الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصه بالذكر وأقل فائدة التقديم وإن كان بيع عين بعين أو ثمن بثمن، بدأ القاضي بيمين أيهما شاء لاستوائهما.
وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف، ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين وقال في " الزيادات ": يحلف بالله ما باعه بألف، ولقد باعه بألفين، ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين، ولقد اشتراه بألف، يضم الإثبات إلى النفي تأكيدا، والأصح الاقتصار على النفي؛ لأن الأيمان على ذلك وضعت، دل عليه حديث القسامة «بالله ما قتلتم ولا علمتم له قاتلا» ،
ــ
[البناية]
وأخرجه الترمذي رضي الله عنه عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البائع، والمبتاع يختار» وقال: حديث مرسل، فإن عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود وجه الاستدلال: أنه عليه السلام م: (خصه بالذكر) ش: أي خص البائع بالمذكور حيث جعل القول قول البائع م: (وأقل فائدته التقديم) ش: أي أقل أقوال هذا التخصيص أن يقيد التقديم.
وأجاب الأقطع بأنه إنما خص البائع بالذكر لأن بينة المشتري معلومة لا يشكل، لقوله عليه السلام:«واليمين على من أنكر» ، وقد مضى فسكت عليه السلام عما تقدم بيانه، وبين ما يشكل ولم يتقدم بيانه.
م: (وإن كان بيع عين بعين) ش: وهو المقايضة م: (أو ثمنًا بثمن) ش: وهو الصرف م: (بدأ القاضي بيمين أيهما شاء لاستوائهما) ش: أي في فائدة النكول، وبه قال الشافعي رحمه الله في كل البيوع فوجهه، وإنما ذكر المصنف رحمه الله هذا تفريعًا على مسألة القدوري.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع ".
[صفة اليمين في التحالف]
م: (وصفة اليمين: أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين، قال في " الزيادات ": يحلف بالله ما باعه بألف، ولقد باعه بألفين، ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف، يضم الإثبات إلى النفي تأكيدًا) ش: بيانه: أنه لو حلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ربما يحلف ويكون بارًا في يمينه، فلقد اشتراه بألف وتسعمائة فيبطل حق البائع في الزيادة، وكذا البائع، لو حلف بالله ما باعه بألف ربما يحلف ويكون صادقًا لجواز أنه باعه بألف درهم فيبطل حق المشتري، م:(والأصح الاقتصار على النفي؛ لأن الأيمان على ذلك وضعت) ش: أي على النفي، والبينات وضعت على الإثبات.
م: (دل عليه) ش: أي أنه وضعت على النفي م: «حديث القسامة: "بالله ما قتلتم ولا علمتم له قاتلًا» ش: وسيأتي حديث القسامة في بابه إن شاء الله تعالى.
قال: فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما وهذا يدل على أنه لا ينفسخ بنفس التحالف. لأنه لم يثبت ما ادعاه كل واحد منهما فيبقى بيع مجهول فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة، أو يقال: إذا لم يثبت البدل يبقى بيعا بلا بدل وهو فاسد ولا بد من الفسخ في البيع الفاسد. قال وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر لأنه جعل بازلا فلم يبق دعواه معارضا لدعوى الآخر فلزم القول بثبوته، قال: وإن اختلفا في الأجل أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن فلا تحالف بينهما، لأن هذا
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما) ش: هذا كلام القدوري وقال المصنف رحمه الله م: (وهذا يدل على أنه) ش: أي أن المبيع م: (لا ينفسخ بنفس التحالف) ش: ما لم يفسخ القاضي، وبه صرح في كتاب "الاستحلاف" لأبي حازم القاضي حيث قال إذا تحالفا فسخ الحاكم البيع، ولم ينفسخ بالتحالف.
وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي ": فإن حلف، القياس أن يلتزم البائع للمشتري بما قال، وفي الاستحسان يترادان ولا ينفسخ البيع بينهما بنفس التحالف ما لم يفسخ الحاكم بينهما، حتى إن أحدهما لو أراد أن يلتزم البيع بما قال صاحبه قبل فسخ الحاكم كان له ذلك، وقال بعضهم: بنفس التحالف ينفسخ، والأول أصح انتهى.
