: «هو أحد من رجع إلى حفظ ومعرفة» وما أثبته من «تذكرة الحفاظ» للذهبي (3/ 964) .
[2]
في الأصل والمطبوع: «ابن برداس» وهو خطأ والصواب ما أثبته.