الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الإقرار)
قال: وإذا
أقر الحر البالغ العاقل بحق
لزمه إقراره مجهولا كان ما أقر به أو معلوما. اعلم أن الإقرار إخبار عن ثبوت الحق، وأنه ملزم
ــ
[البناية]
[كتاب الإقرار]
[أقر الحر البالغ العاقل بحق]
م: (كتاب الإقرار)
ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الإقرار. ولما فرغ عن الدعوى شرع في بيان الإقرار لأن جواب الدعوى إما بالإقرار أو بالإنكار، فمن هذه الحيثية نظر المناسبة بين الكتابين.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا أقر الحر البالغ العاقل بحق لزمه إقراره مجهولاً كان ما أقر به أو معلوماً) ش: لما ذكر المصنف رحمه الله لفظ القدوري رحمه الله شرع في شرحه بقوله: م: (اعلم أن الإقرار إخبار عن ثبوت الحق) .
ش: هذا الذي ذكره تفسير الإقرار شرعاً، ولكنه لو قيده بقوله على نفسه، وكان الحد أتم مثل ما قال حافظ الدين النسفي والإقرار إخبار عن ثبوت الحق للغير على نفسه. فقوله عن ثبوت الحق للغير كالجنس لأنه يتناول الشهادة فإنها أيضاً إخبار عن ثبوت الحق للغير، وقوله: على نفسه كالفصل يخرج ذلك، وهذا شأن الحد أن يكون مشتملاً على الجنس والفصل.
وقال تاج الشريعة رحمه الله الإقرار خلاف الجحود، وأصله من القرار وهو السكون والثبات، وفي عرف أهل الشرع: عبارة عن خبر يوجب شيئاً على المخبر م: (وأنه ملزم) ش: وإن الإقرار ملزم على المقر ما أقر به، وهذا حكم الإقرار وليس هذا من حده وحد ما ذكرنا.
وقال الكاكي رحمه الله: وحكمة ظهور ما أقر به ولزومه لا إثباته ابتداء، ألا ترى أنه لا يصح الإقرار بالطلاق والعتاق مع الإكراه، والإنشاء يصح مع الإكراه عندنا ولهذا قالوا لو أقر بمال لغيره كاذباً والمقول له يعلم أنه كاذب لا يحل له أخذه عن كره منه ديانة إلا أن يسلمه بطيب نفس، فيكون كالتمليك المبتدأ.
وقيل حكمة لزوم ما أقر به على المقر، وعمله إظهار ما أقر به لا التمليك به ابتداء، ويدل عليه مسائل منها لو أقر بصير لا يملكها صح إقراره به، وإن لم يملك تمليكه حتى لو تملكه المقر يوماً من الدهر يؤمر بتسليمه إلى المقر.
ومنها: أن إقرار المسلم بالخمر يصح وإن لم يملك تمليكاً مبتدأ. ومنها أن المريض
لوقوعه دلالة، ألا ترى كيف ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا رضي الله عنه الرجم بإقراره، وتلك المرأة باعترافها، وهو حجة قاصرة لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه وشرط الحرية ليصح إقراره مطلقا، فإن العبد المأذون له، وإن كان ملحقا بالحر في حق الإقرار، لكن المحجور عليه لا يصح إقراره بالمال،
ــ
[البناية]
الدهر يؤمر بتسليمه إلى المقر.
ومنها: أن إقرار المسلم بالخمر يصح وإن لم يملك تمليكاً مبتدأ. منها أن المريض الذي لا دين عليه إذا أقر بجميع ماله لأجنبي صح إقراره ولا يتوقف على إجازة الورثة ولو كان تمليك لا ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم الإجازة. ومنها أن العبد المأذون له لو أقر بما في يده صح، ولو تبرع به ابتداء لا يجوز.
وسبب الإقرار إرادة سقوط الواجب عن ذمته. وركنه: ألفاظ فيما يجب به موجب الإقرار وشرطه: العقل والبلوغ بلا خلاف، وفي كون المقر غير سفيه ولا سكون اختلاف. ومحاسنه كثيرة، منها إسقاط الواجب عن ذمته، ومنها إيصال الحق لصاحبه وإرضاء الخالق، ومنها حمد الناس المقر بصدق القول ووفاء العهد. وهو مشروع بالكتاب قال تعالى:{كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135](النساء: الآية 135)، قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه إقرار. وقال تعالى {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282](البقرة: الآية 282)، والإملاء إقرار. وبالسنة لما روي:«أنه صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً بإقراره» . وبالدليل العقلي وهو أن الإقرار خبر يحتمل الصدق والكذب، فرجح جانب الصدق لأنه غير متهم فيه، فإن المال محبوب المرء طبعاً، ولا يقر لغيره كاذباً مع كمال عقله ودينه، فالزواجر شرعاً عن الكذب.
م: (لوقوعه دلالة) ش: أي لوقوع الإقرار دلالة على وجود المخبر به، لأن الإقرار دائر بين الصدق والكذب ويترجح جانب الصدق لما ذكرنا الإقرار، هذا إيضاح لقوله وأنه ملزم م:(ألا ترى كيف ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً رضي الله عنه الرجم بإقراره) ش: أي بسبب إقراره م: (وتلك المرأة باعترافها،) ش: أي كيف ألزم المرأة، يعني الغامدية امرأة من غامد الأزد بالرجم بسبب اعترافها بالزنا، وقد مر قصتها في الحدود م:(وهو) ش: أي الإقرار م: حجة قاصرة) ش: على نفسه م: (لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه) ش: بخلاف البينة فإنها حجة متعدية.
م: (وشرط الحرية) ش: يعني في صحة الإقرار م: (ليصح إقراره مطلقاً) ش: أي في المال وغيره م: (فإن العبد المأذون له، وإن كان ملحقاً بالحر في حق الإقرار، لكن المحجور عليه لا يصح إقراره بالمال) ش: أما المأذون له: فلأنه مسلط على الإقرار من جهة المولى، وأما المحجور: عليه لا