الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا حكم لزمهما لصدور حكمه عن ولاية عليهما، وإذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه، لأنه لا فائدة في نقضه ثم في إبرامه على ذلك الوجه. وإن خالفه أبطله؛ لأن حكمه لا يلزمه لعدم التحكيم منه.
ولا يجوز
التحكيم في الحدود والقصاص
،
ــ
[البناية]
م: (وإذا حكم) ش: أي المحكم م: (لزمهما) ش: أي لزم المحكمين ما حكم به م: (لصدور حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (عن ولاية عليهما) ش:، وبه قال الشافعي رحمه الله في قول مالك، وأحمد عن الشافعي رحمهم الله: لا بد من تراضيهما بعد الحكم، وهو اختيار المزني م:(وإذا رفع حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه، لأنه لا فائدة في نقضه) ش: أي في نقض القاضي حكم هذا المحكم م: (ثم في إبرامه) ش: أي في حكمه قطعا م: (على ذلك الوجه) ش: أي الوجه الذي حكم به المحكم، وفائدة إمضاء الحاكم المحكم أنه لو رفع أي حاكم يخالف مذهبه، لم يتمكن من نقضه ولم يمضه لتمكن، لأن إمضاء الأول بمنزلة حكم نفسه.
م: (وإن خالفه أبطله) ش: أي وإن خالف حكم المحكم من مذهب الحاكم الذي رفع إليه أبطل حكم المحكم م: (لأن حكمه) ش: أي حكم المحكم م: (لا يلزمه) ش: أي لا يلزم الحاكم م: (لعدم التحكيم منه) ش: أي من المحكم بخلاف حكم الحاكم، فإنه لا يبطله الثاني، وإن خالف مذهبه لعموم ولايته، فكان قضاؤه حجة في حق الكل، فلا يجوز لقاض آخر أن يرده، وعند مالك وابن أبي ليلى رحمهم الله: حكم المحكم في المجتهدات نافذ كالمولى فلا يبطله وإن خالف رأيه إلا أن يكون جورا بينا لم يختلف فيه أهل العلم.
[التحكيم في الحدود والقصاص]
م: (ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص) ش: هذا مذهب الخصاف رحمه الله فإنه قال: التحكيم لا يجوز في الحدود والقصاص، واختاره القدوري رحمه الله في "مختصره "، وكذلك اختاره المصنف رحمه الله.
والمراد بالحدود: التي هي الواجب حقا لله تعالى. وأما في حد القذف والقصاص فقد اختلفت الروايات فيهما، فقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في " شرح أدب القاضي ": من أصحابنا من قالوا: إنه يجوز هذا في الحدود الواجبة لله تعالى؛ لأن الإمام هو المتعين لاستيفاء حقوق الله تعالى.
وأما في القصاص وحد القذف فيجوز التحكيم؛ لأن الاستيفاء إليها. وفي " الذخيرة "، يجوز التحكيم في القصاص؛ لأنه من حقوق العباد. وعن أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز في غير الأموال وما في معناها، وبه قال مالك رحمه الله حتى لا يجوز في حد ولا في لعان ولا في قصاص أو قذف أو طلاق أو عتاق أو
لأنه لا ولاية لهما على دمهما، ولهذا لا يملكان الإباحة، فلا يستباح برضاهما. قالوا: وتخصيص الحدود والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات، كالطلاق والنكاح، وغيرهما، وهو صحيح. إلا أنه لا يفتي به، ويقال: يحتاج إلى حكم المولى دفعا لتجاسر العوام فيه، وإن حكماه في دم خطأ فقضى بالدية على العاقلة لم ينفذ حكمه؛ لأنه لا ولاية له عليهم إذ لا تحكيم من جهتهم. ولو حكم على القاتل بالدية في ماله رده القاضي ويقضي بالدية على العاقلة؛ لأنه مخالف لرأيه
ــ
[البناية]
نسب أو ولاء؛ لأنها مبنية على الاحتياط، فيتعين القاضي المولى كالحدود م:(لأنه لا ولاية لهما على دمهما) ش: هذا دليل القصاص، ولم يذكر دليل الحدود أي؛ لأن الشأن لا ولاية للمحكمين على دمهما م:(ولهذا لا يملكان الإباحة فلا يستباح برضاهما) ش: ولو علل المصنف رحمه الله مثل ما علل؛ لأن حكم المحكم ليس بحجة في غير المحكمين، فكانت فيه شبهة والحدود والقصاص لا يستوفي بالشبهات فكان أشمل.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ رحمهم الله من المتأخرين: م: (وتخصيص) ش: القدوري رحمه الله م: (الحدود والقصاص يدل على جواز التحكيم في سائر المجتهدات، كالطلاق والنكاح وغيرهما) ش: كالكنايات في جعلها رجعية والطلاق المضاف، وهو الظاهر عند أصحابنا، لكن مشايخنا امتنعوا عن هذه الفتوى، وقالوا: يحتاج إلى حكم المولى، كما في الحدود والقصاص كيلا يتجاسر العوام، كذا ذكره الصدر الشهيد رحمه الله " في أدب القاضي".
وفي " الذخيرة "" وفتاوى العتابي " رحمه الله: يجوز حكم المحكم في اليمين المضافة، لكن لا يفتى كيلا يتجاسر الناس.
وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: مسألة حكم المحكم تعلم ولا يفتى بها، وكان يقول: ظاهر المذهب أنه يجوز، إلا أن الإمام الأستاذ أبا علي النسفي رحمه الله كان يقول: فكتم هذا الفصل، ولا يفتى به كيلا يتطرق الجهال إلى ذلك فيؤدي إلى هدم مذهبنا م:(وهو صحيح) ش: أي التحكيم في سائر المجتهدات صحيح؛ لأنه هو الظاهر عن أصحابنا.
م: (إلا أنه لا يفتى به ويقال) ش: عند السؤال م: (يحتاج إلى حكم المولى) ش: أي القاضي المولى م: (دفعا) ش: أي للدفع م: (لتجاسر العوام فيه) ش: وقد ذكرناه. م: (وإن حكماه) ش: أي فإن حكم المحكمان المحكم م: (في دم خطأ فقضى بالدية على العاقلة لم ينفذ حكمه؛ لأنه لا ولاية له) ش: أي للمحكم م: (عليهم) ش: أي على العاقلة م: (إذا لا تحكيم من جهتهم) ش: وحكم المحكم لا ينفذ على غير المحكمين م: (ولو حكم على القاتل بالدية في ماله رده القاضي ويقضي بالدية على العاقلة لأنه) ش: أي لأن حكم المحكم على القاتل م: (مخالف لرأيه) ش: أي لرأي القاضي