الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كشهادتهن على نفس الولادة. قال: ولا بد في ذلك كله من العدالة، ولفظه الشهادة، فإن لم يذكر الشاهد لفظة شهادة، وقال: أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته، أما العدالة فلقوله تعالى:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282](البقرة الآية: 282) . والمرضي من الشاهد هو العدل، ولقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2](الطلاق الآية: 2) . ولأن العدالة هي المعينة للصدق؛ لأن من يتعاطى غير الكذب قد يتعاطاه. وعن أبي يوسف أن الفاسق إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة، تقبل شهادته؛ لأنه لا يستأجر لوجاهته، ويمنع عن الكذب لمروءته. والأول أصح
ــ
[البناية]
كشهادتهن على نفس الولادة) ش: وبه قال مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في قول.
[اشتراط العدالة في الشهادة]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ولا بد في ذلك كله) ش: أي في جميع ما ذكر من أنواع الشهادة م: (من العدالة ولفظة الشهادة، فإن لم يذكر الشاهد لفظة شهادة، وقال: أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته. أما العدالة فلقوله عز وجل: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] (البقرة: الآية 282) والمرضي من الشاهد هو العدل، ولقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2](الطلاق: الآية 2)) ش: والفاسق ليس بمرضي.
ولا خلاف فيه للفقهاء، ولو أن الشهادة حجة باعتبار الصدق، وهو معنى قوله م:(ولأن العدالة هي المعينة للصدق؛ لأن من يتعاطى) ش: من التعاطي، وهو التناول م:(غير الكذب قد يتعاطاه) ش: أي لأن من يتعاطى غير الكذب من محظورات دينه، فقد يتعاطاه أيضا ويقدم على شهادة الزور أيضا، فترد شهادته للتهمة.
م: (وعن أبي يوسف أن الفاسق إذا كان وجيها) ش: أي ذا قدر وشرف م: (في الناس ذا مروءة) ش: أي إنسانية، وفي المروءة لغتان، الهمزة وتشديد الواو م:(تقبل شهادته لأنه لا يستأجر لوجاهته ويمنع عن الكذب لمروءته) ش: لأنه لا يرضى أن يعرف بين الناس بالكذب، فمروءته تمنعه عن ذلك، وكذلك لا يرى لنفسه أن يستأجر على شهادة الزور خوفا من أن يسلم في وجاهته م:(والأول) ش: وهو عدم قبول شهادة الفاسق مطلقا ذا وجاهة أو لا م: (أصح) ش: لإطلاق قوله عز وجل: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ش: (الطلاق: الآية 2) وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6](الحجرات: الآية 6) .
ولأن قبول الشهادة والعمل بها إكرام الشهادة وقال عليه السلام: «أكرموا الشهود»
…
" الحديث، وفي حق الفاسق أمرنا بخلاف ذلك، قال عليه السلام: «إذا لقيت الفاسق، فالقه بوجه مكفهر» أي شديد العبوسة، ولا مروءة لمن يكون معلنا بفسق شرعا، كذا في " المبسوط ".
إلا أن القاضي لو قضى بشهادة الفاسق، يصح عندنا. وقال الشافعي رحمه الله: لا يصح، والمسألة معروفة. وأما لفظة الشهادة، فلأن النصوص نطقت باشتراطها، إذ الأمر فيها بهذه اللفظة، ولأن فيها زيادة توكيد، فإن قوله: أشهد من ألفاظ اليمين، كقوله: أشهد بالله فكان الامتناع عن الكذب بهذه اللفظة أشد، وقوله في ذلك كله إشارة إلى جميع ما تقدم حتى يشترط العدالة، ولفظة الشهادة في شهادة النساء في الولادة وغيرها هو الصحيح؛
ــ
[البناية]
م: (إلا أن القاضي) ش: أي لكن القاضي م: (لو قضى بشهادة الفاسق يصح عندنا، وقال الشافعي رحمه الله: لا يصح) ش: وقال الشافعي رحمه الله: لا تقبل شهادة الفاسق ولا يجوز قضاؤه.
