الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الشهادة على الإرث
قال: ومن أقام بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها وأودعها الذي هي في يده، فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له. وأصله أنه متى ثبت الملك للمورث لا يقضى به للوارث حتى يشهد الشهود أنه مات وتركها ميراثا له عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - خلافا لأبي يوسف رحمه الله، هو يقول: إن ملك الوارث ملك المورث فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة به للوراث وهما يقولان: إن ملك الوارث متجدد.
ــ
[البناية]
[فصل في الشهادة على الإرث]
م: (فصل في الشهادة على الإرث) ش: أي هذا فصل في بيان حكم الشهادة على الإرث، ولما ذكر أحكام الشهادة المتعلقة بالإحياء شرع يذكر أحكام الشهادة المتعلقة بالميت، بحسب مقتضى الوقائع.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن أقام بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها وأودعها الذي هي في يده، فإنه يأخذها) ش: أي فإن المدعي الذي أقام البينة يأخذ الدار بهذه البينة م: (ولا يكلف البينة) ش: أي يشهدوا م: (أنه) ش: أي أن أباه م: (مات وتركها ميراثا له) ش: أي لابنه. وفي " الفوائد الظهيرية ": هذا بالإجماع، لكن على اختلاف التخريج.
فأبو يوسف رحمه الله لا يقول في الميراث باشتراط الجر والانتقال من المورث إلى الوارث في قبول البينة، وأبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وإن كانا يشترطان ذكر الجر والانتقال، بأن يقول الشاهد عند الشهادة: هذا المدعي وارث الميت مات وتركها ميراثا له. أما ها هنا لم يشترطا؛ لأن المدعي أثبت لمورثه يدا إلى المدعي بما أقام من البينة؛ لأن يد المستودع والمستعير، يد المودع والمعير، فصار كأنه أقام البينة بأن أباه مات والدار في يده، ولو كان كذلك كانت البينة مقبولة فكذا هذا. م:(وأصله) ش: أي أصل حكم الشهادة على الإرث م: (أنه) ش: أي الشأن م: (متى ثبت الملك للمورث لا يقضى به للوارث) ش: أي لا يحكم له بذلك الملك م: (حتى يشهد الشهود أنه) ش: أي أن المورث م: (مات وتركها) ش: أي ترك تركة م: (ميراثا له) ش: أي لهذا الوارث م: (عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، خلافا لأبي يوسف رحمه الله) ش: هذا الخلاف مبني على الأصل المذكور، وهو أن الشهادة بالميراث يحتاج إلى الجر والانتقال عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - ولا تحتاج إلى ذلك عند أبي يوسف رحمه الله هو يقول أي أبو يوسف يقول:
م: (هو يقول: إن ملك الوارث ملك المورث) ش: لكون الوراثة خلافه، ولهذا يرد بالعيب ويرد عليه به، وإذا كان كذلك م:(فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة به) ش: أي بالملك م: (للوارث) .
م: (وهما) ش: أي أبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (يقولان: إن ملك الوارث متجدد في
في حق العين حتى يجب عليه الاستبراء في الجارية الموروثة، ويحل الوارث الغني ما كان صدقة على المورث الفقير، فلا بد من النقل، إلا أنه يكتفى بالشهادة على قيام ملك المورث وقت الموت لثبوت الانتقال ضرورة، وكذا على قيام يده على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وقد وجدت الشهادة على اليد في مسألة الكتاب لأن يد المستعير والمودع والمستأجر قائمة مقام يده، فأغنى ذلك عن الجر والنقل. وإن شهدوا أنها كانت في يد فلان مات وهي في يديه جازت
ــ
[البناية]
حق العين حتى يجب عليه) ش: أي على الوارث م: (الاستبراء في الجارية الموروثة، ويحل الوارث الغني ما كان صدقه على المورث الفقير) ش: وإن كان المورث غنيا، فلما كان ملكه متجددا، فلا بد من إثبات الملك له ابتداء وهو معنى قوله م:(فلا بد من النقل) ش: بأن يقول الشهود: إنه مات وترك هذا الشيء ميراثا لهذا لئلا يكون استصحاب الحال مثبتا.
