المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة تسع وعشرين وثلاثمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٤

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة إحدى وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وثلاثمائة

- ‌سنة ست وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وثلاثمائة

- ‌سنة عشر وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة أربع عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة خمس عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة ست عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة سبع عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة تسع عشرة وثلاثمائة

- ‌سنة عشرين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة

- ‌سنة أربعين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وثلاثمائة

- ‌سنة خمسين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وثلاثمائة

- ‌سنة ستين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وستين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وستين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وستين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وستين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وستين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وستين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وستين وثلاثمائة

- ‌سنة سبعين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وثلاثمائة

- ‌سنة تسعين وثلاثمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة ست وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وثلاثمائة

- ‌سنة أربعمائة

الفصل: ‌سنة تسع وعشرين وثلاثمائة

‌سنة تسع وعشرين وثلاثمائة

في ربيع الأول استخلف المتقي لله، فاستوزر أبا الحسن [1] أحمد بن محمد بن ميمون، فقدم أبو عبد الله البريدي من البصرة وطلب الوزارة، فأجابه المتقي وولّاه، ومشى إلى بابه ابن ميمون، وكانت وزارة ابن ميمون شهرا، فقامت الجند على أبي عبد الله يطلبون أرزاقهم، فخافهم وهرب بعد أيام، ووزر بعده أبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي، ثم عزل بعد ثلاثة وأربعين يوما ووزر الكرخيّ، فعزل بعد ثلاثة وخمسين يوما، فلم ير أقرب من مدة هؤلاء، وهزلت الوزارة وضؤلت لضعف الدولة وصغر الدائرة.

وأما بجكم [2] التركي، فنزل واسط واستوطنها، وقرر مع الراضي أنه يحمل إلى خزانته في كل سنة ثمانمائة ألف دينار بعد أن يريح الغلة من مؤنة خمسة آلاف فارس يقيمون بها، وعدل وتصدق، وكان ذا عقل وافر وأموال عظيمة، ونفس غضبّة [3] ، خرج يتصيّد، فأساء إلى أكراد هناك [4] ، فاستفرد

[1] كذا في الأصل والمطبوع و «مروج الذهب» (4/ 340) وفي «العبر» وبعض المصادر: «أبو الحسين» انظر «النجوم الزاهرة» (3/ 271) والتعليق عليه.

[2]

تصحف في الأصل والمطبوع إلى: «بحكم» والتصحيح من «العبر» والمصادر التي بين يدي.

[3]

في «العبر» : «عصبية» . قال ابن منظور: ورجل غضب، وغضوب، وغضبّ بغير هاء، وغضبّة وغضبّة، بفتح الغين وضمها وتشديد الباء، وغضبان: يغضب سريعا، وقيل شديد الغضب.

«لسان العرب» (غضب) .

[4]

كذا في الأصل و «العبر» وفي المطبوع: «إلى كراد هناد» .

ص: 157

به عبد أسود، فطعنه برمح فقتله في رجب. وكان قد أظهر العدل، وبنى دار ضيافة بواسط، وابتدأ بعمل المارستان، وهو الذي جدده عضد الدولة بالجانب الغربي، وكانت أمواله كثيرة، فكان يدفنها في داره، وفي الصحارى، وكان يأخذ رجالا في صناديق فيها مال إلى الصحراء، ثم يفتح عليهم فيعاونونه على دفن المال ثم يعيدهم في الصناديق ولا يدرون إلى أي موضع حملهم، فضاعت أمواله بموته والدفائن، ونقل من داره وأخرج بالحفر منها ما يزيد على ألفي ألف عينا وورقا، وقيل: للرورحارية: خذوا التراب بأجرتكم فأبوا [1] فأعطوا ألف درهم وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم.

