المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل ما يتحمله الشاهد] - البناية شرح الهداية - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أدب القاضي

- ‌[شروط تولى القضاء]

- ‌[حكم طلب تولى القضاء]

- ‌[وظائف القاضي]

- ‌[قبول الهدية للقاضي]

- ‌[تسوية القاضي بين الخصمين]

- ‌فصل في الحبس

- ‌ الحبس جزاء المماطلة

- ‌[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌[حكم كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[فصل قضاء المرأة]

- ‌[استخلاف القاضي]

- ‌[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]

- ‌[حكم الباطن فيما قضى به القاضي في الظاهر]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[إقراض القاضي من مال اليتامى]

- ‌باب التحكيم

- ‌[تعريف التجكيم ومشروعيته]

- ‌ التحكيم في الحدود والقصاص

- ‌حكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده

- ‌[مسائل شتى في كتاب القضاء]

- ‌[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]

- ‌ ادعى في دار دعوى، وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها

- ‌ قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر

- ‌[أقر الطالب أنه قبض ماله على فلان مائة ثم قال وجدتها زيوفا]

- ‌[قال اقتضيت من فلان كذا درهما ثم ادعى أنها نبهرجة]

- ‌[قال لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك]

- ‌ ادعى على آخر أنه باعه جاريته، فقال: لم أبعها منك قط، فأقام المشتري البينة

- ‌فصل في القضاء بالمواريث

- ‌[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]

- ‌[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]

- ‌ قال مالي في المساكين صدقة

- ‌[أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة]

- ‌ قال القاضي: قد قضيت على هذا بالرجم، فارجمه

- ‌[قول القاضي بانفراده قبل العزل وبعده]

- ‌كتاب الشهادة

- ‌[حكم الشهادة إذا طلبها المدعي]

- ‌الشهادة في الحدود

- ‌[مراتب الشهادة]

- ‌ شهادة النساء مع الرجال

- ‌[اشتراط العدالة في الشهادة]

- ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

- ‌[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]

- ‌[الشهادة بالتسامع على الموت]

- ‌ شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته

- ‌[أداء الشهادة بالتسامع]

- ‌[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]

- ‌ شهادة الأعمى

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته]

- ‌[شهادة المملوك]

- ‌[شهادة المحدود في القذف]

- ‌ شهادة الوالد لولده

- ‌[شهادة الأجير لأستاذه]

- ‌ شهادة أحد الزوجين للآخر

- ‌ شهادة المولى لعبده

- ‌[شهادة المخنث]

- ‌[شهادة مدمن الشرب]

- ‌[شهادة من يلعب بالطيور]

- ‌[شهادة من يأتي بابا من الكبائر]

- ‌[شهادة من يدخل الحمام بغير إزار]

- ‌[شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

- ‌ شهادة من يظهر سب السلف

- ‌ شهادة أهل الأهواء

- ‌ شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض

- ‌ شهادة الحربي على الذمي

- ‌[شهادة من ترك الصلاة في الجماعة استخفافا ا]

- ‌ شهادة الأقلف

- ‌[شهادة منزوع الخصيتين]

- ‌[شهادة ولد الزنا]

- ‌شهادة العمال

- ‌[شهادة الوصيين إذا أقرا أن معهما ثالثا]

- ‌ الشهادة على جرح مجرد

- ‌ أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود

- ‌[شهادة من ذكر الجانب الشرقي مكان الجانب الغربي أو على العكس]

- ‌باب الاختلاف في الشهادة

- ‌[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]

- ‌[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]

- ‌[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]

- ‌[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]

- ‌[اختلاف الشهود في النكاح]

- ‌فصل في الشهادة على الإرث

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شاهدين على شهادة شاهدين

- ‌[صفة الإشهاد في الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شهود الفرع

- ‌[قال أشهدني فلان على نفسه في شهادة الأصول على الفروع]

- ‌ شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر

- ‌[شهادة الزور]

- ‌كتاب الرجوع عن الشهادة

- ‌ رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها

- ‌[كيفية الرجوع عن الشهادة]

- ‌ شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا

- ‌ شهد رجل وامرأتان، فرجعت امرأة

- ‌[شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا]

- ‌ شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها، ثم رجعا

- ‌ شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا

- ‌ شهدوا بقصاص، ثم رجعوا بعد القتل

- ‌[رجوع شهود الفرع عن شهادتهم في مجلس القاضي بعد القضاء بشهادتهم]

- ‌[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]

- ‌كتاب الوكالة

- ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

- ‌ الوكالة بالخصومة

- ‌ الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود

- ‌[أوكل الحرالعاقل البالغ أو المأذون مثلهما]

