الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التحالف
قال: وإذا اختلف المتبايعان في البيع فادعى أحدهما ثمنًا وادعى البائع أكثر منه، أو اعترف البائع بقدر من المبيع وادعى المشتري أكثر منه وأقام أحدهما البينة قضى له بها، لأن في الجانب الآخر مجرد الدعوى، والبينة أقوى منها، وإن أقام كل واحد منهما بينة كانت البينة المثبتة للزيادة أولى، لأن البينات للإثبات ولا تعارض في الزيادة ولو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعًا فبينة البائع أولى في الثمن، وبينة المشتري أولى في المبيع نظرًا إلى زيادة الإثبات، وإن لم يكن لكل واحد منهما بينة، قيل للمشتري: إما أن ترضى بالثمن الذي ادعاه البائع وإلا فسخنا البيع، وقيل للبائع: إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من البيع وإلا فسخنا البيع؛ لأن المقصود قطع المنازعة وهذه جهة فيه لأنه ربما لا يرضيان بالفسخ، فإذا علما به يتراضيان به،
ــ
[البناية]
[باب التحالف]
م: (باب التحالف) ش: أي هذا باب في بيان التحالف بين الاثنين، ولما ذكر حكم يمين الواحد شرع في بيان اليمين بين الاثنين، والاثنان بعد الواحد في الوجود.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإذا اختلف المتبايعان في البيع فادعى أحدهما ثمنًا وادعى البائع أكثر منه أو اعترف البائع بقدر من المبيع) ش: بأن قال: كر من الحنطة.
م: (وادعى المشتري أكثر منه) ش: بأن قال: كران م: (وأقام أحدهما البينة قضى له بها) ش: أي بالبينة، م:(لأن في الجانب الآخر مجرد الدعوى، والبينة أقوى منها) ش: لأنها توجب الحكم على القاضي والدعوى لا توجبه م: (وإن أقام كل واحد منهما بينة كانت البينة المثبتة للزيادة أولى لأن البينات للإثبات ولا تعارض في الزيادة) ش: لأن البينة المثبتة للأول للأقل لا تتعرض للزيادة، فكانت بالبينة المثبتة للزيادة سألت عن المعارض.
م: (ولو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعًا فبينة البائع أولى في الثمن، وبينة المشتري أولى في المبيع نظرًا إلى زيادة الإثبات) ش: بأن قال البائع: بعتك هذه الجارية واحدها بمائة دينار، وقال المشتري: بعني مع هذا الوصف بخمسين دينارًا وأقام البينة.
وقيل: هذا قول أبي حنيفة رحمه الله آخرًا، وكان يقول أولًا وهو قول زفر رحمه الله: يقضي بهما للمشتري بمائة وخمسة وعشرين م: (وإن لم يكن لكل واحد منهما بينة قيل للمشتري: إما أن ترضى بالثمن الذي ادعاه البائع وإلا فسخنا البيع، وقيل للبائع: إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من البيع وإلا فسخنا البيع لأن المقصود قطع المازعة، وهذه جهة فيه لأنه ربما لا يرضيان بالفسخ فإذا علما به يتراضيان به) ش: من المشتري وإلا فسخنا المبيع جميعًا للمشتري بمائة دينار، فإذا علم
فإن لم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر، وهذا التحالف قبل القبض على وفاق القياس؛ لأن البائع يدعي زيادة الثمن، والمشتري ينكره، والمشتري يدعي وجوب تسليم المبيع بما نقد والبائع ينكره، فكل واحد منهما منكر فيحلف، فأما بعد القبض فمخالف للقياس لأن المشتري لا يدعي شيئًا؛ لأن المبيع سالم له فبقي دعوى البائع في زيادة الثمن والمشتري ينكرها فيكتفي بحلفه لكنا عرفناه بالنص وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا» ، قال: ويبتدئ بيمين المشتري وهذا قول محمد وأبي يوسف -رحمهما الله- آخرا وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وهو الصحيح
ــ
[البناية]
به، أي بالفسخ يتراضيان، أي ما ادعى كل واحد منهما.