وفيها توفي البربهاري أبو محمد الحسن بن علي [2] الفقيه القدوة، شيخ الحنابلة بالعراق، قالا وحالا. وكان له صيت عظيم، وحرمة تامة، أخذ عن المرّوذي [3] ، وصحب سهل بن عبد الله التّستري، وصنّف التصانيف، وكان المخالفون يغلّظون قلب الدولة [4] عليه، فقبض على جماعة من أصحابه واستتر هو في سنة إحدى وعشرين، ثم تغيّرت الدولة، وزادت حرمة البربهاري، ثم سعت المبتدعة به، فنودي بأمر الراضي في بغداد: لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري، فاختفى إلى أن مات في رجب، رحمه الله تعالى. قاله في «العبر» .

وقال القاضي أبو الحسين بن أبي يعلى في «طبقاته» [5] : الحسن بن علي بن خلف، أبو محمد البربهاري، شيخ الطائفة في وقته، ومتقدمها في

[1] في «تكملة تاريخ الطبري» للهمذاني ص (327) : «ودفع التراب إلى الحفارين فلم يقنعوا» وانظر تتمة الكلام عنده.

[2]

مترجم في «العبر» (2/ 222- 223) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 90- 93) و «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (8/ 378) و «المنهج الأحمد» (2/ 26- 39) .

[3]

في «العبر» : «المروزي» وهو تحريف. انظر ترجمته في «طبقات الحنابلة» (1/ 56- 63) .

[4]

في «طبقات ابن أبي يعلى» (2/ 44) و «سير أعلام النبلاء» : «قلب السلطان» .

[5]

(2/ 18- 45) وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرف.

ص: 158

الإنكار على أهل البدع، والمباينة لهم باليد واللسان، وكان له صيت عند السلطان، وقدم عند الأصحاب، وكان أحد الأئمة العارفين، والحفاظ للأصول المتقنين، والثقات المأمونين.

صحب جماعة من أصحاب إمامنا أحمد، رضي الله عنه، منهم المرّوذي. وصحب سهل التّستري.

وصنّف البربهاري كتبا، منها «شرح كتاب السّنّة» ذكر فيه: احذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتّى تصير كبارا. وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة، كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت، وصارت دينا يدان به يخالف [1] الصراط المستقيم، وخرج [2] من الإسلام، فانظر رحمك الله، كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة، فلا تعجلنّ ولا تدخلن في شيء منه حتّى تسأل وتنظر، هل تكلّم فيه أحد من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أو أحد العلماء، فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه بشيء، ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار.

واعلم- رحمك الله- أنه لا يتم إسلام عبد حتّى يكون متّبعا مصدّقا مسلما، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذّبهم، وكفى بهذا فرقة وطعنا [3] عليهم، فهو مبتدع، ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس فيه.

واعلم أن الكلام في الربّ تعالى محدث وهو بدعة وضلالة ولا يتكلّم في الربّ سبحانه وتعالى إلا بما وصف به نفسه [عز وجل] في القرآن، وما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وهو، جلّ ثناؤه، واحد لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11

[1] في «طبقات ابن أبي يعلى» : «فخالف» .

[2]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «فخرج» .

[3]

تحرفت في «طبقات ابن أبي يعلى» : «فطعن» .

ص: 159

[الشورى: 11] ربنا، عز وجل، أول بلا متى، وآخر بلا منتهى، يعلم السّرّ وأخفى. على عرشه استوى، وعلمه بكل مكان، لا يخلو من علمه مكان، ولا يقول في صفات الربّ لم؟ وكيف؟ إلا شاكّ في الله تبارك وتعالى. والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره، وليس بمخلوق [1] ، لأن القرآن من الله، وما كان من الله فليس بمخلوق، وهكذا قال مالك بن أنس، والفقهاء قبله وبعده، والمراء فيه كفر. والإيمان بالرؤية يوم القيامة، يرون الله تعالى بأعين رؤوسهم، وهو يحاسبهم بلا حاجب ولا ترجمان.

والإيمان بالميزان يوم القيامة، يوزن فيه الخير والشّرّ، له كفّتان ولسان، والإيمان بعذاب القبر، ومنكر ونكير، والإيمان بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكل نبيّ حوض، إلا صالح النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فإن حوضه ضرع ناقته، والإيمان بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، للمذنبين الخاطئين يوم القيامة، وعلى الصراط، ويخرجهم [من جوف جهنم][2] . وما من نبيّ إلا وله شفاعة، وكذلك الصّدّيقون، والشهداء، والصالحون، والله عز وجل بعد ذلك يتفضّل [3] كثيرا على من يشاء، والخروج من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما.