- ‌[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]

- ‌ طالب الموكل المشتري بالثمن

- ‌باب الوكالة بالبيع والشراء

- ‌فصل في الشراء

- ‌[وكل رجلاً بشراء شيء هل يلزم تسمية الجنس والصفة]

- ‌[الجهالة اليسيرة في الوكالة بالبيع والشراء]

- ‌[قال لآخر اشتر لي دابة أو ثوبا أو دارا]

- ‌[دفع إلى آخر دراهم وقال اشتري لي حنطة]

- ‌ اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب

- ‌ التوكيل بعقد الصرف والسلم

- ‌[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]

- ‌ وكله بشراء عبد بغير عينه، فاشترى عبدا

- ‌[أمر رجلان أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم لهما ثمنا فاشترى أحدهما]

- ‌ له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه

- ‌ تمليك الدين من غير من عليه الدين

- ‌فصل في التوكيل بشراء نفس العبد

- ‌فصل في البيع

- ‌الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض

- ‌الذي لا يتغابن الناس فيه

- ‌ وكله ببيع عبد له فباع نصفه

- ‌ أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه

- ‌[فصل في بيان وكالة الاثنين]

- ‌[يوكلهما بطلاق زوجته بغير مال]

- ‌ يوكل فيما وكل به

- ‌[عقد الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول]

- ‌[زوج العبد أو المكاتب أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة]

- ‌باب الوكالة بالخصومة والقبض

- ‌ الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض

- ‌ أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي

- ‌ كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم

- ‌ ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم

- ‌ وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري

- ‌باب عزل الوكيل

- ‌[حكم عزل الوكيل]

- ‌[مبطلات الوكالة]

- ‌[تصرف بنفسه فيما وكل به الوكيل]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

- ‌[إقرار المدعى عليه بصحة الدعوى وما يترتب عليه]

- ‌باب اليمين

- ‌ قال المدعي: لي بينة حاضرة وطلب اليمين

- ‌ بينة صاحب اليد في الملك المطلق

- ‌ نكل المدعى عليه عن اليمين

- ‌[ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة وبالعكس]

- ‌ ادعى قصاصا على غيره فجحده

- ‌فصل في كيفية اليمين والاستحلاف

- ‌[استحلاف اليهودي والنصراني]

- ‌[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]

- ‌باب التحالف

- ‌[صفة اليمين في التحالف]

- ‌[اختلفا البائع والمشتري في الثمن]

- ‌ اختلف الزوجان في المهر

- ‌[اختلف المتآجران في الإجارة]

- ‌[اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح بينهما قائم]

- ‌فصل فيمن لا يكون خصما

- ‌باب ما يدعيه الرجلان

- ‌ ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة، وأقاما بينة

- ‌ ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد

- ‌[ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما]

- ‌ ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة

- ‌[ادعى كل منهما أنه اشترى هذه العين من واحد]

- ‌[أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا]

- ‌ أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج

- ‌[أقاما الخارج وصاحب اليد البينة على نسج ثوب فيما لا يتكرر نسجه كغزل القطن]

- ‌ أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه

- ‌[أقام الخارج وصاحب اليد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما]

- ‌[أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة]

- ‌[دارا في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة]

- ‌[ادعى أحدهما نصفها والآخر كلها]

- ‌[تنازعا في دابة والدابة في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده]

- ‌(فصل في التنازع بالأيدي)

- ‌ كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر

- ‌[ادعيا عبدا وهو في أيديهما]

- ‌[قال أنا عبد لفلان]

- ‌[كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادي وتنازعا فيه]

- ‌[دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت وتنازعا]

- ‌(باب دعوى النسب)

- ‌ باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع

- ‌ باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول

- ‌ ادعى نسب أحد التوأمين

- ‌ الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب، ثم قال: هو ابني

- ‌ الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي

- ‌ ادعت امرأة صبيا أنه ابنها

- ‌ الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها، وزعمت أنه ابنها من غيره

- ‌[اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل]

- ‌(كتاب الإقرار)

- ‌ أقر الحر البالغ العاقل بحق

- ‌ إقرار الصبي والمجنون

- ‌ قال: لفلان علي مال

- ‌ قال: له علي أو قبلي

- ‌[الإقرار بكون الشيء في يده]

- ‌[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]

- ‌[قال له علي مائة ودرهم]

- ‌ أقر بتمر في قوصرة

- ‌ أقر بدابة في إصطبل

- ‌ أقر لغيره بخاتم

- ‌ قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب

- ‌ قال: له علي من درهم إلى عشرة

- ‌ قال: لحمل فلانة علي ألف درهم

- ‌[فصل في بيان مسائل الحمل]

