المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشهادة في الحدود - البناية شرح الهداية - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أدب القاضي

- ‌[شروط تولى القضاء]

- ‌[حكم طلب تولى القضاء]

- ‌[وظائف القاضي]

- ‌[قبول الهدية للقاضي]

- ‌[تسوية القاضي بين الخصمين]

- ‌فصل في الحبس

- ‌ الحبس جزاء المماطلة

- ‌[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌[حكم كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[فصل قضاء المرأة]

- ‌[استخلاف القاضي]

- ‌[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]

- ‌[حكم الباطن فيما قضى به القاضي في الظاهر]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[إقراض القاضي من مال اليتامى]

- ‌باب التحكيم

- ‌[تعريف التجكيم ومشروعيته]

- ‌ التحكيم في الحدود والقصاص

- ‌حكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده

- ‌[مسائل شتى في كتاب القضاء]

- ‌[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]

- ‌ ادعى في دار دعوى، وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها

- ‌ قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر

- ‌[أقر الطالب أنه قبض ماله على فلان مائة ثم قال وجدتها زيوفا]

- ‌[قال اقتضيت من فلان كذا درهما ثم ادعى أنها نبهرجة]

- ‌[قال لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك]

- ‌ ادعى على آخر أنه باعه جاريته، فقال: لم أبعها منك قط، فأقام المشتري البينة

- ‌فصل في القضاء بالمواريث

- ‌[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]

- ‌[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]

- ‌ قال مالي في المساكين صدقة

- ‌[أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة]

- ‌ قال القاضي: قد قضيت على هذا بالرجم، فارجمه

- ‌[قول القاضي بانفراده قبل العزل وبعده]

- ‌كتاب الشهادة

- ‌[حكم الشهادة إذا طلبها المدعي]

- ‌الشهادة في الحدود

- ‌[مراتب الشهادة]

- ‌ شهادة النساء مع الرجال

- ‌[اشتراط العدالة في الشهادة]

- ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

- ‌[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]

- ‌[الشهادة بالتسامع على الموت]

- ‌ شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته

- ‌[أداء الشهادة بالتسامع]

- ‌[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]

- ‌ شهادة الأعمى

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته]

- ‌[شهادة المملوك]

- ‌[شهادة المحدود في القذف]

- ‌ شهادة الوالد لولده

- ‌[شهادة الأجير لأستاذه]

- ‌ شهادة أحد الزوجين للآخر

- ‌ شهادة المولى لعبده

- ‌[شهادة المخنث]

- ‌[شهادة مدمن الشرب]

- ‌[شهادة من يلعب بالطيور]

- ‌[شهادة من يأتي بابا من الكبائر]

- ‌[شهادة من يدخل الحمام بغير إزار]

- ‌[شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

- ‌ شهادة من يظهر سب السلف

- ‌ شهادة أهل الأهواء

- ‌ شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض

- ‌ شهادة الحربي على الذمي

- ‌[شهادة من ترك الصلاة في الجماعة استخفافا ا]

- ‌ شهادة الأقلف

- ‌[شهادة منزوع الخصيتين]

- ‌[شهادة ولد الزنا]

- ‌شهادة العمال

- ‌[شهادة الوصيين إذا أقرا أن معهما ثالثا]

- ‌ الشهادة على جرح مجرد

- ‌ أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود

- ‌[شهادة من ذكر الجانب الشرقي مكان الجانب الغربي أو على العكس]

- ‌باب الاختلاف في الشهادة

- ‌[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]

- ‌[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]

- ‌[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]

- ‌[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]

- ‌[اختلاف الشهود في النكاح]

- ‌فصل في الشهادة على الإرث

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شاهدين على شهادة شاهدين

- ‌[صفة الإشهاد في الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شهود الفرع

- ‌[قال أشهدني فلان على نفسه في شهادة الأصول على الفروع]

- ‌ شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر

- ‌[شهادة الزور]

- ‌كتاب الرجوع عن الشهادة

- ‌ رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها

- ‌[كيفية الرجوع عن الشهادة]

- ‌ شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا

- ‌ شهد رجل وامرأتان، فرجعت امرأة

- ‌[شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا]

- ‌ شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها، ثم رجعا

- ‌ شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا

- ‌ شهدوا بقصاص، ثم رجعوا بعد القتل

- ‌[رجوع شهود الفرع عن شهادتهم في مجلس القاضي بعد القضاء بشهادتهم]

- ‌[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]

