المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف الوكالة وحكمها] - البناية شرح الهداية - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أدب القاضي

- ‌[شروط تولى القضاء]

- ‌[حكم طلب تولى القضاء]

- ‌[وظائف القاضي]

- ‌[قبول الهدية للقاضي]

- ‌[تسوية القاضي بين الخصمين]

- ‌فصل في الحبس

- ‌ الحبس جزاء المماطلة

- ‌[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌[حكم كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[فصل قضاء المرأة]

- ‌[استخلاف القاضي]

- ‌[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]

- ‌[حكم الباطن فيما قضى به القاضي في الظاهر]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[إقراض القاضي من مال اليتامى]

- ‌باب التحكيم

- ‌[تعريف التجكيم ومشروعيته]

- ‌ التحكيم في الحدود والقصاص

- ‌حكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده

- ‌[مسائل شتى في كتاب القضاء]

- ‌[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]

- ‌ ادعى في دار دعوى، وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها

- ‌ قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر

- ‌[أقر الطالب أنه قبض ماله على فلان مائة ثم قال وجدتها زيوفا]

- ‌[قال اقتضيت من فلان كذا درهما ثم ادعى أنها نبهرجة]

- ‌[قال لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك]

- ‌ ادعى على آخر أنه باعه جاريته، فقال: لم أبعها منك قط، فأقام المشتري البينة

- ‌فصل في القضاء بالمواريث

- ‌[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]

- ‌[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]

- ‌ قال مالي في المساكين صدقة

- ‌[أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة]

- ‌ قال القاضي: قد قضيت على هذا بالرجم، فارجمه

- ‌[قول القاضي بانفراده قبل العزل وبعده]

- ‌كتاب الشهادة

- ‌[حكم الشهادة إذا طلبها المدعي]

- ‌الشهادة في الحدود

- ‌[مراتب الشهادة]

- ‌ شهادة النساء مع الرجال

- ‌[اشتراط العدالة في الشهادة]

- ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

- ‌[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]

- ‌[الشهادة بالتسامع على الموت]

- ‌ شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته

- ‌[أداء الشهادة بالتسامع]

- ‌[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]

- ‌ شهادة الأعمى

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته]

- ‌[شهادة المملوك]

- ‌[شهادة المحدود في القذف]

- ‌ شهادة الوالد لولده

- ‌[شهادة الأجير لأستاذه]

- ‌ شهادة أحد الزوجين للآخر

- ‌ شهادة المولى لعبده

- ‌[شهادة المخنث]

- ‌[شهادة مدمن الشرب]

- ‌[شهادة من يلعب بالطيور]

- ‌[شهادة من يأتي بابا من الكبائر]

- ‌[شهادة من يدخل الحمام بغير إزار]

- ‌[شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

- ‌ شهادة من يظهر سب السلف

- ‌ شهادة أهل الأهواء

- ‌ شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض

- ‌ شهادة الحربي على الذمي

- ‌[شهادة من ترك الصلاة في الجماعة استخفافا ا]

- ‌ شهادة الأقلف

- ‌[شهادة منزوع الخصيتين]

- ‌[شهادة ولد الزنا]

- ‌شهادة العمال

- ‌[شهادة الوصيين إذا أقرا أن معهما ثالثا]

- ‌ الشهادة على جرح مجرد

- ‌ أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود

- ‌[شهادة من ذكر الجانب الشرقي مكان الجانب الغربي أو على العكس]

- ‌باب الاختلاف في الشهادة

- ‌[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]

- ‌[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]

- ‌[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]

- ‌[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]

- ‌[اختلاف الشهود في النكاح]

- ‌فصل في الشهادة على الإرث

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شاهدين على شهادة شاهدين

- ‌[صفة الإشهاد في الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شهود الفرع

- ‌[قال أشهدني فلان على نفسه في شهادة الأصول على الفروع]

- ‌ شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر

- ‌[شهادة الزور]

- ‌كتاب الرجوع عن الشهادة

- ‌ رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها

- ‌[كيفية الرجوع عن الشهادة]

- ‌ شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا

- ‌ شهد رجل وامرأتان، فرجعت امرأة

- ‌[شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا]

- ‌ شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها، ثم رجعا

- ‌ شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا

- ‌ شهدوا بقصاص، ثم رجعوا بعد القتل

- ‌[رجوع شهود الفرع عن شهادتهم في مجلس القاضي بعد القضاء بشهادتهم]

- ‌[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]

- ‌كتاب الوكالة

- ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

- ‌ الوكالة بالخصومة

- ‌ الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود

- ‌[أوكل الحرالعاقل البالغ أو المأذون مثلهما]