والإيمان بالصراط على جهنم، يأخذ الصراط من شاء الله، ويجوز [4] من شاء الله، ويسقط في جهنم من شاء الله [5] ولهم أنوار على قدر إيمانهم.

والإيمان بالله، والأنبياء، والملائكة، والإيمان بالجنة والنار، أنهما مخلوقتان، الجنة في السماء السابعة، وسقفها العرش، والنّار تحت الأرض

[1] في «طبقات ابن أبي يعلى» : «وليس مخلوقا»

[2]

ما بين حاصرتين سقط من الأصل والمطبوع واستدركته من «طبقات ابن أبي يعلى» (2/ 20) .

[3]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «تفضل» .

[4]

أي يسلك الصراط من شاء الله من عباده، جعلنا الله تعالى منهم بفضله ورحمته، إنه خير مسؤول.

[5]

قوله «من شاء الله» سقط من المطبوع.

ص: 160

السابعة السفلى، وهما مخلوقتان، قد علم الله عدد أهل الجنة ومن يدخلها، وعدد أهل النار ومن يدخلها، لا يفنيان أبدا، بقاؤهما مع بقاء الله أبد الآبدين، ودهر الداهرين.

وآدم، صلى الله عليه وسلم، كان في الجنة الباقية المخلوقة، فأخرج منها بعد ما عصى الله عز وجل.

والإيمان بالمسيح [الدجال][1] .

والإيمان بنزول عيسى، صلى الله عليه وسلم، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم [2] من آل محمد، صلى الله عليه وسلم، ويموت ويدفنه المؤمنون.

والإيمان بأن الإيمان قول، وعمل، ونية، وإصابة [3] يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتّى لا يبقى منه شيء. وأفضل هذه الأمة والأمم كلها بعد الأنبياء، صلوات الله عليهم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ، ثم أفضل الناس بعد هؤلاء: طلحة، والزّبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرّحمن بن عوف، [وأبو عبيدة عامر بن الجرّاح] وكلهم يصلح للخلافة.

ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القرن الذي بعث فيهم المهاجرون الأولون والأنصار، وهم من صلّى للقبلتين.

ثم أفضل الناس بعد هؤلاء من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوما، أو شهرا، أو سنة، أو أقل من ذلك أو أكثر، نترحّم عليهم، ونذكر فضلهم، ونكفّ عن زللهم، ولا نذكر أحدا منهم إلا بخير [4] لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا

[1] سقطت لفظة «الدجال» من الأصل والمطبوع واستدركتها من «طبقات ابن أبي يعلى» .

[2]

قلت: وهو المعروف بالمهدي.

[3]

لفظة «وإصابة» لم ترد في «طبقات ابن أبي يعلى» .

[4]

في الأصل والمطبوع: «يترحم عليهم، ويذكر فضلهم، ويكفّ عن زللهم، ولا يذكر أحد منهم إلا بخير» وأثبت لفظ «طبقات ابن أبي يعلى» .

ص: 161

ذكر أصحابي فأمسكوا» [1] .

واعلم [2] أن أصول البدع أربعة أبواب، يتشعّب من هذه الأربعة اثنان وسبعون هوى، ويصير كل واحد من البدع يتشعب، حتّى تصير كلها إلى ألفين وثمانمائة مقالة [3] كلها ضلالة، وكلها في النار، إلا واحدة، وهي [4] من آمن بما في هذا الكتاب، واعتقده من غير ريبة في قلبه ولا شكوك، فهو صاحب سنّة، وهو ناج إن شاء الله تعالى.

