الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
؛ لأن قدر ما أثبتته اليد لا يثبته ببينة ذي اليد إذ اليد دليل مطلق الملك بخلاف النتاج لأن اليد لا تدل عليه، وكذا على الإعتاق وأختيه، وعلى الولاء الثابت بها.
قال وإذا
نكل المدعى عليه عن اليمين
قضى عليه بالنكول وألزمه ما ادعى عليه، وقال الشافعي رحمه الله: لا يقضي به بل يرد اليمين على المدعي، فإذا حلف يقضي به
ــ
[البناية]
م: (لأن قدر ما أثبتته اليد لا يثبته ببينة ذي اليد، إذ اليد دليل مطلق الملك) ش: فبينته لا تثبت لئلا يلزم تحصيل الحاصل بخلاف بينة الخارج فإنها تثبت الملك وتظهره، وما هو أكثر إثباتًا، من البينات فهو أولى لتوفر ما شرعت البينات لأجله فيه، فإن قيل: بينة الخارج تزيل ما أثبته ذو اليد من الملك فبينة ذي اليد تفيد الملك، ولا يلزم تحصيل الحاصل، أجيب بأنها ليست موجبة بنفسها حتى يزيل ما ثبت باليد، وإنما تصير موجبة عند اتصال القضاء بها، فقبله يكون الملك ثابتا للمدعى عليه، وإثبات الثابت لا يتصور، فلا يكون بينة مثبتة بل مؤكدة لملك ثابت والتأسيس أولى من التأكيد.
م: (بخلاف النتاج، لأن اليد لا تدل عليه) ش: فكانت البينة مثبتة لا مؤكدة، فكان كل واحد من البينتين للإثبات فترجح إحداهما باليد، م:(وكذا على الإعتاق وأختيه) ش: أي وكذا اليد لا تدل على أختي الإعتاق، وهما التدبير والاستيلاد فتعارضه بينة الخارج، وذي اليد ثم ترجحت بينة ذي اليد م:(وعلى الولاء الثابت بها) ش: أي بالإعتاق والاستيلاد والتدبير ومعناه: أن البينتين في الإعتاق وأختيه يدلان على الولاء، إذ العتق حاصل للعبد بتصادقهما، وهما استويا في ذلك، وترجح صاحب اليد بحكم يده، ثم يستوي الجواب بين أن يكون الخارج مسلما أو ذميا، أو عبدًا أو حرا أو امرأة أو رجلا، والمدعى عليه كذلك والمدعي به كذلك أي مال كان.
[نكل المدعى عليه عن اليمين]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا نكل المدعى عليه عن اليمين قضي عليه بالنكول) ش: أي قضي القاضي على المدعى عليه بالنكول م: (وألزمه ما ادعى عليه) ش: أي ألزم القاضي المدعى عليه بما ادعى عليه المدعي، وفي بعض النسخ: ولزمه، م:(وقال الشافعي رحمه الله لا يقضي به) ش: أي بالنكول م: (بل ترد اليمين على المدعي، فإذا حلف يقضي به) ش: أي إذا حلف المدعي يقضي له بما يدعيه.
وفي " التفريع " للمالكية: وإذا ادعى على رجل دعواه لم يحلف له بمجرد دعواه حتى يثبت أن بينهما خلطة، فإذا ثبت ذلك حلف المدعى عليه وبرئ، فإن نكل عن اليمين لم يحكم عليه بمجرد النكول، وحلف المدعي على ما ادعاه واستحق ما ادعاه بيمينه ونكول خصمه، فإن لم يحلف لم يحكم له بشيء، انتهى.
وروي عن أحمد أنه قال: إذا نكل المدعى عليه حبسته أبدا حتى يحلف فيبرأ، أو يقر
لأن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة واشتباه الحال فلا ينتصب حجة مع الاحتمال ويمين المدعي دليل الظهور فيصار إليه. ولنا: أن النكول دل على كونه باذلا أو مقرا، إذ لولا ذلك لأقدم على اليمين إقامة للواجب ودفعا للضرر عن نفسه فترجح هذا الجانب، ولا وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه. قال: وينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثلاثا، فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعاه، وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم، إذ هو موضع الخفاء،
ــ
[البناية]
فيحكم عليه، وبقولنا قال سفيان بن سعيد الثوري، م:(لأن النكول يحتمل التورع عن اليمين الكاذبة والترفع عن الصادقة) ش: أي عن اليمين الصادقة م: (واشتباه الحال) ش: يعني ويحتمل أن يكون الحال مشتبهة عليه، لا يدري أصادق في الإنكار فيحلف، أو كاذب فيمتنع، م:(فلا ينتصب) ش: أي يمين المدعي عليه م: (حجة مع الاحتمال، ويمين المدعي دليل الظهور) ش: لما كانت يمين المدعي عليه، وينكر له، وبنكوله صار الظاهر شاهدا للمدعي، فإذا كان كذلك م:(فيصار إليه) ش: أي إلى المدعي.
