المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القضاء على الغائب] - البناية شرح الهداية - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أدب القاضي

- ‌[شروط تولى القضاء]

- ‌[حكم طلب تولى القضاء]

- ‌[وظائف القاضي]

- ‌[قبول الهدية للقاضي]

- ‌[تسوية القاضي بين الخصمين]

- ‌فصل في الحبس

- ‌ الحبس جزاء المماطلة

- ‌[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌[حكم كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[فصل قضاء المرأة]

- ‌[استخلاف القاضي]

- ‌[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]

- ‌[حكم الباطن فيما قضى به القاضي في الظاهر]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[إقراض القاضي من مال اليتامى]

- ‌باب التحكيم

- ‌[تعريف التجكيم ومشروعيته]

- ‌ التحكيم في الحدود والقصاص

- ‌حكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده

- ‌[مسائل شتى في كتاب القضاء]

- ‌[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]

- ‌ ادعى في دار دعوى، وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها

- ‌ قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر

- ‌[أقر الطالب أنه قبض ماله على فلان مائة ثم قال وجدتها زيوفا]

- ‌[قال اقتضيت من فلان كذا درهما ثم ادعى أنها نبهرجة]

- ‌[قال لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك]

- ‌ ادعى على آخر أنه باعه جاريته، فقال: لم أبعها منك قط، فأقام المشتري البينة

- ‌فصل في القضاء بالمواريث

- ‌[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]

- ‌[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]

- ‌ قال مالي في المساكين صدقة

- ‌[أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة]

- ‌ قال القاضي: قد قضيت على هذا بالرجم، فارجمه

- ‌[قول القاضي بانفراده قبل العزل وبعده]

- ‌كتاب الشهادة

- ‌[حكم الشهادة إذا طلبها المدعي]

- ‌الشهادة في الحدود

- ‌[مراتب الشهادة]

- ‌ شهادة النساء مع الرجال

- ‌[اشتراط العدالة في الشهادة]

- ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

- ‌[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]

- ‌[الشهادة بالتسامع على الموت]

- ‌ شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته

- ‌[أداء الشهادة بالتسامع]

- ‌[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]

- ‌ شهادة الأعمى

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته]

- ‌[شهادة المملوك]

- ‌[شهادة المحدود في القذف]

- ‌ شهادة الوالد لولده

- ‌[شهادة الأجير لأستاذه]

- ‌ شهادة أحد الزوجين للآخر

- ‌ شهادة المولى لعبده

- ‌[شهادة المخنث]

- ‌[شهادة مدمن الشرب]

- ‌[شهادة من يلعب بالطيور]

- ‌[شهادة من يأتي بابا من الكبائر]

- ‌[شهادة من يدخل الحمام بغير إزار]

- ‌[شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

- ‌ شهادة من يظهر سب السلف

- ‌ شهادة أهل الأهواء

- ‌ شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض

- ‌ شهادة الحربي على الذمي

- ‌[شهادة من ترك الصلاة في الجماعة استخفافا ا]

- ‌ شهادة الأقلف

- ‌[شهادة منزوع الخصيتين]

- ‌[شهادة ولد الزنا]

- ‌شهادة العمال

- ‌[شهادة الوصيين إذا أقرا أن معهما ثالثا]

- ‌ الشهادة على جرح مجرد

- ‌ أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود

- ‌[شهادة من ذكر الجانب الشرقي مكان الجانب الغربي أو على العكس]

- ‌باب الاختلاف في الشهادة

- ‌[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]

- ‌[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]

- ‌[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]

- ‌[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]

- ‌[اختلاف الشهود في النكاح]

- ‌فصل في الشهادة على الإرث

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شاهدين على شهادة شاهدين

- ‌[صفة الإشهاد في الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شهود الفرع

- ‌[قال أشهدني فلان على نفسه في شهادة الأصول على الفروع]

- ‌ شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر

- ‌[شهادة الزور]