واعلم أن الرجل إذا أحبّ مالك بن أنس وتولّاه فهو صاحب سنّة، وإذا رأيت الرجل يحبّ أبا هريرة، وأسيدا، وأيوب بن عون، ويونس بن عبيد الله، وعبد الله بن إدريس الأنصاري، والشعبي، ومالك بن مغول، ويزيد بن زريع، ومعاذ بن معاذ، ووهب بن جرير، وحمّاد بن زيد، وحمّاد بن سلمة، ومالك بن أنس [5] ، والأوزاعي، وزائدة بن قدامة، وأحمد بن حنبل، والحجاج بن منهال، وأحمد بن نصر، وذكرهم بخير، وقال بقولهم، فاعلم أنه صاحب سنّة.

واعلم أن من تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله، عز وجل، حتّى يرجع.

وقال الفضيل بن عياض: آكل مع اليهودي والنصراني، ولا آكل مع

[1] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 202) من حديث ثوبان رضي الله عنه وتمامه فيه: «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا» وقال: رواه الطبراني، وفيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف.

وذكره الهيثمي أيضا في «مجمع الزوائد» (7/ 202) باللفظ المتقدم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال: وفيه مسهر بن عبد الملك، وثقه ابن حبان وغيره وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه ابن عدي في «الكامل» (6/ 2172) وإسناده ضعيف، وله شاهد مرسل رواه عبد الرزاق في «الأمالي» من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعا فهو حديث حسن بطرقه وشواهده.

[2]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «واعلموا» .

[3]

لفظة «مقالة» لم ترد في «طبقات ابن أبي يعلى» .

[4]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «وهو» .

[5]

كرر المؤلف ذكر «مالك بن أنس» تبعا لصاحب «طبقات الحنابلة» (2/ 37) .

ص: 162

مبتدع، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد.

وذكر أبو الحسن [1] بن بشار قال: تنزّه البربهاري من ميراث أبيه عن تسعين [2] ألف درهم.

وكانت له مجاهدات ومقامات في الدّين كثيرة. وكان المخالفون يغلّظون [3] قلب السلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة تقدّم ابن مقلة بالقبض على البربهاري، فاستتر، وقبض جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله تعالى ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط [4] عليه القاهر، ووقع له ما وقع، ثم تفضل الله، عز وجل، وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت، حتّى إنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة، المعروف بنفطويه، وحضر جنازته أماثل أبناء الدّين والدّنيا، كان المقدّم على جماعتهم في الإمامة البربهاري، وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، في خلافة الراضي.

وفي هذه السنة زادت حشمة البربهاري، وعلت كلمته، وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة، فبلغنا أن البربهاري اجتاز بالجانب الغربي، فعطس، فشمّته أصحابه، فارتفعت ضجّتهم حتّى سمعها الخليفة.

ولم تزل المبتدعة يوغرون [5] قلب الراضي على البربهاري، حتى نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان، فاستتر، وتوفي في الاستتار، رحمه الله تعالى.

[1] في الأصل والمطبوع: «أبو الحسين» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات ابن أبي يعلى» (2/ 43) و «المنهج الأحمد» (2/ 10) بعناية الأستاذ عادل نويهض.

[2]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «سبعين» .

[3]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «يغيظون» .

[4]

في الأصل والمطبوع: «سخط» وأثبت لفظ «طبقات ابن أبي يعلى» ، وأسخط أي أغضب.

انظر «لسان العرب» (سخط) .

[5]

في «طبقات ابن أبي يعلى» (2/ 44) : «ينقلون» .

ص: 163

وحدثني محمد بن الحسن المقرئ قال: حكى لي جدي وجدتي قالا: كان أبو محمد البربهاري قد اختفى [1] عند أخت توزون بالجانب الشرقي في درب الحمّام، في شارع درب السلسلة، فبقي نحوا من شهر، فلحقه قيام الدم، فقالت أخت توزون لخادمها لما مات البربهاريّ عندها مستترا: انظر من يغسله، فجاء بالغاسل فغسله، وغلّق الأبواب [2] حتّى لا يعلم أحد، ووقف يصلي عليه وحده. فاطّلعت صاحبة المنزل، فرأت الدار ملأى رجالا بثياب بيض وخضر، فلما سلّم لم تر أحدا، فاستدعت الخادم وقالت: أهلكتني مع أخي، فقال: يا ستي، رأيت ما رأيت؟ فقالت: نعم، فقال: هذه مفاتيح الباب، وهو مغلق، فقالت: ادفنوه في بيتي، وإذا متّ فادفنوني عنده في بيت القبة، فدفنوه في دارها، وماتت بعده بزمان فدفنت في ذلك المكان، ومضى الزمان عليه وصار تربة. انتهى ما أورده ابن أبي يعلى ملخصا جدا.

