الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن حبسه فهلك كان مضمونا ضمان الرهن عند أبي يوسف رحمه الله، وضمان البيع عند محمد وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، وضمان الغصب عند زفر رحمه الله لأنه منع بغير حق. لهما أنه بمنزلة البائع منه، فكان حبسه لاستيفاء الثمن فيسقط بهلاكه. ولأبي يوسف رحمه الله: وأنه مضمون بالحبس للاستيفاء بعد أن لم يكن وهو الرهن بعينه، بخلاف المبيع؛ لأن البيع ينفسخ بهلاكه، وهاهنا لا ينفسخ أصل العقد.
ــ
[البناية]
قابضاً حكماً فلا يسقط حقه للضرورة.
[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]
م: (فإن حبسه) ش: أي فإن حبس الوكيل المبيع م: (فهلك كان مضموناً ضمان الرهن عند أبي يوسف رحمه الله) ش: حتى لو كان فيه وفاء بالثمن يسقط وإلا رجع بالفضل على الموكل م: (وضمان البيع عند محمد) ش: قلت قيمته أو كثرت، م:(وهو قول أبي حنيفة رحمه الله) ش:، أي قول محمد رحمه الله وهو قول أبي حنيفة رحمه الله م:(وضمان الغصب عند زفر رحمه الله لأنه منع بغير حق) ش:، وبه قالت الأئمة الثلاثة.
وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا كان الثمن خمسة عشر مثلاً وقيمة المبيع عشرة، فعند أبي يوسف رحمه الله: يرجع الوكيل على الموكل بالفضل وهو الخمسة فتظهر فائدة ضمان الغصب، في عكس هذا وهو أن يكون قيمة المبيع خمسة عشر والثمن عشرة، يرجع الموكل على الوكيل بخمسة، فعند زفر رحمه الله: يرجع الموكل على الوكيل بمثله إن كان مثلياً، وبقيمته بالغة ما بلغت.
وعلى قول محمد رحمه الله: لا يتفاوت الحال بين أن يكون الثمن كثيراً أو قليلاً؛ لأنه يسقط بهلاك المبيع، فلا يجب شيء أصلاً.
م: (لهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (أنه) ش: أي أن الوكيل م: (بمنزلة البائع منه) ش: أي من الوكيل، م:(فكان حبسه لاستيفاء الثمن فيسقط) ش: أي الثمن م: (بهلاكه) ش: أي بهلاك المبيع.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله: أنه مضمون بالحبس للاستيفاء بعد أن لم يكن) ش: لأنه لم يكن مضموناً قبل الحبس وصار مضموناً بعد الحبس، م:(وهو الرهن بعينه) ش: يعني بمعنى الرهن لا بمعنى المبيع، فإن المبيع مضمون قبل الحبس بنفس العقد، م:(بخلاف المبيع) ش: فإنه ليس كذلك م: (لأن البيع ينفسخ بهلاكه) ش: أي بهلاك المبيع م: (وها هنا لا ينفسخ أصل العقد) ش: بل يبقى بين الوكيل وبائعه، فلا يكون نظير المبيع، فأجاب المصنف رحمه الله عنه بقوله:
قلنا: ينفسخ في حق الموكل والوكيل، كما إذا رده الموكل بعيب ورضي الوكيل به.
وقال: وإذا وكله شراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين رطلا بدرهم من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم، لزم الموكل منه عشرة أرطال بنصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يلزمه العشرون بدرهم وذكر في بعض النسخ قول محمد رحمه الله مع قول أبي حنيفة، ومحمد لم يذكر الخلاف في الأصل. لأبي يوسف رحمه الله: أنه أمر بصرف الدرهم في اللحم وظن أن سعره عشرة أرطال، فإذا اشترى به عشرين فقد زاده خيرا وصار كما إذا وكله ببيع عبده بألف، فباعه بألفين.
ــ
[البناية]
م: (قلنا ينفسخ في حق الموكل والوكيل، كما إذا رده الموكل بعيب ورضي الوكيل به) ش: فإنه يلزم الوكيل وينفسخ العقد فيما بين الموكل والوكيل؛ وقال الأترازي رحمه الله: هذه مغالطة على أبي يوسف رحمه الله؛ لأنه يفرق بين هلاك المبيع قبل القبض في يد البائع وبين هلاكه في يد الوكيل بالشراء بعد حبسه عن الموكل لاستيفاء الثمن، ففي الأول: ينفسخ البيع وفي الثاني: لا؛ وانفساخ البيع بين الوكيل والموكل بالرد بالعيب لا يدل على انفساخه إذا هلك في يد الوكيل فخرج الجواب عن موضع النزاع انتهى.