- ‌كتاب الرجوع عن الشهادة

- ‌ رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها

- ‌[كيفية الرجوع عن الشهادة]

- ‌ شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا

- ‌ شهد رجل وامرأتان، فرجعت امرأة

- ‌[شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا]

- ‌ شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها، ثم رجعا

- ‌ شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا

- ‌ شهدوا بقصاص، ثم رجعوا بعد القتل

- ‌[رجوع شهود الفرع عن شهادتهم في مجلس القاضي بعد القضاء بشهادتهم]

- ‌[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]

- ‌كتاب الوكالة

- ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

- ‌ الوكالة بالخصومة

- ‌ الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود

- ‌[أوكل الحرالعاقل البالغ أو المأذون مثلهما]

- ‌[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]

- ‌ طالب الموكل المشتري بالثمن

- ‌باب الوكالة بالبيع والشراء

- ‌فصل في الشراء

- ‌[وكل رجلاً بشراء شيء هل يلزم تسمية الجنس والصفة]

- ‌[الجهالة اليسيرة في الوكالة بالبيع والشراء]

- ‌[قال لآخر اشتر لي دابة أو ثوبا أو دارا]

- ‌[دفع إلى آخر دراهم وقال اشتري لي حنطة]

- ‌ اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب

- ‌ التوكيل بعقد الصرف والسلم

- ‌[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]

- ‌ وكله بشراء عبد بغير عينه، فاشترى عبدا

- ‌[أمر رجلان أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم لهما ثمنا فاشترى أحدهما]

- ‌ له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه

- ‌ تمليك الدين من غير من عليه الدين

- ‌فصل في التوكيل بشراء نفس العبد

- ‌فصل في البيع

- ‌الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض

- ‌الذي لا يتغابن الناس فيه

- ‌ وكله ببيع عبد له فباع نصفه

- ‌ أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه

- ‌[فصل في بيان وكالة الاثنين]

- ‌[يوكلهما بطلاق زوجته بغير مال]

- ‌ يوكل فيما وكل به

- ‌[عقد الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول]

- ‌[زوج العبد أو المكاتب أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة]

- ‌باب الوكالة بالخصومة والقبض

- ‌ الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض

- ‌ أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي

- ‌ كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم

- ‌ ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم

- ‌ وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري

- ‌باب عزل الوكيل

- ‌[حكم عزل الوكيل]

- ‌[مبطلات الوكالة]

- ‌[تصرف بنفسه فيما وكل به الوكيل]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

- ‌[إقرار المدعى عليه بصحة الدعوى وما يترتب عليه]

- ‌باب اليمين

- ‌ قال المدعي: لي بينة حاضرة وطلب اليمين

- ‌ بينة صاحب اليد في الملك المطلق

- ‌ نكل المدعى عليه عن اليمين

- ‌[ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة وبالعكس]

- ‌ ادعى قصاصا على غيره فجحده

- ‌فصل في كيفية اليمين والاستحلاف

- ‌[استحلاف اليهودي والنصراني]

- ‌[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]

- ‌باب التحالف

- ‌[صفة اليمين في التحالف]

- ‌[اختلفا البائع والمشتري في الثمن]

- ‌ اختلف الزوجان في المهر

- ‌[اختلف المتآجران في الإجارة]

- ‌[اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح بينهما قائم]

- ‌فصل فيمن لا يكون خصما

- ‌باب ما يدعيه الرجلان

- ‌ ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة، وأقاما بينة

- ‌ ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد

- ‌[ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما]

- ‌ ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة

- ‌[ادعى كل منهما أنه اشترى هذه العين من واحد]

- ‌[أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا]

- ‌ أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج

- ‌[أقاما الخارج وصاحب اليد البينة على نسج ثوب فيما لا يتكرر نسجه كغزل القطن]

- ‌ أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه

- ‌[أقام الخارج وصاحب اليد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما]

