الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في البيع
قال: والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده أو مكاتبه،
ــ
[البناية]
[فصل في البيع]
م: (فصل في البيع) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام التوكيل بالبيع ولما فرغ عن بيان أحكام التوكيل بالشراء شرع في بيان التوكيل بالبيع، وأخر هذا الفصل عن بيان الفصل المتقدم لأنه يتضمن الإزالة وذلك يتضمن الإثبات وهو مقدم.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له) ش: مثل ابنه وأخيه م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في قول ومالك وأحمد - رحمهما الله - في وجه.
م: (وقالا: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة) ش: أي وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - يجوز بيعه من الأقارب الذين لا تقبل شهادته لهم بمثل القيمة، إشارة إلى أنه لا يجوز بغبن يسير وإلا لم يكن للتخصيص بمثل القيمة فائدة، ولكن ذكر في "الذخيرة" أنه يجوز بيعه من هؤلاء بالغبن اليسير لأن اليسير ملحق بمثل القيمة.
وقال فيها: لو باع ممن لا تقبل شهادته له بأكثر من القيمة يجوز بيعه بلا خلاف وبالغبن الفاحش لا يجوز بلا خلاف، وفي الغبن اليسير يجوز عندهما ولا يجوز عنده. وبمثل القيمة عند أبي حنيفة رحمه الله روايتان في رواية الوكالة والبيوع لا يجوز، وفي رواية المضاربة يجوز وبيع المضارب وشراؤه ممن لا تقبل شهادته له بغبن يسير لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله، وبيعه منهم بأكثر من القيمة وشراؤه منهم بأقل من القيمة يجوز بلا خلاف، وبمثل القيمة يجوز عندهما، وكذا عند أبي حنيفة رحمه الله باتفاق الروايات.
م: (إلا من عبده أو مكاتبه) ش: فإنه لا يجوز عندهما أيضًا لأن البيع من هؤلاء كالبيع من نفسه فلا يجوز وقيد في " المبسوط" بقوله: إلا من عبده الذي لا دين عليه لأن كسبه لمولاه فيبيعه منه كبيعه من نفسه، فكان فيه إشارة إلى أنه إذا كان عليه دين يجوز في تعميم المشيئة ثم الوكيل بالبيع لا يجوز أن يبيعه من نفسه عندنا والشافعي رحمه الله وأحمد رحمه الله في ظاهر مذهبه. وعن أحمد رحمه الله في رواية: يجوز، وبه قال مالك والأوزاعي -رحمهما الله -: إذا لم يخاف لعدم التهمة، قلنا: لو جاز يؤدي إلى التضاد في الأحكام فإنه يكون مستزيدًا ومستنقصًا أيضًا ومخاصمًا في العيب وفيه من التضاد ما لا يخفى.
لأن التوكيل مطلق ولا تهمة إذ الأملاك متباينة. والمنافع منقطعة بخلاف العبد؛ لأنه بيع من نفسه لأن ما في يد العبد للمولى وكذا للمولى حق في كسب المكاتب وينقلب حقيقة بالعجز. وله: أن مواضع التهمة مستثناة عن الوكالات، وهذا موضع التهمة بدليل عدم قبول الشهادة، ولأن المنافع بينهم متصلة، فصار بيعا من نفسه من وجه
ــ
[البناية]
وفي "المبسوط ": المراد من عدم الجواز في البيع من هؤلاء عند أبي حنيفة رحمه الله في مطلق، الوكالة؛ أما لو قيد الوكالة بتعميم المشيئة بأن قال: بع لمن شئت يجوز البيع من هؤلاء بلا خلاف، بخلاف البيع من نفسه أو من ابن صغير له حيث لا يجوز فإن قيل يشكل على قول أبي حنيفة رحمه الله بيع المضارب من هؤلاء بمثل القيمة حيث يجوز سهوا ظهور الربح أم لا، والمضارب قبل ظهور الربح وكيل. قلنا: قال بعض مشايخنا رحمهم الله عدم الجواز عنده مطلقًا على ما إذا باعه بالغبن، أما البيع بمثل القيمة فجائز في المضاربة من هؤلاء.
م: (لأن التوكيل مطلق) ش: أي عن التقييد بشخص دون آخر، والمطلق يعمل بإطلاقه م:(ولا تهمة) ش: أي في البيع بمثل القيمة هذا نفي التهمة من حيث المالية وقوله م: (إذ الأملاك متباينة والمنافع منقطعة) ش: ففي التهمة إيثار الغبن. فكان هذا جواب عن قول أبي حنيفة رحمه الله: إن في البيع بمثل القيمة تهمة إيثار الغبن. فلما كانت المنافع منقطعة لم يكن الوكيل مبيعًا بذلك الغبن فلا يورث التهمة، والدليل على تباين الأملاك حل وطء الابن جاريته، ولا يحل وطء جارية أبيه لتباين ملك أبيه عن ملكه وتباين الأملاك يوجب انقطاع المنافع.
م: (بخلاف العبد) ش: فإنه لا يجوز بيع الوكيل من عبده الذي لا دين عليه م: (لأنه بيع من نفسه) ش: أي لأن بيع الوكيل من عبده بيع من نفسه م: (لأن ما في يد العبد حق المولى وكذا للمولى حق في كسب المكاتب) ش: حتى لا تصلح تبرعاته ولا تزويج عبده م: (فينقلب) ش: أي حق المولى م: (حقيقة) ش: أي ينقلب حق المولى في كسب المكاتب إلى حقيقة الملك م: (بالعجز) ش: أي بعجز المكاتب عن أداء بدل الكتابة لأن المولى يملك حينئذ جميع المال في يده.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن مواضع التهمة مستثناة عن الوكالات) ش: لأن الوكالة شرعت للأمانة، فيكون الوضع موضع الأمانة فلو كانت التهمة داخلة فيها لعاد على موضوعه بالنقض م:(وهذا موضع التهمة) ش: التهمة مأخوذة من وهم بالفتح، أي ذهب يعني يذهب الوهم أنه إنما يختار هذا النفع لنفسه فيكون عاملًا لنفسه والوكيل يعمل بغيره م:(بدليل عدم قبول الشهادة) ش: فيما بينهم لتهمة الانتفاع بمال آخر م: (ولأن المنافع بينهم متصلة فصار) ش: أي بيع الوكيل من هؤلاء م: (بيعًا من نفسه من وجه) ش: وصار مال كل واحد منهم كمال صاحبه من وجه، وفي البيع إخراج وإدخال من الجانبين، وفي البيع من هؤلاء إخراج إلى نفسه من وجه فلا يجوز.