الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يرده إلا بإذنه؛ لأنه انتهى حكم الوكالة، ولأن فيه إبطال يده الحقيقية، فلا يتمكن منه إلا بإذنه، ولهذا كان خصما لمن يدعي في المشتري دعوى كالشفيع وغيره قبل التسليم إلى الموكل لا بعده.
قال: ويجوز
التوكيل بعقد الصرف والسلم
؛ لأنه عقد يملكه بنفسه، فيملك التوكيل به دفعا للحاجة على ما مر، ومراده التوكيل بالإسلام دون قبول السلم؛ لأن ذلك لا يجوز، فإن الوكيل يبيع طعاما في ذمته على أن يكون الثمن لغيره، وهذا لا يجوز.
ــ
[البناية]
المبيع إلى الموكل م: (لم يرده إلا بإذنه) ش: أي بإذن الموكل، م:(لأنه انتهى حكم الوكالة) ش: لأنه خرج من الوكالة وانقطع حقه م: (ولأن فيه) ش: أي في الرداء م: (إبطال يده الحقيقية) ش: أي يد الموكل.
م: (فلا يتمكن منه) ش: أي من الرد م: (إلا بإذن الموكل ولهذا) ش: أي ولأجل أن حقوق العقد كلها إلى الوكيل م: (كان) ش: أي الوكيل م: (خصماً لمن يدعي في المشتري دعوى كالشفيع وغيره قبل التسليم إلى الموكل لا بعده) ش: يعني كون الوكيل خصماً لمن يدعي إنما يكون قبل تسليم الوكيل المبيع إلى الموكل لا بعد التسليم؛ لأن الحقوق ترجع اليد قبل التسليم إلى الموكل.
[التوكيل بعقد الصرف والسلم]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم لأنه) ش: أي لأن عقد الصرف والسلم م: (عقد يملكه بنفسه، فيملك التوكيل به دفعاً للحاجة على ما مر) ش: في أول كتاب الوكالة ويرد عليه الاستقراض فإنه ملك الموكل ولا يملك التوكيل، وكذا يرد عليه مسألة الوكالة من جانب المسلم إليه، فإن المسلم إليه باشره بنفسه لقبول السلم يجوز. ولو وكل غيره لا يجوز.
وأجاب الأترازي رحمه الله عن الثاني بقوله فجوابه: أن القياس أن لا يملكه المسلم لكونه بيع للمعدوم، إلا أنه جوز ذلك من المسلم إليه رخصة له دفعاً لحاجة المفاليس، وما ثبت بخلاف القياس يقتصر على مورد النص فلم يجز توكيله غيره أو نقول جاز بيع المعدوم ضرورة دفع حاجة المفاليس؛ والثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة فلم يظهر أثره في التوكيل، ولم يرد نقصاً على الكلي الذي قاله القدوري رحمه الله، انتهى.
قلت: هذا ذكره غيره أيضاً.
م: (ومراده التوكيل بالإسلام) ش: يعني أن المراد منه: التوكيل بعقد السلم من جهة رب السلم م: (دون قبول السلم لأن ذلك لا يجوز) ش: وهذا لا يجوز وهو معنى قوله: فإن ذلك لا يجوز، م:(فإن الوكيل يبيع طعاماً في ذمته على أن يكون الثمن لغيره) ش: وهو الموكل م: (وهذا لا يجوز) ش: لأن من باع ملك نفسه من الأعيان على أن يكون الثمن لغيره لم يجز، فكذلك في الديون لا يجوز، نص على ذلك محمد رحمه الله في باب: الوكالة في السلم، فإن بطل التوكيل بقي
فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض بطل العقد لوجود الافتراق من غير قبض. ولا يعتبر مفارقة الموكل لأنه ليس بعاقد، والمستحق بالعقد قبض العاقد وهو الوكيل، فيصح قبضه. وإن كان لا يتعلق به الحقوق كالصبي والعبد المحجور عليه، بخلاف الرسول؛
ــ
[البناية]
الوكيل عاقداً لنفسه فملك رأس المال، فلما أسلمه إلى الموكل على وجه التمليك كان قرضاً عليه
فإن قيل: قد يجوز التوكيل بشيء يجب في ذمة الغير كما في الوكيل بالشراء فإن الوكيل هو المطالب بالثمن، والثمن يجب في ذمة الموكل، فينبغي أن يجوز فيما نحن فيه لجامع معنى الرسم، فإن السلم فيه دين في ذمة المسلم إليه، كالثمن؟ .
قلنا: المسلم فيه دين له حكم المبيع حتى لا يجوز الاستبدال به قبل القبض، وليس للثمن حكم المبيع فلا يلزم من الجواز هناك.
