الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن المقصود تعظيم المقسم به وهو حاصل بدون ذلك وفي إيجاب ذلك خرج على القاضي حيث يكلف حضورها وهو مدفوع،
قال: ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيه ولا يستحلف بالله ما بعت لأنه قد يباع العين ثم يقال فيه ويستحلف في الغصب بالله ما يستحق عليك رده، ولا يحلف بالله ما غصبت، لأنه قد يغصب ثم يفسخ بالهبة والبيع وفي النكاح بالله ما بينكما قائم في الحال، لأنه قد يطرأ عليه الخلع
ــ
[البناية]
الذي تجب فيه الزكاة وقيل فيما تقطع فيه يد السارق، م:(لأن المقصود) ش: يعني من اليمين م: (تعظيم المقسم به) ش: أي تعظيم المقسم به.
م: (وهو حاصل بدون ذلك وفي إيجاب ذلك) ش: أي بدون تعيين الزمان والمكان م: (حرج على القاضي حيث يكلف حضورها) ش: أي حضور بقعة معينة من المكان، أو ساعة معينة من الزمان م:(وهو) ش: أي الخروج م: (مدفوع) ش: شرعًا.
فإن قلت: استدل الخصم بما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف عند منبري هذا بيمين هذا بيمين كاذبة تبوأ مقعدًا من النار» وربما روي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رأى قومًا يحلفون بين المقام والبيت، فقال: علي دم؟، فقالوا: لا، قال: أفعظيم من المال؟، قالوا: لا، قال: خشية أن يتهاون الناس بهذا البيت.
الجواب: أن هذا الحديث ليس حديثًا صحيحًا، وهذا ينافي إطلاق قوله صلى الله عليه وسلم «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» ، والتخصيص بالزمان والمكان زيادة عليه بأخبار غريبة لا يعلم صحتها فلا يجوز.
[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده) ش: أي أنكره م: (استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيه لا يستحلف بالله ما بعت لأنه قد يباع العين ثم يقال فيه) ش:
لأنه إذا حلف على البيع يضطر إلى اليمين الكاذبة، أو إلى تسليم العبد إلى مالكه بالإقالة وكل ذلك ضرر، هذا هو اليمين على الحاصل على ما يأتي - إن شاء الله تعالى - أي وفي دعوى الغصب إذا أنكر.
م: (ويستحلف وفي الغصب بالله ما يستحق عليك رده ولا يحلف بالله ما غصبت لأنه قد يغصب ثم يفسخ بالهبة والبيع وفي النكاح) ش: على امرأته أنه تزوجها فأنكرت هي أو بالعكس م: (بالله) ش: أي يحلف بالله م: (ما بينكما نكاح قائم في الحال لأنه قد يطرأ عليه) ش: أي على النكاح م: (الخلع) ش: بأن خلعها بعد النكاح.
وفي دعوى الطلاق بالله ما هي بائن منك الساعة بما ذكرت، ولا يستحلف بالله ما طلقها، لأن النكاح قد يجدد بعد الإبانة فيحلف على الحاصل في هذه الوجوه؛ لأنه لو حلف على السبب يتضرر المدعى عليه، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. على قول أبي يوسف رحمه الله يحلف في جميع ذلك على السبب إلا إذا عرض للمدعى عليه بما ذكرنا فحينئذ يحلف على الحاصل،
ــ
[البناية]
م: (وفي دعوى الطلاق) ش: أي يحلفه في دعوى الطلاق بأن ادعت على رجل أنه طلقها ثلاثًا وهو ينكر م: (بالله ما هي بائن منك الساعة بما ذكرت)
ش: وفي بعض النسخ كما ذكرت: م: (ولا يستحلف بالله ما طلقها لأن النكاح قد يحدد بعد الإبانة فيحلف على الحاصل) ش:، أي على ثبوت الحكم في الحال م:(في هذه الوجوه) ش: أي الوجوه المذكورة، وهي دعوى ابتياع العبد والغصب والنكاح والطلاق م:(لأنه) ش: أي لأن المدعي يتوجه اليمين في هذه الصور م: (لو حلف على السبب يتضرر المدعى عليه، وهذا) ش:
أي الحلف على الحاصل في الوجوه المذكورة م: (قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله-: أما على قول أبي يوسف رحمه الله يحلف في جميع ذلك على السبب) ش:، لأن اليمين يستوفي حق المدعي فوجب أن تكون مطابقة لدعواه والمدعي يدعي السبب، والضابط في الحلف على الحاصل وعلى السبب أن السبب إما هو كان ما يرتفع برافع أولًا، فإن كان الثاني والمتحلف على السبب بالإجماع، وإن كان الأول بأن تضرر المدعي بالتحليف على الحاصل فكذلك وإن لم يتضرر ويحلف على الحاصل عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله- على السبب عند أبي يوسف رحمه الله.