وقال الإمام الناصحي رحمه الله في " تهذيب أدب القاضي ": وإن حلفا لا ينقض القاضي المبيع بينهما حتى يطلبا ذلك أو يطلب أحدهما، لأن الفسخ حق لهما؛ بدليل قوله عليه السلام أنه قال:"تحالفا وترادا".
م: (لأنه لم يثبت ما ادعاه كل واحد منهما فيبقى بيع مجهول فيفسخه القاضي قطعًا للمنازعة) ش: بينهما، م:(أو يقال: إذا لم يثبت البدل) ش: للتعارض م: (يبقى بيعًا بلا بدل وهو فاسد ولا بد من الفسخ في البيع الفاسد) ش: والاختلاف في البدل يوجب الاختلاف في العقد لأن كل واحد منهما ادعى عقدًا غير الذي ادعاه الآخر فكان البيع مجهولًا لجهالة البدل.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر) ش: وقال المصنف رحمه الله: م: (لأنه جعل بازلًا) ش: فيصح البدل في الأعراض م: (فلم يبق دعواه معارضًا لدعوى الآخر فلزم القول بثبوته) ش: لعدم المعارض.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإن اختلفا في الأجل) ش: أي في أصله أو قدره م: (أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن) ش:، وكذا لو اختلفا كل الثمن م:(فلا تحالف بينهما) ش: عندنا، وبه قال أحمد، وقال زفر والشافعي ومالك رحمهم الله: تحالفا، ولو اختلفا في أصل البيع لم يتحالفا بالإجماع، م:(لأن هذا) ش: أي الاختلاف في الأصل أو
اختلافا في غير المعقود عليه والمعقود به فأشبه الاختلاف في الحط والإبراء، وهذا لأن بانعدامه لا يختل ما به قوام العقد بخلاف الاختلاف في وصف الثمن أو جنسه حيث يكون بمنزلة الاختلاف في القدر في جريان التحالف لأن ذلك يرجع إلى نفس الثمن فإن الثمن دين وهو يعرف بالوصف ولا كذلك الأجل لأنه ليس بوصف، ألا ترى أن الثمن موجود بعد مضيه قال والقول قول من ينكر الخيار والأجل مع يمينه لأنهما يثبتان بعارض الشرط والقول لمنكر العوارض قال: فإن هلك
ــ
[البناية]
شرط الخيار استيفاء بعض الثمن م: (اختلافًا في غير المعقود عليه) ش: وهو البيع م: (والمعقود به) ش: وهو الثمن م: (فأشبه الاختلاف في الحط) ش: أي في الحط من الثمن م: (الإبراء) ش: أي من الثمن وفيها لا يجب التحالف فكذا.
م: (وهذا) ش: إشارة إلى قوله: واختلاف في غير المعقود عليه والمعقود به، م:(لأن بانعدامه) ش: أي بانعدام الأجل م: (لا يختل ما به قوام العقد) ش:، لأن الأجل وشرط الخيار أمر زائد في العقد، لأن العقد يصح بدونهما، ولهذا لو اختلفا في الثمن فشهد أحد الشاهدين بالبيع بألف درهم والآخر بالدنانير لا يقبل.
ولو اختلفا في الأجل فشهد أحد الشاهدين بالبيع بألف إلى شهر والآخر بالبيع بألف يقبل ويقضى بالبيع بألف حالة، وكذلك لو شهد أحدهما أنه باعه بشرط الخيار ثلاثة أيام والآخر شهد أنه باعه ولم يذكر الخيار جازت الشهادة، م:(بخلاف الاختلاف في وصف الثمن) ش: أي في جودته ورداءته م: (أو جنسه) ش: وهو كون الثمن دراهم أو دنانير، م:(حيث يكون بمنزلة الاختلاف في القدر) ش: أي في قدر الثمن م: (في جريان التحالف) ش: أي في وجوبه، م:(لأن ذلك) ش: أي الاختلاف في الوصف والجنس م: (يرجع إلى نفس الثمن فإن الثمن دين وهو يعرف بالوصف) ش: بأنه جيد أو رديء أو وسط.
