الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعبد من أهل التصرف على نفسه مالك له، إنما لا يملكه في حق المولى. والتوكيل ليس تصرفا في حقه، إلا أنه لا يصح منهما التزام العهدة. أما الصبي لقصور أهليته والعبد لحق سيده، فتلزم الموكل. وعن أبي يوسف رحمه الله أن المشتري إذا لم يعلم بحال البائع ثم علم أنه صبي أو مجنون أو محجور له خيار الفسخ؛ لأنه دخل في العقد على أن حقوقه تتعلق بالعاقد، فإذا ظهر خلافه يتخير. كما إذا عثر على عيب
قال: والعقد الذي يعقده الوكلاء على ضربين كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة، فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل. وقال الشافعي رحمه الله تتعلق بالموكل؛ لأن الحقوق تابعة لحكم التصرف، والحكم هو الملك يتعلق بالموكل، فكذا توابعه وصار كالرسول والوكيل في النكاح.
ــ
[البناية]
م: (والعبد من أهل التصرف على نفسه مالك له، وإنما لا يملكه) ش: أي التصرف م: (في حق المولى) ش: دفعاً للضرر م: (والتوكيل ليس تصرفاً في حقه) ش: أي في حق المولى، إذ صحة التوكيل تتعلق بعبارته وأهليته والعبد يبقى على أصل الحرية في ذلك؛ لأن صحة العبارة بكونه آدمياً.
م: (إلا أنه) ش: جواب إشكال وهو أن يقال إنهما لو كانا من أهل التصرف، ينبغي أن يصح منهما التزام العهدة، فأجاب بقوله " إلا أنه " أي ضمير أن الشأن م:(لا يصح منهما) ش: أي من الصبي والعبد م: (التزام العهد. أما الصبي لقصور أهليته) ش: بعدم البلوغ م: (والعبد لحق سيده) ش: لئلا يلزم الضرر به، وإذا كان كذلك م:(فتلزم) ش: أي الحقوق م: (الموكل) ش: لأنه لما تعذر التزام العهدة بهما تعلق بأقرب الناس إليهما، وهو من انتفع بهذا التصرف وهو الموكل.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله أن المشتري إذا لم يعلم بحال البائع ثم علم أنه صبي أو مجنون) ش: قيل في " حاشية نسخة المصنف " - أو محجور - ومتنها " مجنون "، في بعض النسخ " أو عبد محجور " ولهذا قال في الكافي " -: ثم علم أنه صبي محجور أو عبد محجور م: (له خيار الفسخ) ش: وذلك م: (لأنه) ش: أي لأن المشتري م: (دخل في العقد على أن حقوقه تتعلق بالعاقد، فإذا ظهر خلافه يتخير، كما إذا عثر) ش: أي اطلع م: (على عيب) ش: الجامع بينهما عدم الرضى.
[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (والعقد الذي يعقده الوكلاء على ضربين كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة، فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل. وقال الشافعي رحمه الله تتعلق بالموكل) ش: قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م: (لأن الحقوق تابعة لحكم التصرف، والحكم هو الملك يتعلق بالموكل، فكذا توابعه) ش: أي توابع الملك م: (وصار) ش: أي الوكيل م: (كالرسول) ش: بأن قال لآخر: كن رسولي في بيع عبدي م: (والوكيل في النكاح) ش: فإن حقوق عقد النكاح تتعلق بالموكل اتفاقاً.
ولنا: أن الوكيل هو العاقد حقيقة؛ لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا. وكذا حكما؛ لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل، ولو كان سفيرا عنه لما استغنى عن ذلك كالرسول، وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به. ولهذا قال في الكتاب: يسلم المبيع ويقبض الثمن ويطالب بالثمن إذا اشترى، ويقبض المبيع ويخاصم في العيب ويخاصم فيه؛ لأن كل ذلك من الحقوق والملك يثبت للموكل له خلافة عنه اعتبارا للتوكيل السابق،
ــ
[البناية]
م: (ولنا أن الوكيل هو العاقد حقيقة) ش: أي من حيث الحقيقة م: (لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته) ش: أي عبارة العاقد م: (لكونه آدمياً) ش: عاقلاً أهلاً للتصرف، فقضيته تستدعي أن يكون الحاصل بالتصرف واقعاً له، غير أن الموكل استنابه في تحصيل الحكم وجعلناه نائباً في حق الحكم وراعينا الأصل في حق الحقوق.
