الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حضروا، ولو رجع الأصول والفروع جميعا يجب الضمان عندهما على الفروع لا غير؛ لأن القضاء وقع بشهادتهم. وعند محمد رحمه الله المشهود عليه بالخيار إن شاء ضمن الأصول، وإن شاء ضمن الفروع؛ لأن القضاء وقع بشهادة الفروع من الوجه الذي ذكرا، وبشهادة الأصول من الوجه الذي ذكر، فيتخير بينهما. والجهتان متغايرتان، فلا يجمع بينهما في التضمين.
وإن قال شهود الفرع: كذب شهود الأصل أو غلطوا في شهادتهم لم يلتفت إلى ذلك؛ لأن ما أمضى من القضاء لا ينتقض بقولهم، ولا يجب الضمان عليهم؛ لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع.
ــ
[البناية]
حضروا) ش: وشهدوا ثم حضروا ورجعوا م: (ولو رجع الأصول والفروع جميعا) ش: أي فعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - م: (يجب الضمان عندهما على الفروع لا غير؛ لأن القضاء وقع بشهادتهم) ش: وهذا لأن سبب الإتلاف الشهادة القائمة في مجلس القاضي، وإذا وجد من الفروع فيجب عليهم الضمان عند الرجوع.
م: (وعند محمد رحمه الله: المشهود عليه بالخيار إن شاء ضمن الأصول، وإن شاء ضمن الفروع؛ لأن القضاء وقع بشهادة الفروع من الوجه الذي ذكرا) ش: أي أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله -: وهو أن القاضي يقضي بما يعاين من الحجة، وهي شهادتهم م:(وبشهادة الأصول) ش: أي القضاء وقع بشهادة الأصول م: (من الوجه الذي ذكر) ش: أي محمد رحمه الله وهو قوله - إن الفروع نقلوا شهادة الأصول - م: (فيتخير بينهما) ش: أي يتخير الشهود عليه في التضمين بينهما، أي بين الوجهين إن شاء ضمن الأصول، وإن شاء ضمن الفروع على مذهب محمد رحمه الله.
م: (والجهتان متغايرتان) ش: هذا جواب عما يقال لم لا يجمع بين الجهتين حتى يضمن كل فريق نصف التلف، وتقريره أن الجهتين متغايرتان؛ لأن شهادة الأصول كانت على أصل الحق وشهادة الفروع على شهادة الأصول ولا مجانسة بينهما م:(فلا يجمع بينهما) ش: أي بين الأصول والفروع م: (في التضمين) ش: بأن يقال: يضمن الفريقان حق المدعي عليه أيضا قابل له الخيار وفي تضمين أي الفريقين شاء.
[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإن قال شهود الفرع: كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم لم يلتفت إلى ذلك) ش: أي إلى قولهم، وهذا القول بعد القضاء بشهادتهما، ولم يكن مهما ضمان ذلك؛ لأنهما يقران على غيرهما بأنهما كذبا، فلا يقبل قولهما فيه م:(لأن ما أمضى من القضاء لا ينتقض بقولهم، ولا يجب الضمان عليهم؛ لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم، إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع) ش: وذلك لا يفيد شيئا.
قال: وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يضمنون لأنهم أثنوا على الشهود خيرا، فصاروا كشهود الإحصان. وله أن التزكية إعمال للشهادة، إذ القاضي لا يعمل بها إلا بالتزكية، فصارت بمعنى علة العلة. بخلاف شهود الإحصان؛ لأنه شرط محض.
قال: وإذا شهد شاهدان باليمين وشاهدان بوجود الشرط ثم رجعوا، فالضمان على شهود اليمين خاصة؛ لأنه هو السبب، والتلف يضاف إلى مثبتي السبب دون الشرط المحض.
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا) ش: لم يذكر القدوري فيه الخلاف، وقال المصنف رحمه الله: م: (وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) ش:، وبه قال مالك وأحمد رحمه الله م:(وقالا: لا يضمنون؛ لأنهم أثنوا على الشهود خيرا) ش: ولم يشهدوا بحق م: (فصاروا كشهود الإحصان) ش: إذا شهدوا بإحصان المشهود عليه، فإذا رجعوا بعد ذلك لا يضمنون. م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن التزكية إعمال للشهادة) ش: أي هي التي تميز الشهادة ويعمل بها م: (إذ القاضي لا يعمل بها) ش: أي بالشهادة م: (إلا بتزكية فصارت) ش: أي التزكية. م: (في معنى علة العلة) ش: والحكم يضاف إلى علة العلة كما يضاف إلى العلة، وإنما قال في معنى علة العلة؛ لأن الشهادة ليست بعلة، وإنما هي سبب أضيف الحكم إليه لتعذر الإضافة إلى العلة.