- ‌[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]

- ‌ طالب الموكل المشتري بالثمن

- ‌باب الوكالة بالبيع والشراء

- ‌فصل في الشراء

- ‌[وكل رجلاً بشراء شيء هل يلزم تسمية الجنس والصفة]

- ‌[الجهالة اليسيرة في الوكالة بالبيع والشراء]

- ‌[قال لآخر اشتر لي دابة أو ثوبا أو دارا]

- ‌[دفع إلى آخر دراهم وقال اشتري لي حنطة]

- ‌ اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب

- ‌ التوكيل بعقد الصرف والسلم

- ‌[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]

- ‌ وكله بشراء عبد بغير عينه، فاشترى عبدا

- ‌[أمر رجلان أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم لهما ثمنا فاشترى أحدهما]

- ‌ له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه

- ‌ تمليك الدين من غير من عليه الدين

- ‌فصل في التوكيل بشراء نفس العبد

- ‌فصل في البيع

- ‌الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض

- ‌الذي لا يتغابن الناس فيه

- ‌ وكله ببيع عبد له فباع نصفه

- ‌ أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه

- ‌[فصل في بيان وكالة الاثنين]

- ‌[يوكلهما بطلاق زوجته بغير مال]

- ‌ يوكل فيما وكل به

- ‌[عقد الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول]

- ‌[زوج العبد أو المكاتب أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة]

- ‌باب الوكالة بالخصومة والقبض

- ‌ الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض

- ‌ أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي

- ‌ كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم

- ‌ ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم

- ‌ وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري

- ‌باب عزل الوكيل

- ‌[حكم عزل الوكيل]

- ‌[مبطلات الوكالة]

- ‌[تصرف بنفسه فيما وكل به الوكيل]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

- ‌[إقرار المدعى عليه بصحة الدعوى وما يترتب عليه]

- ‌باب اليمين

- ‌ قال المدعي: لي بينة حاضرة وطلب اليمين

- ‌ بينة صاحب اليد في الملك المطلق

- ‌ نكل المدعى عليه عن اليمين

- ‌[ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة وبالعكس]

- ‌ ادعى قصاصا على غيره فجحده

- ‌فصل في كيفية اليمين والاستحلاف

- ‌[استحلاف اليهودي والنصراني]

- ‌[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]

- ‌باب التحالف

- ‌[صفة اليمين في التحالف]

- ‌[اختلفا البائع والمشتري في الثمن]

- ‌ اختلف الزوجان في المهر

- ‌[اختلف المتآجران في الإجارة]

- ‌[اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح بينهما قائم]

- ‌فصل فيمن لا يكون خصما

- ‌باب ما يدعيه الرجلان

- ‌ ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة، وأقاما بينة

- ‌ ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد

- ‌[ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما]

- ‌ ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة

- ‌[ادعى كل منهما أنه اشترى هذه العين من واحد]

- ‌[أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا]

- ‌ أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج

- ‌[أقاما الخارج وصاحب اليد البينة على نسج ثوب فيما لا يتكرر نسجه كغزل القطن]

- ‌ أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه

- ‌[أقام الخارج وصاحب اليد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما]

- ‌[أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة]

- ‌[دارا في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة]

- ‌[ادعى أحدهما نصفها والآخر كلها]

- ‌[تنازعا في دابة والدابة في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده]

- ‌(فصل في التنازع بالأيدي)

- ‌ كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر

- ‌[ادعيا عبدا وهو في أيديهما]

- ‌[قال أنا عبد لفلان]

- ‌[كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادي وتنازعا فيه]

- ‌[دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت وتنازعا]

- ‌(باب دعوى النسب)

- ‌ باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع

- ‌ باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول

- ‌ ادعى نسب أحد التوأمين

- ‌ الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب، ثم قال: هو ابني

- ‌ الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي

- ‌ ادعت امرأة صبيا أنه ابنها

- ‌ الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها، وزعمت أنه ابنها من غيره

- ‌[اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل]

- ‌(كتاب الإقرار)

- ‌ أقر الحر البالغ العاقل بحق

- ‌ إقرار الصبي والمجنون

- ‌ قال: لفلان علي مال

- ‌ قال: له علي أو قبلي

- ‌[الإقرار بكون الشيء في يده]

- ‌[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]

- ‌[قال له علي مائة ودرهم]

- ‌ أقر بتمر في قوصرة

- ‌ أقر بدابة في إصطبل

- ‌ أقر لغيره بخاتم

- ‌ قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب

- ‌ قال: له علي من درهم إلى عشرة

- ‌ قال: لحمل فلانة علي ألف درهم

- ‌[فصل في بيان مسائل الحمل]