م: (والمسألة معروفة) ش: وقد مر الكلام فيها في أوائل كتاب "أدب القاضي" م: (وأما لفظ الشهادة فلأن النصوص نطقت باشتراطها، إذ الأمر فيها) ش: أي في النصوص م: (بهذه اللفظة) ش: أي لفظة الشهادة. قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2](الطلاق: الآية 2){وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282](البقرة: الآية 282)، وقال صلى الله عليه وسلم:«إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع» م: (ولأن فيها) ش: أي لفظ الشهادة م: (زيادة توكيد) ش: لدلالتها على الشهادة.
م: (فإن قوله: أشهد من ألفاظ اليمين، كقوله: أشهد بالله، فكان الامتناع عن الكذب بهذه اللفظة) ش: أي بلفظة الشهادة م: (أشد) ش: والنصوص وردت بقبولها بهذه اللفظة فيقتصر على مورد النص، ولا يقال: جاء الأمر بالتكبير بلفظ التكبير، قال الله تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3](المدثر: الآية 3) ، ومع ذلك أجاز أبو حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله تبديله بلفظ آخر، مثل الله أجل وأعظم؛ لأنا نقول: إن التكبير للتعظيم.
وفي قوله: "أعظم" صريح التعظيم، فكان مثله من كل وجه بل أزيد، فيلحق به دلالة أما الشهادة فتنبني عن المشاهدة والعيان، ولهذا يذكر للقسم فكانت له زيادة وكادة في الإخبار على قوله: أتيقن أو أعلم، فلا يمكن إلحاقها بلفظ الشهادة.
م: (وقوله) ش: أي قول القدوري رحمه الله في "مختصره " م: (في ذلك كله) ش: أي في جميع ما تقدم م: (إشارة إلى جميع ما تقدم) ش: من أنواع الشهادة م: (حتى يشترط العدالة. ولفظة الشهادة في شهادة النساء في الولادة وغيرها هو الصحيح) ش: احترز به عن قول العراقيين فإنهم لا يشترطون فيها لفظة الشهادة.
وفي " المنتقى " إن لفظة الشهادة والحرية غير معتبرة. وحكي عن الكرخي رحمه الله: أن الشهادة على الولادة ليست بشهادة، وإنما هي خبر وإليه ذهب صاحب " المختلف "، والذي قاله
لأنها شهادة لما فيه من معنى الإلزام، حتى اختص بمجلس القضاء، ويشترط فيه الحرية والإسلام،
قال أبو حنيفة رحمه الله: يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم، ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف» ،
ــ
[البناية]
القدوري رحمه الله هو الذي اختاره مشايخ بلخ رحمهم الله.
وقال الأترازي رحمه الله: وعليه مشايخنا.
وقال التمرتاشي رحمه الله: قال في " شرح بكر ": قال مشايخ بخارى وبلخ: يشترط لفظة الشهادة، وقال مشايخ العراق: لا يشترط كما في شهادة هلال رمضان م: (لأنها) ش: أي لفظ شهادة النساء بالولادة م: (شهادة) ش: وليست بمجرد إخبار م: (لما فيه من معنى الإلزام) ش: أي إلزام النسب م: (حتى اختص) ش: أي لفظ شهادة النساء م: (بمجلس القضاء) ش: فلا يعتبر في غير مجلس القضاء.
م: (ويشترط فيه) ش: قال الأترازي رحمه الله أي في الشاهد: م: (الحرية والإسلام) ش: في جميع ما ذكرنا من مراتب الشهادة، والظاهر أن الضمير في قوله فيه، أي في اشتراط لفظة الشهادة في شهادة النساء بالولادة يشترط الحرية والإسلام أيضا، ويؤيده نسخة شيخنا العلاء رحمه الله، ولهذا يشترط الحرية والإسلام أي ولأجل ما فيه من معنى الإلزام، واختصاصه بمجلس القضاء، يشترط في شهادة النساء بالولادة الحرية والإسلام حتى لو كانت أمة أو كافرة لا تقبل.
