الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التحكيم
وإذا حكم رجلان رجلا فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز؛ لأن لهما ولاية على أنفسهما فصح تحكيمهما، وينفذ حكمه عليهما، وهذا إذا كان المحكم بصفة الحاكم؛ لأنه بمنزلة القاضي فيما بينهما
ــ
[البناية]
[باب التحكيم]
[تعريف التجكيم ومشروعيته]
م: (باب التحكيم)
ش: أي هذا باب في بيان التحكيم، وهو مصدر من حكم بالتشديد، يقال: حكمه، أي فوض إليه الحكم، وهو أيضا من أنواع القضاء، إلا أنه أخر ذكره؛ لأن حكمه أدنى حالا من حكم القاضي، وهذا إذا خالف حكمه مذهب القاضي الذي ينمي إليه أبطله، ولهذا لا يجوز حكمه في الحدود والقصاص، بخلاف حكم القاضي.
ويجوز حكم القاضي رضي الخصم بذلك أم لا، ولا يجوز حكم المحكم إلا برضى الخصمين، وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى:{فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35](النساء الآية 35)، فلما جاز التحكيم بين الزوجين دل على جوازه في سائر الخصومات. وأما السنة ما «روى أبو شريح رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي عني الفريقان، فقال عليه السلام: " ما أحسن هذا» ، رواه النسائي رحمه الله وأما الإجماع فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا مجمعين على جواز التحكيم.
م: (وإذا حكم رجلان رجلا فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز؛ لأن لهما ولاية على أنفسهما فصح تحكيمهما، وينفذ حكمه عليهما) ش: ولا ينفذ على غيرهما حتى لو ظفر المشتري بعيب، فحكم هو والبائع رجلا فرده على البائع بحكمه لم يكن للبائع أن يرده على بائعه ولو اصطلح البائع الأول والثاني. والمشتري جميعا على حكمه يرده على البائع الأول استحسانا، والوكيل بالبيع إذا ظفر المشتري بعيب فاصطلحا على حكم فرده بعيب لا يحدث مثله، جاز على الأمر في رواية.
وفي رواية: جاز عليه دون الأمر، وإن كان عيب محدث مثله يلزم البائع إلا إذا حكماه برضا الأمر كذا في " المحيط " م:(وهذا) ش: أي وهذا الذي ذكرناه إنما يصح م: (إذا كان المحكم) ش: بتشديد الكاف المفتوحة م: (بصفة الحاكم) ش: المولى م: (لأنه) ش: أي لأن الحكم م: (بمنزلة القاضي فيما بينهما) ش: أي فيما بين المحكمين.
واعترض بأنه لو كان كذلك، لما وقع التفرقة بينهما في حق التعليق وبالإضافة إلى المستقبل
فيشترط أهلية القضاء، ولا يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي لانعدام أهلية القضاء اعتبارا بأهلية الشهادة، والفاسق إذا حكم يجب أن يجوز عندنا كما مر في المولى، ولكل واحد من المحكمين أن يرجع ما لم يحكم عليهما؛ لأنه مقلد من جهتهما فلا يحكم إلا برضاهما جميعا.
ــ
[البناية]
على قول أبي يوسف رحمه الله لكنها وقعت، فإنهما جائزان في القضاء دون التحكيم عنده، وأجيب بأن التحكيم صلح معنى حيث لا يثبت إلا بتراضي الخصمين.
والمقصود به قطع المنازعة، والصلح لا يعلق ولا يضاف بخلاف القضاء، والإمارة؛ لأنه تعريض م:(فيشترط أهلية القضاء) ش: هذا نتيجة قوله: لأنه بمنزلة القاضي، فلذلك ذكره بالفاء أي يشترط أهلية القضاء ووقت التحكيم ووقت الحكم، حتى لو حكما عبدا ثم أعتق أو صبيا ثم بلغ، أو ذميا فأسلم، وحكم لا ينفذ حكمه كما في المولى، وكذا لو كان مسلما وقت التحكيم، ثم ارتد وكذا على القلب في الكل لا ينفذ حكمه، كذا في " المغني " و " المحيط ".
م: (ولا يجوز تحكيم الكافر والعبد والذمي والمحدود في القذف والفاسق والصبي) ش: هذا لفظ القدوري رحمه الله في "مختصره"، وهذا كله من إضافة المصدر إلى المفعول، لأنه لو جعل من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل، ينقلب حكم المسألة، فإن ذلك جائز، وفي " المغني " يجوز تحكيم المكاتب، والعبد المأذون كالحر، وتحكيم الذمي لا يجوز بين المسلمين، أما لو كان حكما فيما بين الذميين يجوز؛ لأنه من أهل الشهادة بين أهل الذمة دون المسلمين، م:(لانعدام أهلية القضاء) ش: أي في المذكورين م: (اعتبارا بأهلية الشهادة) ش: أي لأجل الاعتبار بأهلية الشهادة، فإنهم غير أهل الشهادة والقضاء مبني عليها.
م: (والفاسق) ش: مبتدأ م: (إذا حكم) ش: على صيغة المجهول بتشديد الكاف م: (يجب أن يجوز) ش: خبر المبتدأ م: (عندنا) ش: خلافا للشافعي رحمه الله م: (كما مر في المولى) ش: أي وفي القاضي الفاسق المولى في أول كتاب " أدب القاضي "، يعني إذا حكم الفاسق ينبغي أن يجوز قياسا على الفاسق إذا ولي القضاء، ولكن لا ينبغي أن يتولى الفاسق القضاء، وكذا لا يحكم الفاسق.
وقد مر الكلام فيه مستوفى هناك م: (ولكل واحد من المحكمين) ش: بتشديد الكاف المكسورة وفتح الميم م: (أن يرجع ما لم يحكم) ش: أي المحكم م: (عليهما) ش: أي على المحكمين م: (لأنه) ش: أي لأن المحكم م: (مقلد) ش: بفتح اللام المشددة م: (من جهتهما) ش: أي من جهة المحكمين م: (فلا يحكم إلا برضاهما جميعا) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في قول، ومالك رحمه الله في رواية، وأحمد رحمه الله في وجه.