م: (بخلاف شهود الإحصان لأنه شرط محض) ش: لأن الشهادة على الزنا بدون الإحصان موجبة للعقوبة، وشهود الإحصان ما جعلوا غير الموجب موجبا، والحاصل أن الإحصان ليس فيه معنى العلة؛ لأن الإحصان علامة معرفة لحكم الزنا الصادر بعد الإحصان، فلا يتوقف بثبوت الزنا على ثبوت الإحصان، ويتوقف الحكم بشهود الزنا على التزكية فظهر الفرق، ولو رجع شهود الإحصان لم يضمنوا عندنا، وعند الشافعي في قول، ومالك رحمه الله في رواية، وأحمد رحمه الله في رواية: سواء رجعوا مع الشهود أو وحدهم، وقال زفر رحمه الله والشافعي في قول، ومالك في رواية، وأحمد في رواية رحمه الله: يضمنون.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا شهد شاهدان باليمين وشاهدان) ش: أي وشهد شاهدان آخران م: (بوجود الشرط) ش: بيانه إذا شهد شاهدان على رجل أنه قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر وشهد آخران أنه دخل الدار، وقضى القاضي بعتقه.
م: (ثم رجعوا فالضمان) ش: أي ضمان قيمة العبد أو ضمان العبد م: (على شهود اليمين خاصة) ش: لفظ خاصة احتراز عن قول زفر رحمه الله فإن الضمان عنده على الجميع م: (لأنه) ش: أي لأن اليمين م: (هو السبب، والتلف يضاف إلى مثبتي السبب دون الشرط المحض) ش: لأن السبب إذا صلح لإضافة الحكم إليه لا يضاف إلى الشرط كحافر البئر مع الملقي، فإن الضمان
ألا ترى أن القاضي يقضي بشهادة اليمين دون شهود الشرط، ولو رجع شهود الشرط وحدهم اختلف المشايخ فيه. ومعنى المسألة يمين العتاق والطلاق قبل الدخول.
ــ
[البناية]
عليه دون الحافر، ثم أوضح المصنف رحمه الله ذلك بقوله.
م: (ألا ترى أن القاضي يقضي بشهادة شهود اليمين دون شهود الشرط) ش: يعني أن القاضي يسمع الشهادة باليمين ويحكم بها، وإن لم يشهد بالدخول، وإن لم يتعلق بشهادتهم حق صاروا كشهود الإحصان، فلا يلزمهم الضمان كذا في " شرح الأقطع ".
م: (ولو رجع شهود الشرط وحدهم اختلف المشايخ رحمهم الله فيه) ش: وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: إلى عدم وجوب الضمان على شهود الشرط. وفي " المبسوط ": ظن بعض مشايخنا أن شهود الشرط يضمنون بالرجوع فيما إذا كان اليمين ثابتا بإقرار الولي، وقالوا: لأن العلة لا تصلح لإضافة الحكم إليها؛ لأنها ليست تنفذ، فيكون الحكم مضافا إلى الشرط، إذ الشرط يخلف العلة، وهو غلط، بل الصحيح من المذهب: أن شهود الشرط لا يضمنون، نص عليه في الزيادات؛ لأن قوله أنت حر مباشرة للإتلاف عند وجود المباشرة يضاف الحكم إليه لا إلى الشرط، سواء كان الشرط بطريق التعدي أو لا.
م: (ومعنى المسألة) ش: يريد به صورة المسألة م: (يمين العتق والطلاق قبل الدخول) ش: يعني شهد رجلان على أنه على عتق عبده أو طلاق امرأته بدخول الدار، وشهد آخران أنه وجد الشرط، فقضى القاضي بوقوع العتق والطلاق، ثم رجعوا جميعا، فالضمان على شهود اليمين دون الشرط لما قلنا، وإنما قيد بقوله قبل الدخول؛ لأن رجوع الشهود بالطلاق عن الشهادة إذا كان بعد دخول الزوج لا يضمنون شيئا، والله أعلم.