م: (قال أبو حنيفة رحمه الله: يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم، ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم، لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف» ش: هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه "، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
إلى آخره م: (ومثل ذلك مروي عن عمر رضي الله عنه) ش: أي مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا رواه الدارقطني في "سننه " مطولا جدا عن عبد الله بن أبي المليح الهذلي، قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة
…
الحديث، وفيه: "المسلمون عدول
ومثل ذلك مروي عن عمر رضي الله عنه، ولأن الظاهر هو الانزجار عما هو محرم دينه، وبالظاهر كفاية، إذ لا وصول إلى القطع إلا في الحدود والقصاص، فإنه يسأل عن الشهود لأنه يحتال لإسقاطها، فيشترط الاستقصاء فيها، ولأن الشبهة فيها دارئة، وإن طعن الخصم فيهم يسأل عنهم في السر والعلانية، لأنه تقابل الظاهران فيسأل طلبا للترجيح.
ــ
[البناية]
بعضهم على بعض إلا محدودا في حد أو مخبر بما في شهادة زور، أو ظنينا في ولادة أو قرابة.
وقال الدارقطني: وعبد الله بن حميد ضعيف، وقال النسائي رحمه الله: متروك الحديث، وقال البخاري رحمه الله: منكر الحديث، واسم أبي حميد عالية بن الخطاب الهذلي الكوفي رحمه الله.
م: (ولأن الظاهر) ش: في حال المسلم م: (هو الانزجار عما هو محرم دينه، وبالظاهر كفاية) ش: فإن قيل: الظاهر يكفي للدفع لا يكفي للاستحقاق، وهاهنا يثبت المدعي استحقاق المدعى به بإقامة البينة.
قيل في جواب: ما أشار إليه المصنف بقوله: م: (إذ لا وصول إلى القطع) ش: أي لا إمكان للوصول إلى الدليل القطعي، إلا الظاهر لأنه لو لم يكتف بالظاهر، احتيج إلى التزكية، وقبول قول المزكي في التعديل أيضا عمل بالظاهر، إذ لو لم يعمل بقوله لاحتيج إلى مزك آخر، ويرد ذلك في الثالث والرابع، فيؤدي إلى الدور والتسلسل.
وقال الأكمل رحمه الله: يجوز أن يقال: الظاهر هنا، اعتبر للدفع لا للاستحقاق؛ لأن دعوى المدعي وإنكاره الخصم تعارضا، وشهادة الشهود وبراءة الذمة كذلك، وبظاهر العدالة اندفع معارضة الذمة، فكان واقعا م:(إلا في الحدود والقصاص) ش: استثناء من قوله ولا يسأل حتى يطعن الخصم إلا في الحدود والقصاص م: (فإنه) ش: أي فإن الحاكم م: (يسأل عن الشهود لأنه يحتال لإسقاطها) ش: أي لإسقاط الحدود، لأن مبناها على الدرء م:(فيشترط الاستقصاء فيها) ش: إذ السؤال عن العدالة ربما يفضي إلى الدرء فيجب السؤال احتيالا له م: (ولأن الشبهة فيها) ش: أي في الحدود م: (دارئة) ش: أي العدالة وإن كانت ظاهرة، وكذا احتمال كونه غير عدل ثابت، فتعمل هذه الشبهة بالدرء.
م: (وإن طعن الخصم فيهم) ش: أي في الشهود م: (يسأل عنهم في السر والعلانية) ش: يعني في غير الحدود والقصاص، لأن في الحدود والقصاص يسأل قبل الطعن م:(لأنه تقابل الظاهران) ش: يعني كما أن الظاهر أن الشهود لا يكذبون، فكذا الظاهر أن الخصم لا يكذب في طعنه، فإذا كان كذلك م:(فيسأل) ش: الحاكم عنهم أي عن الشهود م: (طلبا للترجيح) ش: بين المتعارضين.
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق، لأن القضاء مبناه على الحجة، وهي شهادة العدول، فيتعرف عن العدالة وفيه صون قضائه عن البطلان وقيل هذا اختلاف عصر وزمان والفتوى على قولهما في هذا الزمان، قال: ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة إلى المعدل فيها النسب والحلي والمصلى ويردها المعدل، وكل ذلك في السر كيلا يظهر فيخدع أو يقصد
ــ
[البناية]
م: (وقال أبو يوسف ومحمد: - رحمهما الله -: لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق) ش: يعني سواء طعن الخصم أو لم يطعن في جميع الدعوى. وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -، وقال مالك رحمه الله: من كان مشهودا [له] بالعدالة، لم تسأل عنه، ومن عرف جرحه رد شهادته وإنما يجب السؤال مهما شك. م:(لأن القضاء مبناه على الحجة، وهي شهادة العدول، فيتعرف عن العدالة) ش: يقال: تعرفت ما عنده أي تطلبته منه حتى عرفته م: (وفيه) ش: أي في تعرفه م: (صون قضائه) ش: أي حفظه م: (عن البطلان) ش: على تقدير ظهور الشهود عبيدا أو كفارا، فيبطل القضاء.