م: (ولا كذلك الأجل لأنه ليس بوصف) ش: بل هو أصل بنفسه لكنه يثبت بواسطة الشرط، وأوضح ذلك بقوله: م: (ألا ترى أن الثمن موجود بعد مضيه) ش: أي بعد مضي الأجل فلا يسقط بسقوط الأجل.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (والقول قول من ينكر الخيار والأجل مع يمينه) ش: لأنهما إذا لم يتحالفا يكون القول قول المنكر، لأن ذلك أمر عارض والقول قول المنكر في العوارض، وهو معنى قوله: م: (لأنهما) ش: أي لأن الأجل والخيار م: (يثبتان بعارض الشرط) ش: يعني بشرط عارض على أصل العقد، م:(والقول لمنكر العوارض) ش: وهذا ظاهر الرواية.
وعن أبي حنيفة رحمه الله: أن القول قول من يدعي الخيار، كذا في التحليف لأنه ينكر له عن ملكه أو وجوب الثمن عليه، م:(قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (فإن هلك
المبيع ثم اختلفا لم يتحالفا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله- والقول قول المشتري وقال محمد رحمه الله: يتحالفان وينفسخ البيع على قيمة الهالك وهو قول الشافعي رحمه الله وعلى هذا إذا خرج المبيع عن ملكه أو صار بحال لا يقدر على رده بالعيب لهما: أن كل واحد منهما يدعي غير العقد الذي يدعيه صاحبه والآخر ينكره وأنه يفيد دفع زيادة الثمن فيتحالفان كما إذا اختلفا في جنس الثمن بعد هلاك السلعة
ــ
[البناية]
المبيع) ش: بعد قبض المشتري م: (ثم اختلفا) ش: يعني في مقدار الثمن م: (لم يتحالفا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله- والقول قول المشتري) ش: مع يمينه، وبه قال مالك رحمه الله في رواية وأحمد رحمه الله في رواية.
م: (وقال محمد رحمه الله: يتحالفان وينفسخ البيع على قيمة الهالك) ش: يعني بعد التحالف يترادان العقد بالقيمة، م:(وهو قول الشافعي رحمه الله) ش: في رواية، وقول مالك رحمه الله في رواية وقول أحمد رحمه الله في رواية.
ولمالك أربع روايات: إذا اختلفا في مقدار الثمن اثنان ما ذكرنا، والثالثة: يتحالفان قبل قبض المشتري السلعة، والرابعة: يتحالفان بعد القبض ما لم يبرهنا.
م: (وعلى هذا) ش: أي وعلى هذا الخلاف م: (إذا خرج المبيع عن ملكه) ش: أي عن ملك المشتري بالمبيع أو بالهبة م: (أو صار) ش: أي المبيع م: (بحال لا يقدر) ش: أي المشتري م: (على رده بالعيب) ش: أي بحدوث المعيب فيه في يده م: (لهما) ش: أي لمحمد والشافعي - رحمهما الله- م: (أن كل واحد منهما) ش: أي من المتعاقدين م: (يدعي غير العقد الذي يدعيه صاحبه والآخر ينكره) ش: لأن كل واحد منهما مدعي ومدعى عليه، فإن البائع يدعي عقدًا ينكره المشتري والمشتري يدعي عقدًا ينكره البائع.
م: (وأنه) ش: أي وأن التحالف م: (يفيد دفع زيادة الثمن) ش: عن المشتري لو نكل البائع فلا يدفع المشتري زيادة على ما اعترف به المشتراة حينئذ، فما فائدة تحليف البائع؟ قلنا: لم يحصل فيكون مفيدًا، وقال الكاكي رحمه الله: هذا جواب سؤال مقدار وهو أن يقال: ما فائدة التحليف عندك؟، فإن فائدته التراد وامتنع التراد بالهلاك.
فقال: بل فيه فائدة، وقع الزيادة التي يدعيها البائع على تقدير نكول المشتري، فإن قيل: هذا يحصل بتحليف المشتراة حينئذ، فما فائدة تحليف البائع؟ قلنا: لم يحصل المشتري، فإن المشتري إذا نكل يلزمه ما ادعاه البائع، والبائع إذا نكل يندفع عن المشتري ما ادعاه البائع، فإذا كان كذلك م:(فيتحالفان كما إذا اختلفا في جنس الثمن بعد هلاك السلعة) ش:، بأن ادعى أحدهما الدنانير والآخر الدراهم بعد هلاك المبيع يتحالفان ويلزم المشتري رد القيمة.
ولأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-: أن التحالف بعد القبض على خلاف القياس لما أنه سلم للمشتري ما يدعيه، وقد ورد الشرع به في حال قيام السلعة والتحالف فيه يفضي إلى الفسخ، ولا كذلك بعد هلاكها لارتفاع العقد فلم يكن في معناه، ولأنه لا يبالي بالاختلاف في السبب بعد حصول المقصود، وإنما يراعى من الفائدة ما يوجبه العقد
ــ
[البناية]
م: (ولأبي يوسف وأبي حنيفة - رحمهما الله-: أن التحالف بعد القبض) ش: أي بعد قبض السلعة م: (على خلاف القياس لما أنه سلم للمشتري ما يدعيه) ش:، ولا يدعي على البائع شيئًا ينكره، لأن المبيع مملوك له سلم إليه باتفاقهما، م:(وقد ورد الشرع به) ش: أي بالتحالف م: (في حال قيام السلعة) ش: فلا يتعدى إلى حال هلاك السلعة، لأن حال هلاكها ليس كحال قيامها، لأن عند قيامها يندفع الضرر عن كل واحد منهما، فإنه يفسخ العقد فيعود كل واحد منهما إلى رأس ماله بعينه، وبعد الهلاك لم يحصل ذلك إذ العقد لا يحتمل الفسخ بالإقالة وبالرد بالعيب بعد الهلاك فكذا بالتحالف.
م: (والتحالف فيه) ش: أي في حال قيام السلعة م: (يفضي إلى الفسخ) ش:، وهذا جواب عما يقال: إن لم يتعد إلى غيره يلحق به بالدلالة، فأجاب بقوله والتحالف فيه يفضي إلى الفسخ فيندفع به الضرر عن كل واحد منهما؟ كما ذكرنا الآن م:(ولا كذلك بعد هلاكها) ش: أي بعد هلاك السلعة م: (لارتفاع العقد) ش: بالهلاك م: (فلم يكن في معناه) ش: فبطل الإلحاق بالدلالة، م:(ولأنه لا يبالي) ش:، هذا جواب عن قولهما: إن كل واحد منهما يدعي غير العقد الذي يدعيه صاحبه وهو قول بموجب العلة، أي سلمنا ذلك لكن لا يضرنا فيما نحن فيه لأنه لا يبالي م:(بالاختلاف في السبب بعد حصول المقصود) ش: وهو سلامة المبيع للمشتري حيث سلم له وهلك على ملكه، وليس يدعي على البائع شيئًا ينكره ليجب عليه اليمين.
قال الأكمل رحمه الله: ونوقض بحال قيام السلعة وبما إذا اختلفا بيعًا وهبة فإن في كل منهما المقصود، وحاصل التحالف موجود لاختلاف السبب.
وأجيب عن الأول ثبوته بالنص على خلاف القياس وعلى الثاني بأنه على الاختلاف، والمذكور في بعض الكتب: قول محمد رحمه الله: م: (وإنما يراعى) ش: جوابًا عن قولهما وأنه يفيد دفع زيادة الثمن تقديره المراعاة م: (من الفائدة) ش: التي تثبت م: (ما يوجبه العقد) .
ش: والفائدة التي قال أليست من موجبات العقد؟، والمراد من موجبات العقد: ما لا يكون للعقد وجود بدونه، والذي ذكراه من موجبات النكول والنكول من موجبات التحالف والتحالف ليس من موجبات العقد، فلا يترك ما هو من موجباته وهو ملك المبيع وقبضه وفيه نظر؛ لأنا قد اعتبرنا حال قيام السلعة فائدة للتحالف وليس من موجباته، وهو ملك المبيع وقبضه، وفيه نظر؛
وفائدة دفع زيادة الثمن ليست من موجباته وهذا إذا كان الثمن دينا، فإن كان عينا يتحالفان لأن المبيع في أحد الجانبين قائم فتوفر فائدة الفسخ ثم يرد مثل الهالك إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل قال وإن هلك أحد العبدين ثم اختلفا في الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك وفي " الجامع الصغير ": القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي ولا شيء له من قيمة الهالك،
ــ
[البناية]
لأنا قد اعتبرنا حال قيام السلعة فائدة للتحالف وليس من موجبات العقد، والجواب: أنه يثبت بالنص على خلاف القياس.