م: (فإن لم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر، وهذا التحالف قبل القبض) ش: أي قبل قبض المشتري السلعة م: (على وفاق القياس؛ لأن البائع يدعي زيادة الثمن المشتري ينكره، والمشتري يدعي وجوب تسليم المبيع بما نقد والبائع ينكره، فكل واحد منهما منكر) ش: لأن المقصود قطع المنازعة، وهذا جهة فيه، أي قطع المنازعة لأنهما ربما تراضيا فانفسخ، واليمين على من أنكر بالحديث المشهور م:(فيحلف) ش: أي فأما تحالف البائع المشتري م: (فأما بعد القبض فمخالف للقياس، لأن المشتري لا يدعي شيئا؛ لأن المبيع سالم له فبقي دعوى البائع في زيادة الثمن والمشتري ينكرها، فيكتفي بحلفه، لكنا عرفناه بالنص وهو) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم.
م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا» ش: بهذا الحديث روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من طرق، وقال المنذري رحمه الله: روى هذا الحديث من طرق عن عبد الله بن مسعود رحمه الله، وكلها لا تثبت وقد وقع في بعضها:«إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعينه» .
وفي لفظ: "والسلعة قائمة" وهو لا يصح، فإنه من رواية ابن أبي ليلى رحمه الله، وفي بعض طرقه انقطاع، وفيه عبد الرحمن بن قيس رحمه الله وهو مجهول الحال، وفي بعض الطرق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وهو لم يسمع من أبيه، وقيل: إنه من قول بعض الرواة، والعجب من بعض "شراح الهداية " أنه يقول: هذا الحديث صحيح مشهور.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويبتدئ) ش: أي القاضي م: (بيمين المشتري وهذا قول محمد وأبي يوسف رحمهما الله آخرًا وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وهو الصحيح)
؛ لأن المشتري أشدهما إنكارًا لأنه يطالب أولًا بالثمن، ولأنه يتعجل فائدة النكول. وهو إلزام الثمن، ولو بدأ بيمين البائع تتأخر المطالبة بتسليم المبيع إلى زمان استيفاء الثمن. وكان أبو يوسف رحمه الله يقول أولًا يبدأ بيمين البائع لقوله عليه الصلاة والسلام «إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قاله البائع»
ــ
[البناية]
ش: احترز به عن قول أبي يوسف رحمه الله الأول، رواية عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يبتدأ بيمين البائع.
وقال الكاكي رحمه الله: وصححه، قال زفر والشافعي رحمه الله وقال الأترازي: عن زفر يبدأ بيمين البائع، كذا في " التقريب "، وقال أصحاب الشافعي في المسألة ثلاثة أقوال، إحداها: يبدأ بيمين البائع، والثاني: يبدأ بيمين المشتري، والثالث: الحكم بالخيار، ومنهم من قال: يبدأ بيمين البائع بكل حال، كذا في " شرح الأقطع ".
وقال القدوري في " شرح كتاب الاستحلاف ": وهو أن المشتري إن كان ابتدأ بالخصومة وادعى على البائع ابتداء الخصومة وادعى على المشتري ابتدأ بيمين المشتري، م:(لأن المشتري أشدهما إنكارًا لأنه يطالب أولًا بالثمن) ش: فيكون بادئًا بالإنكار، والبادئ أظلم، م:(أو لأنه يتعجل فائدة النكول) ش:، واليمين شرعت لفائدة النكول حتى لا يستحلف فيما لا يستوفي في النكول.
م: (وهو) ش: أي التعجيل بفائدة النكول م: (إلزام الثمن) ش: والبائع يتأخر فائدة، لأن تسليم المبيع يؤخر إلى زمان استيفاء الثمن، وهو معنى قوله: م: (ولو بدأ) ش: أي القاضي.
م: (بيمين البائع تتأخر المطالبة بتسليم المبيع إلى زمان استيفاء الثمن) ش: لأنه يقال: أمسك المبيع حتى يستوفي الثمن، فكل تقديم ما تعجل فائدته بالنكول أولًا م:(وكان أبو يوسف رحمه الله يقول أولًا: يبدأ بيمين البائع لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
م: «إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قاله البائع» ش: هذا الحديث رواه أبو داود عن الأعمش عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد عن أبيه عن جده أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه باع إلى أشعب بن قيس رقيقًا من رقيق الخمس بعشرين ألف درهم، فأرسل عبد الله إليه ثمنهم، فقال: إنما أخذتم بعشرة آلاف؛ فقال عبد الله: إن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركا".»
ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال ابن القطان: وفيه انقطاع بين محمد بن الأشعث وابن مسعود رضي الله عنه ومع الانقطاع فإن عبد الرحمن بن الأشعث مجهول.