م: (إلا أنه يكتفي بالشهادة) ش: هذا استثناء من قوله: لا بد من النقل، يعني عندهما لا بد من الجر والنقل إلا أن الشهادة يكتفى بها م:(على قيام ملك المورث وقت الموت لثبوت الانتقال ضرورة، وكذا على قيام يده) ش: أي يكتفى بالشهادة على قيام يده عند الموت؛ لأن اليد حينئذ تصير يد ملك بالضمان.
لأن الظاهر من حال من حضره الموت أن يسوي أسبابه ويعطي ما كان عنده من الودائع والغصوب، فإذا لم يبين فالظاهر أن ما في يده ملكه والأمانات تصير مضمونة بالتحصيل بأن مات ولم يبين أنها وديعة فلان؛ لأنه حينئذ ترك الحفظ وهو متعة يجب الضمان به. وإذا ثبت هذا لمن قام بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي في يده، فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له بالاتفاق.
أما عند أبي حنيفة رحمه الله: فلأنه لا يوجب الجر في الشهادة. وأما عندهما فلأن قيام اليد عند الموت يغني عن الجر م: (على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: هذا إشارة إلى ما نذكره عن قريب بقوله: لأن الأيدي عند الموت تنقلب يد ملك.
م: (وقد وجد الشهادة على اليد في مسألة الكتاب) ش: أي هذا الكتاب وهي المسألة التي ذكرها عقيب الفصل بقوله: ومن أقام بينة على دار بها كانت لأبيه..... إلى آخرها، والحاصل: أنه أشار بهذا إلى أن هذه المسألة متفق عليها، وأشار إلى بيان وجهها بقوله م:(لأن يد المستعير والمودع) ش: بفتح الدال م: (والمستأجر) ش: بكسر الجيم ويد المستأجر م: (قائمة مقام يده) ش: أي يدأب المدعي الذي أقام بينة أنها كانت لأبيه م: (فأغنى ذلك) ش: إلى قيام يده عند الموت م: (عن الجر والنقل) .
م: (وإن شهدوا أنها) ش: أي أن هذه الدار م: (كانت في يد فلان مات وهي في يديه، جازت
الشهادة؛ لأن الأيدي عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان والأمانة تصير مضمونة بالتجهيل، فصار بمنزلة الشهادة على قيام ملكه وقت الموت. وإن قالوا لرجل حي نشهد أنها كانت في يد المدعي منذ أشهر لم تقبل. وعن أبي يوسف رحمه الله أنها تقبل؛ لأن اليد مقصودة كالملك، ولو شهدوا أنها كانت ملكه تقبل، فكذا هذا، فصار كما إذا شهدوا بالأخذ من المدعي. وجه الظاهر وهو قولهما أن الشهادة قامت بمجهول؛ لأن اليد منقضية
ــ
[البناية]
الشهادة) ش: قال الأترازي رحمه الله: قوله " وإن شهدوا أنها كانت في يد فلان " أي يد أبيه، وصرح صدر الشهيد رحمه الله في " شرح الجامع الصغير " حيث قال: وإن شهدوا أنها كانت في يد أبيه مات وهي في يده جازت الشهادة؛ م: (لأن الأيدي عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان) ش: لأنهم لما شهدوا له باليد وقت الموت فلا يخلو إما أن يكون يد ملك أو يد أمانة فإن كانت يد ملك فلا شك، وإن كانت يد غصب تصير يد ملك بالضمان، وإن كانت أمانة تصير يد غصب بالتجهيل وهو معنى قوله م:(والأمانة تصير مضمونة بالتجهيل) ش: فيصير يد ملك م: (فصار) ش: أي قول الشاهد بأنها كانت في يده وقت الموت م: (بمنزلة الشهادة على قيام ملكه وقت الموت) ش: فيثبت النقل إلى الورثة بالضرورة. وروي عن الحسن: أنها لا تقبل؛ لأنهم شهدوا بيد منقضية، والأصح أنها تقبل لما مر.