وقال الأكمل رحمه الله: قيل وهذه مغالطة على أبي يوسف رحمه الله
…
إلى آخر ما ذكره الأترازي رحمه الله ثم قال وإنه كما ترى فاسد؛ لأنه إذا فرض أن الوكيل بائع كان الهلاك في يده كالهلاك في يد بائع ليس بوكيل، فاستويا في وجود الفسخ وبطل الفرق، بل إذا تأملت وجدت ما ذكر عن جانب أبي يوسف رحمه الله غلطاً أو مغالطة، وذلك لأن البائع من الوكيل بمنزلة بائع البائع، وإذا انفسخ العقد بين المشتري وبائعه لا يلزم منه الفسخ بين البائع وبائعه، فكان ذكره أحدهما يعني غلطاً أو مغالطة.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإذا وكله شراء عشرة أرطال لحم بدرهم، فاشترى عشرين رطلاً بدرهم من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم) ش: أي إذا كانت عشرة أرطال من ذلك اللحم يساوي قيمته درهماً قيد به؛ لأنه إذا كانت عشرة أرطال منهما تساوي درهماً نفذ الكل على الوكيل بالإجماع، ذكره في " الذخيرة "، م:(لزم الموكل منه عشرة أرطال بنصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يلزمه العشرون بدرهم) ش: إلى هنا لفظ القدوري رحمه الله وقال المصنف رحمه الله: م: (وذكر في بعض النسخ) ش: أي في بعض نسخ " مختصر القدوري " رحمه الله م: (قول محمد رحمه الله مع قول أبي حنيفة ومحمد لم يذكر الخلاف في " الأصل ") ش: أي في " المبسوط " م: (لأبي يوسف رحمه الله أنه أمره) ش: أي أن الموكل أمر الوكيل م: (بصرف الدراهم في اللحم، وظن أن سعره عشرة أرطال، فإذا اشترى به عشرين فقد زاده خيراً، وصار كما إذا وكله ببيع عبده بألف، فباعه بألفين) ش: جاز هذا فكذا ذاك.
ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه أمره بشراء عشرة ولم يأمره بشراء الزيادة فينفذ شراؤها عليه، وشراء العشرة على الموكل. بخلاف ما استشهد به؛ لأن الزيادة هناك بدل ملك الموكل فتكون له بخلاف ما إذا اشترى ما يساوي عشرين رطلا بدرهم حيث
ــ
[البناية]
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه أمره) ش: أي أن الموكل أمر الوكيل م: (بشراء عشرة ولم يأمره بشراء الزيادة فينفذ شراؤها عليه) ش: أي شراء الزيادة على الوكيل م: (وشراء العشرة على الموكل) ش: أي وينفذ شراء العشرة التي أمر الوكيل بها على الموكل؛ لأنه خالفه فيما أمره به.
فإن قيل: يجب أن لا يلزم الآمر شيء من ذلك؛ لأن العشرة تثبت ضمناً للعشرين لا قصداً وقد وكله بشراء عشرة قصداً، ومثل هذا لا يجوز على قول أبي حنيفة رحمه الله، كما إذا قال الرجل: طلق امرأتي واحدة فطلقها ثلاثاً: لا يقع واحدة لثبوتها في ضمن الثلاث، والمتضمن لم يثبت لعدم التوكيل، فلا يثبت ما في ضمنه أيضاً تبعاً له.
فأجاب عنه حميد الدين رحمه الله: بأن في مسألة الطلاق وقوع الواحدة ضمني، وها هو كذلك لا يقع إلا في ضمن ما تضمنه، وما تضمنه لم يصح لعدم الأمر به. فكذا ما في ضمنه.
وأما فيما نحن فيه، فكل قصدي لأن أجزاء الثمن تتوزع على أجزاء المبيع، فلا يتحقق التضمن في الشراء، فإن قيل يشكل بأن إذا أمره أن يشتري له ثوباً هروياً فاشترى له هرويين بعشرة، كل واحد يساوي عشرة لا ينفذ بيع واحد منهما على الموكل عند أبي حنيفة رحمه الله ذكره في " الذخيرة " ناقلاً عن " المنتقى ".
وأجاب صاحب " النهاية " رحمه الله: من هذا يجعل اللحم من ذوات الأمثال ولا تفاوت في قيمتها إذا كانت من جنس واحد وصفة واحدة وكلامنا فيه، وحينئذ كان للوكيل أن يجعل للموكل أي عشرة شاء بخلاف الثوب، فإنه من ذوات القيم والثوبان وإن تساويا في القيمة لكن يعرف ذلك بالحزر والظن وذلك لا يعين حق الموكل، فثبت مجهولاً، فلا ينفذ عليه، انتهى.
