الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا لم يصح الرجوع في غير مجلس القاضي، فلو ادعى المشهود عليه رجوعهما وأراد يمينهما لا يحلفان. وكذا لا تقبل بينته عليها؛ لأنه ادعى رجوعا باطلا، حتى لو أقام البينة أنه رجع عند قاضي كذا وضمنه المال تقبل؛ لأن السبب صحيح.
. قال: وإذا
شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا
ضمنا المال للمشهود عليه؛ لأن التسبيب على وجه التعدي سبب الضمان كحافر البئر، وقد سببا للإتلاف تعديا. وقال الشافعي رحمه الله: لا يضمنان؛ لأنه لا عبرة للتسبيب عند وجود المباشرة.
ــ
[البناية]
واذكر الله تعالى عند كل شجر وحجر، وإذا علمت شرا فأحدث توبة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية» .
م: (وإذا لم يصح الرجوع في غير مجلس القاضي، فلو ادعى المشهود عليه رجوعهما وأراد يمينهما لا يحلفان) ش: لأنه البينة، واليمين يترتبان على دعوى صحيحة، ودعوى الرجوع في غير مجلس الحكم باطلة م:(وكذا لا تقبل بينته) ش: أي بينة المشهود عليه م: (عليها) ش: أي على الشاهدين م: (لأنه ادعى رجوعا باطلا) ش: إذ الرجوع في غير مجلس القاضي باطل م: (حتى لو أقام) ش: أي المشهود عليه م: (البينة أنه رجع عند قاضي كذا وضمنه المال تقبل) ش: أي بينته م: (لأن السبب صحيح) .
قال الأكمل رحمه الله: الضمير المستكن في ضمنه يجوز أن يكون للقاضي، ومعناه حكم عليه بالضمان، لكنه لم يعط شيئا إلى الآن، ويجوز أن يكون للمدعي، ومعناه طلب من القاضي تضمنه وإلا كف، واللام في قوله لأن السبب بدل من المضاف إليه وهو قبول البينة، أي لأن سبب قبول البينة صحيح، وهو دعوى الرجوع في مجلس حكم، وقيل هو الضمان، ومعناه: لأن سبب الضمان صحيح، وهو الرجوع عند الحاكم، وليس بصحيح؛ لأن الدعوى حينئذ ليست بمطابقة للدليل، فإنها قبول البينة لا وجوب الضمان.
[شهد شاهدان بمال فحكم الحاكم به ثم رجعا]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا شهد شاهدان بمال فحكم الحاكم به ثم رجعا ضمنا المال للمشهود عليه) ش: وبه قال مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في القول الأصح، وعنه في قول لا يضمنان م:(لأن التسبيب على وجه التعدي سبب الضمان كحافر البئر) ش: وواضع الحجر م: (وقد سببا) ش: أي الشاهدان م: (للإتلاف تعديا) ش: أي من حيث التعدي فوجب الضمان على الشهود.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يضمنان؛ لأنه لا عبرة للتسبيب عند وجود المباشرة) ش: هذا ينتقض بشهود القصاص إذا رجعوا على أصله، وبالمحرم إذا أمسك صيدا حتى قتله محرم
قلنا تعذر إيجاب الضمان على المباشر وهو القاضي؛ لأنه كالملجأ إلى القضاء، وفي إيجابه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفاؤه من المدعي؛ لأن الحكم ماض، فاعتبر التسبيب، وإنما يضمنان إذا قبض المدعي المال دينا كان أو عينا؛ لأن الإتلاف به يتحقق. ولأنه لا مماثلة بين أخذ العين وإلزام الدين.
قال: فإن رجع أحدهما ضمن النصف، والأصل
ــ
[البناية]
آخر لا يقال: إن الشهود لم يوجد منهم إلا مجرد القول، ومجرد القول لا يوجب الضمان، لأنا نقول: يبطل ذلك بشهود العتق والطلاق قبل الدخول إذا رجعوا.
م: (قلنا: تعذر إيجاب الضمان على المباشر وهو القاضي؛ لأنه كالملجأ إلى القضاء) ش: لأن القضاء فرض عليه بما يثبت عنده ظاهرا حتى لو لم يرد وجوب القضاء عليه يكفر، ولو رأى ذلك ومع هذا أخر القضاء يفسق، وإذا كان كالملجأ معذورا في قضائه، وإنما قال " كالملجأ " ولم يقل " أنه ملجأ حقيقة "، إذ لو كان ملجأ حقيقة على الحكم بعد الشهادة لوجب القصاص على الشاهدين في الشهادة بالقتل العمد، إذا ظهر كذبه كما في المكره، كما هو مذهب الشافعي رحمه الله وليس كذلك، وهذا لأن الملجأ حقيقة من يخاف العقوبة الدنيوية، والقاضي إنما يخاف عقوبة الآخرة، ولا يصير به ملجأ؛ لأن كل واحد يقيم الطاعة خوفا من العقوبة على تركها في الآخرة ولا يصير به مكرها، ولكن لا يجب الضمان على القاضي لأنه غير متعمد.
