الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعيد، واللونان يتشابهان أو يجتمعان في واحد، فيكون السواد من جانب وهذا يبصره، والبياض من جانب آخر، وهذا الآخر يشاهده،
بخلاف الغصب؛ لأن التحمل فيه بالنهار على قرب منه، والذكورة والأنوثة لا يجتمعان في واحدة. وكذا الوقوف على ذلك بالقرب منه فلا يشتبه.
ــ
[البناية]
بعيد) ش: إذ أكثر السرقات تكون في الليالي، وتحمل الشهادة من بعيد م:(واللونان يتشابهان) ش: كالحمرة والصفرة م: (أو يجتمعان) ش: أي اللونان بين ذلك بقوله:
م: (في واحد فيكون السواد من جانب وهذا يبصره، والبياض من جانب آخر، وهذا) ش: أي الآخر م: (يشاهده) ش: وكل واحد يشهد بما رآه.
فإن قيل: لو كانت البقرة على هذه الصفة، يقال لها: أبلقاً لا سوداء ولا بيضاء.
قلت: نعم، كذلك لمح، ولكن في حق من يعرف اللونين. أما في حق من لا يعرف إلا أحدهما يكون عنده ذلك اللون، كذا في " المبسوط ". وإذا كان التوافق ممكناً وجب القبول، كما إذا اختلف شهود الزنا في سبب واحد، وقال الأكمل رحمه الله: وفيه بحث من وجهين: أحدهما: أن طلب التوفيق ها هنا لاحتيال أسباب الحد، وهو القطع، والحد يحتال لدونه لا لإثباته.
والثاني: أن التوفيق وإن كان ممكناً، ليس بمعتبر ما لم يصرح به فيما لم يثبت بالشبهات، فكيف يمكن اعتباره فيما يدربها.
والجواب عن الأول: أن ذلك إنما كان احتيالاً لإثباته، إذ لو كان في اختلاف ما كلفنا نقله، وهو من صلب الشهادة، كبيان قيمة المسروق ليعلم هل كان نصاباً تقطع به أو لا. وأما إذا كان في اختلاف ما لم يكلفنا نقله كلون ثياب السارق وأمثاله، فاعتبار التوفيق فيه ليس احتيالاً لإثبات الحد، لإمكان ثبوته به.
ألا ترى أنهما لو سكتا عن بيان لون البقرة ما كلفهما القاضي بذلك، فتبين أنه ليس من صلب الشهادة، ولم يكلفنا نقله إلى مجلس الحكم، بخلاف الذكورة والأنوثة، فإنهما يكلفان النقل بذلك؛ لأن القيمة تختلف باختلافهما، فكان اختلاف في صلب العقد. وعن الثاني بأنه جواب القياس؛ لأن القياس اعتبار مكان التوفيق، أو يقال التصريح بالتوفيق يعتبر فيما كان في صلب الشهادة وإمكانه فيما لم يكن فيه هذا.
[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]
م: (بخلاف الغصب) ش: هذا جواب عن مسألة الغصب وهو قوله م: (لأن التحمل فيه بالنهار على قرب منه) ش: أي لأن تحمل الشهادة في الغصب يكون بالنهار، إذ الغصب يكون فيه غالباً م:(والذكورة والأنوثة) ش: جواب عما استشهدا به من الاختلاف بهما فإنهما م: (لا يجتمعان في واحدة. وكذا الوقوف على ذلك بالقرب منه فلا يشتبه) ش: أي في حيوان عادة، ولأن الشاهدين
قال: ومن شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف، وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة، فالشهادة باطلة؛ لأن المقصود إثبات السبب وهو العقد، ويختلف باختلاف الثمن فاختلف المشهود به، ولم يتم العدد على كل واحد، ولأن المدعي يكذب أحد شاهديه. وكذلك إذا كان المدعي هو البائع، ولا فرق بين أن يدعي المدعي أقل المالين أو أكثرهما لما بينا. وكذلك الكتابة
ــ
[البناية]
يكلفان بيان الذكورة والأنوثة؛ لأن القيمة تختلف باختلافهما، فكان اختلافهما فيهما في نفس الشهادة
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ومن شهد لرجل أنه اشترى عبداً من فلان بألف، وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة، فالشهادة باطلة) .
ش: قال الأترازي رحمه الله: كان المناسب ذكر هذه المسألة بعد قوله: وإن شهد أحدهما بألف، والآخر بألف وخمسمائة.
قلت: تلك المسألة في دعوى المال، وهذه في دعوى العقد م:(لأن المقصود إثبات السبب، وهو العقد، ويختلف باختلاف الثمن، فاختلف المشهود به ولم يتم العدد على كل واحد) ش: لأن اختلاف المشهود به يمنع قبول الشهادة، وكذا نقصان العدد يمنع.
م: (ولأن المدعي) ش: دليل آخر على ذلك م: (بكذب أحد شاهديه) ش: صورة المسألة في " الجامع الصغير ": محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال في الرجل يدعي على رجل أنه باعه هذا العبد بألف وخمسمائة فينكر البائع البيع، فيقيم عليه شاهداً بألف وخمسمائة، وشاهداً بألف، قال: هذا باطل.