م: (فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض بطل العقد) ش: هذا لفظ القدوري في " مختصره " أي فارق الوكيل بعقد الصرف والسلم صاحبه الذي عقد معه قبل القبض بطل العقد م: (لوجود الافتراق من غير قبض) ش: لأن القبض في المجلس شرط ولم يوجد م: (ولا يعتبر مفارقة الموكل) ش: قبل القبض م: (لأنه ليس بعاقد، والمستحق بالعقد قبض العاقد وهو الوكيل، فيصح قبضه) ش: أي قبض الوكيل بدل الصرف.
م: (وإن كان لا يتعلق به الحقوق) ش: كلمة " إن " للوصل، والضمير في كان يرجع إلى الوكيل والمعنى يصح قبض الوكيل، وإن كان مما لا يلزم العهدة م:(كالصبي والعبد المحجور عليه) ش: يعني كما إذا كان الوكيل صبياً أو عبداً محجوراً لأنه العاقد.
قال الكاكي رحمه الله: هذا جواب سؤال يرد على أصل الوكالة، فإن الصبي والعبد المحجورين إذا توكلا يصح، ولا يرجع عليهما حقوق العقد من التسليم والتسلم، فكيف يتعلق ها هنا بهما التسليم؟ والتسليم في بدل الصرف وهما وكيلان فيه حتى بطل الصرف بمفارقتها قبل القبض، فأجاب عنه: أن قبضهما صحيح وإن كان لا يلزمهما الحقوق؛ لأن القبض في الصرف من تتمة صحة العقد فيصح ممن يوجد عند العقد. م: (بخلاف الرسول) ش: أن في باب الصرف وفي باب السلم.
وفي بعض النسخ: الرسولين أي الرسول في الصرف والرسول في السلم، وليس معناه الرسول من الجانبين في الصرف، والرسول من الجانبين في السلم، أي من جانب رب السلم ومن جانب المسلم إليه؛ لأنه كما لا تجوز الوكالة من جانب المسلم إليه فكذلك الرسول، ومعناه: أن الرسول إذا قبض لا يصح العقد بقبضه على ما يجيء، وقوله:" بخلاف الرسول " مرتبط بقوله: " فيصح قبضه "، أي يصح قبض الوكيل بخلاف قبض الرسول فإنه لا يصح، والمعتبر قبض
لأن الرسالة في العقد لا في القبض، وينتقل كلامه إلى المرسل فصار قبض الرسول قبض غير العاقد فلم يصح.
قال: وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله، وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل؛ لأنه انعقدت بينهما مبادلة حكمية، ولهذا إذا اختلفا في الثمن يتحالفان، ويرد الموكل بالعيب على الوكيل، وقد سلم المشتري للموكل من جهة الوكيل، فيرجع عليه، ولأن الحقوق لما كانت راجعة إليه وقد علمه الموكل، فيكون راضيا بدفعه من ماله، فإن هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن؛ لأن يده كيد الموكل، فإذا لم يحبس يصير الموكل قابضا بيده. وله أن يحبسه حتى يستوفي الثمن
ــ
[البناية]
المرسل م: (لأن الرسالة في العقد) ش: أي حصل فيه م: (لا في القبض. وينتقل كلامه إلى المرسل فصار قبض الرسول قبض غير العاقد فلم يصح) ش: أي قبض الرسول.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به) ش: أي بالثمن م: (على الموكل) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في قول م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (انعقدت بينهما) ش: أي بين الوكيل والموكل م: (مبادلة حكمية) ش: أي صار الوكيل كالبائع من المشتري، والدليل على المبادلة ما أشار إليه بقوله: م: (ولهذا) ش: أي ولأجل كون معنى المبادلة فيه م: (إذا اختلفا) ش: أي الوكيل والموكل م: (في الثمن يتحالفان) ش: والتحالف من خواص المبادلة، م:(ويرد الموكل بالعيب على الوكيل) ش: هذا أيضاً من كون معنى المبادلة فيه، حيث يكون للموكل أن يرد المبيع على الوكيل بالشراء بالعيب م:(وقد سلم المشتري للموكل من جهة الوكيل فيرجع عليه) ش: أي يرجع الوكيل على الموكل، يعني لما كان الموكل كالمشتري من الوكيل وقد سلم له المشتري، أي: الذي اشترى له من جهة يرجع عليه، (ولأن الحقوق) دليل آخر (لما كانت إليه) أي إلى الوكيل م:(وقد علمه الموكل) ش:، أي والحال أن الموكل قد علم كون الحقوق راجعاً إليه، م:(فيكون) ش: أي الموكل م: (راضياً بدفعه) ش: أي بدفع الثمن م: (من ماله) ش: أي مال الوكيل. فإذا دفع الوكيل بسبب أمر الموكل زيادة بالشراء، كان الموكل راضياً أيضاً برجوع الوكيل بما أدى، ولم يسقط الثمن ولا خلاف فيه للأئمة الثلاثة.