م: (وقيل: هذا) ش: أي هذا الخلاف م: (اختلاف عصر وزمان) ش: لا اختلاف حجة وبرهان، بيانه أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان في القرن الثالث الذي شهد النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية لأهله حيث قال:«خير القرون رهطي الذي أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حتى يحلف الرجل قبل أن يستحلف، ويشهد قبل أن يستشهد» وهذا كان في القرن الرابع الذي شهد النبي عليه السلام بفشو الكذب في أهله، فلهذا شرط الاستكشاف، ولو شاهد أبو حنيفة رحمه الله ذلك لقال بقولهما، ولهذا المصنف: م: (والفتوى على قولهما في هذا الزمان) ش: أي على قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله.
م: (قال: ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة) ش: أي الرقعة يكتب فيها القاضي أمام الشهود وحلاهم م: (إلى المعدل) ش: بكسر الدال سميت بالمستورة؛ لأنها تستر عن نظر العوام م: (فيها) ش: أي المستورة بيان م: (النسب) ش: أي نسب الشهود م: (والحلي) ش: بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام مقصورا جمع حلية.
وفي " المغرب " حلية الإنسان صفته وجاء الضم في الحاء في الجمع والكسر أفصح م: (والمصلى) ش: أي قيل: أراد به الجلسة والظاهر أن المراد به مسجد المحلة م: (ويردها المعدل) ش: أي يرد المعدل المستورة م: (وكل ذلك في السر كيلا يظهر) ش: أي المعدل م: (فيخدع) على صيغة المجهول بالنصب لأنه جواب النفي، أي يخدع بالمال م:(أو يقصد) ش: مجهول أيضا منصوب، لأنه عطف على يخدع، أي يقصد بالإضرار إذا كان ظاهرا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وفي " المحيط " و" فتاوى قاضي خان ": وينبغي للقاضي أن يختار للمسألة عن الشهود من هو أوثق الناس وأورعهم وأكرمهم أمانة وخبرة، وأعلمهم بالتمييز فطنة قبولية المسألة، ثم يكتب في رقعة أسماء الشهود حماية بأنسابهم وحلاهم وقبائلهم ومحلاتهم ورخائهم، ويبعث ملك الرقعة على يد أمين مختومة ولا يطلع أحد على ما في يد أمين حتى لا يخدع بالرشوة.
ولو كان المزكي بعيدا ويجعل أجرة الأمين على المدعي، وثمن الصحيفة الذي يكتب فيها أساميهم عليه أيضا، ثم المزكي يسأل عنهم من أهل حرفتهم، ومن جيرانهم وأهل محلتهم، فإن لم يجد فمن أهل سوقهم، فإذا قال المسئول عنه: هو عدل، يكتب المزكي في آخر الرقعة أنه عدل مرضي عندي جائز الشهادة، ولا يكتب أنه غير عدل غير مرضي.
وفي " فتاوى قاضي خان " رحمه الله: من عرف فسقه لا يكتب ذلك تحت اسمه، بل يكتب احترازا عن هتك الستر، ويقول: الله أعلم، إلا إذا خاف أن القاضي يقضي بشهادته بتعديل غيره، فحينئذ يصرح بذلك.
ومن لم يعرفه لا بالعدل ولا بالفسق يكتب تحت اسمه في كتاب القاضي مستور، ثم يبعثه بتلك الرقعة إلى القاضي سرا، ثم القاضي إن شاء جمع بين تزكية السر وبين تزكية العلانية.
وفي " الذخيرة ": ينبغي أن يكون المزكي صاحب خبرة، ولا يكون منزويا لا يخالط الناس، لأنه إذا لم يخالطهم لا يعرف العدل من غير عدل، وينبغي أن لا يكون طماعا ولا فقيرا، حتى لا ينخدع بالمال.