- ‌كتاب الوكالة

- ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

- ‌ الوكالة بالخصومة

- ‌ الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود

- ‌[أوكل الحرالعاقل البالغ أو المأذون مثلهما]

- ‌[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]

- ‌ طالب الموكل المشتري بالثمن

- ‌باب الوكالة بالبيع والشراء

- ‌فصل في الشراء

- ‌[وكل رجلاً بشراء شيء هل يلزم تسمية الجنس والصفة]

- ‌[الجهالة اليسيرة في الوكالة بالبيع والشراء]

- ‌[قال لآخر اشتر لي دابة أو ثوبا أو دارا]

- ‌[دفع إلى آخر دراهم وقال اشتري لي حنطة]

- ‌ اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب

- ‌ التوكيل بعقد الصرف والسلم

- ‌[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]

- ‌ وكله بشراء عبد بغير عينه، فاشترى عبدا

- ‌[أمر رجلان أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم لهما ثمنا فاشترى أحدهما]

- ‌ له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه

- ‌ تمليك الدين من غير من عليه الدين

- ‌فصل في التوكيل بشراء نفس العبد

- ‌فصل في البيع

- ‌الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض

- ‌الذي لا يتغابن الناس فيه

- ‌ وكله ببيع عبد له فباع نصفه

- ‌ أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه

- ‌[فصل في بيان وكالة الاثنين]

- ‌[يوكلهما بطلاق زوجته بغير مال]

- ‌ يوكل فيما وكل به

- ‌[عقد الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول]

- ‌[زوج العبد أو المكاتب أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة]

- ‌باب الوكالة بالخصومة والقبض

- ‌ الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض

- ‌ أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي

- ‌ كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم

- ‌ ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم

- ‌ وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري

- ‌باب عزل الوكيل

- ‌[حكم عزل الوكيل]

- ‌[مبطلات الوكالة]

- ‌[تصرف بنفسه فيما وكل به الوكيل]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

- ‌[إقرار المدعى عليه بصحة الدعوى وما يترتب عليه]

- ‌باب اليمين

- ‌ قال المدعي: لي بينة حاضرة وطلب اليمين

- ‌ بينة صاحب اليد في الملك المطلق

- ‌ نكل المدعى عليه عن اليمين

- ‌[ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة وبالعكس]

- ‌ ادعى قصاصا على غيره فجحده

- ‌فصل في كيفية اليمين والاستحلاف

- ‌[استحلاف اليهودي والنصراني]

- ‌[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]

- ‌باب التحالف

- ‌[صفة اليمين في التحالف]

- ‌[اختلفا البائع والمشتري في الثمن]

- ‌ اختلف الزوجان في المهر

- ‌[اختلف المتآجران في الإجارة]

- ‌[اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح بينهما قائم]

- ‌فصل فيمن لا يكون خصما

- ‌باب ما يدعيه الرجلان

- ‌ ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة، وأقاما بينة

- ‌ ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد

- ‌[ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما]

- ‌ ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة

- ‌[ادعى كل منهما أنه اشترى هذه العين من واحد]

- ‌[أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا]

- ‌ أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج

- ‌[أقاما الخارج وصاحب اليد البينة على نسج ثوب فيما لا يتكرر نسجه كغزل القطن]

- ‌ أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه

- ‌[أقام الخارج وصاحب اليد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما]

- ‌[أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة]

- ‌[دارا في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة]

- ‌[ادعى أحدهما نصفها والآخر كلها]

- ‌[تنازعا في دابة والدابة في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده]

- ‌(فصل في التنازع بالأيدي)

- ‌ كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر

- ‌[ادعيا عبدا وهو في أيديهما]

- ‌[قال أنا عبد لفلان]

- ‌[كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادي وتنازعا فيه]

- ‌[دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت وتنازعا]

- ‌(باب دعوى النسب)

- ‌ باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع

- ‌ باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول

- ‌ ادعى نسب أحد التوأمين

- ‌ الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب، ثم قال: هو ابني

- ‌ الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي

- ‌ ادعت امرأة صبيا أنه ابنها

- ‌ الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها، وزعمت أنه ابنها من غيره

- ‌[اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل]

- ‌(كتاب الإقرار)

- ‌ أقر الحر البالغ العاقل بحق

- ‌ إقرار الصبي والمجنون

- ‌ قال: لفلان علي مال

- ‌ قال: له علي أو قبلي

- ‌[الإقرار بكون الشيء في يده]

