الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد بالمهر معجله دون مؤجله.
قال: ولا يحبسه فيما سوى ذلك إذا قال: إني فقير إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه، لأنه لم توجد دلالة اليسار، فيكون القول قول من عليه الدين، وعلى المدعي إثبات غناه، ويروى أن القول لمن عليه الدين في جميع ذلك لأن الأصل هو العسرة،
ــ
[البناية]
معسر، ففيه اختلاف المشايخ، ورأي الخصاف رحمه الله: أن القول قول المديون لأنه متمسك بالأصل. وقيل: إن كان الدين وجب عليه بدلا عن مال، كثمن متاع، أو بدل. قرض، فالقول قول المدعي، وإن كان بدلا عما ليس بمال، كالمهر ونحوه، فالقول قول المدعى عليه. ونسب الخصاف رحمه الله هذا القول في " أدب القاضي " إلى أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله.
ومن العلماء من قال: يحكم في الزاي، إن تزيا بزي الفقر، كان المقول قول المديون، وإن تزيا بزي الأغنياء، كان القول قول الطالب؛ لأن ذلك علامة ودليل إلا في حق العلوية والفقهاء، فإنهم يتكلفون في لباسهم، حتى لا يذهب ماء وجههم مع حاجتهم، فلا يكون الزي دليلا وعلما على اليسار في حقهم، فإن كان المطلوب ادعى الفقراء، وادعى الطالب أنه غير زيه، وقد كان عليه زي الأغنياء قبل أن يحضر مجلس القاضي فإن القاضي يسأل البينة، فإن أقام البينة على أنه كان عليه زي الأغنياء قبل ذلك، سمع منه البينة، ويجعل القول قوله، وإن لم يمكنه إقامة البينة، يحكم بزيه في الحال، ويجعل القول قول المطلوب، كذا في " شرح آداب القاضي ".
م: (والمراد بالمهر معجله دون مؤجله) ش: لأن العادة جارية بتسليم المعجل، فكان الإقدام على النكاح دليلا على القدرة، والوفاء بالمعجل، فلا يقبل قوله أنه معسر. قال فخر الإسلام البزدوي رحمه الله: هذا في المعجل، أما إذا طلبت المرأة المؤجل بعد ما بنى بها، فإن القول قول الزوج أنه عسر؛ لأنه لا دلالة هاهنا على القدرة منه على آدابه؛ فأما في النفقة، فإن القول قول الزوج أنه معسر في تقدير النفقة.
[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]
م: (قال: ولا يحسبه فيما سوى ذلك) ش: أي فيما سوى المذكور كضمان المتلف والغصب وأرش الجناية. م: (إذا قال: إني فقير، إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه؛ لأنه لم توجد دلالة اليسار، فيكون القول قول من عليه الدين، وعلى المدعي إثبات غناه، ويروى أن القول لمن عليه الدين في جميع ذلك لأن الأصل هو العسرة) ش: أي في ثمن المبيع والمهر وغير ذلك.
وفي " الذخيرة ": إذا أقام المدعي بينة على يساره، وأقام المديون بينة على إعساره، فبينة رب الدين أولى، لأن شهود المديون شهدوا بشيء لم يعرفوه.
ويروى أن القول له إلا فيما بدله مال. وفي النفقة القول قول الزوج أنه معسر، وفي إعتاق العبد المشترك القول للمعتق. والمسألتان تؤديان القولين الأخيرين، والتخريج على ما قاله في الكتاب إنه ليس بدين مطلق، بل هو صلة حتى تسقط النفقة بالموت على الاتفاق، وكذا عند أبي حنيفة ضمان الإعتاق، ثم فيما كان القول قول المدعي، إن له مالا أو ثبت ذلك بالبينة فيما كان القول قول من عليه، يحبسه شهرين أو ثلاثة، ثم يسأل عنه،
ــ
[البناية]
م: (ويروى) ش: عن الخصاف رحمه الله أنه نسبه إلى أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقد مر بيانه م: (أن القول له) ش: أي لمن عليه الدين م: (إلا فيما بدله مال) ش: يعني القول فيما بدله مال للمدعي م: (وفي النفقة القول قول الزوج إنه معسر) ش: يعني إذا ادعت المرأة على زوجها أنه موسر، وادعت نفقة الموسرين، وزعم الزوج أنه معسر، وعليه نفقة المعسرين، فالقول قول الزوج.