م: (إلا إذا عرض للمدعى عليه) ش: أي المدعى عليه م: (بما ذكرنا) ش: يعني من قوله "بل يبتاع العين"، ثم يقال فيه وفي الغصب: قد يصح بالهبة وفي النكاح، وقد يطوى عليه الخلع، وفي الطلاق قد يتجددا بعد الإبانة.
ومراده من التعريض هذه الأشياء بأن يقول المدعى عليه: أيها القاضي الإنسان قد يبيع شيئًا ثم يقال فيه: وكذلك بقية الصور، م:(فحينئذ يحلف) ش: أي يحلف القاضي م: (على الحاصل) ش: وقال تاج الشريعة رحمه الله: خلاف التصريح، والفرق بينه وبين الكناية أن التعريض تضمين الكلام دلالة ليس فيه ذكر كقولك، ما أقبح البخل، تعريض بأنه بخيل، والكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف كقولك فلان طويل النجاد، كثير رماد القدر، يعني طويل القامة ومضياف.
ثم قال: ويريد به هاهنا المدعى عليه عند عرض اليمين عليه على السبب يعرض بشيء يعرفه القاضي، فيحلفه على الحاصل كما إذا ادعى رجل أنه اشترى من هذا هذه الصيغة التي
وقيل: ينظر إلى إنكار المدعى عليه إن أنكر السبب يحلف عليه، وإن أنكر الحكم يحلف على الحاصل، فالحاصل هو الأصل عندهما إذا كان سببا يرتفع برافع إلا إذا كان فيه ترك النظر في جانب المدعي، فحينئذ يحلف على السبب بالإجماع، وذلك مثل أن تدعي مبتوتة نفقة العدة والزوج ممن لا يراها، أو ادعى شفعة بالجوار والمشتري لا يراها؛ لأنه لو حلف على الحاصل يصدق في يمينه في معتقده، فيفوت النظر في حق المدعي، وإن كان
ــ
[البناية]
حدها كذا وأنكر المدعى عليه وأراد استحلافه يحلف على الحاصل بالله ما بينكما بيع قائم الساعة.
وقال أبو يوسف رحمه الله: يحلف على السبب بالله ما بعت هذه الصيغة بهذا الثمن الذي يدعى، إلا أن يعرض المدعى عليه للقاضي فيقول: بيع الرجل بالشيء، ثم يرجع إليه بإقالة أو بوجه من الوجوه، ولا يمكنني أن أقر بالبيع ثم ادعى الفتح فحينئذ يحلف على الحاصل.
م: (وقيل:) ش: قائله شمس الأئمة الحلواني رحمه الله م: (ينظر إلى إنكار المدعى عليه إن أنكر السبب يحلف عليه) ش: أي على السبب م: (وإن أنكر الحكم) ش:، بأن قال: ليس له علي هذا المال، فإن قال: ما غصبت ولا استقرضت الذي يدعى ولا شيئًا فيه م: (يحلف على الحاصل) ش: وقال في "الذخيرة": هو الأحسن، وعليه عمل أكثر القضاة.
وقال فخر الإسلام رحمه الله: يفوض إلى رأي القاضي، ويقول الحلواني رحمه الله: قال مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في وجه: وفي وجه كقول أبي يوسف رحمه الله، م:(فالحاصل) ش: أي التحليف على الحاصل
م: (هو الأصل عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله-، وهو أن يقول بالله ما له حق الرد بهذا العيب الذي يدعيه م:(إذا كان سببًا يرتفع برافع) ش: كالبيع، يقال فيه: والغصب يفسخ بالهبة والنكاح يفسخ بالخلع والطلاق يتجدد فيه بعد الإبانة.