م: (وإن قالوا لرجل حي:) ش: ذكر هذه المسألة استطرادا، إذ هي ليست من باب الميراث، أي وإن قال الشهود لرجل حي، يعني إذا كانت الدار في يد رجل حي، فادعاها رجل آخر، وليست الدار في يده، فقالوا: إنها له فشهدوا أنها له وقيد بقوله " حي "؛ لأنهم لو شهدوا للميت بأنها كانت في يده وقت الموت تقبل بالإجماع، وقيد بقوله: م: (نشهد أنها كانت في يد المدعي) ش: لأنهم لو شهدوا أنها كانت له تقبل بالإجماع، كذا في " قاضي خان رحمه الله "، وقوله م:(منذ أشهر) ش: وجوده كعدمه؛ لأن الخلاف ثابت فيما لم يذكره م: (لم تقبل) ش: أي هذه الشهادة.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنها تقبل؛ لأن اليد مقصودة كالملك) ش: إذا ثبت يبقى إلى أن يوجد المزيد فكذا في اليد م: (ولو شهدوا أنها كانت ملكه تقبل، فكذا هذا فصار) ش: هذا م: (كما إذا شهدوا بالأخذ من المدعي) ش: يعني لو شهدوا أنها كانت في المدعي، وأخذها المدعى عليه الذي هو صاحب اليد يقبل الشهادة وترد الدار إلى المدعي، وكذا إذا اقر المدعى عليه بأنها كانت في يد المدعي ترد على ما ذكر في الكتاب.
م: (وجه الظاهر وهو قولهما) ش: أي قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (أن الشهادة قامت بمجهول؛ لأن اليد منقضية) ش: أي زائلة، يعني يد المدعي زائلة في الحال، وليست بقائمة
وهي متنوعة إلى ملك وأمانة وضمان، فتعذر القضاء بإعادة المجهول؛ بخلاف الملك لأنه معلوم غير مختلف، وبخلاف الأخذ؛ لأنه معلوم وحكمه معلوم وهو وجوب الرد ولأن يد ذي اليد معاين ويد المدعي مشهود به، وليس الخبر كالمعاينة وإن أقر بذلك المدعى عليه دفعت إلى المدعي؛ لأن الجهالة في المقربة لا تمنع صحة الإقرار. وإن شهد شاهدان أنه أقر أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه؛ لأن المشهود به هاهنا الإقرار وهو معلوم.
ــ
[البناية]
حتى تحمل على الملك باعتبار الظاهر م: (وهي) ش: أي اليد م: (متنوعة إلى ملك وأمانة وضمان) ش: فإذا كان كذلك كانت مجهولة.
م: (فتعذر القضاء بإعادة المجهول) ش: تعذر الحكم بإعادتها مع قيام الجهالة م: (بخلاف الملك لأنه معلوم غير مختلف، وبخلاف الأخذ؛ لأنه معلوم وحكمه معلوم وهو وجوب الرد) ش: كيف ما كان.
قال عليه السلام: «على اليد ما أخذت حتى ترد» م: (ولأن يد ذي اليد معاين، ويد المدعي مشهود به) ش: والشهادة خبر.
م: (وليس الخبر كالمعاينة) ش: لاحتمال زوال اليد بعد ما كانت والمعاين راجح؛ لأن المعاينة توجب العلم والشهادة عليه الظن، فما كان موجبا للعلم أولى، قال: ليس في كثير من النسخ لفظ قال م: (وإن أقر بذلك المدعى عليه) ش: أي أقر بأن الدار في يد المدعي م: (دفعت إلى المدعي؛ لأن الجهالة في المقر به لا تمنع صحة الإقرار) ش: بل يجب عليه بيانه كما لو أقر لفلان بشيء يجب عليه بيانه.
م: (وإن شهد شاهدان أنه أقر) ش: أي المدعى عليه أقر م: (أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه؛ لأن المشهود به ها هنا الإقرار وهو معلوم) ش: أي المشهود به وهو الإقرار معلوم، والمجهول هو المقر به والجهالة فيه ليست بمانعة لصحة الإقرار.