الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب دعوى النسب)
قال: وإذا
باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع
، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم باع فهو ابن للبائع وأمه أم ولد له، وفي القياس وهو قول زفر والشافعي - رحمهما الله - دعوته باطلة؛ لأن البيع اعتراف منه بأنه عبد فكان في دعواه متناقضا ولا نسب بدون الدعوى. وجه الاستحسان أن اتصال العلوق بملكه شهادة ظاهرة على كونه منه؛ لأن الظاهر عدم الزنا، ومبنى النسب على الخفاء، فيعفى فيه التناقض، وإذا صحت الدعوى استندت إلى وقت العلوق فتبين أنه باع أم ولده فيفسخ البيع، لأن بيع أم الولد لا يجوز ويرد الثمن، لأنه قبضه بغير حق.
ــ
[البناية]
[باب دعوى النسب]
[باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع]
م: (باب دعوى النسب)
ش: أي هذا الباب في بيان حكم دعوى النسب، ولما ذكر دعوى المال شرع في دعوى النسب وقدم دعوى المال لكثرة وقوعها، فكان أهم. وفي " الصحاح ": الدعوة بالكسر في النسب، وبالفتح في الطعام، وقيل على العكس.
قلت: وبالضم في الجهاد.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم باع فهو ابن البائع وأمه أم ولد له) ش: وتفسخ البيع ويرد الثمن.
م: (وفي القياس وهو قول وزفر والشافعي - رحمهما الله تعالى - لأن دعوته باطلة؛ لأن البيع اعتراف منه) ش: أي من البائع م: (بأنه عبد) ش: أي بأن الولد عبد، لأن إقدامه على البيع يدل على ذلك م:(فكان في دعواه مناقضاًَ) ش: ودعوى التناقض مردود م: (ولا نسب بدون الدعوى) ش: أي ولا يثبت النسب بدون الدعوى.
م: (وجه الاستحسان: أن اتصال العلوق بملكه) ش: أي بملك المدعي وهو البائع م: (شهادة ظاهرة على كونه منه) ش: وذلك بمنزلة البينة العادلة حكماً في حق ثبوت النسب وحرية الولد في الأصل وصيرورة الجارية أم ولد له م: (لأن الظاهر عدم الزنا، ومبنى النسب على الخفاء) ش: جواب عن المناقض، لأن الإنسان قد لا يعلم ابتداء بكون العلوق منه ولم يتبين له أنه منه م:(فيعفى فيه التناقض) ش: لأجل الخفاء.
م: (وإذا صحت الدعوى) ش: أي دعوى البائع م: (استندت إلى وقت العلوق) ش: منه م: (فتبين أنه باع أم ولده، فيفسخ البيع، لأن بيع أم الولد لا يجوز ويرد الثمن لأنه) ش: أي لأن البائع م: (قبضه بغير حق) ش: فيجب عليه رده.
وإن ادعاه المشتري مع دعوى البائع أو بعده فدعوة البائع أولى، لأنها أسبق لاستنادها إلى وقت العلوق، وهذه دعوى استيلاد. وإن جاءت به لأكثر من سنتين من وقت البيع لم تصح دعوى البائع، لأنه لم يوجد اتصال العلوق بملكه تيقنا وهو الشاهد والحجة، إلا إذا صدقه المشتري فيثبت النسب ويحمل على الاستيلاد بالنكاح ولا يبطل البيع، لأنا تيقنا أن العلوق لم يكن في ملكه فلا يثبت حقيقة العتق ولا حقه، وهذه دعوى تحرير وغير المالك ليس من أهله. وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر من وقت البيع ولأقل من سنتين لم تقبل دعوى البائع فيه، وإلا أن يصدقه المشتري، لأنه احتمل أن لا يكون العلوق في ملكه فلم توجد الحجة، فلا بد من تصديقه. وإذا صدقه يثبت النسب ويبطل البيع والولد حر والأم أم ولد له
ــ
[البناية]
م: (وإن ادعاه المشتري مع دعوى البائع أو بعده) ش: دعوى البائع م: (فدعوى البائع أولى، لأنها أسبق لاستنادها إلى وقت العلوق) ش: إنما عينه بقوله " مع دعوى " لأنه لو ادعاه المشتري أولا يثبت النسب منه ولا يثبت نسب البائع بعد ذلك لاستغناء الولد عن النسب م: (وهذه دعوى استيلاد) ش: هذا جواب دخل تقديره كيف تصح الدعوى والملك معدوم، فأجاب بقوله " وهذه " أي دعوى البائع استيلاد ودعوى المشتري دعوى تحرير، إذ الأصل العلوق لم يكن في ملكه، ودعوى الاستيلاد أولى لاستنادها إلى وقت العلوق. ودعوى الاستيلاد لا تفتقر إلى حقيقة الملك، ودعوى التحرير تفتقر إليها.