م: (وفي إعتاق العبد المشترك القول للمعتق) ش: يعني إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه من العبد.
وزعم أنه معسر، كان القول قوله م:(والمسألتان) ش: وهما مسألة النفقة ومسألة إعتاق العبد المشترك م: (تؤيدان القولين الأخيرين) ش: وبعض النسخ الأخير، وأراد بالقولين الأخيرين قوله ويروى أن القول لمن عليه الدين في جميع ذلك، ويروى أن القول له إلا فيما بدله مال.
م: (والتخريج) ش: أي تخريج مسألة الإنفاق والإعتاق م: (على ما قاله في الكتاب) ش: أي على ما قال القدوري رحمه الله في "مختصره "، حيث القول المدعي في كل دين التزمه بعقد مع وجود الالتزام، لم يكن القول للمدعي في المسألتين، فأجاب عنه وقال م:(إنه) ش: أي أن النفقة على تأويل الإنفاق م: (ليس بدين مطلق، بل هو صلة حتى تسقط النفقة بالموت على الاتفاق) ش: فلو كان دينا مطلقا لم يسقط إلا بالأداء أو بالإبراء م: (وكذا) ش: أي ولكذا ليس بدين مطلق م: (عند أبي حنيفة ضمان الإعتاق) ش: فإن المريض إذا أعتق في مرض موته عبدا مشتركا، لا يجب عليه الضمان عند أبي حنيفة رحمه الله فلما كان كذلك، لم ترد هاتان المسألتان بقضاء القول الأول، وهو قوله حبسه في كل دين
…
إلى آخره؛ لأن المراد بالدين هو المطلق منه، إذ به يحصل الاستدلال على القدرة.
م: (ثم فيما كان القول قول المدعي إن له مالا أو ثبت ذلك بالبينة فيما كان القول قول من عليه يحبسه) ش: أي الحاكم م: (شهرين أو ثلاثة ثم يسأل) ش: جيرانه وأهل الخبرة م: (عنه) ش: عن يساره وإعساره، وهذا التقدير رواية محمد رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله في
فالحبس لظهور ظلمه في الحال، وإنما يحبسه مدة ليظهر ماله لو كان يخفيه فلا بد من أن تمتد المدة ليفيد هذه الفائدة، فقدره بما ذكره، ويروى غير ذلك من التقدير بشهر أو أربعة إلى ستة أشهر، والصحيح أن التقدير مفوض إلى رأي القاضي لاختلاف أحوال الأشخاص فيه. قال: فإن لم يظهر له مال خلى سبيله، يعني بعد مضي المدة،
ــ
[البناية]
كتاب الحوالة، والكفالة، وروى الحسن رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله: أن التقدير فيه بأربعة أشهر، على قياس مدة الإيلاء. وذكر الطحاوي رحمه الله: أن التقدير فيه بشهر.
وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في " أدب القاضي ": ثم قال: والحاصل أنه ليس فيه مضي وقت مقدر، بل الأمر مفوض إلى رأي القاضي، فإن مضى أربعة أشهر، ووقع له أنه متعنت، يستديم حبسه، وإن كان دون ذلك، بأن كان شهرين أو شهرا أو دونه ووقع أنه عاجز لا مال له، أطلقه من السجن.
وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ما قال الطحاوي رحمه الله أوفق الأقاويل، وقال الناصحي رحمه الله في " تهذيب أدب القاضي ": قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله: يحبسه شهرين أو ثلاثة، وعلى رواية محمد رحمه الله قر وفيه أربعة أشهر، وعلى رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: ستة أشهر، ثم قال: وهو موقوف على رأي القاضي.
