الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في القضاء بالمواريث
قال: وإذا مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة، وقالت: أسلمت بعد موته، وقالت الورثة: أسلمت قبل موته فالقول قول الورثة، وقال زفر رحمه الله: القول قولها؛ لأن الإسلام حادث فيضاف إلى أقرب الأوقات. ولنا أن سبب الحرمان ثابت في الحال، فيثبت فيما مضى تحكيما للحال، كما في جريان ماء الطاحونة، وهذا ظاهر، نعتبره للدفع وما ذكره يعتبره للاستحقاق، ولو مات المسلم وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته، وقالت: أسلمت قبل موته، وقالت الورثة: لا بل أسلمت بعد موته، فالقول قولهم أيضا ولا يحكم الحال، لأن تحكيمه يؤدي إلى جعله حجة للاستحقاق وهي محتاجة إليه أما الورثة فهم الدافعون، ويشهد لهم ظاهر الحدوث أيضا،
ــ
[البناية]
[فصل في القضاء بالمواريث]
[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]
أي هذا فصل في بيان أحكام القضاء بالمواريث، وهو جمع ميراث، أصله متوارث، قلبت الواو ياء لسكونها، وإنكار ما قبلها وهو اسم مثل الإرث ولما كان الموت آخر أحوال البشر ذكر الأحكام المتعلقة به آخرا م:(قال: وإذا مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة، وقالت: أسلمت بعد موته، وقالت الورثة: أسلمت قبل موته فالقول قول الورثة) ش: هذه من مسائل " الجامع الصغير ".
وقال المصنف رحمه الله م: (وقال زفر رحمه الله القول قولها) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله م: (لأن الإسلام حادث فيضاف إلى أقرب الأوقات) ش: فيجعل موجودا بعد الموت لا قبله.
م: (ولنا أن سبب الحرمان) ش: أي سبب حرمان المرأة وهو إسلامها من ميراث زوجها النصراني م: (ثابت في الحال، فيثبت فيما مضى تحكيما للحال) ش: أي باستصحاب الحال وتحكيم المال عند عدم دليل آخر واجب والحال يصلح للدفع لا للاستحقاق.
م: (كما في جريان ماء الطاحونة) ش: فإن ربها مع المستأجر إذا اختلفا بعد مضي المدة في جريان الماء وانقطاعه بحكم الحال، فإن كان جاريا في الحال، كان القول قول رب الطاحونة، وإن لم يكن جاريا كان القول قول المستأجر م:(وهذا) ش: أي تحكيم الحال م: (ظاهر) ش: نحن م: (نعتبره للدفع) ش: أي لدفع استحقاقها الميراث م: (وما ذكره) ش: أي: زفر رحمه الله م: (يعتبره للاستحقاق) ش: وفي بعض النسخ: وما ذكره أي زفر رحمه الله، والظاهر يعتبر للدفع لا للاستحقاق.
م: (ولو مات المسلم وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته، وقالت: أسلمت قبل موته، وقالت الورثة: لا بل أسلمت بعد موته، فالقول قولهم أيضا) ش: أي للورثة م: (ولا يحكم الحال) ش: أي لا يقال إنها مسلمة في الحال فتكون مسلمة قبل موته فلا يحكم الحال م: (لأن تحكيمه يؤدي إلى
قال: ومن مات وله في يد رجل أربعة آلاف درهم وديعة، فقال المستودع: هذا ابن الميت لا وارث له غيره، فإنه يدفع المال إليه، لأنه أقر أن ما في يده حق الوارث خلافة، فصار كما إذا أقر
ــ
[البناية]
جعله حجة للاستحقاق وهي محتاجة إليه) ش: أي إلى الاستحقاق وهو لا يصلح لذلك، وبه يتم الدليل وقوله م:(أما الورثة، فهم الدافعون) ش: إشارة إلى معنى آخر، وهو أن في كل مسألة منها اجتمع نوعا الاستصحاب، أما في الأولى، فلأن نصرانية امرأة النصراني كانت لما تبعه فيما مضى، ثم جاءت مسلمة، فادعت إسلاما حادثا، فبالنظر إلى ما كانت فيما مضى الأصل فيه أن يبقى هو من النوع الأول، وبالنظر إلى ما هو موجود في الحال الأصل فيه أن يكون موجودا فيما مضى، وهو من النوع الثاني.
فلو اعتبرنا الأول حتى كان القول قولها، كان استصحاب الحال مثبتا، وهو باطل، فاعتبرنا الثاني ليكون دافعا، فبالنظر إلى النصرانية يقتضي بقاءها إلى ما بعد الموت، وبالنظر إلى الإسلام يقتضي أن يكون ثابتا قبل موته. فلو اعتبرناه لزم أن يكون الحال مثبتا، وهو لا يصلح، فاعتبرنا الأول ليكون دافعا، والورثة هم الدافعون فيتقيد بهم الاستبدال به وقوله: م: (ويشهد لهم ظاهر الحدوث أيضا) ش: دليل آخر وهو أن الإسلام حادث، والحادث يضاف إلى أقرب الأوقات.
فإن قيل: إن كان ظاهر الحدوث معتبرا في الدلالة، كان ظاهر في المسألة الأولى معارضا للاستصحاب ويحتاج إلى مرجع. والأصل عدمه، فالجواب: أنه معتبر في الدفع لا في الإثبات.