وقال الكاكي رحمه الله: قوله " دعوى استيلاد " في الحقيقة، هذا جواب عن قول إبراهيم النخعي حيث قال فيها: يثبت النسب من المشتري، لأن حقيقة الملك فيها وفي ولدها، وللبائع حق، والحق لا يعارض الحقيقة، قلنا: هذه دعوى استيلاد.... إلخ.
م: (وإن جاءت به لأكثر من سنتين من وقت البيع لم تصح دعوة البائع، لأنه لم يوجد اتصال العلوق بملكه يقيناً وهو) ش: أي اتصال العلوق بملكه م: (الشاهد والحجة) ش: في ثبوت النسب م: (إلا إذا صدقه المشتري، فيثبت النسب ويحمل على الاستيلاد بالنكاح) ش: حملاً لأمره على الصلاح م: (ولا يبطل البيع، لأنا تيقنا أن العلوق لم يكن في ملكه فلا يثبت حقيقة العتق) ش: في حق الولد م: (ولا حقه) ش: ولا حق المعتق في الجارية م: (وهذه دعوى تحرير) ش: يعني إذا لم تصر الجارية أم ولد تبقى الدعوى في الولد دعوى تحرير م: (وغير المالك ليس من أهله) ش: والبائع ليس بمالك فلا بد من تصديق المشتري.
م: (وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر من وقت البيع ولأقل من سنتين لم تقبل دعوى البائع فيه، إلا أن يصدقه المشتري، لأنه احتمل) ش: أي لأن الشأن أنه احتمل م: (أن لا يكون العلوق في ملكه فلم توجد الحجة فلا بد من تصديقه، وإذا صدقه يثبت النسب ويبطل البيع والولد حر والأم أم ولد له
كما في المسألة الأولى لتصادقهما واحتمال العلوق في الملك. قال: فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم لأنها تابعة للولد، ولم يثبت نسبة بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك، فلا يتبعه استيلاد الأم. وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع، لأن الولد هو الأصل في النسب فلا يضره فوات التبع وإنما كان الولد أصلا لأنها تضاف إليه، يقال أم الولد وتستفيد الحرية من جهته لقوله عليه الصلاة والسلام:«أعتقها ولدها» والثابت لها حق الحرية وله حقيقتها،
ــ
[البناية]
كما في المسألة الأولى لتصادقهما واحتمال العلوق في الملك) ش: وإن ادعاه المشتري وحده صحت دعوته، لأن دعوته دعوى استيلاد، حتى يكون الولد حر الأصل، ولا يكون له ولاء على الولد، لأن العلوق في ملكه يمكن، وإن ادعياه معاً أو متعاقباً فالمشتري أولى، لأن البائع في هذه الحالة كالأجنبي، هذا الذي ذكرناه كله إذا علم مدة الولادة بعد البيع، فإذا لم يعلم أنها جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر فصاعداً ما بينهما وبين سنتين أو لأكثر من سنتين، فالمسألة على أربعة أوجه أيضاً.