م: فإن هلك المبيع في يده) ش: أي في يد الوكيل م: (قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن؛ لأن يده كيد الموكل، فإذا لم يحبس يصير الموكل قابضاً بيده) ش: أي حكماً والهلاك في يده كالهلاك في يد الموكل، فلا يبطل الرجوع، ويقال: لأن المبيع أمانة في يد الوكيل لأنه قبضه للموكل، فليس على الأمين شيء ما لم يحدث مساً، فلا يضمنه، كما إذا هلكت الوديعة في يد المودع، م:(وله) ش: أي للوكيل م: (أن يحبسه) ش: أي المبيع م: (حتى يستوفي الثمن) ش: سواء دفع الوكيل الثمن إلى البائع أو لم يدفع كذا في " المبسوط "، وقالت الأئمة الثلاثة ليس له حبسه.
لما بينا أنه بمنزلة البائع من الموكل. وقال زفر رحمه الله: ليس له ذلك؛ لأن الموكل صار قابضا بيده فكأنه سلمه إليه فيسقط حق الحبس. قلنا: هذا مما لا يمكن التحرز عنه، فلا يكون راضيا بسقوط حقه في الحبس، على أن قبضه موقوف فيقع للموكل إن لم يحبسه ولنفسه عند حبسه.
ــ
[البناية]
وقال زفر رحمه الله: ليس له حق الحبس، فإذا حبسه صار غاصباً على ما يجيء الآن.
وعن الشافعي رحمه الله في وجه: إذا نقد الثمن له حبسه. وفي " الذخيرة ": لم يذكر محمد رحمه الله في شيء من الكتب: أن للوكيل حبس المبيع قبل نقد الثمن، وحكى عن الإمام الحلواني: أن له ذلك، وقال الأترازي رحمه الله: هذا كلام عجيب من صاحب " الذخيرة "، وكيف خفي عليه.
وقد صرح محمد رحمه الله في " الأصل " في باب الوكالة في الشراء، فقال: وإذا وكل الرجل رجلاً أن يشتري له عبداً بألف درهم بعينه فاشتراه الوكيل وقبضه، فطلب الآمر أخذ العبد من الوكيل وأبى الموكل أن يدفعه، فللوكيل أن يمنعه ذلك حتى يستوفي الثمن، في قول أبي حنيفة رحمه الله وإن كان الوكيل نقد الثمن أو لم ينقد فهو سواء إلى هنا لفظ محمد رحمه الله في الأصل، وفي " الفتاوى الصغرى " الوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسبة فحل عليه الثمن بموته لا يحل على الآمر.
م: (لما بينا أنه بمنزلة البائع من الموكل) ش: كأنه أشار بهذا إلى قوله لأنه انعقدت بينهما مبادلة حكمية، والمبادلة هو البيع.
م: (وقال زفر رحمه الله: ليس له ذلك) ش: أي حق الحبس، م:(لأن الموكل صار قابضاً بيده) ش: أي بيد الوكيل بدليل أن هلاكه في يد الوكيل كهلاكه في يد الموكل، فكأنه قبضه حقيقة، م:(فكأنه سلمه إليه فيسقط حق الحبس) ش: ولو وقع في يد الموكل حقيقة لا يكون للوكيل حق الحبس، فكذا إذا وقع في يده حكماً.
م: (قلنا: هذا مما لا يمكن التحرز عنه) ش: يعني دخول البيع في يد الوكيل على وجه لا يكون ولاية الحبس، لا يمكن التحرز عنه، وما لا يمكن التحرز عنه فهو عفو، فلا يسقط حقه في الحبس لأن سقوط حقه باعتبار رضاه بتسليمه، فلا يتحقق منه الرضا فيما لا طريق له إلى التحرز عنه؛ فإذا كان كذلك م:(فلا يكون راضياً بسقوط حقه في الحبس على أن قبضه موقوف) ش: يعني لا نسلم أنه صار قابضاً بيده بل قبضه موقوف.
فإذا كان موقوفاً: م: (فيقع للموكل إن لم يحبسه ولنفسه) ش: أي ويقع لنفسه أي لنفس الوكيل م: (عند حبسه) ش: حاصل الكلام: أن قبضه موقوف للتردد بين أن يكون تتميم مقصود الموكل وبين أن يكون لإحياء حق نفسه، فإذا حبسه تبين أنه قبضه لإحياء حق نفسه، فلم يكن الموكل