وزفر رحمه الله يعتبره للإثبات. وقال الأكمل رحمه الله: ونوقض بنقض إجمالي، وهو أن ما ذكرتم على الاستصحاب لا يصلح للإثبات، ولو كان صحيحا بجميع مقدماته لما قضى فيه بالأجر على المستأجر، إذا كان ماء الطاحونة جاريا عند الاختلاف، لأنه استدلال به لإثبات الأجر.
والجواب: أنه استدلال به لدفع ما يدعي المستأجر على الأجر من ثبوت العيب الموجب بسقوط الأجر، فإنه بالعقد السابق الموجب له، فيكون دافعا لا موجبا. إلى هنا كلامه، ثم قال: واعتبر هذا واستغنى عما في " النهاية ".
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن مات وله في يد رجل أربعة آلاف درهم وديعة فقال المستودع) ش: أي الذي عنده الوديعة م: (هذا ابن الميت لا وارث له غيره، فإنه) ش: أي فإن المستودع م: (يدفع المال إليه) ش: أي إلى ابن الميت م: (لأنه أقر أن ما في يده حق الوارث خلافة) ش: أي من حيث الخلافة عن الميت. م: (فصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا أقر)
أنه حق المورث وهو حي أصالة، بخلاف ما إذا أقر لرجل أنه وكيل المودع بالقبض، أو أنه اشتراه منه حيث لا يؤمر بالدفع إليه؛ لأنه أقر بقيام حق المودع، إذ هو حي فيكون إقرارا على مال الغير ولا كذلك بعد موته، بخلاف المديون إذا أقر بتوكيل غيره بالقبض؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فيكون إقرارا على نفسه فيؤمر بالدفع إليه ولو قال المودع لآخر: هذا ابنه أيضا، وقال الأول: ليس له ابن غيري قضى بالمال للأول؛ لأنه لما صح إقراره للأول انقطع يده عن المال فيكون هذا إقرارا على الأول، فلا يصح إقراره للثاني كما إذا كان الأول ابنا انقطع يده عن المال، فيكون هذا إقرارا على الأول فلا يصح إقراره للثاني كما لو كان الأول ابنا معروفا، ولأنه حين أقر للأول لا مكذب له فصح، وحين أقر للثاني له مكذب فلم يصح.
ــ
[البناية]
ش: أي المستودع م: (أنه حق المورث) ش: بكسر الراء م: (وهو حي) ش: أي والحال أنه حي م: (أصالة) ش: أي من حيث الأصالة م: (بخلاف ما أقر) ش: أي المستودع م: (لرجل أنه وكيل المودع) ش: بكسر الدال م: (بالقبض أو أنه اشتراه منه) .
ش: أي أقر أن الرجل المقر له عين الوديعة من المودع م: (حيث لا يؤمر بالدفع إليه؛ لأنه أقر بقيام حق المودع) ش: بكسر الدال م: (إذ هو حي) ش: أي والحال أنه حي م: (فيكون) ش: إقراره م: (إقرارا على مال الغير) ش: فلا يصح لأن إقراره حجة قاصرة عليه، فلا يصح في حق الغير م:(ولا كذلك) ش: أي وليس الحكم كما ذكره م: (بعد موته) ش: أي بعد موت المودع.
م: (بخلاف المديون إذا أقر بتوكيل غيره بالقبض) ش: يعني إذا أقر المديون لرجل أنه وكيل صحاب الدين يقبض الدين حيث يؤمر بالدفع م: (لأن الديون تقضى بأمثالها) ش: لا بأعيانها م: (فيكون إقرارا على نفسه فيؤمر بالدفع إليه) ش: ومن أقر على نفسه يؤمر بالخروج عن عهدته. م: (ولو قال المودع) ش: بفتح الدال م: (لآخر) ش: أي لشخص آخر م: (هذا ابنه أيضا، وقال الأول) ش: أي الابن الأول م: (ليس له ابن غيري قضى بالمال للأول؛ لأنه لما صح إقراره للأول انقطع يده عن المال، فيكون هذا إقرارا على الأول، فلا يصح إقراره للثاني كما إذا كان الأول ابنا) ش: أي الابن الأول ليس له ابن غيري يقضي بالمال للأول؛ لأنه لما صح إقراره للأول م: (انقطع يده عن المال، فيكون هذا إقرارا على الأول، فلا يصح إقراره للثاني كما لو كان الأول) ش: أي الابن الأول م: (ابنا معروفا) ش: لأنه لا مزاحم له م: (ولأنه حين أقر للأول لا مكذب له) ش: يعني لم يكذب به أحد م: (فصح) ش: أي إقراره م: (وحين أقر للثاني) ش: أي للابن الثاني م: (له مكذب) ش: وهو الابن الأول م: (فلم يصح) ش: واعترض بأن تكذيب غيره ينبغي أن لا يؤثر في إقراره، فيجب عليه ضمان نصف ما أدى للأول. وأجابوا بالتزام ذلك إذا دفع الجميع بلا قضاء كالذي أقر بتسليم الوديعة من القاضي بعدما أقر لغير من أقر له القاضي، وأما إن كان الدفع بقضاء، كان في الإقرار الثاني مكذبا شرعا، فلا يلزمه الإقرار.