م: (وفائدة دفع زيادة الثمن ليست من موجباته) ش: من تتمة الجواب العقد لأن العقد لا يحتاج لأن فائدة دفع زيادة الثمن من موجبات نكول البائع، م:(وهذا) ش: أي الاختلاف م: (إذا كان الثمن دينًا) ش: ثابتًا في الذمة كالدراهم والدنانير والمكيلات والموزونات والموصوفة الثابتة في الذمة، م:(فإن كان عينًا) ش: فإن كان العقد مقايضة وهلك أحد المعوضين م: (يتحالفان لأن المبيع في أحد الجانبين قائم فتوفر فائدة الفسخ) ش: أي الرد م: (ثم يرد مثل الهالك إن كان له مثل أو قيمته) ش: أي أو يرد قيمته م: (إن لم يكن له مثل) ش: كالحيوان فيما إذا تبايعا حيوانًا بحيوان.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (وإن هلك أحد العبدين) ش: يعني باع الرجل عبدين صفقة واحدة وقبضهما المشتري فهلك أحدهما م: (ثم اختلفا في الثمن) ش: فقال البائع بعتهما منك بألفي درهم وقال المشتري: اشتريتهما منك بألف درهم م: (لم يتحالفا عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك) ش: والهلاك على نوعين: هلاك العبد والطعام إذا أكله والثوب إذا احترق وذلك مما يوجب الفوات، وهلاك حكمي وهو أن يخرج من ملكه كله أو بعضه، وخروج البعض من ملكه كخروج الكل عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-.
وعند محمد رحمه الله خروج الكل من ملكه لا يسقط التحالف كذلك خروج البعض، فإذا تحالفا أن خروج الكل من ملكه فعلى المشتري رد القيمة، ومثله إن كان مثلنا وإن خرج البعض فإن كان المبيع مما في تبعيضه ضرر، ويكون التبعيض عيبًا فالبيع بالخيار بعد التحالف إن شاء أخذ الباقي وقيمة الهلاك، وإن شاء رد الثاني وأخذ قيمته، وإن لم يكن في تبعيضه ضرر، وليس التبعيض بعيب فللبائع أن يأخذ الباقي وقيل الغائب، وإن عاد إلى ملكه ثم اختلفا ينظر إن كان العود فيتخالفان ويستردان العين، وإن عاد بحكم ملك جديد لا يتحالفان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-، وقال: يتحالفان ويترادان القيمة دون العين.
م: (وفي " الجامع الصغير ": القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يشاء البائع) ش: إلا أن يرضى البائع م: (أن يأخذ العبد الحي، ولا شيء له من قيمة الهالك) ش: أي من
وقال أبو يوسف رحمه الله: يتحالفان في الحي ويفسخ العقد في الحي، والقول قول المشتري في قيمة الهالك، وقال محمد رحمه الله يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك لأن هلاك كل السلعة لا يمنع التحالف عنده فهلاك البعض أولى، ولأبي يوسف رحمه الله: أن امتناع التحالف للهلاك فيتقدر بقدره. ولأبي حنيفة رحمه الله: أن التحالف على خلاف القياس في حال قيام السلعة، وهي اسم لجميع أجزائها فلا تبقى السلعة بفوات بعضها ولأنه لا يمكن التحالف في القائم إلا على اعتبار حصته من الثمن فلا بد من القسمة على القيمة وهي تعرف بالحزر والظن فيؤدي إلى التحالف مع الجهل وذلك لا يجوز
ــ
[البناية]
ثمن الميت.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله: يتحالفان في الحي، ويفسح العقد في الحي والقول قول المشتري في قيمة الهالك، وقال رحمه الله يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك لأن هلاك كل السلعة لا يمنع التحالف عنده) ش: أي عند محمد رحمه الله، م:(فهلاك البعض أولى) ش: والجواب أن هلاك البعض محمول إلى معرفة القيمة بالحرز وذلك يحل في القسمة عليه فلا يجوز.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله: أن امتناع التحالف للهلاك) ش: أي لأجل هلاك أحد العبدين م: (فيتقدر بقدره) ش: أي فيقدر الامتناع بقدر الهلاك، لأن الحكم لا يزيد على العلة، والجواب عنه هو الجواب المذكور.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن التحالف) ش: بعد القبض يثبت م: (على خلاف القياس في حال قيام السلعة) ش:، لما عرف أن البائع غير منكر وإنما يثبت بالسنة وورد عند قيام السلعة م:(وهي اسم لجميع أجزائها) ش: يعني اسم لجميع أجزاء المبيع، م:(فلا تبقى السلعة بفوات بعضها) ش: لأن بفوات بعضها يفوت الشرط فذلك الحكم الذي تعلق به غير معقول م: (ولأنه) .