فإذا لم يجد المزكي أهل مسجده أو أهل محلته أو سوقه يسأل أهل مجلسه، فإن وجد كلهم غير ثقات يعتبر في ذلك تواتر الأخبار، ولو لم يعرف الشهود بالعدالة، فأخبره رجلان عدلان عين النسب.
وعن ابن سماعة عن أبي حنيفة رحمه الله يجوز في تزكية السر المرأة والعبد والمحدود في القذف إذا كانوا عدولا، ولا يجوز في تزكية العلانية، إلا من يجوز شهادته لأن تزكية السر من الإخبار بأمر ديني، وقول هؤلاء في الأمور الدينية إذا كانوا عدولا مقبول في روايتهم الإخبار شهادتهم بهلال رمضان، أما العلانية نظير الشهادة من حيث أن القضاء لا يجب إلا بها كالشهادة، ويشترط فيها ما يشترط في الشهادة سوى لفظة الشهادة، حتى لا يجوز تزكية الوالد لولده، وعلى العكس في السر جائز.
وفي العلانية لا بد أن يجمع بين المعدل والشاهد لتنتفي شبهة تعديل غيره، وقد كانت العلانية، وحدها في الصدر الأول، ووقع الاكتفاء في السر في زماننا تحرزا عن الفتنة، ويروى عن محمد رحمه الله تزكية العلانية بلاء وفتنة، ثم قيل: لا بد أن يقول المعدل: هو، حر، عدل، جائز الشهادة، لأن العبد قد يعدل، وقيل: يكتفى بقوله: هو عدل؛ لأن الحرية ثابتة بالدار، وهو أصح، قال: وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم أنه عدل معناه قول المدعى عليه.
ــ
[البناية]
م: (وفي العلانية) ش: أي وفي التزكية العلانية م: (لا بد أن يجمع) ش: الحاكم في مجلس القضاء م: (بين المعدل والشاهد لتنتفي شبهة تعديل غيره) ش: لأن الشخصين قد يتفقان في الاسم والنسبة، فيقول المعدل: هذا الذي عدالته يشير إلى الشاهد م: (وقد كانت العلانية) ش: أي التزكية العلانية م: (وحدها) ش: يعني بدون تزكية السر م: (في الصدر الأول) ش: أي الصحابة رضي الله عنهم لأن القوم كانوا صلحاء، والمعدل كان لا يوفي عن الجرح؛ لأنهم كانوا لا يقابلونه بالأذى لو جرحهم، وفي زماننا ليس كذلك م:(ووقع الاكتفاء بالسر في زماننا تحرزا عن الفتنة، ويروى عن محمد رحمه الله: تزكية العلانية بلاء وفتنة) ش: لأن الشهود يقابلون المزكي إذا جرحهم بالأذى ويقع بينه وبينهم العداوة.
م: (ثم قيل: لا بد أن يقول المعدل: هو) ش: أي الشاهد م: (حر، عدل، جائز الشهادة، لأن العبد قد يعدل، وقيل: يكتفي بقوله) ش: أي بقول المعدل م: (هو عدل) ش: ولا يشترط أن يقول: هو عدل جائز الشهادة م: (لأن الحرية ثابتة بالدار) ش: لأن الدار دار الإسلام.
وقال المصنف: رحمه الله: م: (وهو أصح) ش: وبه قال أصحاب الشافعي، وأحمد - رحمهما الله -، وقال مالك: رحمه الله: لا بد من ذكر العدالة والرضاء، بأن يقول: هو عدل مرضي، ولا يقتصر على أحد الوصفين، ذكره في " الجواهر ".
م: (قال: وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود) ش: بيان هذا أن أبا حنيفة رحمه الله قال: على طريقة قوله في المزارعة من التخريج على قول من يقول بالسؤال إذا سئل م: (لم يقبل قول الخصم) ش: وهو المدعى عليه م: (أنه عدل) . ش: وفسر المصنف رحمه الله الخصم بقوله: م: (معناه قول المدعى عليه) ش: وكذا فسرناه، ولفظ " الجامع الصغير ": محمد رحمه الله عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال في قوله: من رأى أن يسأل عن الشهود بأنه لا يجوز إذا قال: "الخصم المشهود عليه" هو عدل حتى يسأل عنه، انتهى.