- ‌[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]

- ‌ أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل

- ‌باب الاستثناء وما في معناه

- ‌[معنى الاستثناء]

- ‌ قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة

- ‌ أقر بحق، وقال: إن شاء الله متصلا بإقراره

- ‌ قال: بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان

- ‌[قال هذه الدار لفلان واستثنى بناءها لنفسه]

- ‌ قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه

- ‌[قال المقر له مع إنكار العبد المقر به ما بعتكه إنما بعتك غيره]

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير

- ‌ قال: أقرضني ألف درهم ثم قال: هي زيوف

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض

- ‌ قال: هي ستوقة أو رصاص بعدما أقر بالغصب والوديعة ووصل

- ‌ أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب

- ‌ قال: أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل قرضا

- ‌ قال: هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه، فقال فلان: هي لي

- ‌ قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان: الثوب ثوبي

- ‌ أقر أن فلانا زرع هذه الأرض

- ‌باب إقرار المريض

- ‌[حكم إقرار المريض]

- ‌[أقر المريض بعين في يده لآخر]

- ‌[أقر الرجل في مرضه بدين]

- ‌[أقرالمريض لوارثه]

- ‌ أقر لأجنبي ثم قال: هو ابني

- ‌ أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه

- ‌ إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى

- ‌ أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم

- ‌ مات أبوه فأقر بأخ

- ‌ مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين

الفصل: ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

فصل وما يتحمله الشاهد على ضربين: أحدهما: يثبت حكمه بنفسه مثل الربيع والإقرار والغصب والقتل وحكم الحاكم، فإذا سمع الشاهد أو رآه، وسعه أن يشهد به، وإن لم يشهد عليه؛ لأنه علم ما هو الموجب بنفسه، وهو الركن في إطلاق الأداء قال الله تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86](الزخرف الآية 86) ش: وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - وسلم: «إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع» .

ــ

[البناية]

[فصل ما يتحمله الشاهد]

م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام تتعلق بأداء الشهادة، بأن الشاهد كيف يشهد عند القاضي م:(وما يتحمله الشاهد على ضربين) ش: أي على نوعين م: (أحدهما يثبت حكمه بنفسه) ش: أي بلا احتياج إلى الإشهاد م: (مثل البيع والإقرار والغصب والقتل وحكم الحاكم، فإذا سمع ذلك الشاهد أو رآه) ش: الذي سمعه مثل البيع والإقرار، وحكم الحاكم هذا من المسموعات، والذي رآه مثل الغصب والقتل، ونحو ذلك من المبصرات م:(وسعه) ش: ويسع الشاهد م: (أن يشهد وإن لم يشهد عليه؛ لأنه علم ما هو الموجب بنفسه، وهو الركن) ش: أي العلم بالموجب بنفسه هو الركن م: (في إطلاق الأداء) ش: أي في جواز أداء الشهادة.

م: (قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] (الزخرف: الآية 68) ش: بيانه أن الله تعالى جوز أداء الشهادة بعد العلم، وقد حصل العلم بالرؤية والسماع، فتصح الشهادة، يدل عليه الإجماع أيضا. ألا ترى أن رجلا لو طلق امرأته ثلاثا أو أعتق عبده أو أمته، وسمع الرجلان ذلك فجاءت المرأة أو العبد يطلب شهادتهما لم يسعهما، ترك الشهادة لئلا يقع الرجل في الوطء الحرام في المرأة والأمة، قالوا: إنما يجوز ذلك إذا رأوه أن يفعل ذلك وعرفوا صحته، فإن سمعا كلامه من وراء حجاب غليظ وحائط لا يرونه، لم يسمعهم الشهادة؛ لأن الصوت يشبه الصوت فلا يجوز الشهادة بالشك.

م: (وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - وسلم: «إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع» ش: هذا الحديث رواه البيهقي رحمه الله في "سننه "، والحاكم في "المستدرك "، عن محمد بن سليمان بن مشمول، حدثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة، فقال: "هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع» قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وتعقبه

ص: 122

قال: ويقول: أشهد أنه باع، ولا يقول: أشهدني؛ لأنه كذب، ولو سمع من وراء الحجاب لا يجوز له أن يشهد، ولو فسر للقاضي لا يقبله لأن النغمة تشبه النغمة، فلم يحصل العلم إلا إذا كان دخل البيت، وعلم أنه ليس فيه أحد سواه ثم جلس على الباب وليس في البيت مسلك غيره، فسمع إقرار الداخل ولا يراه، له أن يشهد؛ لأنه حصل العلم في هذه الصورة ومنه ما لا يثبت الحكم

ــ

[البناية]

الذهبي في "مختصره "، فقال: بل هو حديث واه، فإن محمد بن سليمان بن مشمول ضعفه غير واحد، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه في إسناده، ولا في متنه.