ش: قال الكاكي رحمه الله: هذا جواب عن قول أبي يوسف رحمه الله، أي ولأن الشأن م:(لا يمكن التحالف في القائم إلا على اعتبار حصته من الثمن، فلا بد من القسمة على القيمة) ش: باعتبار القيمة م: (وهي) ش: أي القيمة م: (تعرف بالحزر والظن، فيؤدي إلى التحالف مع الجهل وذلك لا يجوز) ش: فإن قيل يشكل على أبي حنيفة رحمه الله ما لو أقام القصار بعض العمل ثم اختلفا في الأجرة ففي حصة ما أقام العمل القول لرب الثوب مع يمينه، وفي حصة ما بقي يتحالفان بالإجماع اعتبارًا للبعض بالكل، واستيفاء بعض المنفعة بمنزلة هلاك بعض، فينبغي أن يبقى التحالف عنده.
قلنا: عقد الإجارة في حكم عقود مختلفة يتحد العقد بحسب ما يتم من العمل فإن تعذر
إلا أن يرضى أن يترك حصة الهالك أصلا لأنه حينئذ يكون الثمن كله بمقابلة القائم، ويخرج الهالك عن العقد فيتحالفان. وهذا تخريج بعض المشايخ رحمهم الله ويصرف الاستثناء عندهم إلى التحالف كما ذكرنا. وقالوا: إن المراد من قوله في " الجامع الصغير ": يأخذ الحي ولا شيء له معناه: لا يأخذ من ثمن الهالك شيئا أصلا، وقال بعض المشايخ رحمهم الله يأخذ من ثمن الهالك بقدر ما أقر به المشتري وإنما لا يأخذ الزيادة،
ــ
[البناية]
فسخه في البعض لا يتعذر الفسخ في الباقي، وأما عقد البيع في العبدين عقد واحد، فإذا تعذر فسخه في البعض تعذر في الباقي.
م: (إلا أن يرضى) ش: أي البائع م: (أن يترك حصة الهالك أصلًا) ش: لأن الهالك كأن لم يكن وكأن العقد يصير لم يكن إلا على القائم، م:(لأنه حينئذ يكون الثمن كله بمقابلة القائم ويخرج الهالك عن العقد) ش: فإذا كان كذلك الأمر م: (فيتحالفان) ش: كما هو الحكم في الاختلاف عند قيام السلعة، وهذا إشارة إلى قوله لأنه حينئذ.. إلخ، وفي إشارة أيضا إلى اختلاف المشايخ في الاستثناء المذكور في " الجامع الصغير " في قوله إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي ولا شيء له، فالذي ذكره قول عامة المشايخ أشار إليه بقوله: م: (وهذا تخريج بعض المشايخ رحمهم الله ويصرف الاستثناء) ش: المذكور في " الجامع الصغير " م: (عندهم إلى التحالف) ش: بيانه أنهم قالوا: الاستثناء عندهم إلى التحالف: أي لا يتحالفان عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي، ولا يأخذ شيئًا من ثمن الهالك أصلًا فيتحالفان، لأنه حينئذ صار المبيع كل الحي م:(كما ذكرنا) ش:، أشار به إلى قوله: لأنه حينئذ يكون الثمن كله بمقابلة القائم ويحتاج الهلاك عن العقد ويتحالفان.