م: (وفي إيجابه) ش: أي وفي إيجاب الضمان على القاضي م: (صرف الناس عن تقلده) ش: أي عن تقلد القضاء، وفي ذلك ضرر عام فيحتمل الضرر الخاص م:(وتعذر استيفاؤه من المدعي) ش: أيضا م: (لأن الحكم ماض فاعتبر التسبيب) ش: لأن الشهود صاروا لأجله سببا لإزالة مال متقوم للغير بغير حق، كما لو شهدوا بالعتق ثم رجعوا م:(وإنما يضمنان) ش: أي الشاهدان م: (إذا قبض المدعي المال) ش: سواء م: (دينا كان أو عينا؛ لأن الإتلاف به) ش: أي بالقبض م: (يتحقق) ش: وفي ذلك لا يتفاوت بين العين والدين، وهو اختيار شمس الأئمة رحمه الله وفرق شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله بين العين والدين، فقال: إن كان المشهود به عينا يضمن للمشهود عليه قبض المدعي العين أولا، وإن كان المشهود به دينا يضمنه إذا استوفاه المدعى عليه.
م: (ولأنه لا مماثلة بين أخذ العين وإلزام الدين) ش: بيان ذلك أنهما إذا لزما دينا بشهادتهما فلو ضمنا قبل الأداء إلى المدعي كان قد استوفى منهما عينا بمقابلة دين، ولا مماثلة بينهما، وقال الأترازي: يعني أن المشهود به إذا كان دينا لم يستوفه المشهود له لا يجب الضمان على الشهود؛ لأن الضمان يعتمد على المماثلة، ولا مماثلة بين العين والدين.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: فإن رجع أحدهما) ش: أي أحد الشاهدين م:
أن المعتبر في هذا إبقاء من بقي لا رجوع من رجع، وقد بقي من بقي بشهادته نصف الحق. وإن شهد بالمال ثلاثة، فرجع أحدهم فلا ضمان عليه؛ لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق، وهذا لأن الاستحقاق باق بالحجة، والمتلف متى استحق سقط الضمان فأولى أن يمتنع. فإن رجع آخر ضمن الراجعان نصف الحق؛ لأن ببقاء أحدهم يبقى نصف الحق.
ــ
[البناية]
(ضمن النصف) ش: أي النصف المشهود به م: (والأصل) ش: هنا ما ذكروا في " شرح الجامع الكبير " م: (أن المعتبر في هذا بقاء من بقي لا رجوع من رجع، وقد بقي من بقي بشهادته نصف الحق) ش: لأن وجوب الحق في الحقيقة بشهادة الشاهدين، وما زاد فهو فضل في حق القضاء، إلا أن الشهود إذا كانوا أكثر من الاثنين يضاف القضاء، ووجوب الحق إلى الكل لاستواء حالهم، وإذا رجع واحد زال الاستواء وجلت إضافة القضاء إلى الشيء.
وعلى هذا رجع أحد الاثنين ضمن النصف؛ لأنه بقي من شهادة من بقي نصف الحق، فإن قيل: لا نسلم ذلك وأن الباقي فرد لا يصح لإثبات شيء به ابتداء فكذا بقاء. أجيب بأن البقاء أسهل من الابتداء، فيجوز أن يصلح في البقاء للإثبات ما لا يصلح في الابتداء لذلك كما في النصاب، فإن بعضه لا يصلح في الابتداء لإثبات الوجوب، ويصلح في البقاء بقدره.
م: (وإن شهد بالمال ثلاثة، فرجع أحدهم فلا ضمان عليه) ش: أي على الراجع م: (لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق) ش: وبه قال مالك رحمه الله في رواية، والشافعي رحمه الله في قول، وقال أحمد: يغرم ثلث الحق، وبه قال الشافعي في قول آخر، ومالك رحمه الله، م:(وهذا) ش: يعني عدم الضمان على الثالث الذي رجع، وقال الأترازي: وهذا، إشارة إلى قوله: لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق م: (لأن الاستحقاق) ش: أي المدعي للشهود به م: (باق بالحجة) ش: التامة.
م: (والمتلف متى استحق سقط الضمان) ش: أي عن المتلف بكسر اللام، صورته فيما إذا أتلف إنسان مال زيد فقضى القاضي له على المتلف بالضمان، ثم استحق المتلف عمرو، وأخذ الضمان من المتلف سقط الضمان الثابت لزيد بقضاء القاضي على المتلف م:(فأولى أن يمتنع) ش: أي الضمان من الراجع؛ لأن ابتداء استحقاق التلف يسقط الضمان، فبقاؤه أولى أن يمنع؛ لأن المنع أسهل من الدفع.
م: (فإن رجع آخر) ش: أي من الثلاثة م: (ضمن الراجعان نصف المال؛ لأن ببقاء أحدهم يبقى نصف الحق) ش: هذا أيضا بناء على الأصل المتقدم؛ لأن العبرة لما كان لبقاء من بقي كان الباقي نصف الحق، فإذا بقي نصف الحق كان الثالث بالرجوع نصف الحق لا محالة فيضمنه الراجعان؛ لأن أحدهما ليس أولى من الآخر، فكان ضمان النصف عليهما على السواء.