فإن قيل: جعل العلم بالموجب ركنا في الأداء مخالف للنصين جميعا، فإنهما لا بد؛ لأنه على شرطيته وعلى ركنيته، إذ الأحوال شروط وهي موضوعة للشرط. أجيب: بأنه مجاز عن الشرط وإنما غير عنه بذلك إشارة إلى شدة احتياج الأداء إليه.

م: (قال: ويقول: أشهد أنه باع) ش: يعني إذا سمع المبايعة ولم يشهد عليها، واحتيج إلى الشهادة يقول الشاهد: إنه باع م: (ولا يقول: أشهدني لأنه كذب) ش: لأنه ما أشهده.

وفي " الذخيرة ": هذا في البيع الصريح، أما في البيع على سبيل التعاطي، يشهدون على الآخذ والإعطاء؛ لأن التعاطي بيع حكمي، وقيل: لو شهدوا على البيع يجوز.

م: (ولو سمع من وراء الحجاب) ش: أي قول واحد: بعت، وقول آخر: اشتريت، م:(لا يجوز له أن يشهد ولو فسر للقاضي) ش: بأن قال: أشهد بالسماع من رواء الحجاب م: (لا يقبله؛ لأن النغمة تشبه النغمة، فلم يحصل العلم) ش: وهي الكلام الخفي من حد ضرب، يقال: فلان حسن النغمة إذا كان حسن الصوت في القراءة م: (إلا إذا كان) ش: استثناء من قوله: لا يجوز له أن يشهد إلا إذا كان، أي الشاهد م:(دخل البيت وعلم أنه ليس فيه) ش: أي في البيت م: (أحد سواه ثم جلس على الباب وليس في البيت مسلك غيره) ش: أي غير الباب م: (فسمع إقرار الداخل ولا يراه) ش: فحينئذ يجوز م: (له أن يشهد) ش: على إقراره م: (لأنه حصل العلم في هذه الصورة) ش: وكان ابن مقاتل لم يجوز الشهادة بالسماع من وراء الحجاب مطلقا.

وقال أبو الليث رحمه الله: إذا رأى شخصها حال إقرارها يجوز، وإلا لا شرط رؤية شخصها لا رؤية وجهها كما في " الذخيرة " م:(ومنه) ش: هذا بيان للضرب الثاني من الضربين الذين ذكرهما بقوله: ما يتحمله الشاهد على ضربين أي ما يتحمله الشاهد. م: (ما لا يثبت الحكم

ص: 123

فيه بنفسه مثل الشهادة على الشهادة، فإذا سمع شاهدا يشهد بشيء، لم يجز له أن يشهد على شهادته إلا أن يشهده عليه؛ لأن الشهادة غير موجبة بنفسها، وإنما تصير موجبة بالنقل إلى مجلس القضاء، فلا بد من الإنابة والتحميل ولم يوجد وكذا لو سمعه يشهد الشاهد على شهادته لم يسع للسامع أن يشهد، لأنه ما حمله وإنما حمل غيره. ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يتذكر الشهادة؛ لأن الخط يشبه الخط، فلم يحصل العلم، قيل هذا على قول لأبي حنيفة رحمه الله وعندهما يحل له أن يشهد، وقيل هذا بالاتفاق، وإنما الخلاف فيما إذا وجد

ــ

[البناية]

فيه بنفسه مثل الشهادة على الشهادة) ش: فإنها لا يثبت بها الحكم ما لم يشهد.

م: (فإذا سمع شاهدا يشهد بشيء لم يجز له أن يشهد على شهادته إلا أن يشهده عليه) ش: بضم الباقي يشهد لأنه مجهول م: (لأن الشهادة) ش: أي شهادة الأصول م: (غير موجبة بنفسها) ش: وفي بعض النسخ: غير مثبتة بنفسها م: (وإنما تصير) ش: أي الشهادة م: (موجبة بالنقل إلى مجلس القضاء، فلا بد من الإنابة والتحميل) ش: أي لا بد من الإنابة بتحمل الشهادة في الفرع حتى ينقلها الفرع إلى مجلس القاضي.