- ‌[أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة]

- ‌[دارا في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة]

- ‌[ادعى أحدهما نصفها والآخر كلها]

- ‌[تنازعا في دابة والدابة في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده]

- ‌(فصل في التنازع بالأيدي)

- ‌ كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر

- ‌[ادعيا عبدا وهو في أيديهما]

- ‌[قال أنا عبد لفلان]

- ‌[كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادي وتنازعا فيه]

- ‌[دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت وتنازعا]

- ‌(باب دعوى النسب)

- ‌ باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع

- ‌ باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول

- ‌ ادعى نسب أحد التوأمين

- ‌ الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب، ثم قال: هو ابني

- ‌ الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي

- ‌ ادعت امرأة صبيا أنه ابنها

- ‌ الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها، وزعمت أنه ابنها من غيره

- ‌[اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل]

- ‌(كتاب الإقرار)

- ‌ أقر الحر البالغ العاقل بحق

- ‌ إقرار الصبي والمجنون

- ‌ قال: لفلان علي مال

- ‌ قال: له علي أو قبلي

- ‌[الإقرار بكون الشيء في يده]

- ‌[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]

- ‌[قال له علي مائة ودرهم]

- ‌ أقر بتمر في قوصرة

- ‌ أقر بدابة في إصطبل

- ‌ أقر لغيره بخاتم

- ‌ قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب

- ‌ قال: له علي من درهم إلى عشرة

- ‌ قال: لحمل فلانة علي ألف درهم

- ‌[فصل في بيان مسائل الحمل]

- ‌[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]

- ‌ أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل

- ‌باب الاستثناء وما في معناه

- ‌[معنى الاستثناء]

- ‌ قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة

- ‌ أقر بحق، وقال: إن شاء الله متصلا بإقراره

- ‌ قال: بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان

- ‌[قال هذه الدار لفلان واستثنى بناءها لنفسه]

- ‌ قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه

- ‌[قال المقر له مع إنكار العبد المقر به ما بعتكه إنما بعتك غيره]

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير

- ‌ قال: أقرضني ألف درهم ثم قال: هي زيوف

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض

- ‌ قال: هي ستوقة أو رصاص بعدما أقر بالغصب والوديعة ووصل

- ‌ أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب

- ‌ قال: أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل قرضا

- ‌ قال: هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه، فقال فلان: هي لي

- ‌ قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان: الثوب ثوبي

- ‌ أقر أن فلانا زرع هذه الأرض

- ‌باب إقرار المريض

- ‌[حكم إقرار المريض]

- ‌[أقر المريض بعين في يده لآخر]

- ‌[أقر الرجل في مرضه بدين]

- ‌[أقرالمريض لوارثه]

- ‌ أقر لأجنبي ثم قال: هو ابني

- ‌ أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه

- ‌ إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى

- ‌ أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم

- ‌ مات أبوه فأقر بأخ

- ‌ مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين

الفصل: ‌[القضاء على الغائب]

فالقاضي يقضي وكذا إذا قضى بإحلال، وهذا إذا كانت الدعوى بسبب معين، وهي مسألة قضاء القاضي في العقود والفسوخ بشهادة الزور، وقد مرت في النكاح.

قال: ولا يقضي القاضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه. وقال الشافعي رحمه الله: يجوز

ــ

[البناية]

طلقها ثلاثا، أو أقامت بينة كاذبة وقضى القاضي بالفرقة، وتزوجت بآخر بعد انقضاء العدة، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله وقول أبي يوسف رحمه الله أولا: لا يحل للزوج الأول وطئها ظاهرا أو باطنا، ويحل للثاني ظاهرا وباطنا علم بحقيقة الحال أولا.