فإن ادعاه البائع فإنها لا تصح دعوته، إلا أن يصدقه المشتري لعدم تيقن العلوق في ملكه؛ وإن ادعاه المشتري صح؛ لأن أكثر ما في الباب أن علوق الولد في ملك البائع بأن جاءت به لأقل من ستة أشهر، ولكن هذا لا يمنع دعوى المشتري، ولو سبق أحدهما صاحبه في الدعوى إن سبق المشتري صحت دعوته، وإن سبق البائع ثم ادعى المشتري لا تصح دعوى واحدة منهما لوقوع الشك في إثبات النسب من كل واحد منهما. وإن ادعيا معاً فإنه لا تصح دعوى واحد منهما، وإن ادعيا معا فإنه لا تصح دعوى واحد منهما، ويكون الولد عبد المشتري.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم؛ لأنها تابعة للولد ولم يثبت نسبه بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك فلا يتبعه استيلاد الأم) ش: لأنه فرع النسب.
م: (وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع؛ لأن الولد هو الأصل في النسب) ش: والاستيلاد فرع النسب كما ذكرنا.
م: (فلا يضره) ش: أي فلا يضر نسب الولد م: (فوات التبع) ش: وهو الأم أو أمومية الولد م: (وإنما كان الولد أصلاً لأنها) ش: أي لأن الأم م: (تضاف إليه، يقال " أم الولد " وتستفيد) ش: أي الأم م: (الحرية من جهته) ش: أي من جهة الولد م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «أعتقها ولدها» ش: هذا تقدم في باب الاستيلاد، رواه ابن ماجه.
م: (والثابت لها) ش: أي للأم م: (حق الحرية، وله) ش: أي وللولد م: (حقيقتها) ش: أي
والأدنى يتبع الأعلى ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم، لأنه تبين أنه باع أم ولده وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري، وعندهما متقومة فيضمنها. وفي " الجامع الصغير ":
وإذا حبلت الجارية في ملك رجل فباعها فولدت في يد المشتري فادعى البائع الولد وقد أعتق المشتري الأم فهو ابنه يرد عليه بحصته من الثمن. ولو كان المشتري إنما أعتق الولد فدعواه باطلة.. ووجه الفرق أن الأصل في هذا الباب
ــ
[البناية]
حقيقة الحرية، وهو ظاهر
م: (والأدنى يتبع الأعلى ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم؛ لأنه تبين انه باع أم ولده وماليتها) ش: أي ومالية أم الولد م: (غير متقومة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله م: (في العقد والغصب) ش:، حتى إذا اشترى أم الغير وماتت في يده لا يضمن المشتري قيمتها، وكذلك لو غصبها فماتت عنده م:(فلا يضمنها المشتري) ش: أي عند أبي حنيفة رضي الله عنه م: (وعندهما متقومة فيضمنها) ش: أي المشتري في العقد، والغاصب في الغصب.
م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (وفي " الجامع الصغير ") ش: إنما ذكر المصنف رواية " الجامع الصغير " إعلاماً بأن حكم الإعتاق فيما نحن فيه حكم الموت،.
م: (وإذا حبلت الجارية في ملك رجل فباعها فولدت في يد المشتري) ش: لأقل من ستة أشهر من بيعها م: (فادعى البائع الولد، وقد أعتق المشتري الأم فهو ابنه) ش: أي ابن البائع م: (ويرد عليه بحصته من الثمن) ش: يعني يقيم الثمن على قيمة الولد وقيمة أمه، فما أصاب الأم يلزم المشتري، وما أصاب الولد سقط عنه، ولا تصير الجارية أم ولد للبائع، لأنه يثبت فيها للمشتري ما لا يحتمل الإبطال وهو الولد وكذا الحكم فيها إذا دبرها أو استولدها، ذكره التمرتاشي. وقال قاضي خان رحمه الله في " شرح الجامع الصغير ": ذكره شمس الأئمة السرخسي أن هذا قول أبي يوسف ومحمد رحمه الله، أما على قول أبي حنيفة: يرد الولد بجميع الثمن، لأنه لا مالية لأم الولد.