م: (وقالوا) ش: أي بعض المشايخ رحمهم الله: م: (إن المراد من قوله) ش: أي من قول محمد رحمه الله م: (في الجامع الصغير) ش: في رواية عن يعقوب رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله إلى أن يشاء البائع م: (يأخذ الحي ولا شيء له معناه: لا يأخذ من ثمن الهالك شيئًا أصلًا) ش:. كما ذكرنا أنه حينئذ جاز المبيع كل الحي م: (وقال بعض المشايخ رحمهم الله) ش: وهم مشايخ بلخ رحمهم الله م: (يأخذ من ثمن الهالك بقدر ما أقر به المشتري وإنما لا يأخذ الزيادة) ش: مع اليمين إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي، فلا يضمنه شيئًا مما يدعي من الزيادة من الثمن في حق الميت بل يأخذ ما يقر به المشتري، وحينئذ لا يحلف المشتري لأن الاستحلاف إنما شرع في حق المشتري إذا كان ينكر ما يدعيه البائع في الزيادة، فإذا ترك البائع دعوى الزيادة فلا حاجة إلى استحلاف المشتري.
وعلى قول هؤلاء لا ينصرف الاستثناء إلى يمين المشتري لا إلى التحالف لأنه لما أخذ البائع بقول المشتري فقد صدقه فلا يحلف المشتري، ثم تفسير التحالف على قول محمد ما بيناه في القائم، وإذا حلفا ولم يتفقا على شيء فادعى أحدهما الفسخ أو كلاهما يفسخ العقد بينهما ويأمر القاضي المشتري برد الباقي وقيمة الهالك. واختلفوا في تفسيره على قول أبي يوسف رحمه الله. والصحيح أنه يحلف المشتري بالله ما اشتريتهما بما يدعيه البائع فإن نكل لزمه دعوى البائع وإن حلف يحلف البائع بالله ما بعتهما بالثمن الذي يدعيه المشتري، فإن نكل لزمه دعوى المشتري، وإن حلف يفسخان العقد في القائم ويسقط حصته ويلزم المشتري حصة الهالك ويعتبر قيمتها في الانقسام يوم القبض.
ــ
[البناية]
م: (وعلى قول هؤلاء) ش: أي قول بعض المشايخ الذين ذكرهم م: (لا ينصرف الاستثناء) ش: وهو قوله: إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي ولا شيء له م: (إلى يمين المشتري) ش: معناه أن البائع يأخذ الحي صلحًا على ما يدعيه من الزيادة قبل المشتري، فيجعل صلحهما على هذا العبد كصلحهما على عبد آخر، وصار تقديره على قولهم إلا أن يأخذ البائع الحي ولا يأخذ شيئًا آخر فحينئذ لا يحلف المشتري م:(لا إلى التحالف لأنه لما أخذ البائع بقول المشتري فقد صدقه فلا يحلف المشتري) .
ش: وقال شيخ الإسلام: هذا لا يقوى لأن الأخذ معلق بمشيئة البائع ولو كان كذلك لكان معلقًا بمشيئتهما، م:(ثم تفسير التحالف على قول محمد) ش: لما كان قول أبي حنيفة عدم وجوب التحالف استغنى عن التفسير ففسره على قولهما م: (ما بيناه في القائم) ش: أي في المبيع الباقي أراد به ما ذكره بقوله وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف إلخ.
م: (وإذا حلفا ولم يتفقا على شيء) ش: يعني من الثمن م: (فادعى أحدهما الفسخ أو كلاهما يفسخ العقد بينهما ويأمر القاضي المشتري برد الباقي وقيمة الهالك) ش: أي ويرد قيمة الهالك والقول في قيمة المشتري، لأن البائع يدعي زيادة قيمته وهو ينكر فيكون القول له كما في قيمة المغصوب أو المقبوض بعقد فاسد، م:(واختلفوا في تفسيره) ش: أي اختلف المشايخ في تفسير التحالف، م:(على قول أبي يوسف رحمه الله) ش: فيتحالفان في القائم دون الهالك.