وعلى قول أبي يوسف آخرا ومحمد والشافعي ومالك وأحمد - رحمهما الله - لا يحل للثاني وطئها إذا كان عالما بحقيقة الحال، ومن صورة التحريم أيضا وصبي وصبية سبيا وهما صغيران، فكبرا وأعتقا، ثم تزوج أحدهما الآخر، فجاء حربي مسلما، وأقام بينة أنهما ولداه.

م: (فالقاضي يقضي) ش: بنسبهما ويفرق بينهما، فإن رجع الشهود، أو تبين أنهم زور، لا يسع للزوج وطأها عنده، لأن القضاء بالحرمة نفذ ظاهرا وباطنا، وكذا عند محمد رحمه الله لأنه لا يعلم حقيقة كذب الشهود.

م: (وكذا إذا قضى) ش: القاضي م: (بإحلال) ش: يعني إذا قضى القاضي بإحلال شيء في الظاهر، فهو في الباطن كذلك، ومن صوره رجل ادعى على امرأة نكاحا، وهي تجحد، فأقام عليها شاهدي زور، وقضى القاضي بالنكاح بينهما، حل للزوج وطأها، وحل للمرأة التمكين عند أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله في قوله الأول.

وعند محمد وأبي يوسف في قوله الأخير، وزفر والأئمة الثلاثة رحمهم الله: لا يحل لهما ذلك م: (وهذا) ش: أي هذا الذي ذكرناه م: (إذا كانت الدعوى بسبب معين، وهي مسألة قضاء القاضي في العقود والفسوخ بشهادة الزور، وقد مرت في النكاح) ش: كنكاح وبيع وطلاق وعتاق لا في الأملك المرسلة مثل أن يدعي الملك، ولم يذكروا السبب، فإن الحكم فيها بشهادة الزور، لا ينفذ باطنا بالإجماع.

ومن صور البيع: ما إذا قضى القاضي بالبيع بشهادة الزور، سواء كانت الدعوى من جهة المشتري، مثل أن قال: بعتني هذه الجارية، أو من جهة البائع مثل أن يقول: اشتريت مني هذه الجارية، فإنه يحل للمشتري وطؤها في الوجهين جميعا.

[القضاء على الغائب]

م: (ولا يقضي القاضي على غائب) ش: ولا يقضي له أيضا عندنا م: (إلا أن يحضر من يقوم مقامه) ش: مثل وكيل الغائب أو وصيه. م: (وقال الشافعي رحمه الله: يجوز) ش: إذا كان غائبا

ص: 52

لوجود الحجة وهي البينة فظهر الحق. ولنا: أن العمل بالشهادة لقطع المنازعة، ولا منازعة بدون الإنكار، ولم يوجد، ولأنه يحتمل الإقرار والإنكار من الخصم فيشتبه وجه القضاء؛ لأن أحكامهما مختلفة، ولو أنكر ثم غاب، فكذلك الجواب؛ لأن الشرط قيام الإنكار وقت القضاء،

ــ

[البناية]

عن البلد أو عن مجلس الحكم إذا كان مستترا في البلد قولا واحداَ، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - ولو كان غائبا في مجلس الحكم غير مستتر في البلد فقولان أصحهما: أنه لا يحكم بدون حضوره، وبه قال مالك وأحمد، إذ في المستتر تضييع الحقوق، وفي غيره: لا. والثاني أنه يجوز م: (لوجود الحجة وهي البينة فظهر الحق) ش: فيحل للقاضي العمل بمقتضاها م: (ولنا: أن العمل بالشهادة لقطع المنازعة) ش: لأن الشهادة خبر تحتمل الصدق والكذب، ولا يجوز بناء الحكم على الدليل المحتمل، لأن الشرع جعلها حجة ضرورة قطع المنازعة، ولهذا إذا كان الخصم حاضرا وأقر بالحق لا حاجة إليها م:(ولا منازعة بدون الإنكار) ش: يعني لا تكون المنازعة إلا بالإنكار م: (ولم يوجد) .

ش: فإن قيل: قد قلتم بالشهادة بدون الإنكار إذا حضر الخصم وسكت.