وذلك لأن من أصل أبي حنيفة رحمه الله: أن القاضي لا يسأل عن الشهود في غير
وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - أنه يجوز تزكيته، لكن عند محمد رحمه الله يضم تزكية الآخر إلى تزكيته؛ لأن العدد عنده شرط. ووجه الظاهر أن في زعم المدعي وشهوده أن الخصم كاذب في إنكاره، مبطل في إصراره فلا يصلح معدلا، وموضوع المسألة إذا قال: هم عدول، إلا أنهم أخطؤوا أو نسوا، أما إذا قال: أو هم عدول صدق فقد اعترف بالحق.
ــ
[البناية]
الحدود والقصاص إلا إذا طعن الخصم وهذا إذا سئل عنهم على قول من رأى ذلك، فقال المشهود عليه: هو عدل، لا يكفي ذلك، حتى يسأل غيره لأن تعديل المشهود عليه ليس بتعديل على الكمال، بل هو تعديل من وجه وجرح من وجه حيث لم يصدقه على شهادته.
م: (وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: أنه يجوز تزكيته) ش: أي تزكية الخصم، وبه قال الشافعي رحمه الله في قول وفي قول آخر: لا تجوز.
م: (لكن عند محمد رحمه الله) ش: إنما يجوز م: (يضم تزكية الآخر إلى تزكيته؛ لأن العدد عنده شرط) ش: أي عند محمد رحمه الله، وفي بعض النسخ؛ لأن العدد عنده شرط.
وفي " جامع قاضي خان " رحمه الله: هذا إذا كان المدعى عليه يصلح مزكيا، فإن كان فاسقا أو مستورا أو سكت عن جواب المدعي، ولم يجحد فلما شهدوا قال: هم عدول، لا يصح هذا التعديل، لأن العدالة في المزكي شرط عند الكل، ولم يوجد وعن محمد رحمه الله: أن القاضي يسأل عن المدعى عليه شهدوا عليك بحق أو بغير حق، فإن قال بحق فهو إقرار، وإن قال بغير حق، لا يقضى بشيء.
م: (ووجه الظاهر) ش: أي وجه ظاهر الرواية م: (أن في زعم المدعي وشهوده أن الخصم كاذب في إنكاره، مبطل في إصراره) ش: بالصاد المهملة، والإصرار هو الثبات على الشيء أي الخصم مبطل في ثباته على الإنكار م:(فلا يصلح معدلا) ش: لاشتراط العدالة فيه بالاتفاق.
م: (وموضوع المسألة) ش: هذا جواب عما يقال تعديل الخصم إقرار منه بثبوت الحق عليه فكان مقبولا؛ لأن العدالة ليست بشرط فيه بالاتفاق.
فأجاب المصنف رحمه الله بقوله: وموضوع المسألة، يعني الذي يثبت عليه هذه المسألة م:(إذا قال) ش: أي المدعي: م: (هم عدول إلا أنهم أخطئوا أو نسوا) ش: ومثل هذا ليس بإقرار بالحق وفيه نظر؛ لأن هذا الكلام مشتمل على الإقرار وغيره، فيصدق في الإقرار على نفسه، ويرد الغير للتهمة.
وأجيب: بأن الإقرار فيه بالنسبة إلى ما عليه؛ لأنه نسبهم في ذلك إلى الخطأ والنسيان، فأنى يكون إقرارا. م:(أما إذا قال: صدقوا أو هم عدول صدقة) ش: جمع صادق م: (فقد اعترف بالحق)
قال: وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود واحدا جاز، والاثنان أفضل، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله: لا يجوز إلا اثنان والمراد منه المزكي، وعلى هذا الخلاف رسول القاضي إلى المزكي والمترجم عن الشاهد. له أن التزكية في معنى الشهادة؛ لأن ولاية القضاء تبتنى على ظهور العدالة وهو بالتزكية، فيشترط فيه العدد كما تشترط العدالة فيه، وتشترط الذكورة في المزكي في الحدود والقصاص.
ــ
[البناية]
ش: فيقضي القاضي عليه باعترافه لا بالشاهدة.
