الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل شتى من كتاب القضاء
قال: وإذا كان علو لرجل وسفل آخر، فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا ولا ينقب فيه كوة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله معناه بغير رضا صاحب العلو،
ــ
[البناية]
[مسائل شتى في كتاب القضاء]
[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]
م: (مسائل شتى) ش: أي هذه مسائل شتى م: (من كتاب القضاء) ش: أي مسائل متفرقة متعلقة بكتاب القضاء وأصل شتى من شت الأمر يشت شتا إذا تفرق. يقال: أمر مشت أي متفرق. وجاءوا أشتاتا، أي متفرقين، وقوم شتى، وأشياء شتى. قال الله تعالى:{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4](الليل الآية: 4) أي إن عملكم لمختلف، وفي تفسير إن أعمالكم لمختلفة، وقد جرت عادة المصنفين أن يذكروا ما شذ من المسائل في آخر الكتاب استدراكا للغاية، ويترجموه بقولهم، مسائل متفرقة أو بقولهم: مسائل شتى، أو بقولهم مسائل منثورة. وقال الأترازي رحمه الله: وكان القياس على هذا أن يذكر صاحب " الهداية " مسائل هذا الفصل في آخر كتاب "أدب القاضي "، انتهى.
قلت: الذي ذكره صاحب " الهداية " هاهنا، هو القياس؛ لأن كل شيء قيل: مسائل شتى من الأبواب والفصول من كتاب " أدب القاضي " ومتعلقاته، فافهم.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا كان علو لرجل وسفل لآخر فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا) ش: أصل يتد يوتد حذف الياء لوقوعها بين الياء والكسرة، والوتد بفتح الواو وكسر التاء. وقال الجوهري: الوتد بالكسر واحد الأوتاد وبالفتح لغة، وكذلك الود في لغة من يدغم، تقول: وتد الوتد ثم وتدا، وإذا أمرت. قلت: تد وتدك بالميتدة، وهي المدق، انتهى.
قلت: الوتد في لغة البلدتين، الخازوق، وهو قطعة من الخشب أو الحديد يدق في الحائط ليعلق عليه شيء أو يربط به شيء م:(ولا ينقب فيه كوة) ش: قاله الأترازي: الكوة بفتح الكاف كذا في "الديوان " هي الروزن. وفي " المغرب": الكوة نقب البيت والجمع كوى. وقد يضم الكاف في الفرد والجمع - ويستدار مفتاح الماء إلى المزارع والجداول، فيقال: كوى النهر. وقال الجوهري: الكوة نقب البيت والجمع كوا بالمد، وكوى أيضا مقصور. والكوة بالضم لغة ويجمع على كوى.
قلت: الكوة بخش في الحائط غير نافذ من ورائها يحط فيها شيء م: (وهذا) ش: أي الذي ذكرها من عدم جواز دق الوتد ونقب الكوة م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وكذا لا يفتح بابا ولا يدخل جذعا فيه، ولا يهدم سفله، وكذا لم يكن لصاحب العلو أن يحدث في بنائه إلا أن يضع عليه جذعا، ولا كنيفا لم يكن م:(معناه بغير رضا صاحب العلو) ش: أي معنى قول محمد -
وقالا: يصنع ما لا يضر بالعلو، وعلى هذا الخلاف إذا أراد صاحب العلو أن يبني على علوه، قيل: ما حكي عنهما تفسير لقول أبي حنيفة رحمه الله فلا خلاف فيه. وقيل: الأصل عندهما الإباحة؛ لأنه تصرف في ملكه، والملك يقتضي الإطلاق والحرمة بعارض الضرر، فإذا أشكل لم يجز المنع، والأصل عنده الحظر؛ لأنه تصرف في محل تعلق به حق محترم للغير، كحق المرتهن والمستأجر والإطلاق بعارض، فإذا أشكل لا يزول المنع على أنه لا يعرى عن نوع ضرر بالعلو من توهين بناء أو نقضه، فيمنع عنه.
