الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليست إحداهما بأولى من الأخرى. فإن سبقت إحداهما وقضى بها، ثم حضرت الأخرى، لم تقبل؛ لأن الأولى قد ترجحت باتصال القضاء بها فلا تنتقض بالثانية.
قال: وإذا شهدا على رجل أنه سرق
ــ
[البناية]
والوصية والرهن والدين والقرض والبراءة والكفالة والحوالة، والقذف، لا يمنع القبول. وفي الجناية والغصب والقتل والنكاح يمنع، والأصل فيه أن المشهود به إن كان قولاً كالبيع ونحوه، فاختلافهما في الزمان، أو المكان لا يمنع.
ورواه أحمد في رواية؛ لأن القبول مما يعاد ويكرر، وإن كان المشهود به فعلاً كالغصب ونحوه، أو قولاً لكن الفعل شرط صحته كالنكاح، فإنه قول وحضور الشاهدين فعل، وهو شرط فاختلافهما في الزمان والمكان يمنع القول؛ لأن الفعل في زمان أو مكان غير الفعل في زمان أو مكان غيره، فاختلف المشهود به.
وقال الشافعي: رحمه الله وأحمد رحمه الله: في ظاهر روايته: اختلافهما في الزمان أو المكان يمنع في الجميع إلا فيما شهد أحدهما أنه طلقها يوم الخميس، وقال الآخر: أقر بطلاقها يوم الجمعة، فإنه يقبل. وكذا في البيع والنكاح وغيرهما فلا ينقض بالثانية؛ لأن القضاء بالأول قضاء ببطلان الثاني ضمناً. إذ قتل شخص واحد لا يكون في موضعين.
وفي " الفتاوى الصغرى ": لو سكت شاهدا البيع عن بيان الوقت والمكان، فسألهما القاضي فقالا: لا نعلم ذلك يقبل شهادتهما؛ لأنهما لم يكلفا حفظ ذلك.
م: (وليست إحداهما بأولى من الأخرى) ش: يمكن أن هذا جواب عما يقال: فلم لا يسمع القاضي أحدهما.
فقال: وليست إحداهما إلى إحدى الشهادتين بأولى من الشهادة الأخرى لعدم المرجح، فإن كان كذلك م:(فإن سبقت إحداهما) ش: أي إحدى الشهادتين م: (وقضى بها) ش: أي وقضى القاضي بها م: (ثم حضرت الأخرى) .
ش: أي الشهادة الأخرى م: (لم تقبل؛ لأن الأولى قد ترجحت باتصال القضاء بها فلا تنتقض بالثانية) ش: لأن الحكم بالثانية ينافي الحكم بالأول، وقد صحت ظاهراً حيث اتصل الحكم بها ينتقض بالكذب، فبقيت كما كانت، ونظيره رجل معه ثوبان، أحدهما نجس فوقع تحريه على أحدهما وصلى فيه، ثم وقع تحريه على الآخر لا يجوز الصلاة فيه؛ لأن الأول اتصل به حكم فلا ينتقض بتحرٍ آخر.
[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا شهد على رجل أنه سرق
بقرة، واختلفا في لونها قطع، وإن قال أحدهما: بقرة، والآخر ثوراً، لم يقطع. وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يقطع في الوجهين جميعاً. وقيل: الاختلاف في لونين يتشابهان كالسواد والحمرة، لا في السواد والبياض وقيل: هو في جميع الألوان. لهما أن السرقة في السوداء غيرها في البيضاء، فلم يتم على كل فعل نصاب الشهادة، وصار كالغصب بل أولى؛ لأن أمر الحد أهم، فصار كالذكورة والأنوثة. وله أن التوفيق ممكن؛ لأن التحمل في الليالي من
ــ
[البناية]
بقرة واختلفا في لونها) ش: بأن قال أحدهما: إنها سوداء، وقال الآخر: بأنها صفراء م: (قطع وإن قال أحدهما: بقرة) ش: أي بأنه سرق بقرة م: (والآخر ثوراً) ش: أي وقال الآخر: إنه سرق ثوراً م: (لم يقطع، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) .
م: (وقالا: لا تقطع في الوجهين جميعاً) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة رحمهم الله، وقال التمرتاشي رحمه الله: هذا الخلاف بين أبي حنيفة رحمه الله وصاحبيه فيما إذا سرق بقرة فقط، أما إذا ادعى سرقة بقرة بيضاء أو سوداء، لا تقبل شهادتهما إجماعاً؛ لأن كذب أحد الشاهدين، وكذا الخلاف فيما إذا ادعى سرقة ثوب فقط، أحدهما هروي، وقال الآخر: مروزي: فإن اختلفا في الزمان والمكان يقبل بالإجماع.
م: (وقيل: الاختلاف في لونين يتشابهان كالسواد والحمرة) ش: لأن الحمرة الشديدة تظهر م: (لا في السواد والبياض) ش: لأنهما لا يتشابهان أصلاً م: (وقيل: هو) ش: أي الاختلاف بين أبي حنيفة رحمه الله وصاحبيه - رحمهما الله - م: (في جميع الألوان) ش: وذكر في " المبسوط " أن الكل على الخلاف في الأصح.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف رحمه الله، ومحمد رحمه الله م:(أن السرقة في السوداء غيرها في البيضاء، فلم يتم على كل فعل نصاب الشهادة) ش: فلا اختلاف في المشهود به فلا يقبل م: (وصار كالغصب) ش: يعني شهد الغصب بقرة واختلفا في لونها.
م: (بل أولى؛ لأن أمر الحد أهم) ش: لأن الثابت بالغصب ضمان لا يسقط بالشبهات، والثابت هنا قد يسقط بالشبهات.
ولأن الاختلاف لما منع قبول الشهادة في المال، فلأن يمنع في الحر أولى، كما لو اختلفا في قدر القيمة م:(فصار كالذكورة والأنوثة) ش: في المغايرة.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن التوفيق ممكن؛ لأن التحمل في الليالي من