الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة رحمه الله فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل الشهادة عنده، وعندهما تقبل على الألف إذا كان المدعي يدعي الألفين وعلى هذا المائة والمائتان، والطلقة والطلقتان، والطلقة والثلاث. لهما أنهما اتفقا على الألف أو الطلقة وتفرد أحدهما بالزيادة، فيثبت ما اجتمعا عليه دون ما تفرد به أحدهما، فصار كالألف والألف والخمسمائة.
ــ
[البناية]
أيضا؛ لأن القضاء إنما يجوز بالحجة، والحجة شهادة المثنى، وبالمخالفة تنعدم الحجة.
[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في " مختصره ": م: (ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: والمراد باتفاقهما لفظاً تطابق لفظهما على عادة المعنى بطريق الوضع، كما قال أحدهما: الهبة.
وقال الآخر: المعطية لا بطريق التضمن، ثم مثل المصنف رحمه الله لذلك بقوله م:(فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل الشهادة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله، م:(وعندهما) ش: أي وعند أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله -: م: (تقبل على الألف إذا كان المدعي يدعي الألفين) ش: وبه قال الشافعي في وجه وأحمد - رحمهما الله - في رواية، وقالا: يحلف ويستحق الألف الأخرى م: (وعلى هذا المائة والمائتان) ش: أي وعلى هذا الخلاف إذا شهد أحدهما بالمائة والآخر بالمائتين.
وقال الشافعي وأحمد -رحمهما الله -: يستحق المائة الأخرى بالحلف م: (والطلقة والطلقتان، والطلقة والثلاث) ش: أي وكذا على الخلاف إذا شهد أحدهما بأنه طلق امرأته واحدة، والآخر شهد بأنه طلقها ثنتين أو ثلاث طلقات.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد: م: (أنهما) ش: أي أن الشاهدين م: (اتفقا على الألف) ش: في شهادة أحدهما بالألف والآخر بألفين م: (أو الطلقة) ش: أي أو أنهما اتفقا على المطلقة شهادة أحدهما بالطلقة، والآخر بطلقتين أو بالثلاث م:(وتفرد أحدهما) ش: أي أحد الشاهدين م: (بالزيادة) ش: وهي زيادة الألف من أحدهما في شهادتهما بالألف.
وزيادة المطلقة الثانية أو الثلاث م: (فيثبت ما اجتمعا عليه) ش: وهو الألف والطلقة الواحدة م: (دون ما تفرد به أحدهما) ش: وهو في زيادة الألف الآخر وزيادة الطلقة الثانية والثلاث يعني لا تقبل في تلك الزيادة م: (فصار) ش: أي حكم هذا م: (كالألف والألف والخمسمائة) ش: أي وكما إذا ادعى ألفاً وخمسمائة، وشهد أحدهما بالألف والآخر بالألف وخمسمائة والمدعي يدعي الأكثر قبلت الشهادة على الألف لاتفاق الشاهدين على الألف لفظاً ومعنى، وسيجيء الكلام فيه عن قريب
ولأبي حنيفة رحمه الله أنهما اختلفا لفظا وذلك يدل على اختلاف المعنى؛ لأنه يستفاد باللفظ، وهذا لأن الألف لا يعبر به عن الألفين، بل هما جملتان متباينتان، فحصل على كل واحد منهما شاهد واحد، فصار كما إذا اختلف جنس المال.
قال: وإذا شهد أحدهما
ــ
[البناية]
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أنهما) ش: أن الشاهدين م: (اختلفا لفظاً) ش: لأن أحدهما فرد والآخر مجتمع م: (وذلك) ش: أي الاختلاف من حيث اللفظ م: (يدل على اختلاف المعنى؛ لأنه) ش: أي لأن المعنى م: (يستفاد باللفظ وهذا) ش: أي دلالة اختلاف اللفظ على اختلاف المعنى الذي يستفاد من اللفظ م: (لأن الألف لا يعبر به عن الألفين، بل هما جملتان متباينتان) ش: أي كلمتان متباينتان كزيد وعمرو، ولم يرد به الجملة المركبة من فعل وفاعل، أو مبتدأ وخبر كما في النحو م:(فحصل على كل واحد منهما شاهد واحد) ش: فلا تقبل م: (فصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا اختلف جنس المال) ش: كما إذا شهد أحدهما بألف درهم، والآخر بمائة دينار أو شهد أحدهما بكر حنطة، والآخر بكر شعير.