م: (قال) ش: أي محمد: رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل) ش: عن صيغة المجهول م: (عن الشهود واحدا جاز) ش: لأنه ليس بشهادة، فلا يشترط في الخبر العدد م:(والاثنان أفضل) ش: لأنه أحوط م: (وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: وبه قال مالك رحمه الله، وأحمد رحمه الله في رواية.
م: (وقال محمد رحمه الله: لا يجوز إلا اثنان) ش: وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - في رواية م: (والمراد منه) ش: أي من رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود م: (المزكي) ش: وهو المرسل إليه فكان قوله الذي يسأل عن الشهود صفته الرسول، وتفسيره والذي يسأل عنه عن الشهود هو المزكي م:(وعلى هذا الخلاف رسول القاضي إلى المزكي والمترجم عن الشاهد) ش: يعني يكفي الواحد للتزكية والرسالة والترجمة عند أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله، وبه قال مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله في رواية.
وعند محمد رحمه الله: لا بد من اثنين. وقال الشافعي رحمه الله، وأحمد رحمه الله والترجمة جائزة إذا كان القاضي لا يعرف نساءهم. والنبي صلى الله عليه وسلم صنع في حق سلمان رضي الله عنه، فقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر.
وفي " الخلاصة " الترجمان: إذا كان أعمى، فعن أبي حنيفة رحمه الله: لا يجوز، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجوز م: (له) ش: أي لمحمد رحمه الله م: (أن التزكية في معنى الشهادة، لأن ولاية القضاء تبتنى على ظهور العدالة وهو بالتزكية، فيشترط فيه العدد كما تشترط العدالة فيه، وتشترط الذكورة في المزكي في الحدود والقصاص) ش: بإجماع الأئمة الأربعة رحمهم الله وكذلك في القصاص.
وذكره في " المختلف والحصر " في كتاب الحدود من باب أبي حنيفة رحمه الله: يشترط الذكورة في المزكي عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما، ويشترط أيضا عند الأئمة الثلاثة فيما لا يثبت بشهادة النساء، وعلى هذا الخلاف الجرح، فعندهما يثبت بواحد، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله -. وعند محمد رحمه الله: لا بد من اثنين. وبه قال الشافعي وأحمد
ولهما أنه ليس في معنى الشهادة، ولهذا لا يشترط فيه لفظة الشهادة. ومجلس القضاء، واشتراط العدد أمر حكمي في الشهادة، فلا يتعداها، ولا يشترط أهلية الشهادة في المزكي في تزكية السر حتى صلح العبد مزكيا، فأما في تزكية العلانية، فهو شرط، وكذا العدد بالإجماع على ما قاله الخصاف رحمه الله لاختصاصها بمجلس القضاء، قالوا: يشترط الأربعة في تزكية شهود الزنا عند محمد رحمه الله.
ــ
[البناية]
رحمه الله في رواية.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله: م: (أنه) ش: أي أن التزكية م: (ليس في معنى الشهادة، ولهذا) ش: أي لعدم كونه في معنى الشهادة، م:(لا يشترط فيه لفظة الشهادة ومجلس القضاء) ش: فلا يشترط فيها ما يشترط في الشهادة م: (واشتراط العدد أمر حكمي) ش: أي تعبدي ثبت بالنص على خلاف القياس م: (في الشهادة فلا يتعداها) ش: أي فلا يتعدى اشتراط العدد من الشهادة إلى التزكية م: (ولا يشترط أهلية الشهادة في المزكي في تزكية السر حتى صلح العبد مزكيا) ش: لمولاه وغيره.
م: (فأما في تزكية العلانية، فهو شرط وكذا العدد بالإجماع) ش: شرط م: (على ما قاله الخصاف رحمه الله لاختصاصها بمجلس القضاء) ش: وقال في " الخلاصة ": شرط الخصاف أن يكون المزكي في العلانية غير المزكي في السر. أما عندنا فالذي تزكيهم في العلانية ذكره في الفصل الثاني من كتاب القضاء.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ رحمهم الله: م: (يشترط الأربعة في تزكية شهود الزنا عند محمد رحمه الله) ش: الأربعة من الذكور في الزكيين، ذكره في " الذخيرة ".