- ‌[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]

- ‌[قال له علي مائة ودرهم]

- ‌ أقر بتمر في قوصرة

- ‌ أقر بدابة في إصطبل

- ‌ أقر لغيره بخاتم

- ‌ قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب

- ‌ قال: له علي من درهم إلى عشرة

- ‌ قال: لحمل فلانة علي ألف درهم

- ‌[فصل في بيان مسائل الحمل]

- ‌[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]

- ‌ أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل

- ‌باب الاستثناء وما في معناه

- ‌[معنى الاستثناء]

- ‌ قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة

- ‌ أقر بحق، وقال: إن شاء الله متصلا بإقراره

- ‌ قال: بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان

- ‌[قال هذه الدار لفلان واستثنى بناءها لنفسه]

- ‌ قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه

- ‌[قال المقر له مع إنكار العبد المقر به ما بعتكه إنما بعتك غيره]

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير

- ‌ قال: أقرضني ألف درهم ثم قال: هي زيوف

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض

- ‌ قال: هي ستوقة أو رصاص بعدما أقر بالغصب والوديعة ووصل

- ‌ أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب

- ‌ قال: أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل قرضا

- ‌ قال: هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه، فقال فلان: هي لي

- ‌ قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان: الثوب ثوبي

- ‌ أقر أن فلانا زرع هذه الأرض

- ‌باب إقرار المريض

- ‌[حكم إقرار المريض]

- ‌[أقر المريض بعين في يده لآخر]

- ‌[أقر الرجل في مرضه بدين]

- ‌[أقرالمريض لوارثه]

- ‌ أقر لأجنبي ثم قال: هو ابني

- ‌ أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه

- ‌ إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى

- ‌ أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم

- ‌ مات أبوه فأقر بأخ

- ‌ مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين

الفصل: ‌الشهادة في الحدود

وإنما يشترط طلب المدعي، لأنها حقه، فيتوقف على طلبه كسائر الحقوق،

و‌

‌الشهادة في الحدود

يخبر فيها الشاهد بين الستر والإظهار، لأنه بين حسبتين: إقامة الحد والتوقي عن الهتك،

ــ

[البناية]

وقال الزمخشري رحمه الله كتمان الشهادة هو أن يضمرها، ولا يتكلم بها، فلما كان آثما مقترفا بالقلب أسند إليه؛ لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغ.

م: (وإنما يشترط طلب المدعي؛ لأنها حقه، فيتوقف على طلبه كسائر الحقوق) ش: لأن الحق لما كان له لم يلزمهم الشهادة قبل طلبه، بل يتوقف على الطلب كما في سائر الحقوق، ونوقض بما إذا علم الشاهد الشهادة، ولم يعلم بها المدعي، ويعلم الشاهد أنه إن لم يشهد يضع حقه، فإنه يجب عليه الشهادة، ولا طلب ثمة. والجواب أنه ألحق بالمطلوب دلالة، فإن الموجب للأداء عند الطلب إحياء الحق وهو فيما ذكرتم موجود، فكان في معناه فألحق به لا يقال: قد مر آنفا أن طلب المدعي سببا لأداء الشهادة وهو خلاف ما ذكره المصنف رحمه الله بقوله، وإنما يشترط طلب المدعي فإنه يدل على أن طلبه شرط، وهو غير السبب؛ لأن معنى كلامه وإنما يشترط وجود سبب الأداء وهو طلب المدعي. فالطالب سبب وجوده شرط فلا يخالفه حينئذ.

فإن قلت: إنما جعله شرطا، وقَوْله تَعَالَى:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ} [البقرة: 282]، {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] سببا.

قلت: نعم؛ لأنه خطاب وضع يدل على سبب، وغيره كقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78](الإسراء: الآية 78) .

[الشهادة في الحدود]

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار لأنه) ش: أي لأن الشاهد م: (بين حسبتين) ش: بكسر الحاء تثنية حسبة، والحسبة ما ينتظر به الأجر في الآخرة، وفي "الصحاح" احتسب بهذا جزاء عند الله، والاسم الحسبة بالكسر، وبين الأجر والجمع الحسب، وفلان محتسب البلد ولا تقل محتسب م:(إقامة الحد) ش: حسبة لله تعالى، فيقام عليه الحد والحسبة الأخرى م:(والتوقي عن الهتك) ش: أي التحفظ عن هتك المسلم حسبة لله تعالى، فإن قيل: هذا الذي ذكره معارض لإطلاق قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283](البقرة: الآية 283) ، وتقييد المطلق بخبر الواحد لا يجوز.