م: (ولنا أن النكول) ش: أي نكول المدعى عليه م: (دل على كونه باذلا) ش: أي كان النكول بذلا كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، م:(أو مقرا) ش: أي كان إقرار كما هو مذهبهما م: (إذ لولا ذلك) ش: أي لولا أن اليمين بذل أو إقرار م: (لأقدم على اليمين الصادقة إقامة للواجب) ش: لأن اليمين واجبة عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم «واليمين على من أنكر» وكلمة " على " للوجوب م:(ودفعا للضرر عن نفسه) ش: وهو بذل المال م: (فترجح هذا الجانب) ش: أي جانب كون الناكل باذلا ومقرا على الوجه المحتمل، وهو كونه متورعا، أو نحو ذلك.
م: (ولا وجه لرد اليمين على المدعي لما قدمناه) ش: إشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وفي " المبسوط " و " الأسرار ": مذهبنا مؤيد بإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فإن قيل: كيف يكون إجماع الصحابة رضي الله عنهم وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه حلف المدعي بعد نكول المنكر؟ .
قلت: وروي عن علي رضي الله عنه في المنكر طلب منه رد اليمين إلى المدعي فقال: ليس لك عليه سبيل، وقضى بالنكول بين يدي علي رضي الله عنه، فقال له علي: قالون، بلغة الروم، أي: أصبت.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وينبغي للقاضي أن يقول له) ش: أي للمدعى عليه م: (إني أعرض عليك اليمين ثلاثا، فإن حلفت وإلا فقضيت عليك بما ادعاه) ش: أي المدعي م: (وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم، إذ هو موضع الخفاء) ش: أي الحكم بالنكول موضع الخفاء لأنه
قال: فإذا كرر العرض عليه ثلاث مرات قضى عليه بالنكول وهذا التكرار ذكره الخصاف لزيادة الاحتياط والمبالغة في إبلاء العذر، وأما المذهب إنه لو قضى بالنكول بعد العرض مرة جاز لما قدمناه هو الصحيح، والأول أولى، ثم النكول قد يكون حقيقيا كقوله - لا أحلف - وقد يكون حكميا بأن يسكت، وحكمه حكم الأول إذا علم أنه لا آفة به من طرش أو خرس هو الصحيح.
ــ
[البناية]
مجتهد فيه، ولعدم دلالة النص على ذلك فيجوز أن يلتبس عليه ما يلزمه النكول.
م: (قال: فإذا كرر العرض عليه ثلاث مرات قضى عليه بالنكول، وهذا التكرار ذكره الخصاف) ش: لأن التكرار ليس بشرط على ما ذكره في الأصل، بل إذا قضى بالنكول مرة جاز، وإنما ذكره الخصاف رحمه الله م:(لزيادة الاحتياط والمبالغة في إبلاء العذر) ش: فصار كإمهال المرتد ثلاثة أيام م: (وأما المذهب فإنه لو قضى بالنكول بعد العرض مرة جاز لما قدمناه) ش: إشارة إلى ما ذكر إذ النكول دل على كونه باذلا أو مقرا، كذا قاله الأترازي، والكاكي، والأكمل رحمهم الله.
وقال تاج الشريعة: قوله: م: (لما قدمنا) ش: يعني أنه لولا كونه كاذبا لأقدم على اليمين إقامته للجواب م: (هو الصحيح) ش: قال الأترازي رحمه الله: احتراز عن قول الخصاف فإنه يشترط التكرار، وقال الأكمل: احتراز عما قيل - لو قضى بالنكول مرة واحدة لا ينفذ وهذا هو الأوجه، م:(والأول أولى) ش: أي ما ذكره الخصاف أولى، كما في الإمهال للمرتد، فإن قتل بلا إمهال جاز.
وفي " الكافي ": والتقدير بالثلاث في العرض لازم في المروي عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -، وبه قال أحمد والجمهور- رحم الله الجميع - على أنه للاحتياط، وبه قال مالك والشافعي رحمه الله، م:(ثم النكول قد يكون حقيقيا كقوله: لا أحلف، وقد يكون حكميا بأن يسكت وحكمه) ش: أي حكم السكوت م: (حكم الأول) ش: وبه قال الثلاثة م: (إذا علم أنه لا آفة به من طرش) ش: بفتح الراء من يطرش طرشا، من باب علم، أي صار أطروشا، وهو الأصم، والطرش أهون من الصمم م:(أو خرس) ش: بفتح الراء، وهو آفة باللسان تمنع الكلام أصلا م:(هو الصحيح) ش: أشار به إلى اختلاف الروايات فيما إذا سكت المدعى عليه بعد عرض اليمين عليه ولم يقل - لا أحلف.
فقال بعض أصحابنا: إذا سكت المدعى عليه سأل القاضي: هل به خرس أو طرش؟ فإذا قالوا: لا، جعله ناكلا، وقضى عليه، ومنهم من قال: يحبس حتى يجيب، والأول هو الصحيح، كذا في " شرح الأقطع "، وفي " الفصول ": لو كان استحلاف عند غير القاضي كان المدعي على دعواه، لأن المعتبر يمين قاطعة للخصومة، واليمين عند القاضي قاطعة لها.
ولو قال المدعي: إن حلف المدعى عليه فأنا بريء، أو قال: فدعواه باطلة لا تبطل دعواه،