وقال الأكمل رحمه الله: والأول يعني قوله: "الإنابة" إشارة إلى مذهب محمد رحمه الله فإنه يقول بطريق التوكيل، ولا توكيل إلا بأمر الموكل، والثاني يعني قوله، و"التحمل" إشارة إلى مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -؛ فإنهما لم يجعلاه بطريق التوكيل بل بطريق التحميل م:(ولم يوجد) ش: أي كل واحد من الإنابة والتحميل.

م: (وكذا لو سمعه) ش: أي إذا سمع الشاهد م: (يشهد الشاهد على شهادته، لم يسع للسامع أن يشهد؛ لأنه) ش: أي لأن ذلك الشاهد م: (ما حمله السامع) على شهادته م: (وإنما حمل غيره) ش: غير السامع، وهذا بخلاف القاضي إذا شهد على قضيته، وسمع بذلك آخرون، وسمعهم أن يشهدوا؛ لأن قضاءه حجة بمنزلة الإقرار والبيع وغير ذلك، فيصح التحميل من غير إشهاد. كذا ذكره فخر الإسلام البزدوي رحمه الله في " شرح الجامع الصغير ".

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يتذكر الشهادة؛ لأن الخط يشبه الخط، فلم يحصل العلم) ش: وهذا كما رأيت، لم يذكر القدوري فيه الخلاف، وكذا لم يذكر في " شرح الأقطع "، وكذلك الخصاف لم يذكر الخلاف في " أدب القاضي " فلأجل هذا قال المصنف رحمه الله: م: (قيل: هذا على قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يحل له أن يشهد) ش: وكذا ذكر الخلاف في " المختلف "، وذكر أي القاضي رحمه الله، ورووا الخبر كذلك على الخلاف.

م: (وقيل: هذا) ش: أي عدم الحل بدون تذكر الحادثة م: (بالاتفاق، وإنما الخلاف فيما إذا وجد

ص: 124

القاضي شهادته في ديوانه أو قضيته؛ لأن ما يكون في قمطره فهو تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له العلم بذلك، ولا كذلك الشهادة في الصك؛ لأنه في يد غيره، وعلى هذا إذا تذكر المجلس الذي كان فيه الشهادة، أو أخبره قوم ممن يثق بهم أنا شهدنا نحن وأنت.

ــ

[البناية]

القاضي شهادته) ش: أي شهادة شاهد م: (في ديوانه أو قضيته) ش: أو وجد حكمه مكتوبا في خريطته م: (لأن ما يكون في قمطره) ش: في خريطته، وقال تاج الشريعة رحمه الله: القمطر بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء ما يضاف فيه الكتب.

قال: ليس العلم ما بقي القمطر وما العلم إلا ما وعا الصدر م: (فهو تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له) ش: أي للقاضي م: (العلم بذلك، ولا كذلك الشهادة في الصك؛ لأنه في يد غيره) ش:.

وفي "أدب القاضي": من " المبسوط " هاهنا ثلاثة فصول أحدها: القاضي إذا وجد في ديوانه صحيفة شهادة، ولم يتذكر أنهم شهدوا بذلك ولا حكمه فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يحكم بدون الذكر، وبه قال الشافعي رحمه الله وأحمد رحمه الله في رواية، وعند أبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله -: إذا وجد ذلك في قطرة تحت خاتمه يجوز أن يقضي به وبه قال مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله في رواية.

والثاني: الشاهد يجد شهادته في صك وعلم أنه خطه وهو معروف، ولم يتذكر الحادثة، والثالث: إذا سمع حديثا فوجده مكتوبا بخطه ووجد سماعه مكتوبا بخط غيره، لا يحل له الرواية عند أبي حنيفة رحمه الله بدون التذكر، ولهذا قلت روايته لمحمد رحمه الله أخذ في الفصول الثلاثة بالرخصة تيسيرا.

وقال: يعتمد خطه إذا كان معروفا. وأبو يوسف رحمه الله في مسألة القضاء والرواية أخذا بالرخصة؛ لأن المكتوب كان في يده، وفي مسألة الشهادة أخذ بالعزيمة، ولو نسي القاضي قضاءه، ولم يكن مسجلا فشهد حكمه ولم يمضه عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - والشافعي رحمه الله، وعند محمد وأحمد وابن أبي ليلى رحمهم الله: يقضي به ويمضيه.

م: (وعلى هذا) ش: هذا عطف على قوله: ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أي على ما قيل: من الوجهين من وجه بالاتفاق والاختلاف. م: (إذا تذكر المجلس الذي كان فيه الشهادة) ش: ولم يتذكر الحادثة. م: (أو أخبره قوم ممن يثق بهم أنا شهدنا نحن وأنت) ش: لا يحل له أن يشهد بالاتفاق، وقيل: لا يحل ذلك على قول أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما.

ص: 125