فإن قيل: الألف موجود في الألفين.
قلنا: نعم إذا ثبت الألفان يثبت في ضمنه الألف، وإذا لم يثبت التضمن كيف يثبت التضمن. ألا ترى أنه لو شهد أحدهما بأنه قال لامرأته: أنت خلية وشهد الآخر بأنه قال: أنت برية لا يثبت شيء، وإن اتفق المعنى.
فإن قيل: يشكل على قول أبي حنيفة رحمه الله ما لو ادعى ألفين وشهد بألف يقبل بالاتفاق، ذكره في " المبسوط "، مع أن شرط صحة القضاء الموافقة بين الدعوى والشهادة، ولم يوجد.
قلنا: الاتفاق في اللفظ بين الدعوى والشهادة ليس بشرط لصحة الدعوى حسب اتفاقه بين الشاهدين. ألا ترى أنه لو ادعى الغصب أو القتل وشهدا بإقراره به يقبل، ولو شهد أحدهما بالغصب والآخر بالإقرار بالغصب لا تقبل، وهذا لأن الشهادة التلفظ، ألا ترى أنها لا تقبل ما لم تقل أشهد بخلاف الدعوى، فإنه لو صحح دعواه في الكتابة تقبل دعواه، ولا يلزم أبا حنيفة رحمه الله.
إذا قال زوجها: طلقي نفسك ثلاثاً. فطلقت واحدة كان ذلك منها جواباً فوقعت واحدة، ولا ما إذا قال لها: أنت طالق ألفا فإنه يقع ثلاثاً؛ لأن الأكثر في ذلك ثابت فيضمن الأقل، وليس فيما نحن فيه كذلك؛ لأن الأكثر شهد به واحد، فلا يثبت به شيء.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا شهد أحدهما) ش: أي أحد الشاهدين
بألف والآخر بألف وخمسمائة، والمدعي يدعي ألفا وخمسمائة قبلت الشهادة على الألف لاتفاق الشاهدين عليهما لفظا ومعنى؛ لأن الألف والخمسمائة جملتان عطفت أحدهما على الأخرى، والعطف يقرر الأول، ونظيره الطلقة والطلقة والنصف والمائة والمائة والخمسون بخلاف العشرة والخمسة عشر؛ لأنه ليس بينهما حرف العطف، فهو نظير الألف والألفين.
، وإن قال المدعي: لم يكن لي عليه إلا الألف، فشهادة الذي شهد بالألف والخمسمائة باطلة؛ لأنه كذبه المدعي في المشهود به. وكذا إذا سكت إلا عن دعوى الألف لأن التكذيب ظاهر، فلا بد من
ــ
[البناية]
م: (بألف والآخر بألف وخمسمائة، والمدعي يدعي ألفاً وخمسمائة قبلت الشهادة على الألف لاتفاق الشاهدين عليهما) ش: أي على الألف م: (لفظاً ومعنى؛ ولأن الألف والخمسمائة جملتان عطفت إحداهما على الأخرى، والعطف يقرر الأول) ش: أي يقرر المعطوف عليه م: (ونظيره) ش: أي ونظير المذكور م: (الطلقة والطلقة والنصف) ش: بأن شهد أحدهما بطلقة، والآخر بطلقة ونصف م:(والمائة والمائة والخمسون) ش: بأن شهد أحدهما بمائة، والآخر بمائة وخمسين يقبل شهادته على الطلقة بالاتفاق وكذلك على المائة
م: (بخلاف العشرة والخمسة عشر) ش: يعني إذا شهد أحدهما بعشرة والآخر بخمسة عشر يعني إذا ادعى المدعي خمسة عشر حيث لا يثبت العشر عند أبي حنيفة رحمه الله لأن الموافقة بين اللفظين شرط ولم يوجد م: (لأنه ليس بينهما حرف العطف) .
