الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إقرار المريض
قال: وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة فدين الصحة والديون المعروفة الأسباب مقدم، وقال الشافعي رحمه الله: دين المرض ودين الصحة يستويان لاستواء سببهما، وهو الإقرار الصادر عن عقل ودين، ومحل الوجوب الذمة القابلة للحقوق فصار كإنشاء التصرف مبايعة ومناكحة. ولنا: أن الإقرار لا يعتبر دليلا إذا كان فيه إبطال حق الغير، وفي إقرار المريض ذلك لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء ولهذا منع من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث.
ــ
[البناية]
[باب إقرار المريض]
[حكم إقرار المريض]
م: (باب إقرار المريض)
ش: أي هذا باب في بيان حكم إقرار المريض، وإنما أفرده بباب على حدة لاختصاصه بأحكام ليست للصحيح، وأخره لأن المرض بعد الصحة.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة) ش: مثل بدل مال ملكه أو استهلكه أو مهر مثل امرأة تزوجها وعلم معاينة، وأقر أيضاً بديون غيره معلومة الأسباب م:(فدين الصحة والديون المعروفة الأسباب مقدم) ش: على ما أقر به في مرضه.
وقال القاضي الحنبلي: قياس من مذهب أحمد أن دين الصحة أولى إذا ضاق مال عنها وهو قولنا، وبه قال النخعي والثوري.
م: (وقال الشافعي رحمه الله دين المرض ودين الصحة يستويان لاستواء سببهما، وهو الإقرار الصادر عن عقل ودين ومحل الوجوب الذمة القابلة للحقوق) ش: وهي في الحالين م: (فصار كإنشاء التصرف مبايعة ومناكحة) أي صار إقراره في المرض كتصرفه بالبيع والنكاح فيستوي الحالان، وبه قال مالك: رحمه الله والمزني والتهمي -من أصحاب أحمد - وأبو ثور وأبو عبيدة.
وذكر أبو عبيدة أنه مذهب أهل المدينة.
م: (ولنا: أن الإقرار لا يعتبر دليلاً إذا كان فيه) ش: أي في الإقرار م: (إبطال حق الغير) ش: كما رهن أو أجر ثم أقر أنه بغيره لا ينفذ إقراره في حق المرتهن والمستأجر لتعلق حقهما به م: (وفي إقرار المريض ذلك) ش: أي إبطال حق الغير م: (لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء) ش: أي من حيث الاستيفاء م: (ولهذا منع) ش: أي المريض م: (من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث) ش: إذا أحاطت الديون بماله، وبالزيادة على الثلث إذا لم يكن عليه دين.
وفي هذا التوضيح جواب عما ادعى الشافعي رحمه الله من الاستواء بين حالة الصحة
بخلاف النكاح لأنه من الحوائج الأصلية وهو بمهر المثل. وبخلاف المبايعة بمثل القيمة لأن حق الغرماء تعلق بالمالية لا بالصورة. وفي حال الصحة لم يتعلق حقهم بالمال لقدرته على الاكتساب فيتحقق التثمير، وهذه حالة العجز، وحالتا المرض
ــ
[البناية]
وحالة المرض، فإنه لو كانتا متساويتين لما منع من التبرع والمحاباة في حالة المرض كما في حالة الصحة.
فإن قيل: الإقرار بالوارث في المرض صحيح وقد يضمن إبطال حق بقية الورثة؟.
أجيب: بأن استحقاق الوارث المال والمورث جميعاً، فالاستحقاق يضاف إلى أحدهما وجوباً وهو الموت، بخلاف الدين فإنه يجب بالإقرار لا بالموت.
م: (بخلاف النكاح) ش: جواب عما استشهد به الشافعي رحمه الله من إنشاء النكاح؛ وتقريره: أن يقال: لا يلزمنا إنشاء النكاح، م:(لأنه من الحوائج الأصلية) ش: والمرء غير ممنوع منها، لأن بقاء النفس بالتناسل ولا طريق إليه إلا بالنكاح م:(وهو) ش: أي النكاح م: (بمهر المثل) ش: هو من الحوائج الأصلية، وهذه جملة حالية، تقريره: أن النكاح من الحوائج الأصلية حال كونه بمهر المثل والزيادة عليه باطلة، والنكاح جائز.
فإن قيل: لو تزوج شيخ فان رأسه جاز، وليس بمحتاج إليها فلم يكن من الحوائج الأصلية؟.
أجيب: بأن النكاح في أصل الوضع من مصالح الميت، والعبرة لأصل الوضع لا للحال، فإن الحال مما لا يوقف عليها.
م: (وبخلاف المبايعة بمثل القيمة) ش: يعني المبايعة بمثل القيمة لا تبطل حق الغرماء، م:(لأن حق الغرماء تعلق بالمالية لا بالصورة) .
ش: والمالية باقية م: (وفي حال الصحة لم يتعلق حقهم بالمال) ش: هذا جواب عما يقال: لو تعلق حق الغرماء بمال المديون بطل إقراره بالدين بالصحة، لأن الإقرار المتضمن لإبطال حق الغير غير معتبر؛ أجاب بقوله: وفي حال الصحة لم يتعلق الدين بالمال م: (لقدرته على الاكتساب فيتحقق التثمير) ش: أي تثمير المال وهو تثمير، ومنه قولهم ثمرة ماله، أي كثرة فإذا تحقق التثمير لم يحتج إلى تعليق حق الغرماء بماله، م:(وهذه) ش: أي حالة المرض م: (حالة العجز) ش: أي على الاكتساب فتعلق حقهم به حذراً عن الهوى، وكذا في المرض جواب عما يقال: سعى إذا أقر في حالة المرض سائبا لا يصح لتعلق حق المقر الأول بماله، كما لا يصح إقراره في المرض في حق غرماء الصحة لتعلق حقهم بماله.
فأجاب عنه بقوله: م: (وحالتا المرض) ش: أي حالة أول المرض وحالة آخر المرض بعد أن