م: (وكذلك) ش: أي وكذا الشهادة باطلة م: (إذا كان المدعي هو البائع، ولا فرق بين أن يدعي المدعي أقل المالين أو أكثرهما) ش: يعني سواء ادعى أقل المالين أو أكثر، وفي " الفوائد الظهيرية " عن السيد الإمام الشهيد أبي القاسم السمرقندي رحمه الله: يقبل؛ لأن الشراء لواحد قد يكون بألف، ثم يصير بألف وخمسمائة، بأن اشترى ثم زاد في الثمن، فقد انقضى على الشراء الواحد م:(لما بينا) ش: وهو أن المقصود إثبات السبب.
م: (وكذلك الكتابة) ش: أي كالبيع؛ لأن عقد الكتابة يختلف باختلاف البدل كالبيع، [و] هنا تسع مسائل: البيع، والكتابة، والخلع، والطلاق، والإعتاق على مال، والصلح على دم العمد، والرهن والنكاح، والإجارة.
وقال الأترازي رحمه الله بعد أن نقل ما ذكره محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": وهذه ثمان مسائل؛ لأنه لم يذكر الطلاق. وأشار المصنف رحمه الله إلى الكتابة بقوله: وكذلك الكتابة بعد أن ذكر البيع، فالبيع هو المسألة الأولى والكتابة هي الثانية.
لأن المقصود هو العقد إن كان المدعي هو العبد فظاهر. كذا إذا كان هو المولى؛ لأن العتق لا يثبت قبل الأداء، فكان المقصود إثبات السبب. وكذا الخلع والإعتاق على مال، والصلح عن دم العمد إذا كان المدعي هو المرأة أو العبد أو القاتل؛ لأن المقصود إثبات العقد والحاجة ماسة إليه.
وإن كانت الدعوى من جانب آخر، فهو بمنزلة دعوى الدين فيما ذكرنا من الوجوه؛ لأنه ثبت العفو والعتق والطلاق باعتراف صاحب الحق، فبقي الدعوى في الدين وفي الرهن
ــ
[البناية]
وفي " قاضي خان " رحمه الله: بمنزلة البيع إذ كان الدعوى من العبد؛ لأنه يدعي العقد أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: م: (لأن المقصود هو العقد) ش: أي عقد الكتابة م: (إن كان المدعي هو العبد فظاهر) ش: فلا تقبل الشهادة إذا اختلف الشاهدان في بدل الكتابة كما في البيع والشراء.
م: (وكذا) ش: أي وكذا لا تقبل الشهادة م: (إذا كان) ش: أي المدعي م: (هو المولى؛ لأن العتق لا يثبت قبل الأداء) ش: أي قبل إذا بدل الكتابة، وبدل الكتابة لا يكون إلا بعقد الكتابة وهو معنى قوله: م: (فكان المقصود إثبات السبب) ش: أي العقد، والثالثة من المسائل الخلع أشار إليه بقوله م:(وكذا الخلع) ش: بأن ادعت المرأة الخلع وأنكر الزوج، والرابعة منها هو قوله م:(والإعتاق على مال) ش: والخامسة هو قوله م: (والصلح عن دم العمد) ش: فالحكم في هذه المسائل الثلاث م: (إذا كان المدعي هو المرأة) ش: في مسألة الكتابة م: (أو العبد) ش: أي وإن كان المدعي هو المرأة في مسألة الخلع م: (أو القاتل) ش: أي وإن كان المدعي هو القاتل في مسألة الصلح عن دم العمد فلا خفاء في هذه الثلاثة م: (لأن المقصود إثبات العقد والحاجة ماسة إليه) ش: أي إلى إثبات العقد ليثبت الطلاق والعتاق والعفو بناء عليه.
م: (وإن كانت من جانب آخر) ش: وهو المولى وولي القصاص، بأن قال المولى: أعتقتك على ألف وخمس مائة، والعبد يدعي الألف وقال الزوج: خالعتك على ألف وخمسمائة، والمرأة تدعي الألف، وقال ولي القصاص: صالحتك على ألف وخمسمائة والقاتل يدعي الألف م: (فهو بمنزلة دعوى الدين) ش: أي كانت الدعوى مثل دعوى الدين وهو البدل وهو المبدل لوقوع العتق والطلاق والعفو بإقرار المولى والزوج وولي القصاص م: (فيما ذكرنا من الوجوه) ش: المذكورة من أنه يقبل على الألف إذا ادعى ألفا وخمسمائة بالاتفاق، وإذا ادعى ألفين لا تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما، وإن ادعى أقل المالين يعتبر الوجوه الثلاثة من التوفيق والتكذيب والسكوت عنهما م:(لأنه ثبت العفو والعتق والطلاق باعتراف صاحب الحق) ش: وهو المعتق والزوج والولي م: (فبقي الدعوى في الدين) ش: وهو البدل، والمسألة السادسة هي قوله م:(وفي الرهن) ش: أي إذا شهد أحد الشاهدين بالألف والآمر بألف وخمسمائة.