م: (وكذا حكماً) ش: أي وكذا العاقد هو العاقد من حيث الحكم، واستدل المصنف على ذلك بقوله م:(لأنه) ش: أي لأن الوكيل م: (يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل، ولو كان سفيراً عنه لما استغنى عن ذلك) ش: أي من إضافة العقد إليه م: (كالرسول) ش: فإنه لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الرسول م: (وإذا كان كذلك كان) ش: أي الوكيل م: (أصيلاً في الحقوق فتتعلق به) ش: أي بالوكيل.
م: (ولهذا) ش: أي فلأجل كون الوكيل أصيلاً في الحقوق م: (قال في الكتاب) ش: أي: قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " و " المبسوط ".
وقال الأترازي رحمه الله: أي قال القدوري رحمه الله في " مختصره " وهذا هو الظاهر فإنه قال في " مختصره ": م: (يسلم المبيع ويقبض الثمن) ش: إذا كان وكيلاً بالبيع م: (ويطالب) ش: على صيغة المجهول أي الوكيل يطالب م: (بالثمن إذا اشترى، ويقبض المبيع ويخاصم) ش: بفتح الصاد على بناء المجهول أي يخاصم الوكيل م: (في العيب ويخاصم فيه) ش: إذا اشترى م: (لأن كل ذلك من الحقوق) ش: أي من حقوق العقد.
م: (والملك يثبت) ش: جواب سؤال مقدر وهو أن يقال كما ثبت الملك م: (للموكل) ش: ينبغي أن تثبت الحقوق له كما قاله الشافعي رحمه الله فأجاب عنه بقوله: والملك يثبت م: (له) ش: أي للموكل م: (خلافه عنه) ش: أي بطريق الخلافة عن الوكيل لا أصالة م: (اعتباراً للتوكيل السابق) ش: يعني يقوم الموكل مقامه في ثبوت الملك له للاعتبار للتوكيل الذي سبق.
واعلم أن المشايخ رحمهم الله اختلفوا في أن الملك يثبت للوكيل بالشراء ثم ينتقل إلى الموكل منه أو يثبت للموكل ابتداء.
قال الكرخي رحمه الله: ومن تابعه بالأول وإليه ذهب بعض أصحابنا وهو اختيار
كالعبد يتهب ويصطاد ويحتطب هو الصحيح.
قال رضي الله عنه وفي مسألة العيب تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى. قال: وكل عقد يضيفه إلى موكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد، فإن حقوقه تتعلق بالموكل دون الوكيل، فلا يطالب وكيل الزوج بالمهر، ولا يلزم وكيل المرأة تسليمها؛ لأن الوكيل فيها سفير محض. ألا ترى أنه لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الموكل، ولو أضافه إلى
ــ
[البناية]
قاضي خان رحمه الله، وقاله أبو طاهر الدباس رحمه الله بالثاني، وهو مذهب الجماعة من أصحابنا رحمهم الله.
م: (كالعبد يتهب ويصطاد) ش: أي كالعبد يقبل الهبة ويصطاد الصيد فإنه يثبت الملك للمولى م: (ويحتطب) ش: ابتداء م: (هو الصحيح) ش: احترز به عن قول الكرخي رحمه الله.
وفي " الفتاوى الصغرى " قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: قول أبو طاهر رحمه الله أصح، وقول الشافعي رحمه الله كقول أبي طاهر رحمه الله.
وذكر الصدر الشهيد: أن القاضي أبا زيد خالفهما، فقال الوكيل نائب في حق الحكم أصيل في حق الحقوق يثبت له ثم ينتقل إلى الموكل من قبله، فوافق الكرخي رحمه الله في حق الحقوق، ووافق أبا طاهر في حق الحكم وهذا أحسن.
وقال في الفتاوى الصغرى: الوكيل ما دام حياً وإن كان غائباً لا تنتقل الحقوق إلى الموكل، وقال أيضاً: ذكر الفضيل رحمه الله أن الوكيل بالبيع إذا مات عن وصي فالحقوق تنتقل إلى وصيه دون الموكل، ولو مات ولم يوص يرفع الأمر إلى القاضي لينصب وصياً وهو قول بعض مشايخنا رحمهم الله.
وقال بعضهم ينتقل إلى موكله ولأنه قبض الثمن.