ش: فصارا متباينين؛ لأن خمسة عشر تذكير بغير حرف العطف، فكانت كلمة واحدة غير العشرة، فلم يوجد الموافقة.
وفي " النهاية ": هذا كله فيما إذا لم يدع المدعي عقداً. أما إذا كان في دعوى العقد، فهي ثمان مسائل:
البيع، والإجارة، والكتابة، والرهن، والعتق على مال، والصلح عن دم العمد، والخلع، والنكاح
…
وسيجيء كل هذا مشروحاً في هذا الباب إن شاء الله تعالى م: (فهو نظير الألف والألفين) ش: أي المذكور نظير ما إذا شهد أحدهما بألف والآخر شهد بألفين، لا تقبل الشهادة عند أبي حنيفة رحمه الله وقد مر عن قريب.
م: (وإن قال المدعي: لم يكن عليه إلا الألف فشهادة الذي شهد بالألف والخمسمائة باطلة؛ لأنه) ش: أي لأن الشاهد م: (كذبه المدعي في المشهود به) ش: وتكذيب الشاهد تفسيق له فكان مبطلاً شهادته، فبقي شاهد واحد.
م: (وكذا) ش: أي الحكم م: (إذا سكت) ش: أي المدعي م: (إلا عن دعوى الألف) ش: يعني ادعى الألف ولم يتعرض للخمس مائة لا بالنفي ولا بالإثبات م: (لأن التكذيب ظاهر فلا بد من
التوفيق.
ولو قال: كان أصل حقي ألفا وخمسمائة، ولكني استوفيت خمسمائة أو أبرأته عنها، قبلت لتوفيقه قال: وإذا شهد بألف، وقال أحدهما قضاه خمسمائة قبلت شهادتهما بالألف لاتفاقهما عليه، ولم يسمع قوله أنه قضاه خمسمائة لأنه شهادة فرد إلا أن يشهد معه آخر. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يقضي بخمسمائة؛ لأن شاهد القضاء مضمون شهادته أن لا دين إلا خمسمائة، وجوابه ما قلنا. قال: وينبغي للشاهد إذا علم بذلك أن لا يشهد بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة كيلا يصير معينا على الظلم. وقال وفي " الجامع الصغير ": رجلان شهدا على رجل بقرض ألف درهم، فشهد أحدهما أنه قد
ــ
[البناية]
التوفيق) ش: ولم يوجد حتى لو وقف قبلت الشهادة، وأشار إلى التوفيق بقوله:
م: ولو قال: كان أصل حقي ألفاً وخمسمائة) ش: كما شهد م: ولكني استوفيت خمسمائة أو أبرأته عنها) ش: أي عن الخمس مائة م: (قبلت لتوفيقه) ش: أي لزوال التكذيب.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا شهدا بألف، وقال أحدهما قضاه خمسمائة قبلت شهادتهما بالألف) ش: وفي بعض النسخ بألف م: (لاتفاقهما عليه) ش: أي لاتفاق الشاهدين على الألف م: (ولم يسمع قوله) ش: أي قول الشاهد الذي قال:
م: (إنه قضاه) ش: يعني قضاه م: (خمسمائة لأنه شهادة فرد، إلا أن يشهد معه آخر) ش: هذا هو المشهور.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يقضي بخمسمائة؛ لأن شاهد القضاء مضمون شهادته أن لا دين إلا خمسمائة) ش: فلا يجوز أن يثبت أكثر من ذلك م: (وجوابه) ش: أي جواب ما روي عن أبي يوسف رحمه الله م: (ما قلنا) ش:، أشار به إلى قوله لأنه شهادة فرد، كذا قاله الأترازي رحمه الله وقال الأكمل رحمه الله: وجوابه ما قلنا: إنهما اتفقا على وجوب الألف، وتفرد أحدهما بالقضاء، والقضاء يتلوا الوجوب لا محالة.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وينبغي للشاهد إذا علم بذلك) ش: يعني الشاهد بقضاء خمس مائة إذا علم بذلك م: (أن لا يشهد بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة كيلا يصير معيناً على الظلم) ش: لعلمه بدعواه بغير حق.