م: (إلا إذا كان فيه) ش: أي في التحليف على الحاصل م: (ترك النظر في جانب المدعي، فحينئذ يحلف على السبب بالإجماع) ش:، وأوضح ذلك بقوله: م: (وذلك) ش: أي ترك النظر م: (مثل أن تدعي مبتوتة) ش: أي امرأة مبانة تدعي على زوجها م: (نفقة) ش: أي نفقة العدة م: (والزوج ممن لا يراها) ش: أي من لا يرى نفقة المثبوتة بأن كان شافعي المذهب فإنه لا يحلف على الحاصل لأن الزوج يكون صادقًا في اعتقاده، لأنه لا نفقة لها، فلا يمنع عن اليمين، ويكون فيه ترك النظر بل يحلف على السبب لئلا يكون ترك النظر، م:(أو ادعى شفعة بالجوار والمشتري لا يراها) ش: إن كان شافعيًا م: (لأنه لو حلف على الحاصل يصدق في يمينه في معتقده، فيفوت النظر في حق المدعي وإن كان
سببا لا يرتفع برافع، فالتحليف على السبب بالإجماع كالعبد المسلم إذا ادعى العتق على مولاه، بخلاف الأمة والعبد الكافر، لأنه يكرر الرق عليها بالردة واللحاق وعليه نقض العهد واللحاق، ولا يكرر على العبد المسلم.
قال: ومن ورث عبدا وادعاه آخر يستحلف على علمه. لأنه لا علم له بما صنع المورث، فلا يحلف على البتات،
ــ
[البناية]
سببًا لا يرتفع برافع، فالتحليف على السبب بالإجماع) ش: كذلك يحلف على السبب بأن قيل في التحليف على السبب: ضرر بالمنكر أيضًا بجواز أنه اشترى ولا شفعة بأن سلم أو سكت عن المطلب؟، قلنا: القاضي لا يجد بدًا من إلحاق الضرر بأحدهما، فكان مراعاة جانب المدعي أولى لأن السبب الموجب للحق هو الشراء وإذا ثبت له الحق، وسقوطه إنما يكون بأسباب عارضة.
وإن كان ثم أوضح ذلك بقوله: م: (كالعبد المسلم إذا ادعى العتق على مولاه) ش:، فإنه يحلف بقوله: والله ما أعتقت، لأن السبب لا ينكر هنا.
م: (بخلاف الأمة) ش: إذا ادعت على مولاها أنه أعتقها فإنه لا يحلف بالله ما أعتقها، لأنه لا يجوز أن يعتقها ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب، ثم سبيت ولكن يحلف بالله ما أعتقها في الرق القائم في الحال في ملكه هذا م:(والعبد الكافر) ش: أي وبخلاف العبد الكافر فإنه لا يحلف بالله ما أعتقه، لأنه تكرر العتق يحلف فيه بأن نقض العهد ولحق بدار الحرب ثم سبي، ويحلف بالله ما أعتقه في الرق القائم في الحال في ملكه.
م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن أنه م: (يكرر الرق عليها) ش: أي على الأمة م: (بالردة واللحاق) ش: بدار الحرب كما قلنا م: (وعليه ينقض العهد واللحاق) ش: أي يتكرر الرق على العبد ينقص عن كونه ذهب ولحق بدار الحرب، م:(ولا يكرر) ش: أي الرق م: (على العبد المسلم) ش: لأنه بعد الحرية لا يستحق رقبة.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن ورث عبدًا وادعاه آخر يستحلف على علمه) ش: هذا نوع آخر من كيفية اليمين على العلم أو الثبات، وصورة المسألة في الجامع لمحمد رحمه الله: عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم في الرجل يرث العبد، فيجيء رجل فيزعم أنه له، ولا بينة له على أي شيء يستحلف، قال: على علمه م: (لأنه لا علم له بما صنع المورث فلا يحلف على البتات)
ش: وقال شريح وابن أبي ليلى: يحلف على الثبات، وبقولنا قال إبراهيم النخعي والحسن والشعبي رحمهم الله، والحلف بالعلم أن يحلف بالله ما يعلم أن هذا الشيء الذي في يدك لهذا المدعي، والحلف بالثبات أي بالقطع على عدم الاستحقاق.
وإن وهب له أو اشتراه يحلف على البتات لوجود المطلق لليمين، إذ الشراء سبب لثبوت الملك وضعا وكذا الهبة. قال: ومن ادعى على الآخر مالا فافتدى يمينه أو صالحه منها على عشرة دراهم فهو جائز وهو مأثور عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
ــ
[البناية]
والأصل في ذلك أن من ادعى عليه فعل من جهة أو ادعى عليه حتى في شيء استفاده بفعله فإن اليمين إذا وجهت في ذلك كانت على البتات، وكل من ادعى عليه فعل غيره أو حق في شيء ملكه بغير فعله فاليمين في ذلك على العلم، وكلاهما مشروع.