قلت: هذا لا شيء إلا على قول من جعل اللحم من ذوات الأمثال وهو مختار صاحب " المحيط " رحمه الله.
م: (بخلاف ما استشهد به) ش: جاوب عن تمثيل أبي يوسف رحمه الله المتنازع فيه بتوكيل بيع العبد بألف وبيعه بألفين، م:(لأن الزيادة هناك بدل ملك الموكل فتكون له) ش: أي لأن الزيادة عوض ملك الأمر فلا يجوز أن يستحقه الوكيل إلا بإذن الموكل ولا بغير إذنه. ولهذا لو قال: بع ثوبي هذا على أن ثمنه لك لا يجوز؛ م: (بخلاف ما إذا اشترى ما يساوي عشرين رطلاً بدرهم حيث
يصير مشترياً لنفسه بالإجماع؛ لأن الأمر يتناول السمين وهذا مهزول فلم يحصل مقصود الأمر.
قال: ولو وكله بشراء شيء بعينه، فليس له أن يشتريه لنفسه؛ لأنه يؤدي إلى تغرير الأمر حيث اعتمد عليه، ولأن فيه عزل نفسه فلا يملكه على ما قيل إلا بمحضر من الموكل. فلو كان الثمن مسمى فاشترى بخلاف جنسه، أو لم يكن مسمى فاشترى بغير النقود، أو وكل وكيلا بشرائه فاشترى الثاني وهو غائب يثبت الملك للوكيل الأول في هذه الوجوه لأنه خالف أمر الآمر فينفذ عليه. ولو اشترى الثاني بحضرة الوكيل الأول نفذ على الموكل الأول؛
ــ
[البناية]
يصير مشترياً لنفسه بالإجماع) ش: لوجود المخالفة م: (لأن الأمر يتناول السمين) ش: أي اللحم السمين م: (وهذا) ش: أي وهذا الذي اشتراه م: (مهزول فلم يحصل مقصود الأمر) ش: فلا يكون له
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ولو وكله بشراء شيء بعينه، فليس له أن يشتريه لنفسه؛ لأنه يؤدي إلى تغرير الأمر حيث اعتمد عليه) ش: وذلك لا يجوز م: (ولأن فيه) ش: أي في شرائه لنفسه م: (عزل نفسه) ش: عن الوكالة م: (فلا يملكه) ش: لأن عزله يكون بالخلاف لا بالوفاق م: (إلا بمحضر من الموكل) ش: أي إلا بحضور من وكله فلا يغيبه.
قال في " التتمة ": هذا إذا كان الموكل غائباً، فإن كان حاضراً وصرح الوكيل بالشراء لنفسه يصير مشترياً لنفسه؛ لأنه خالف أمر الآمر، فنفذ الشراء على نفسه بخلاف الوكيل بنكاح امرأة بعينها تزوجها لنفسه بنفسه يصح، والفرق بينهما أن النكاح الذي أتي به الوكيل غير داخل تحت الأمر، إذ الآمر أمره بنكاح مضاف إليه، وقد أتى بنكاح مضاف إلى نفسه، فإن الوكيل بالنكاح يضيفه إلى الموكل، وفي الشراء مأمور بالشراء مطلقاً لا مضافاً إلى الأمر، فقد أتى بما دخل تحت الوكالة فيقع لموكله.
م: (فلو كان الثمن مسمى) ش: إلى الآخر ثلاثة أوجه، ذكر المصنف تفريعاً على مسألة القدوري، الأولى هو قوله فلو كان الثمن مسمى يعني وكله بالشراء بثمن مسمى م:(فاشترى بخلاف جنسه) ش: أي بخلاف جنس المسمى، بأن سمى دراهم فاشترى بخلاف جنسه بدنانير، الوجه الثاني: هو قوله م: (أو لم يكن مسمى فاشترى بغير النقود) ش: وهو المكيلات والموزونات، الوجه الثالث: هو قوله م: (أو وكل) ش: أي الوكيل وكل م: (وكيلاً بشرائه فاشترى الثاني) ش: أي فاشترى الوكيل الثاني م: (وهو) ش: وكيل الوكيل م: (غائب) ش: أي والحال أن الوكيل الأول غائب م: (يثبت الملك للوكيل الأول) ش: أي لموكل الوكيل الثاني م: (في هذه الوجوه) ش: الثلاثة المذكورة م: (لأنه خالف أمر الآمر فينفذ عليه) ش: أي لأن الوكيل الذي وكل خالف أمر الوكيل الذي وكله بشراء شيء بثمن مسمى.. إلى آخره م: (ولو اشترى الثاني) ش: أي الوكيل الثاني.
م: (بحضرة الوكيل الأول) ش: يثبت الملك للوكيل الأول، وفي بعض النسخ: ولو اشترى