م: (فالحبس لظهور ظلمه في الحال) ش: وفي بعض النسخ لظهور مظلمة م: (وإنما يحبسه مدة ليظهر ماله لو كان يخفيه فلا بد من أن تمتد المدة ليفيد هذه الفائدة) ش: أراد بهذه ظهور ماله لو كان [يخفيه] م: (فقدره بما ذكره) ش: أي قدر محمد رحمه الله بما ذكره من الحبس أنه شهران أو ثلاثة م: (ويروى غير ذلك) ش: أي غير الشهرين أو الثلاثة م: (من التقدير بشهر أو أربعة) ش: أشهر م: (إلى ستة أشهر) ش: وقد مر ذلك كله، وقال المصنف رحمه الله م:(والصحيح أن التقدير) ش: في مدة الحبس م: (مفوض إلى رأي القاضي لاختلاف أحوال الأشخاص فيه) ش: أي من الحبس لأن بعض الناس، يضجر بالحبس في مدة قليلة ما لا يضجر آخر في مدة كثيرة. وبه قال الشافعي، وأحمد ومالك رحمهم الله، وقال ابن الماجشون المالكي رحمه الله لا يحبس في القليل أكثر من نصف الشهر، وفي الكثير يبلغ أربعة أشهر، وفيما بين ذلك الشهرين ونحوهما بالنسبة.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (فإن لم يظهر له) ش: أي الغريم م: (مال خلى سبيله) ش: ولا يحول بينه وبين غرمائه، قال المصنف رحمه الله م:(يعني بعد مضي المدة لأنه استحق النظرة) ش: بكسر الظاء م: (إلى الميسرة، فيكون حبسه بعد ذلك ظلما. ولو قامت البينة
لأنه استحق النظرة إلى الميسرة فيكون حبسه بعد ذلك ظلما، ولو قامت البينة على إفلاسه قبل المدة تقبل في رواية ولا تقبل في رواية، وعلى الثانية عامة المشايخ. قال في الكتاب: خلي سبيله ولا يحول بينه وبين غرمائه، وهذا كلام في الملازمة وسنذكره في كتاب الحجر إن شاء الله تعالى. قال وفي " الجامع الصغير " رجل أقر عند القاضي
ــ
[البناية]
على إفلاسه قبل المدة) ش: أي المدة التي رآها القاضي برائة، أو بعد مضي المدة التي اختارها بعض المشايخ رحمهم الله كشهر أو شهرين أو أربعة أشهر على ما تقدم م:(تقبل) ش: أي م: (البينة في رواية) ش: وبه قال الشافعي، وأحمد - رحمهما الله - م:(ولا تقبل في رواية) ش: وبه قال مالك رحمه الله م: (وعلى الثانية) ش: أي الرواية الثانية م: (عامة المشايخ) ش:. وقال الصدر الشهيد رحمه الله في " أدب القاضي ": هو الصحيح، وفي " الذخيرة ": لو أخبره عن إعساره قبل الحبس واحد عدل أو اثنان، أو شهد بذلك شاهدان، فعن محمد رحمه الله روايتان، في رواية: لا يحبسه وبه يفتي الفضلي رحمه الله وهو قول إسماعيل ابن حماد رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله وهكذا قال نصر بن يحيى رحمه الله وقال الإسكاف رحمه الله وعامة مشايخ ما وراء النهر رحمهم الله يحبسه ولا تقبل هذه البينة؛ لأنه بينة على النفي، إلا إذ تأيدت بمؤيده بعد مضي المدة تأيدت.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: سؤال القاضي عن المحبوس بعد حبسه احتياط، وليس بواجب، ولو طلب يمين الطالب عنه لا يعرف أنه معدم، يحلف، فإن نكل أطلقه، وإن حلف أبد الحبس.
وقال أبو القاسم رحمه الله: كيفية الشهادة: أن يقول: أشهد أنه مفلس، لا نعلم له مالا سوى كسوته التي عليه، وثياب ليله، وقد اختبرنا أمره سرا وعلانية.
م: (قال في الكتاب) ش: أي وقول القدوري رحمه الله م: (خلى سبيله ولا يحول بينه وبين غرمائه، وهذا كلام في الملازمة) ش: يعني المنع عن ملازمة المديون بعد إخراجه من الحبس في الملازمة هل للطالب ذلك أم لا؟ م: (وسنذكره في كتاب الحجر إن شاء الله تعالى) ش: أي المنع في باب الحجر بسبب الدين عند قوله، ولا يحول بينه وبين غرماء بعد خروجه من الحبس، يلازمونه
…
إلى آخره والمراد من الملازمة الطواف معه، أي طاف حتى يأخذ وأفضل كسبه لا المطالبة.