- ‌[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]

- ‌ أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل

- ‌باب الاستثناء وما في معناه

- ‌[معنى الاستثناء]

- ‌ قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة

- ‌ أقر بحق، وقال: إن شاء الله متصلا بإقراره

- ‌ قال: بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان

- ‌[قال هذه الدار لفلان واستثنى بناءها لنفسه]

- ‌ قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه

- ‌[قال المقر له مع إنكار العبد المقر به ما بعتكه إنما بعتك غيره]

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير

- ‌ قال: أقرضني ألف درهم ثم قال: هي زيوف

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض

- ‌ قال: هي ستوقة أو رصاص بعدما أقر بالغصب والوديعة ووصل

- ‌ أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب

- ‌ قال: أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل قرضا

- ‌ قال: هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه، فقال فلان: هي لي

- ‌ قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان: الثوب ثوبي

- ‌ أقر أن فلانا زرع هذه الأرض

- ‌باب إقرار المريض

- ‌[حكم إقرار المريض]

- ‌[أقر المريض بعين في يده لآخر]

- ‌[أقر الرجل في مرضه بدين]

- ‌[أقرالمريض لوارثه]

- ‌ أقر لأجنبي ثم قال: هو ابني

- ‌ أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه

- ‌ إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى

- ‌ أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم

- ‌ مات أبوه فأقر بأخ

- ‌ مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين

الفصل: ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

‌كتاب الوكالة

ــ

[البناية]

[كتاب الوكالة]

[تعريف الوكالة وحكمها]

م: (كتاب الوكالة)

ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الوكالة، وجه المناسبة بينه وبين كتاب الشهادات من حيث أن كلا منهما إعانة الغير واجبا حقه. والوكالة بكسر الواو وفتحها، التفويض والتسليم من وكل إليه الأمر إذا فوضه إليه. ويقال: الوكالة لغة الحفظ، ومنه الوكيل في أسماء الله تعالى بمعنى الحافظ، وهو اسم للتوكيل من وكله، يوكله، توكيلا، والتوكيل إظهار العجز والاعتماد على الغير، والاسم التكلان، والوكيل القائم بما فوض إليه، والجمع الوكلاء فعيل بمعنى مفعول، ومعناه شرعا إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم وركنها لفظ وكلت وأشباهه.

وروى بشر عن أبي يوسف رحمه الله: إذا قال الرجل لغيره أحببت أن تبيع عبدي هذا أو هويت أو رضيت، أو شئت، أو أردت، فذلك توكيل وأمر بالبيع، وشرطها أن يملك الموكل تصرفا ويلزم الأحكام، كما سيجيء إن شاء الله تعالى، وحكمها جواز مباشرة الوكيل، فوض إليه وصفتها أنه عقد جائز، يملك كل من الموكل والوكيل العزل بدون رضى صاحبه، وسببها ما هو السبب في سائر المعاملات، وهو تعلق بناء المقدور تعاطيها، ومشروعيتها بالكتاب هو قَوْله تَعَالَى:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19](الكهف: الآية 19) . ولم يلحقه النكير.

وبالسنة وهو ما روي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل حكيم بن حزام بشراء الأضحية، وعروة البارقي به أيضا، وعمرو بن أمية بقبول نكاح أم حبيبة بنت أبي سفيان، وأبا رافع بقبول نكاح ميمونة،» وبإجماع الأمة على جوازها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وكذا المعقول يدل عليه، إذ الإنسان قد يعجز عن حفظ ماله عند خروجه للسفر، وقد يعجز عن التصرف في ماله، إما لقلة

ص: 216

قال: كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره؛ لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه على اعتبار بعض الأحوال،

ــ

[البناية]

هديته أو لكثرة أشغاله أو لكثرة ماله، أو لضعفه أو لوجاهته لا يتولى الأمور بنفسه فاقتضى هذا المعنى جوازها.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره) ش: هذه ضابطة يتبين بها ما يجوز للوكيل به وما لا يجوز، واعترض عليها بأنها غير متطردة منعكسة.

أما الأول: فلأن الإنسان جاز له أن يستقرض بنفسه، والتوكيل به باطل وتبع على المستقرض الذي هو التوكيل لا على الموكل، والوكيل يعقد بنفسه، وإذا وكل غيره ولم يؤذن له في ذلك لا يجوز له. والذي إذا وكل مسلما في الخمر لم يجز، وجاز أن يعقد الذي بنفسه فيها.