أجيب: بأن الشرع أنزله منكرا حملا لأمره على الصلاح، إذ الظاهر من حال المسلم أن لا يسكت إن كان عليه حق، وكذا في " المبسوط " و" الأسرار " و" الذخيرة ".

فإن قيل: وقف الحكم إلى الحضور المدعى عليه بعد ثبوت البينة غير مفيد، لأن المدعى عليه لو حضر، فإما أن يقر أو ينكر، فعلى الوجهين كان الدعوى لازمة.

قلنا: بل هو مفيد، لأنه يحتمل أن يطعن في البينة، ويثبت طعنه بالحجة ويحتمل أنه يسلم الدعوى، ثم ادعى الأداء إلى المدعي ويثبت بالحجة.

م: (ولأنه) ش: دليل آخر على المطلوب أي ولأن البيان م: (يحتمل الإقرار والإنكار من الخصم فيشتبه وجه القضاء) ش: على الحاكم م: (لأن أحكامهما) ش: أي أحكام القضاء بالبينة، والإقرار م:(مختلفة) ش: فإن حكم القضاء بالبينة وجوب الضمان على الشهود عند الرجوع، ويظهر في الزوائد المتصلة والمنفصلة، فإن الرجل إذا اشترى جارية مولده عنده، فاستحقها رجل بالبينة، فإنه يأخذها وولدها، وإن أقر بها لرجل لم يأخذ ولدها، لأن البينة حجة مطلقة بخلاف الإقرار، فإنه حجة قاصرة لانعدام الولاية على الغير م:(ولو أنكر) ش: المدعى عليه م: (ثم غاب فكذلك الجواب) ش: يعني لا يقضي القاضي في غيبته م: (لأن الشرط قيام الإنكار وقت القضاء) ش: لأن البينة إنما تظهر حجة بالقضاء، وبقاؤه شرط وهو محتمل هاهنا.

ص: 53

وفيه خلاف أبي يوسف رحمه الله، ومن يقوم مقامه قد يكون نائبا بإنابته كالوكيل أو بإنابة الشرع كالوصي من جهة القاضي،

ــ

[البناية]

م: (وفيه) ش: أي وفي الوجه م: (خلاف أبي يوسف رحمه الله) ش: فإنه يقول الشرط الإصرار على الإنكار إلى وقت القضاء، وهو ثابت بعد غيبته بالاستصحاب، وأجيب أن الاستصحاب يصلح للدفع لا للإثبات.

فإن قلت: احتج الشافعي رحمه الله بقوله عليه السلام: «البينة على المدعي» ، فاشتراط حضور الخصم لإقامة البينة زيادة عليه، وما قالت هند رضي الله عنها: "يا رسول الله إن أبا سفيان شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال عليه السلام:«خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف» فقد قضى عليه وهو غائب.

قلت: حجتنا نحن بقوله عليه السلام لعلي رضي الله عنه: «لا تقض لأحد الخصمين بشيء حتى تسمع كلام الآخر، فإنك لا تدري بما تقضي» رواه الترمذي رحمه الله وقال: هذا حديث حسن.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي» فدليلنا لأن البينة اسم لما يحصل به التبيان، وليس المراد بالبيان في حق المدعي؛ لأنه حاصل بقوله، ولا في حق القاضي، لأنه حاصل بقول المدعي إذا لم يكن له منازع إنما الحاجة إلى البيان في حق الخصم الجاهد، وذلك إلا بحضوره.

وأما الجواب: عن حديث هند رضي الله عنها فهو أنه عليه السلام كان عالما باستحقاق النفقة على أبي سفيان رضي الله عنه ألا ترى أنها لم تقم البينة، وقيل: كان هذا فتوى وليس بحكم.