قال الأترازي: فيه نظر، لأن محمداً - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نقل في " الجامع الصغير " عن أبي حنيفة رحمه الله صريحاً: أنه يرد الولد بحصته من الثمن، وكذا ذكر في " الأصل " يرد إليه بحصته من الثمن. م:(ولو كان المشتري إنما أعتق الولد فدعواه باطلة) ش: يعني إذا كان المشتري أعتق الولد فدعوته باطلة إذا لم يصدقه المشتري م: (ووجه الفرق) ش: أي بينهما: إذا أعتق المشتري الأم ولم يعتق الولد حيث تكون دعوى البائع صحيحة في حق الولد خاصة وبينهما إذا أعتق المشتري الولد دون الأم حيث تبطل دعوى البائع أصلاً م: (أن الأصل في هذا الباب) ش: أي في
الولد، والأم تابعة له على ما مر. وفي الفصل الأول قام المانع من الدعوى والاستيلاد وهو العتق في التبع وهو الأم، فلا يمتنع ثبوته في الأصل وهو الولد وليس من ضروراته كما في ولد المحرور، فإنه حر وأمه أمة لمولاها، وكما في المستولدة بالنكاح. وفي الفصل الثاني قام المانع بالأصل وهو الولد فيمتنع ثبوته فيه وفي التبع وإنما كان الإعتاق مانعا، لأنه لا يحتمل النقض كحق استلحاق النسب، وحق الاستيلاد فاستويا من هذا الوجه، ثم الثابت من المشتري حقيقة الإعتاق، والثابت في الأم حق الحرية وفي الولد للبائع حق
ــ
[البناية]
باب ثبوت النسب م: (الولد، والأم تابعة له على ما مر) ش: من قوله " لأن الولد هو الأصل " في النسب.
م: (وفي الفصل الأول) ش: أي فيما إذا أعتق المشتري أم الولد: م: (قام المانع من الدعوى والاستيلاد وهو العتق في التبع وهو الأم، فلا يمتنع ثبوته في الأصل وهو الولد) ش:.
فإن قيل: إذا لم تمتنع الدعوى في الولد يثبت العتق فيه والنسب لكون العلوق في ملكه يتيقن، لأن الكلام فيما إذا حبلت الجارية في ملك البائع، ومن حكم ثبوت النسب للولد صيرورة أمه أم ولد للبائع، فكان ينبغي أن يبطل البيع، وإلحاق المشتري.
أجاب المصنف بقوله: م: (وليس من ضروراته) ش: حرية الأم، أي ثبوت الاستيلاد في حق الأم من ضرورات ثبوت المعتق والنسب للولد لانفكاكه عنه م:(كما في ولد المحرور) ش: وهو ما إذا اشترى الرجل أمة من رجل يزعم أنها ملكه فاستولدها فاستحقت م: (فإنه) ش: أي فإن الولد م: (حر) ش: عتيق بالقيمة، وهو ثابت النسب من أبيه، م:(وأمه أمة لمولاها) ش: وليست أم ولد لأبيه، م:(وكما في المستولدة بالنكاح) ش: بأن تزوج امرأة على أنها حرة فولدت فإذا هي أمة فإنه يثبت نسب ولدها، ولا تثبت أمومية أم الولد منها.
م: (وفي الفصل الثاني) ش: وهو ما إذا أعتق المشتري الولد ثم ادعاه البائع أنه ولد م: (قام المانع بالأصل وهو الولد فيمتنع ثبوته) ش: أي ثبوت ما ذكرنا من الاستيلاد والدعوى م: (فيه) ش: أي في الأصل م: (وفي التبع) ش: وهو الأم م: (وإنما كان الإعتاق مانعاً) ش: أي إنما كان إعتاق المشتري الولد مانعاً لدعوى البائع م: (لأنه) ش: أي لأن الإعتاق م: (لا يحتمل النقض كحق استلحاق النسب) أي من البائع في حق الولد م: (وحق الاستيلاد) ش: أي وكحق استيلاد البائع في حق الأم م: (فاستويا) ش: أي استوى إعتاق المشتري وحق استحقاق البائع م: (من هذا الوجه) ش: أي من حيث أنهما لا يحتملان النقض.
م: (ثم الثابت من المشتري) ش: هذا بيان ترجيح الإعتاق على الاستحقاق يعني الثابت من المشتري م: (حقيقة الإعتاق) ش: أي في الولد م: (والثابت في الأم حق الحرية، وفي الولد للبائع حق