الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو الشرط. وإذ فوض إليه يملكه فيصير الثاني نائبا عن الأصل حتى لا يملك الأول عزله إلا إذا فوض إليه العزل هو الصحيح
قال: وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه إلا أن يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع، بأن يكون قولا لا دليل عليه. وفي " الجامع الصغير ": وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي، ثم جاء قاض آخر يرى
ــ
[البناية]
أدى له القاضي به في الابتداء لم يحضره رأي القاضي فكأنه رضي الخليفة بتولية القاضي مقيدا به.
م: (وهو الشرط) ش: أي حضور رأي الأول هو شرط الجواز م: (وإذا فوض إليه يملكه) ش: أي إذا قال الخليفة القاضي: ولمن شئت كان له أن يولي غيره م: (فيصير الثاني نائبا عن الأصل) ش: أي فيصير النائب الذي ولاه القاضي المفوض إليه نائبا عن الخليفة م: (حتى لا يملك الأول عزله، إلا إذا فوض إليه العزل وهو الصحيح) ش: أي القاضي الأول لا يملك عزل القاضي الثاني الذي هو نائب القاضي المولى من جهة الخليفة؛ لأنه صار قاضيا من جهة الخليفة، فلا يملك القاضي المستنيب عزله، وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: يملك عزله لأنه نائبه، فصار كوكيله. قلنا: إنه صار قاضيا من جهة الخليفة إلا أن يقول له الخليفة: ولي من شئت واستبدل من شئت، فصار كالوكيل إذا قال له الموكل: اعمل برأيك، صح توكيله على الموكل وصار الثاني وكيله الموكل حتى لو مات الموكل، انعزل الأول والثاني، ولو مات الأول، لا ينعزل وكيله. فكذا إذا عزله الأول.
[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]
م: (وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه) ش: أي نفذه م: (إلا أن يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع) ش: كالحكم ببطلان قضاء القاضي في المجتهدات كالحكم بحل متروك التسمية عامدا، فإنه مخالف لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] م: (الأنعام: الآية 121) ش: أي أو سنته المشهورة كالحكم بحل المطلقة ثلاثا بمجرد نكاح الزوج الثاني بلا دخول على مذهب سعيد بن المسيب رضي الله عنه وسعيد بن جبير رضي الله عنه فإن اشتراط الدخول ثابت بالحديث المشهور وهو حديث العسيلة م: (بأن يكون قولا لا دليل عليه) ش: بيان لمخالفة الإجماع، كما إذا مضى على الدين سنون، فحكم بسقوط الدين عمن عليه.
لتأخير المطالبة، فإنه لا دليل شرعي على ذلك، وعلى النسخة الأولى يكون قوله بأن يكون تعليلا للاستثناء فكأنه يقول عدم تنفيذه إذا كان مخالفا للأدلة المذكورة، بسبب أنه يكون قولا لا دليل عليه.
م: (وفي " الجامع الصغير ": وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي، ثم جاء قاض آخر يرى
غير ذلك أمضاه والأصل أن القضاء متى لاقى فصلا مجتهدا فيه ينفذ ولا يرده غيره؛ لأن اجتهاد الثاني كاجتهاد الأول، وقد يرجح الأول باتصال القضاء به، فلا ينقض بما هو دونه، ولو قضى في المجتهد فيه، مخالفا لرأيه، ناسيا لمذهبه، نفذ عند أبي حنيفة رحمه الله وإن كان عابدا، ففيه روايتان،
ــ
[البناية]
غير ذلك أمضاه) ش: أي غير ما قضى به الأول، إنما ذكر لفظ " الجامع الصغير " بهذا للفظ؛ لأن فيه فائدتين:
إحداهما: أنه قيد بالفقهاء؛ لأن القاضي إذا كان غير عالم بموضع الاجتهاد، فاتفق قضاؤه، فعلى قول عامة المشايخ لا يجب على الثاني تنفيذه. كذا ذكره في " فصول الاستروشيني " رحمه الله محالا إلى " المحيط ". وفي " الذخيرة ": لا ينفذه المدفوع إليه على قول العامة.
والفائدة الثانية: أنه قيد بقوله يرى غير ذلك، ففي رواية القدوري رحمه الله: لم يتعرض بذلك فيحتمل أن قوله أمضاه فيما إذا كان رأي القاضي موافقا لحكم الأول، فإذا كان مخالفا لا يمضيه، فأبانت رواية " الجامع " بأن ذلك الإمضاء عام، فيما سوى المستثنيات، سواء كان يوافق رأيه أو يخالفه؛ لأن الحكم لاقى مجتهدا فيه، ولا ينقضي باجتهاد آخر.
وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه قلد القضاء لأبي الدرداء رضي الله عنه بعد كثرة اشتغاله، فاختصم إلى أبي الدرداء رجلان في شيء فقضى لأحدهما، ثم لقي عمر رضي الله عنه المقضى عليه، فسأله رضي الله عنه عن حاله، فقال قضى علي، فقال عمر: لو كنت مكانه لقضيت لك، فقال المقضى عليه وما يمنعك من القضاء فقال عمر: ليس هنا نص والرأي مشترك، ويروى أن عمر رضي الله عنه استعان بزيد بن ثابت رضي الله عنه، فقضى زيد رضي الله عنه بين رجلين ثم لقي عمر أحد الخصمين، فقال: إن زيدا قضى علي، والباقي نحوه، وعن عمر رضي الله عنه قضى في حادثة بقضية، ثم قضى فيها بخلاف ذلك، فقيل له في ذلك فقال تلك كما قضيناه هذه كما نقضي.
م: (والأصل) ش: أي في تنفيذ القاضي ما رفع إليه إذا لم يكن مخالفا للأدلة المذكورة م: (أن القضاء متى لاقى فصلا مجتهدا فيه) ش: وفي بعض النسخ: محلا مجتهدا فيه م: (ينفذ ولا يرده غيره؛ لأن الاجتهاد الثاني كاجتهاد الأول) ش: في أن كلا منهما يحتمل الخطأ م: (وقد يرجح الاجتهاد الأول باتصال القضاء به، فلا ينقض بما هو دونه) ش: درجة، وهو لم يتصل القضاء به م:(ولو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه) ش: حال كونه م: (ناسيا لمذهبه، نفذ عند أبي حنيفة رحمه الله وإن كان عابدا ففيه روايتان) ش: وفي بعض النسخ: فعنه أي عن أبي حنيفة رحمه الله روايتان:
ووجه النفاذ أنه ليس بخطأ بيقين. وعندهما لا ينفذ في الوجهين؛ لأنه قضى بما هو خطأ عنده وعليه الفتوى. ثم المجتهد فيه أن لا يكون مخالفا لما ذكرنا، والمراد بالسنة المشهورة منها وفيما اجتمع عليه الجمهور لا يعتبر مخالفة البعض
ــ
[البناية]
في رواية: لا ينفذ وبه يفتي شمس الأئمة، والأوزجندي؛ لأنه زعم فساد قضائه فتعامل في حقه بزعمه، وفي رواية ينفذ وبه كان يفتي الصدر الشهيد والمرغيناني - رحمهما الله - وأشار إلى وجه هذا بقوله: م: (ووجه النفاذ أنه ليس بخطأ بيقين) ش: لأن كل مجتهد لا يقطع القول بأن الصواب اجتهاده دون اجتهاد خصمه، بل الأمر محتمل عنده، فتعين الصواب فيما اتصل به القضاء حملا للأمر القضاء على الصواب. وذكر في " الذخيرة " الاختلاف في نفاذ القضاء، وفي بعض المواضع ذكر الخلاف في حل الإقدام على القضاء.
م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (لا ينفذ في الوجهين) ش: أي النسيان والعمد وبه قال الشافعي، ومالك وأحمد - رحمهما الله تعالى - م:(لأنه قضى بما هو خطأ عنده) ش: فيعمل بزعمه قال المصنف رحمه الله: م: (وعليه الفتوى) ش: لأنه زعم فساد قضائه والمرء مؤاخذ بزعمه، كذا في " المحيط ".
وذكر في " الفتاوى الصغرى " الفتوى على قول أبي حنيفة رحمه الله في نفاذ القضاء على خلاف المذهب، وفي " فتاوى ظهير الدين " رحمه الله استحق للسلطان أن ينقض ذلك.
م: (ثم المجتهد فيه أن لا يكون مخالفا لما ذكرنا) ش: من الكتاب والسنة المشهورة والإجماع م: (والمراد بالسنة المشهورة) ش: بالرفع لأن خبر لقوله والمراد أي المراد من السنة ليس مطلق السنة بل السنة المشهورة م: (منها) ش: أي من السنة.
والمراد من مخالفة الكتاب مخالفة نص الكتاب الذي لم يختلف السلف في تأويله كقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22](النساء: الآية 22) ، فإن السلف اتفقوا على عدم جواز تزوج امرأة الأب وجاريته ووطئها إن وطئها الأب، فلو حكم حاكم بجواز ذلك نقضه، من دفع إليه م:(وفيما اجتمع عليه) ش: أي في الذي اجتمع عليه م: (الجمهور) ش: أي جمهور العلماء رحمهم الله أي أكثرهم، وأجلهم م:(لا يعتبر مخالفة البعض) ش: أي بعض العلماء رحمه الله هذا إذا حكم الحاكم بخلاف ما عليه الأكثر كان حكمه على خلاف الإجماع نقضه من رفع إليه.