م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله م: (وفي " الجامع الصغير " رجل أقر عند القاضي
بدين فإنه يحبسه ثم يسأل عنه، فإن كان موسرا أبد حبسه، وإن كان معسرا خلى سبيله، ومراده إذا أقر عند غير القاضي أو عنده مرة وظهرت مماطلته، والحبس أولا ومدته قد بيناه فلا نعيده. قال: ويحبس الرجل في نفقة زوجته لأنه ظالم بالامتناع ولا يحبس الوالد في دين ولده، لأنه
ــ
[البناية]
بدين فإنه يحبسه ثم يسأل عنه، فإن كان موسرا أبد حبسه، وإن كان معسرا خلى سبيله) ش: إنما ذكر رواية الجامع الصغير دفعا لتوهم التناقض بين روايته ورواية القدوري رحمه الله وهذا لأنه روى لفظ القدوري في أول الفصل بقوله، وإذا ثبت الحق عند القاضي، وطلب صاحب الحق حبس غريمه، لم يعجل بحبسه، ثم قال: وهذا إذا ثبت الحق بإقراره.
ولفظ " الجامع الصغير " يدل على جواز الحبس متصلا بالإقرار، وبينهما وهم التناقض، فدفع هذا الوهم بقوله م:(ومراده) ش: يعني مراد محمد رحمه الله م: (إذا أقر عند غير القاضي أو عنده مرة وظهرت مماطلته) ش:. قال الأترازي يعني مراد محمد رحمه الله فيما إذا ثبت الحق بالإقرار، ثم ثبتت المماطلة، فترافعا إلى القاضي فحينئذ يحبسه لا بمجرد الإقرار، فاندفع ذلك الوهم.
وقال فخر الإسلام رحمه الله: معنى المسألة إذا كان جاحدا، فأقر عنده، وظهر القاضي جحوده عند غيره، ومماطلته، أو ظهر له مماطلته بعدما أقر عنده، فحينئذ يحبسه، فأما إذا أقر مرة فلا يحبسه.
م: (والحبس أولا ومدته قد بيناه فلا نعيده) ش: أي الحبس المذكور أولا قبل السؤال في " الجامع الصغير " في قوله: يحبسه، ثم يسأل عنه، قد بينا ذلك قبل هذا في رواية القدوري رحمه الله عنده يحبسه شهرين أو ثلاثة، ثم يسأل عنه، وبينا مدة الحبس أيضا مع الاختلاف المذكور فيها فلا حاجة إلى الإعادة، وقال تاج الشريعة رحمه الله: وروي والحبس ومدته بالنصب فيهما.
قلت: إعراب الرفع أن قوله: و"الحبس" مبتدأ أولا نصب على الظرف، ومدته عطف على المبتدأ، وقوله: وقد بيناه، خبر المبتدأ.
وأما وجه النصب، فعلى تقدير بينا الحبس، ومدته بالنصب أيضا عطفا عليه، وقوله: قد بيناه مفسر لذلك المقدر.
م: (قال: ويحبس الرجل في نفقة زوجته؛ لأنه ظالم بالامتناع) ش: وفي أكثر النسخ. قال، أي القدوري رحمه الله: ويحبس الرجل إلى آخره؛ لأنه ظالم فيحبس وإن كان مقدار النفقة يسيرا، بأن كان درهما أو دنقا م:(ولا يحبس الوالد في دين ولده لأنه) ش: أي لأن الحبس م: (نوع
نوع عقوبة فلا يستحقه الولد على الوالد كالحدود والقصاص إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه، لأن فيه إحياء لولده، ولأنه لا يتدارك لسقوطها بمضي الزمان، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
عقوبة فلا يستحق الولد على الوالد، كالحدود والقصاص) ش: فإن الوالد لا يؤاخذ بهما لأجل ولده م: (إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه) ش: أي على ولده؛ لأن فيه إهلاكه، وفي الإنفاق عليه إحياءه، وهو معنى قوله م:(لأن فيه) ش: أي في الإنفاق عليه م: (إحياء لولده، ولأنه) ش: أي ولأن الإنفاق م: (لا يتدارك لسقوطها) ش: أي لسقوط نفقة الولد م: (بمضي الزمان، والله أعلم بالصواب) ش: أي الزمان، بخلاف الدين حيث لا يسقط بمضي الزمان، فافترقا في هذا الحاكم، فيفترقان في حق الحبس.