الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه خلاف الشافعي رحمه الله.
قال: ولا تقبل
بينة صاحب اليد في الملك المطلق
ــ
[البناية]
ويقال: جعل البينة حجة جنس المدعين، واليمين حجة جنس المنكرين، فتكون جميع الأيمان على المنكرين فمن رد اليمين على المدعي لم يجعل جميعها على المنكرين، فيكون ذلك نسخًا للحديث المشهور، ولأنه عمل به الأئمة، وأنه لا يجوز بخبر الواحد ولا بالقياس، م:(وفيه خلاف الشافعي رحمه الله) ش: قد ذكرنا رد حجته ومن معه في مسألة القضاء بشاهد ويمين.
روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم حديث ابن عباس رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد» والجواب عنه من وجهين، أحدهما: أنه معلول بالانقطاع لأن فيه عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنه، وقال الترمذي في "علله الكبير": إن هذا الحديث قاله عمرو بن دينار ولم يسمعه من ابن عباس رضي الله عنه.
وقال ابن القطان في كتابه: والحديث وإن كان مسلمًا أخرجه عن قيس بن سعد وعمرو بن دينار، عن ابن عباس، ولكنه يروى بالانقطاع، وقال الطحاوي: وقيس بن سعد لا نعلمه إلا بحديث عمرو بن دينار.
الوجه الثاني: أن هذا على صحته لا يفيد العموم. قال الإمام فخر الدين رحمه الله: قول الصحابي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا، وقضى بكذا لا يفيد العموم، لأن الحجة في المحكي عنه لا في الحكاية، والمحكي قد يكون خاصًا وأيضًا فالقضاء له.. قد وجد البياض في السختين....، أقر بها إلا في هذا الموضع فعل الخصومات، وهذا مما يتعين به الخصومات، إذ لا يأتى فيه الحكم يعمل من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، بل إنما يقتضي شاهد خاص.
فإن قلت: روى سهل بن أبي حثمة رحمه الله في القسامة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: "تبرئكم يهود بخمسين يمينًا" فقالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتحلفون وتستحقون» .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الأيمان على المدعين بعد أن جعلها على المدعى عليهم فعلم أن رد اليمين جائز، والجواب: أنه لا دليل فيه لخصم، لأنه عليه الصلاة والسلام قال ذلك على سبيل الإنكار عليهم، بدليل أن اليمين عند المخالف لا ترد على المدعي إلا بعد أن يمتنع المدعى عليه، واليهود لم يمتنعوا من اليمين، وإنما قالت الأنصار: لا نرضى بأيمانهم، فدل على أن الكلام خرج على وجه الإنكار.
[بينة صاحب اليد في الملك المطلق]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ولا تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق)
وبينة الخارج أولى، وقال الشافعي رحمه الله: ويقضي ببينة ذي اليد لاعتضادها باليد، فيتقوى الظهور وصار كالنتاج والنكاح ودعوى الملك مع الإعتاق والاستيلاء والتدبير. ولنا: أن بينة الخارج أكثر إثباتا أو إظهارا
ــ
[البناية]
ش: وأراد بالمطلق أن يدعي الملك من غير أن يتعرض للسبب، بأن يقول "هذا ملكي" ولم يقل ملكه بسبب الشراء والإرث ونحو ذلك، لأن المطلق ما يتعرض الذات دون الصفات لا بالنفي ولا بالإثبات، فلذلك قيد به احترازًا عن الملك المقيد بدعوى النتاج، وبسبب لا يتكرر، وعن ماذا ادعيا الملك من واحد وأحدهما قابض؟، وعن ماذا ادعيا الشراء من اثنين وتارخ أحدهما أسبق؟، فإن هذه الصورة تقبل بينة ذي اليد بالإجماع.
فإن قلت: أما انتقض مقتضى القسمة حيث قبلت بينة ذي اليد وهو مدعى عليه؟ قلت: نعم، لأن قبولها من حيث ما ادعى من زيادة النتاج، والقبض، وسبق التاريخ، فهو من تلك الجهة مدعى عليه، والبينة للمدعي.
فإن قلت: فهل تجب على الخارج اليمين لكونه إذ ذاك مدعى عليه، قلت: لا، لأن اليمين إنما تجب عند عجز المدعي عن البينة، وهاهنا لم يعجز، وإذا تعارضت بينة الخارج وذي اليد في ملك المطلق فبينة الخارج أولى لعدم زيادة يصير بهما ذو اليد مدعيًا.
م: (وبينة الخارج أولى) ش: إن أقاما بينة م: (وقال الشافعي رحمه الله: يقضي ببينة ذي اليد) ش: وبه قال مالك رحمه الله والقاضي منه من أصحاب أحمد رحمه الله، وقول أحمد رحمه الله كقولنا
م: (لاعتضادها باليد) ش: أي لتقوية البينة باليد، إذ اليد دليل الملك م:(فيتقوى الظهور) ش: لأن بينة الخارج أكثر إثباتًا م: (وصار) ش: أي وصار حكم ذي اليد بالقضاء بينة م: (كالنكاح) ش: بأن ادعى نكاح امرأة وهي في يد أحدهما يقضي لصاحب اليد بالإجماع م: (والنتاج) ش: بأن أقاما بينة على نتاج دابة وهي في يد أحدهما يقضي لصاحب اليد.
م: (ودعوى الملك مع الإعتاق) ش: بأن ادعى عبدًا في يد رجل وأقام بينة أنه عبده وأعتقه وأقام ذو اليد بينة أنه أعتقه وهو يملكه فبينة ذي اليد أولى، م:(والاستيلاء) ش: بأن أدعى أنها أمته استولدها وهي في يد أحدهما فبينة ذي اليد أولى، م:(والتدبير ولنا: أن بينة الخارج أكثر إثباتًا) ش: بأن ادعيا أنه عبده ومدبره فبينة ذي اليد أولى في كل وجه، وبينة ذي اليد لا تثبت الملك من كل وجه، بل من وجه، لأن اليد دليل الملك، ولهذا لو رأى عينًا في يد إنسان يتصرف فيها تصرف الملاك جاز لمن رأى أن يشهد بالملك له م:(أو إظهارًا) ش: يعني في الواقع، فإن بينته تظهر ما كان ثابتًا في الواقع.