وقال الحلواني: هذا أصل مستقيم أي التحليف على فعل الغير في المسائل؛ إلا في الرديء بالعيب، فإن المشتري ادعى أن العبد سارق أو آبق، وأثبت إباقته وسرقته في يد نفسه، أو ادعى أنه سرق أو أبق في يد البائع وأراد تحليف البائع يحلف على البتات مع أنهما فعل الغير، لما أن البائع ضمن بتسليم المبيع تسليمًا عن العيب، فالتحليف يرجع إلى ما ضمن بنفسه فيكون على البتات.
وقيل: التحليف على فعل الغير، إنما يكون على العلم إذا قال الحالف: لا علم لي بذلك، أما لو قال: لي علم بذلك يحلف على البتات، ألا ترى أن المودع إذا قال قبض صاحب الوديعة مني فإنه يحلف المودع على البتات، وكذلك الوكيل بالبيع إذا باع وسلم إلى المشتري ثم أقر البائع أن الموكل قبض الثمن، وجحد الموكل فالقول قول الوكيل مع يمينه، ويحلف على البتات وهذا تحليف على فعل الغير.
ولكن الوكيل يدعي أن له علمًا بذلك بأن قال: قبض الوكيل الثمن، فكان علم بذلك فيحلف على البتات، كذا في " الفصول ".
وأجيب عليه: بأن هذا تحليف على فعل نفسه، وهو التسليم والرد من حيث المعنى.
م: (وإن وهب له أو اشتراه يحلف على البتات) ش: وهذا من قيمة مسألة " الجامع " أي وإن وهب لرجل عبدًا وقبضه أو اشترى به وجاء يزعم أنه له فإنه يستحلف البينة م: (لوجود المطلق لليمين إذ الشراء سببا لثبوت الملك وضعًا وكذلك الهبة) .
ش: فإن قيل: الإرث كذلك؟، أجيب بأن معنى قوله:"سبب لثبوت الملك" سبب اختياري فباشره بنفسه فيعلم ما صنع.
م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن ادعى على الآخر مالًا فافتدى يمينه أو صالحه منه) ش: أي من يمينه م: (على عشرة دراهم فهو جائز وهو) ش: أي افتدى اليمين م: (مأثور عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ش: قال الأترازي رحمه الله: روى أصحابنا في " شرح الجامع الصغير " عن عثمان رضي الله عنه أنه دفع المال ولم يحلف.
وليس له أن يستحلفه على تلك اليمين أبدا، لأنه أسقط حقه.
ــ
[البناية]
قلت: قال البيهقي في كتاب" المعرفة" في كتاب"أدب القاضي": قال الشافعي رحمه الله: بلغني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ردت عليه اليمين فافتداها بمال ثم قال: أخاف أن يوافق قدري فيقال: هذا يمينه.
وفي كتاب "المخرج" لأبي الوليد رحمه الله بإسناد صحيح عن الشعبي وفيه إرسال: أن رجلًا استقرض من عثمان بن عفان رضي الله عنه سبعة آلاف درهم، فلما تقاضاه قال له: إنما هي أربعة آلاف فخاصمه إلى عمر رضي الله عنه، فقال: تحلف أنها سبعة آلاف، عمر رضي الله عنه: [
…
] فأبى عثمان رضي الله عنه أن يحلف، فقال له عمر: خذ ما أعطاك.
وقال الكاكي رحمه الله: اختلفت روايات الكتب أن عثمان رضي الله عنه كان مدعى عليه من ذلك المال، ادعيا في " الفوائد الظهيري " كان مدعى عليه فافتدى يمينه فقال، أخاف أن يوافق قدر يميني فيقال: هذا بسبب يمينه.
وفي " المبسوط ": ذكر أنه كان مدعيًا، فادعى مالًا للمقداد، قلت: الأول هو الصحيح م: (وليس له) ش: أي للمدعي م: (أن يستحلفه) ش: أي المدعى عليه م: (على تلك اليمين أبدًا لأنه أسقط حقه) ش: أي بالصلح والافتداء.