وفيها القاضي أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر الرّبعي البغدادي [3] وله بضع وسبعون سنة. سمع عبّاسا الدّوري وطبقته، وولي قضاء مصر ثلاث مرات، آخرها في ربيع الأول من هذا العام، فتوفي بعد شهر. ضعّفه غير واحد في الحديث، وله عدّة تصانيف.

قال في «المغني» [4] : عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر القاضي، ضعّف. روى عن عبّاس الدّوري، وأبي داود [5] السّجزي.

قال الخطيب: كان غير ثقة. انتهى.

[1] في «طبقات ابن أبي يعلى» (2/ 45) : «اختبأ» .

[2]

في «طبقات ابن أبي يعلى» : «وغلق الباب» .

[3]

مترجم في «العبر» (2/ 223) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 315- 316) .

[4]

انظر «المغني في الضعفاء» (1/ 331) .

[5]

في الأصل والمطبوع «وابن داود» والتصحيح من «المغني في الضعفاء» و «سير أعلام النبلاء» .

ص: 164

وفيها الحامض المحدّث، وهو أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي ثم البغدادي [1] روى عن سعدان بن نصر، وطائفة.

وفيها أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل بن يزداد المروزي ثم الغازي [2] الحافظ الثقة. روى عن أبي داود السّنجي، ومحمود بن آدم، وطائفة. وعنه ابن القوّاس، والدارقطني، وقال: هو ثقة حافظ.

وفيها أبو الفضل البلعميّ الوزير محمد بن عبيد الله [3] ، أحد رجال الدهر عقلا، ورأيا، وبلاغة. روى عن محمد بن نصر المروزي وغيره، وصنّف «كتاب تلقيح البلاغة» ، و «كتاب المقالات» .

وفيها الرّاضي بالله الخليفة، أبو إسحاق [4] محمد، وقيل: أحمد بن أبي أحمد بن المتوكل العبّاسي [5] . ولد سنة سبع وتسعين ومائتين من جارية رومية اسمها ظلوم، وكان قصيرا، أسمر، نحيفا، في وجهه طول، استخلف سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وهو آخر خليفة له شعر مدوّن، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش إلى خلافة المتقي [6] وآخر خليفة خطب يوم الجمعة، إلى خلافة الحاكم العباسي، فإنه خطب أيضا مرتين، وآخر خليفة جالس النّدماء. ولكنه كان مقهورا مع أمرائه، مرض في ربيع الأول بمرض دمويّ، ومات، وكان سمحا كريما، محبّا للعلماء والأدباء. سمع الحديث من البغوي. توفي في نصف ربيع الأول، وله إحدى وثلاثون سنة ونصف.

[1] مترجم في «العبر» (2/ 223) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 287- 288) .

[2]

مترجم في «العبر» (2/ 224) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 80- 81) . وقال الذهبي فيه:

«الفازي» بالفاء، من أهل قرية فاز، وبعضهم يقول: الغازي.

[3]

مترجم في «العبر» (2/ 224) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 292) .

[4]

كذا في الأصل والمطبوع و «العبر» و «سير أعلام النبلاء» : «أبو إسحاق» وفي معظم المصادر:

«أبو العبّاس» وهو الأرجح.

[5]

مترجم في «العبر» (2/ 224) و «سير أعلام النبلاء» (15/ 103- 104) .

[6]

قوله: «إلى خلافة المتقي» لم يرد في «العبر» .

ص: 165

وفيها أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول أبو بكر التّنوخيّ الأنباري الأزرق الكاتب، في آخر السنة ببغداد، وله نيّف وتسعون سنة. روى عن جدّه، والحسن بن عرفة وطائفة.

ص: 166