الجواب: أن الآية محمولة على الشهادة في حقوق العباد، بدليل سياق الآية، وهي آية المداينة وبالإجماع والنص قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} [النور: 19] إلى قوله: {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19](النور: الآية 19) ، والمعنى أن الستر والكتمان إنما يحرم لخوف فوت حق المدعي المحتاج إلى إحياء حقه من الأموال وغيرها.

فأما الحدود فهي حقوق الله تعالى، والله عز وجل موصوف بالعطاء والكرم، وليس فيه

ص: 101

والستر أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام للذي شهد عنده: «لو سترته بثوبك لكان خيرا لك» .

ــ

[البناية]

خوف فوت حقه، فجاز له ذلك أن يختار الشاهد جانب الستر، وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله:

م: (والستر أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: (للذي شهد عنده: «لو سترته بثوبك لكان خيرا لك» ش: الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول لم يشهد عنده بشيء، ولكنه حمل ماعزا إلى أن اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا كما رواه أبو داود والنسائي عن سفيان عن زيد بن أسلم عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال رضي الله عنه، «أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه. وقال لهزال: "لو سترته بثوبك كان خيرا لك» . ثم أخرج أبو داود عن ابن المنكدر: «أن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره» انتهى بلفظ أبي داود. ورواه عبد الرزاق رحمه الله في "مصنفه" ولفظه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهزال: لو سترت بثوبك كان خيرا» .

قلت: لم أر أحدا من الشراح حرر هذا الموضع، حتى قال الأكمل رحمه الله أيضا: قوله صلى الله عليه وسلم: "الذي شهد عنده وهو رجل يقال له: هزال الأسلمي رحمه الله: لو سترته بثوبك"، وفي رواية:"بردائك لكان خيرا لك". انتهى.

وقد قلنا: إن الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول لم يشهد عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف يقول الأكمل رحمه الله شهد عنده رجل يقال له:" هزال الأسلمي رحمه الله" و" هزال " لم يشهد أصلا وإنما حمل ماعزا على أن يعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا، وقال صلى الله عليه وسلم لهزال:«لو سترت بثوبك كان خيرا» .

و" هزال " بفتح الهاء وتشديد الزاي وباللام أسلمي سكن المدينة، وقال المنذري: نعيم بن هزال رضي الله عنه، قيل: لا صحبة له وإنما الصحبة لأبيه هزال، وصاحب الذنب اسمه ماعز بن مالك الأسلمي، معدود في المدنيين، والمرأة التي وقع عليها اسمها فاطمة جارية هزال رضي الله عنه.

ص: 102

وقال عليه الصلاة والسلام: «من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة» ، وفيما نقل من تلقين الدرء عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم دلالة ظاهرة على أفضلية الستر

ــ

[البناية]

م: (وقال عليه الصلاة والسلام) ش: أي وقال النبي صلى الله عليه وسلم: م: «من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة» ش: هذا أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» م: (وفيما نقل من تلقين الدرء عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم دلالة ظاهرة على أفضلية الستر) .

ش: لم يتعرض أحد من الشراح على حل هذا التركيب، "قبوله دلالة" مبتدأ وخبره مقدما"، هو قوله: "وفيما نقل من التلقين" إلى آخر قوله: "للدرء" أي لدفع الحد.

أما الذي نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من تلقينه للدرء عن حد الزنا، فما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث ماعز، قال له صلى الله عليه وسلم:«لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟. قال: لا، قال: أفنكتها؟، قال نعم، قال: فعند ذلك أمر برجمه» .

والذي نقل عن الدرء عن حد السرقة ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى ذر عن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلص قد اعترف اعترافا، ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أخالك سرقت؟. قال: بلى، فأعادها عليه مرتين أو ثلاثا، فأمر به فقطع» .

وأما الذي نقل عن أصحابه صلى الله عليه وسلم من التلقين للدرء، فما رواه عبد الرزاق رحمه الله في "مصنفه "، أخبرنا معمر عن طاوس عن عكرمة بن خالد قال: " أتى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رجل، فسأله أسرقت؟ فقال: لا، فتركه. وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده بإسناده إلى أبي مطر قال: رأيت عليا رضي الله عنه أتي برجل قيل له: إنه سرق جملا، فقال

ص: 103