قال بعضهم: يتحالفان على القائم، لأن العقد ينفسخ في حقه لا غير، م:(والصحيح أنه يحلف المشتري بالله ما اشتريتهما بما يدعيه البائع، فإن نكل لزمه دعوى البائع وإن حلف يحلف البائع بالله ما بعتهما بالثمن الذي يدعيه المشتري فإن نكل لزمه) ش: أي البائع م: (دعوى المشتري وإن حلف يفسخان العقد في القائم ويسقط حصته) ش: القائم م: (من الثمن ويلزم المشتري حصة الهالك) ش: من الثمن الذي أقر به المشتري، ولا يلزمه قيمة الهالك، م:(ويعتبر قيمتها) ش: أي قيمة الهالك وقيمة الباقي م: (في الانقسام يوم القبض) ش:، فإن اتفقا أن قيمتها يوم القبض كانت على السواء لزم
وإن اختلفا في قيمة الهالك يوم القبض فالقول قول البائع، وأيهما أقام البينة تقبل بينته، وإن أقاماها فبينة البائع أولى وهو قياس ما ذكر في بيوع الأصل اشترى عبدين وقبضهما ثم رد أحدهما بالعيب وهلك الآخر عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده، وينقسم الثمن
ــ
[البناية]
المشتري نصف الثمن الذي أقر به وسقط نصفه، وإن تصادقا أن قيمتها كانت على التفاوت يسقط في الثمن بقدر قيمة الهالك.
م: (وإن اختلفا في قيمة الهالك يوم القبض) ش: فقال المشتري: كانت قيمته يوم القبض خمسمائة، وقيمة القائم يوم القبض كانت ألفًا، وقال البائع على عكس هذا م:(فالقول قول البائع) ش: لأن البائع ينكر سقوط زيادة الثمن، والمشتري يدعي السقوط بعد اتفاقهما على وجوب الثمن، فكان البائع متمسكًا بالأصل، كذا في " جامع قاضي خان "، فإن قيل مسائل الزيادات تدل على اعتبار قيمتهما يوم العقد حتى قال محمد رحمه الله: قيمة الأم تعتبر يوم القيمة، وقيمة الزيادة يوم الزيادة، وقيمة الولد يوم القبض، لأن الأم صارت مقصودة بالعقد والزيادة بالزيادة والولد بالقبض، وكل واحد من بينهما صار مقصودًا بالعقد، فوجب اعتبار قيمتهما يوم العقد لا يوم القبض.
وفي " الفوائد الظهيرية " فهذا إشكال هائل أوردته على قوم تحرير فلم يهتد أحد إلى جوابه، ثم قال: والذي يخايل لي بعد طول الجسم فما ذكر من المسائل لم يتحقق ما يوجب الفسخ، فما صار مقصودًا بالعقد، وفيما نحن فيه تحقيق ما يوجب الفسخ فيما صار مقصودًا لعقد وهو التحالف.
أما في الحي فظاهر، وكذا في الميت، لأنه إن تقذر الفسخ في الهالك لم يتعذر اعتبار ما هو من لوازم الفسخ في الهالك وهو اعتبار قيمته يوم القبض، لأن الهالك مضمون بالقيمة يوم القبض على تقدير الفسخ كما هو مذهب محمد رحمه الله حتى قال: يضمن المشتري قيمة الهالك على تقدير التحالف، ويجب إعمال التحالف في اعتبار قيمة الهالك يوم القبض، فلهذا يعتبر قيمتها يوم القبض، م:(وأيهما أقام البينة تقبل بينته) ش: لأنه نور دعواه بالحجة.
م: (وإن أقاماها فبينة البائع أولى) ش: لأنه أكثر إثباتًا بالزيادة في قيمة الهالك ولا معتبر لدعوى المشتري زيادة في قيمة القائم لأنها ضمينته، والاختلاف المقصود وهو ما كان في قيمة الهالك.
ثم ذكر المصنف رحمه الله ما هو على قياس القول: م: (وهو قياس ما ذكر في بيوع الأصل) ش: أي " المبسوط " وهو قوله: م: (اشترى عبدين وقبضهما) ش: ولم يرد الثمن م: (ثم رد أحدهما بالعيب وهلك الآخر، عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده وينقسم الثمن