الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يدعيه الرجلان
قال: وإذا ادعى اثنان عينا في يد آخر كل واحد منهما يزعم أنها له وأقاما البينة قضى بها بينهما. وقال الشافعي رحمه الله في قوله: تهاترتا، وفي قول: يقرع بينهما، لأن إحدى البينتين كاذبة بيقين الاستحالة اجتماع الملكين في الكل في حالة واحدة، وقد تعذر التمييز فيتهاتران أو يصار إلى القرعة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أقرع فيه، وقال:" اللهم أنت الحكم بينهما ".
ــ
[البناية]
[باب ما يدعيه الرجلان]
م: (باب ما يدعيه الرجلان) ش: أي هذا باب في بيان ما يدعيه الرجلان، ولما فرغ من بيان حكم الواحد شرع في بيان حكم الاثنين؛ لأنه بعد الواحد.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا ادعى اثنان عينًا في يد آخر كل واحد منهما يزعم أنها له وأقاما البينة قضى بها بينهما. وقال الشافعي، في قول: تهاترتا) ش: أي البينتان تساقطتا من التهر بكسر الهاء، وهو السقط من الكلام والخطأ، وهذا قوله القديم، وبه قال مالك في رواية وأحمد في رواية، م:(وفي قول يقرع بينهما) ش: ويقضي لمن خرجت قرعته، وبه قال أحمد في رواية.
وفي قول للشافعي وأحمد في رواية: يقضي لمن خرجت قرعته بيمين، وعن مالك: يقضي بأعدل البينتين، فإذا تساويا في العدالة يقسم بينهما نصفين. وقال الأوزاعي وابن الماجشون المالكي: يقضي بأكثرهم عددًا لزيادة طمأنينة القلب إلى قول الأكثر.
م: (لأن إحدى البينتين كاذبة بيقين لاستحالة اجتماع المالكين في الكل) ش: يعني في كل العين م: (في حالة واحدة، وقد تعذر التمييز) ش: أي تمييز العادلة من الكاذبة، فإذا كان كذلك م:(فيتهاتران) ش: أي فيتساقطان م: (أو يصار إلى القرعة، لأنه عليه الصلاة والسلام) ش: «لأن النبي صلى الله عليه وسلم م: (أقرع فيه وقال: " اللهم أنت الحكم بينهما ") » ش: هذا رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " بإسناده إلى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء فأقام كل واحد منهما البينة، فأقرع بينهما» هكذا ذكر الأترازي لفظه، ولفظ الطبراني: «فأقام كل واحد منهما بشهود عدول في عدة واحدة، فساهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقال: " اللهم
ولنا حديث تميم بن طرفة «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناقة وأقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين» وحديث القرعة كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ، ولأن المطلق للشهادة في حق كل واحد منهما محتمل الوجود بأن يعتمد أحدهما سبب الملك، والآخر اليد، فصحت الشهادتان فيجب العمل بهما ما أمكن، وقد أمكن بالتنصيف، إذ المحل يقبله،
ــ
[البناية]
اقض بينهما» ، ورواه أبو داود عن ابن المسيب مرسلًا، وكذا رواه عبد الرزاق مرسلًا، ورواه عبد الحق في أحكامه. وقال: وهذا مرسل ضعيف؛ لأن عبد الرزاق رواه عن نعيم بن يحيى الأسلمي، قال: هو متروك.
م: (ولنا «حديث تميم بن طرفة أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناقة وأقام كل واحد منهما البينة، فقضى بها بينهما نصفين) » ش: هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن تميم بن طرفة أن رجلين...... إلخ، ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " عن سماك بن حرب، ورواه البيهقي في كتاب " المعرفة " عن الحاكم بسنده عن أبي عوانة أخبرنا سماك بن حرب به، وقال هذا [
] .
قلت: تميم بن طرفة الطائي المسلمي الكوفي من التابعين الثقات مات سنة خمس وتسعين، وروى عنه مسلم بن طرفة، ولا يحتج بهذا لانقطاعه، ويحتج بحديث أبي هريرة، رواه إسحاق بن راهويه وابن حبان في " صحيحه ":«أن رجلين ادعيا دابة فأقام كل واحد منهما شاهدين فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين» . وروى الطبراني في " معجمه " بإسناده عن جابر بن سمرة: «أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بعير، فأقام كل واحد منهما شاهدين أنه له، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم بينهما.»
م: (وحديث القرعة كان في الابتداء) ش: أي في ابتداء الإسلام م: (ثم نسخ) ش: بما حرم القمار وكان مباحًا، م:(ولأن المطلق) ش: بكسر اللام، أي المجوز م:(للشهادة في حق كل واحد منهما محتمل الوجود بأن يعتمد أحدهما سبب الملك والآخر اليد) ش: أي اعتمد اليد، لأن الشهادة لا تعتمد وجود الملك حقيقة، لأن ذلك يثبت لا يطلع عليه العباد، فجاز أن يكون أحدهما اعتمد شبهة الملك بأن رآه يشتري فشهد على ذلك، والآخر اعتمد اليد فشهد على ذلك م:(فصحت الشهادتان، فيجب العمل بهما ما أمكن، وقد أمكن بالتنصيف، إذ المحل يقبله) ش: أي يقبل التنصيف