وفي " جامع أبي الليث ": لا يحل للشاهد الذي يعلم القضاء أن يشهد على أصل الدين لعلمه بأن المدعي يدعي بغير حق.
م: (قال وفي " الجامع الصغير ": رجلان شهدا على رجل بقرض ألف درهم فشهد أحدهما أنه قد
قضاها، فالشهادة جائزة على القرض لاتفاقهما عليه، وتفرد أحدهما بالقضاء على ما بينا. وذكر الطحاوي عن أصحابنا: أنه لا تقبل وهو قول زفر رحمه الله لأن المدعي أكذب شاهد القضاء. قلنا: هذا إكذاب في غير المشهود به الأول وهو القرض، ومثله لا يمنع القبول.
قال: وإذا شهد شاهدان أنه قتل زيدا يوم النحر بمكة، وشهد آخران أنه قتله يوم النحر بالكوفة، واجتمعوا عند الحاكم، لم يقبل الشهادتين؛ لأن إحداهما كاذبة بيقين
ــ
[البناية]
قضاها، فالشهادة جائزة على القرض لاتفاقهما عليه، وتفرد أحدهما بالقضاء على ما بينا) ش: من أن القضاء يثبته بتفرد أحد الشاهدين.
والفرق بين مسألة الجامع وبين المسألة التي ذكرها قبلها أن مسألة " الجامع " شهد أحدهما بقضاء كل الدين وفي التي قبلها، شهد بقضاء بعض الدين.
م: (وذكر الطحاوي رحمه الله عن أصحابنا: أنه لا تقبل) ش: يعني في القرض والدين جميعاً م: (وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن المدعي أكذب شاهد القضاء) ش: وهو تفسيق له.
م: (قلنا: هذا إكذاب في غير المشهود به الأول وهو القرض) ش: أي المشهود به الأول وهو القرض، لم يوجد في حقه التكذيب وهو له، وإنما وجد التكذيب لأنه أكذبه فيما عليه، وهو الشهادة بالقضاء، وهو غير المشهود به الأول م:(ومثله لا يمنع القبول) .
ش: ولهذا لو شهد بألف ومائة دينار، إذا ادعى المدعي ألف درهم تقبل شهادتهما، وإن كذبهما المدعي في المائة. إليه أشار في " الجامع ".
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإذا شهد شاهدان أنه) ش: أي أن عمراً مثلاً م: (قتل زيداً يوم النحر بمكة، وشهد آخران أنه قتله يوم النحر بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم يقبل الشهادتين لأن إحداهما) ش: أي لأن إحدى الشهادتين م: (كاذبة) ش: ظاهراً م: (بيقين) .
ش: وبه قال الشافعي رحمه الله، وفي " الذخيرة ": ولو شهد أحدهما بالقتل والآخر بالإقرار بالقتل لا تقبل؛ لأن القتل فعل والإقرار قول، والقول غير الفعل، فاختلف المشهود به، وكذا لو شهدا بالقتل واختلفا في الزمان والمكان؛ لأن الفعل الثاني غير الفعل الأول.
وفي " المغني ": وكل شهادة على فعل اختلاف الزمان أو المكان يمنع القبول، إلا في مسألة واحدة ذكرها داود بن رستم رحمه الله عن محمد في نصراني شهدا عليه، فقال أحدهما: يصلي في مسجد بني زائدة شهراً، وآخر يصلي في مسجد بني عامر شهراً، أو قال أحدهما: يصلي بالكوفة شهراً، وقال أحدهما: رأيته يصلي بالشام. قال أجيز شهادتهما وأجبره على الإسلام.
وفي " الكافي ": اختلافهما في الزمان أو المكان في البيع والشراء والطلاق والعتاق والوكالة