م: (ومن يقوم مقامه) ش: لما ذكر إن القضاء على الغائب لا يجوز إلا أن يحضر من يقوم مقامه بين ذلك بقوله، ومن يقوم مقامه صلى الله عليه وسلم أي مقام المدعى عليه الغائب، ولا يخلو هذا إلا بأن يكون م:(قد يكون نائبا بإنابته، كالوكيل أو بإنابة الشرع كالوصي من جهة القاضي) ش: قيد به احترازا عن المسخر من جهة القاضي، فإن فيه اختلاف الروايتان. وذكر في " الذخيرة ": وتفسير المسخر أن ينصب القاضي وكيلا عن الغائب ليسمع القاضي الخصومة عليه وكذا لو أحضر المدعي رجلا غير الخصم ليسمع القاضي الخصومة عليه.

ص: 54

وقد يكون حكما بأن كان ما يدعي على الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر، وهذا في غير صورة في الكتب. أما إذا كان شرطا لحقه فلا معتبر به في جعله خصما عن الغائب،

ــ

[البناية]

والقاضي يعلم أنه ليس بخصم لا يسمع الخصومة عليه، ولا على المسخر، وإنما يجوز نصب الوكيل عن خصم اختفى في بيته، ولا يحضر مجلس الحكم ولكن بعد بعث في بعثائه إلى باب داره ونادى على باب داره، وقال: احضر مجلس الحكم وإلا يحكم عليك. أما في غير ذلك الموضع فلا.

م: (وقد يكون حكما) ش: هذا عطف على قوله: قد يكون بإنابته، أي قد يكون من يقوم مقامه حكما م:(بأن كان يدعي على الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر) ش: أي يكون سببا لا محالة، أما إذا كان سببا في وقت دون وقت، لا ينصب الحاضر خصما عن الغائب. كما إذا قال رجل لامرأة رجل غائب: إن زوجك وكلني أن أحملك إليه، فقالت: قد طلقني ثلاثا، وبرهنت قبلت في حق قصر يد الوكيل عنها لا في حق إثبات الطلاق على الغائب حتى لو حضر الغائب وأنكر الطلاق، أعادت البينة. وأما صورة كون ما يدعي على الغائب سببا لما يدعيه على الحاضر فكثيرة، منها رجل أقام بينة على آخر أن هذه الدار له، اشتراها من فلان الغائب وهو يملكها، وذو اليد غصبها منه وهو ينكر قبلت بينته، ويكون ذلك قضاء على الحاضر والغائب، حتى لو حضر الغائب، وأنكر البيع، لا يلتفت إلى إنكاره؛ لأن الشراء من المالك سبب لما يدعي على الحاضر فصار الحاضر كالوكيل عن الغائب فصار إنكاره كإنكار الغائب.

م: (وهذا) ش: أي ما يدعي على الغائب سببا لا محالة لما يدعيه على الحاضر م: (في غير صورة في الكتب) ش: ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: وتفسير ذلك في مسائل منها ما ذكرناه الآن، ومنها إذا ادعى على رجل أنه كفيل عن فلان بما يذوب له عليه، فأقر المدعى عليه بالكفالة وأنكر الحق، فبرهن أنه ذاب له على فلان ألف درهم، فإنه يقضي بها، ومنها إذا ادعى الشفعة في دار إنسان، وقال ذو اليد ما اشتريتها من أحد والدار داري، فيبرهن المدعي أنه اشتراها من فلان الغائب، وهو يملكها وأنه شفيعها، ويقضي بالشراء في حق ذي اليد والغائب جميعا.

م: (أما إذا كان شرطا) ش: يعني أما إذا كان ما يدعي على الغائب شرطا م: (لحقه) ش: أي لحق المدعي على الحاضر كمن قال لامرأته: إن طلق فلان امرأته فأنت طالق، فادعت امرأة الحالف عليه أن فلانا طلق امرأته وأقامت على ذلك بينة، فلا تصح هذه البينة ولا يقضي بوقوع الطلاق عليها أشار بقوله م:(فلا معتبر به في جعله خصما عن الغائب) ش: وهو قول عامة المشايخ

ص: 55