ــ
[البناية]
رحمه الله في " الجامع ": ليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا ولا ينقب فيه كوة عند أبي حنيفة رحمه الله م: (بغير رضا صاحب العلو) ش: حاصله كما يجيء الآن أن أبا حنيفة رحمه الله إنما أراد بالمنع ما فيه ضرر ظاهر.
قيل: بل عند أبي حنيفة رحمه الله الحظر أصل والإطلاق يعارض لعدم الضرر، ولا خلاف فيما لم يضر لصاحبه، فإن له أن يصنع ما لا يضر به بالاتفاق وإنما الخلاف في حالة الإشكال أنه يضر به أم لا؟ فعند أبي حنيفة رحمه الله: ليس له ذلك إلا يرضي صاحبه (وقالا:) أي قال أبو يوسف رحمه الله: م: (يصنع ما لا يضر بالعلو) ش: لأن التصرف حصل في ملكه م: (وعلى هذا الخلاف) ش: المذكور بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله م: (إذا أراد صاحب العلو أن يبني على علوه) ش: بيتا أو يضع عليه جزوعا ونحو ذلك م: (قيل ما حكي عنهما) ش: أي عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (تفسير لقول أبي حنيفة رحمه الله فلا خلاف فيه) ش: قال بعض المشايخ رحمهم الله في " شرح الجامع الصغير ": أن أبا حنيفة رحمه الله أراد بالمنع ما فيه ضرر ظاهر، فيكون فصلا مجمعا عليه؛ لأن التصرف حصل في ملكه.
م: (وقيل:) ش: بل بينهم خلاف لأن م: (الأصل عندهما الإباحة؛ لأنه تصرف في ملكه، والملك يقتضي الإطلاق والحرمة بعارض الضرر) ش: أي إطلاق التصرف م: (فإذا أشكل) ش: ولم يعلم أنه يضره أم لا م: (لم يجز المنع) ش: لأن الأصل الإطلاق في تصرف ملكه م: (والأصل عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله م: (الحظر) ش: أي المنع م: (لأنه تصرف في محل تعلق به حق محترم للغير) ش: وتعلق حق الغير بملكه بين تصرفه فصار هذا م: (كحق المرتهن والمستأجر) ش: في منع المالك عن التصرف في المرهون والمستأجر.
م: (والإطلاق) ش: أي إطلاق التصرف م: (بعارض) ش: عدم الضرر م: (فإذا أشكل) ش: بأن لم يعلم فيه ضرر أم لا م: (لا يزول المنع على أنه) ش: أي مع أن التصرف فيه م: (لا يعرى عن نوع ضرر بالعلو من توهين البناء ونقضه، فيمنع عنه) ش: ولهذا لا يملك صاحب السفل أن يهدم كل الجدار أو السقف. فكذا بعضه.
قال: وإذا كانت زائغة مستطيلة تنشعب منها زائغة مستطيلة، وهي غير نافذة
ــ
[البناية]
وقال فخر الإسلام رحمه الله في " شرح الجامع الصغير ": وقول أبي حنيفة رحمه الله قياس.
وقال قاضي خان رحمه الله: لو تصرف صاحب السفل في ساحة السفل بأن حفر بئرا أو ما أشبه، ويتضرر به صاحب العلو له ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما الحكم معلول لعلة الضرر، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله.
والأصل فيه قوله عليه السلام: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» ، وفي الأقضية لو انهدم السفل لا يجبر صاحب السفل على البناء، وبه قال الشافعي رحمه الله في الجديد، ومالك رحمه الله في رواية، وأحمد رحمه الله في رواية.
وقالوا في رواية أخرى: يجبر ويخير صاحب العلو، فإن شاء بنى السفل إلى موضع علوه ثم يبني علوه ويمنع صاحب السفل عن السكن فيه حتى يؤدي قيمة السفل.
والصحيح أنه يعتبر قيمته يوم البناء لا وقت الرجوع بخلاف ما لو انهدم دار مشتركة، فبنى أحدهما بغير إذن صاحبه، لا يرجع على صاحبه بشيء، وبه قال الشافعي رحمه الله في الأصح، لأنه هنا غير مضطر إلى البناء في نصيب شريكه، لأنه يمكنه أن يقاسم المساحة ولهذا لا يجبر الشريك على بناء الجدار المشترك بعد انهدامه عندنا، وبه قال الشافعي رحمه الله في قول وأحمد ومالك - رحمهما الله - في رواية.