وأما الثاني: فإن المسلم لا يجوز له عقد بيع الخمر وشراءها بنفسه، ولو وكل ذميا بذلك جاز عند أبي حنيفة رضي الله عنه.

والجواب عن الأول: أن محل العقد من شروطه كون المحل ملكا مشروطا كما عرف وليس بموجود في التوكيل بالاستقراض؛ لأن الدراهم التي يستقرضها الوكيل ملك المقرض، والأمر بالتصرف في ملك الغير باطل.

وفي " الذخيرة ": لو أخرج الوكيل كلامه في الاستقراض مخرج الرسالة، بأن قال: فلان يستقرض منك كذا، ففعل المقرض تكون الدراهم للآمر حتى لا يكون للوكيل أن يمنع ذلك منه، ولو أخرج الكلام مخرج الوكالة بأن قال: أقرضني عشرة فالعشرة للوكيل، وله أن يمنعها من الآمر؛ لأن التوكيل بالاستقراض باطل، بخلاف الرسالة، والمراد من قوله " أن يعقده بنفسه " هو أن يكون مستبدا به، والوكيل ليس كذلك، والذي جاز له توكيل المسلم والممتنع توكيل المسلم عنه ليس كلامنا في ذلك لجواز أن يمنع مانع عن التوكيل، وإن صح التوكيل فقد وجد المانع وهو حرمة اقتراضه منها.

والجواب عن الثاني: بأن العكس غير لازم وليس بمقصود.

م: (لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه على اعتبار بعض الأحوال) ش: بأن يكون مريضا أو شيخا فانيا أو ذا وجاهة لا يتولى الأمور بنفسه، والتوكيل صحيح بدون هذه العوارض؛ لأن حكمة الحكم تراعى في الجنس لا في الإفراد كالسفر مع المسنة، وبهذا يجاب عما قيل بأن قوله " لأن الإنسان قد يعجز " دليل أخص من المدلول وهو جواز الوكالة فإنها جائزة. وإن لم يكن ثمة عجز

ص: 217

فيحتاج إلى أن يوكل به غيره، فيكون بسبيل منه

دفعا للحاجة.

وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام وكل بالشراء حكيم بن حزام وبالتزويج عمر بن أم سلمة رضي الله عنهما

ــ

[البناية]

أصلا، وتقرير الجواب كان ذلك بيان حكمة الحكم، وهي تراعي في الجنس لا في الإفراد، ويجوز أن يقال: ذكر الخاص وأراد العام، وهو الحاجة لأن الحاجة للعجز حاجة خاصة، وهو مجاز شائع وحينئذ يكون المناط وهو الحاجة، وقد يوجد بلا عجز م:(فيحتاج إلى أن يوكل به غيره فيكون بسبيل منه) ش: أي من التوكيل م: (دفعا للحاجة) ش: أي لأجل دفع الحاجة.

م: (وقد صح «أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل بالشراء حكيم بن حزام» ش: هذا رواه أبو داود في " سننه " حدثنا محمد بن كثير عن سفيان، حدثني أبو حصين عن شيخ من أهل المدينة «عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية، فاشتراها بدينار فباعها بدينارين، فرجع واشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له أن يبارك له في تجارته» وفي إسناده مجهول ورواه الترمذي.

حدثنا أبو كريب عن أبي حفص عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام فذكره، وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحبيب لم يسمع عندي عن حكيم، انتهى.

وهكذا كما رأيت رواية أبي داود فيه مجهول، ورواه الترمذي منقطعا، فكيف يكون صحيحا حتى يقول المصنف، وقد صح؟! ولكن يمكن أن أستدل هنا بحديث عروة البارقي، فإن البخاري أخرجه في " صحيحه " عن على بن عبد الله، عن سفيان «عن شبيب بن غرقدة قال: سمعت الحي يتحدثون عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة، فاشترى له به شاتين. فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة، فدعى له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه» .

فإن قلت: قالوا البخاري رحمه الله بما أخرجه بغير الاحتجاج به وذكروا فيه كلاما كثيرا.

قلت: قال ابن العربي: إنه حديث صحيح، وقال الترمذي رحمه الله: فذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا به، وهو قول أحمد وإسحاق رحمهم الله وكفى بهذين الإمامين حجة، وحكيم بن حزام بكسر الحاء المهملة وبالزاي ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ويكنى أبا خالد يوم الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما، وكان من وجوه قريش وأشرافها، وعاش في الجاهلية ستين عاما، وفي الإسلام ستين عاما، ومات بالمدينة في خلافة معاوية رحمه الله سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة، وذهب بصره قبل أن يموت.

م: (وبالتزويج عمر بن أم سلمة رضي الله عنهما) ش: أي وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزويج عمر

ص: 218