م: (قال رضي الله عنه) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (وفي مسألة العيب تفصيل نذكره إن شاء الله تعالى) ش: نذكره بعد هذا عند قوله: وإن اشترى الوكيل ثم اطلع على عيب.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وكل عقد) ش: هذه ضابطة الضرب الثاني م: (يضيفه) ش: أي الوكيل م: (إلى موكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد، فإن حقوقه تتعلق بالموكل دون الوكيل) ش: فإذا كان كذلك م: (فلا يطالب وكيل الزوج بالمهر ولا يلزم وكيل المرأة تسليمها) ش: أي تسليم المرأة إلى موكله م: (لأن الوكيل فيها) ش: أي في هذه الأشياء المذكورة م: (سفير محض) ش: كالرسول.
م: (ألا ترى أنه) ش: أي أن الوكيل م: (لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الموكل ولو أضافه إلى
نفسه كان النكاح له، فصار كالرسول وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب؛ لأنه إسقاط فيتلاشى فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا.
والضرب الثاني من أخواته العتق على مال، والكتابة والصلح عن الإنكار. فأما الصلح الذي هو جار مجرى البيع فهو من الضرب الأول، والوكيل بالهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض سفير أيضا؛ لأن الحكم فيها يثبت بالقبض، وأنه يلاقي محلا مملوكا للغير فلا يجعل أصيلا.
ــ
[البناية]
نفسه كان النكاح له فصار كالرسول) ش: في باب البيع م: (وهذا) ش: أي كونه كالرسول فيها م: (لأن الحكم فيها) ش: أي في هذه العقود وهي النكاح وأمثاله م: (لا يقبل الفصل عن السبب) ش: وهو العقد، ولهذا لا يدخل فيها خيار الشرط؛ لأنه من قبيل الإسقاطات، فلا يقبل تراخي الحكم بالخيار وغيره، وأشار إلى هذا بقوله: م: (لأنه إسقاط فيتلاشى) ش: أي فيضمحل.
م: (فلا يتصور صدوره) ش: أي صدور السبب بطريق الأصالة م: (من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيراً) ش: بخلاف البيع، فإن حكمه ينفصل عن السبب كما في البيع بشرط الخيار، فجاز أن يصدر السبب من شخص أصالة ويقع الحكم لغيره خلافة، وقيدنا بقوله " أصالة " إذ السبب يصدر من الوكيل نيابة في النكاح.
م: (والضرب الثاني من أخواته) ش: أي ومن أخوات الضرب الثاني، م:(العتق على مال) ش: قوله " الضرب الثاني " مبتدأ وقوله " من أخواته " جملة وقعت خبراً له، وأراد بالضرب الثاني كل عقد يضيفه الوكيل إلى موكله، قاله الأترازي رحمه الله والصواب: أن يكون الضرب الثاني مبتدأ وقوله " من أخواته " خبراً لقوله " العتق على مال " مقدماً على المبتدأ، والجملة خبر المبتدأ الأول، وصورة العتق على مال أن يوكل أحداً على أن يعتق عبده على مال م:(والكتابة والصلح عن الإنكار) ش: جعل من هذا القبيل؛ لأن بدل الصلح بمقابلة دفع الخصومة في حق المدعى عليه.
م: (فأما الصلح الذي هو جار مجرى البيع) ش: أراد به الصلح عن إقرار وجعله جار مجرى البيع؛ لأنه مبادلة مال بمال، فكان حكمه حكم البيع م:(فهو من الضرب الأول) ش: متعلق الحقوق بالوكيل دون الموكل. م: (والوكيل بالهبة) ش: يعني إذا وكل رجلاً بأن يهب عبده لفلان م: (وبالتصدق) ش: بأن وكله أن يتصدق على فلان م: (والإعارة) ش: بأن وكله أن يؤجر فلاناً داره م: (والإيداع) ش: بأن وكله أن يودع متاعه.
م: (والرهن) ش: بأن وكله بأن يرهن متاعه م: (والإقراض) ش: بأن وكله بأن يقرض فلاناً م: (سفير أيضاً) ش: هذا خبر لقوله " والوكيل بالهبة " فإذا كان الوكيل في هذه الأشياء سفيراً تعلقت حقوق العقد بموكله م: (لأن الحكم فيها) ش: أي في العقود المذكورة م: (تثبت بالقبض وأنه) ش: أي وأن القبض م: (يلاقي محلاً مملوكاً للغير فلا يجعل أصيلاً) ش: أي فلا يجعل الوكيل في هذه