ولو كان البيت صغيرا فانهدم، ولا يمكن قسمة الساحة، لا يكون متبرعا في البناء، وهكذا تقول في الطاحون والحمام حتى لو انهدم بعضه يرجع بحصة صاحبه عليه، ولو انهدم كله فإن أمكن إلينا بعد القسمة يكون في البناء متطوعا، وإلا لا، كذا ذكره التمرتاشي رحمه الله.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كانت زائغة) ش: أي سكة. قال الكاكي رحمه الله: وقال تاج الشريعة رحمه الله: قوله "زائغة" أي سكة غير نافذة وفي حجة الشرع الزائغة كوجه، سميت بذلك لزيغها عن الطريق الأعظم.
وقال الأترازي: الزائغة المحلة سميت بها لميلها من طرف إلى طرف، من زاغت الشمس إذا مالت. وفي "تهذيب ديوان الأدب ": الزائغة الطريق الذي جاز عن الطريق الأعظم م: (مستطيلة) ش: أي طويلة من استطال يعني طال م: (تنشعب عنها زائغة مستطيلة وهي نافذة) ش: أي الزائغة
فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى؛ لأن فتحه للمرور ولا حق لهم في المرور إذ هو لأهلها خصوصا حتى لا يكون لأهل الأولى فيما بيع فيها حق الشفعة، بخلاف النافذة؛ لأن المرور فيها حق العامة، قيل: المنع من المرور لا من فتح الباب؛ لأنه رفع بعض جداره. والأصح أن المنع من الفتح لأن بعد الفتح لا يمكنه المنع من المرور في كل ساعة، ولأنه عساه يدعي الحق في القصوى بتركيب الباب. وإن كانت مستديرة قد لزق طرفاها فلهم أن يفتحوا بابا، لأن لكل واحد منهم حق المرور في كلها، إذ هي ساحة مشتركة، ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها.
ــ
[البناية]
المنشعبة غير نافذة، وكذلك الزائغة الأولى أيضا غير نافذة.
كذا ذكره التمرتاشي والفقيه أبو الليث رحمه الله حيث قالا: سكة طويلة غير نافذة، وسكة أخرى عن يمينها أو شمالها غير نافذة ولكن في أكثر الكتب لم يقيد الأولى بكونها غير نافذة، وتعليل الكتاب يقتضي ذلك.
وصورتها هكذا
م: (فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى) ش: أي السفلى م: (لأن فتحه للمرور لاحق لهم في المرور إذ هو لأهلها خصوصا) ش: أي خاصته م: (حتى لا يكون لأهل الأولى) ش: أي السكة الأولى م: (فيما بيع فيها) ش: أي في السكة القصوى م: (حق الشفعة) ش: لأن السكة لهم خاصة م: (بخلاف النافذة؛ لأن المرور فيها حق العامة) ش: وليست للسكان فيها خاصة م: (قيل: المنع من المرور لا من فتح الباب لأنه) ش: أي لأن الفتح م: (رفع بعض جداره) ش: ولأن يرفع جميع جداره بالهدم، فرفع بعضه أولى، ولهذا لو فتح كوة أو بابا للاستضاءة دون المرور لم يمنع. م:(والأصح أن المنع من الفتح، لأن بعد الفتح لا يمكنه المنع من المرور وفي كل ساعة ولأنه) ش: إذا فعل ذلك م: (عساه) ش: أي لعله م: (يدعي الحق في القصوى بتركيب الباب) ش: ويكون القول قوله من هذا الوجه فيمنع.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله: م: (وإن كانت) ش: أي الزائغة القصوى م: (مستديرة قد لزق طرفاها) ش: يعني سكة اعوجاج حتى بلغ اعوجاجها رأس السكة، والسكة غير نافذة م:(فلهم أن يفتحوا بابا) ش: أي فلكل واحد منهم أن يفتح بابه م: (لأن لكل واحد منهم حق المرور في كلها، إذ هي ساحة مشتركة ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها) ش: بهذه