المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف الدعوى وأركانها] - البناية شرح الهداية - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب أدب القاضي

- ‌[شروط تولى القضاء]

- ‌[حكم طلب تولى القضاء]

- ‌[وظائف القاضي]

- ‌[قبول الهدية للقاضي]

- ‌[تسوية القاضي بين الخصمين]

- ‌فصل في الحبس

- ‌ الحبس جزاء المماطلة

- ‌[أقام المدعي بينة على يساره وأقام المديون بينة على إعساره]

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌[حكم كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[شروط قبول كتاب القاضي إلى القاضي]

- ‌[فصل قضاء المرأة]

- ‌[استخلاف القاضي]

- ‌[الحكم إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم]

- ‌[حكم الباطن فيما قضى به القاضي في الظاهر]

- ‌[القضاء على الغائب]

- ‌[إقراض القاضي من مال اليتامى]

- ‌باب التحكيم

- ‌[تعريف التجكيم ومشروعيته]

- ‌ التحكيم في الحدود والقصاص

- ‌حكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده

- ‌[مسائل شتى في كتاب القضاء]

- ‌[التصرف في محل تعلق به حق محترم للغير]

- ‌ ادعى في دار دعوى، وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها

- ‌ قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر

- ‌[أقر الطالب أنه قبض ماله على فلان مائة ثم قال وجدتها زيوفا]

- ‌[قال اقتضيت من فلان كذا درهما ثم ادعى أنها نبهرجة]

- ‌[قال لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك]

- ‌ ادعى على آخر أنه باعه جاريته، فقال: لم أبعها منك قط، فأقام المشتري البينة

- ‌فصل في القضاء بالمواريث

- ‌[مات نصراني فجاءت امرأته وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته]

- ‌[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]

- ‌ قال مالي في المساكين صدقة

- ‌[أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة]

- ‌ قال القاضي: قد قضيت على هذا بالرجم، فارجمه

- ‌[قول القاضي بانفراده قبل العزل وبعده]

- ‌كتاب الشهادة

- ‌[حكم الشهادة إذا طلبها المدعي]

- ‌الشهادة في الحدود

- ‌[مراتب الشهادة]

- ‌ شهادة النساء مع الرجال

- ‌[اشتراط العدالة في الشهادة]

- ‌[فصل ما يتحمله الشاهد]

- ‌[شهادة الشاهد بشيء لم يعاينه]

- ‌[الشهادة بالتسامع على الموت]

- ‌ شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته

- ‌[أداء الشهادة بالتسامع]

- ‌[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]

- ‌ شهادة الأعمى

- ‌[باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته]

- ‌[شهادة المملوك]

- ‌[شهادة المحدود في القذف]

- ‌ شهادة الوالد لولده

- ‌[شهادة الأجير لأستاذه]

- ‌ شهادة أحد الزوجين للآخر

- ‌ شهادة المولى لعبده

- ‌[شهادة المخنث]

- ‌[شهادة مدمن الشرب]

- ‌[شهادة من يلعب بالطيور]

- ‌[شهادة من يأتي بابا من الكبائر]

- ‌[شهادة من يدخل الحمام بغير إزار]

- ‌[شهادة من يفعل الأفعال المستحقرة]

- ‌ شهادة من يظهر سب السلف

- ‌ شهادة أهل الأهواء

- ‌ شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض

- ‌ شهادة الحربي على الذمي

- ‌[شهادة من ترك الصلاة في الجماعة استخفافا ا]

- ‌ شهادة الأقلف

- ‌[شهادة منزوع الخصيتين]

- ‌[شهادة ولد الزنا]

- ‌شهادة العمال

- ‌[شهادة الوصيين إذا أقرا أن معهما ثالثا]

- ‌ الشهادة على جرح مجرد

- ‌ أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود

- ‌[شهادة من ذكر الجانب الشرقي مكان الجانب الغربي أو على العكس]

- ‌باب الاختلاف في الشهادة

- ‌[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]

- ‌[اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أداء الشهادة]

- ‌[شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها]

- ‌[شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشترى بألف وخمسمائة]

- ‌[اختلاف الشهود في النكاح]

- ‌فصل في الشهادة على الإرث

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌[حكم الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شاهدين على شهادة شاهدين

- ‌[صفة الإشهاد في الشهادة على الشهادة]

- ‌ شهادة شهود الفرع

- ‌[قال أشهدني فلان على نفسه في شهادة الأصول على الفروع]

- ‌ شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر

- ‌[شهادة الزور]

- ‌كتاب الرجوع عن الشهادة

- ‌ رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها

- ‌[كيفية الرجوع عن الشهادة]

- ‌ شهد شاهدان بمال، فحكم الحاكم به ثم رجعا

- ‌ شهد رجل وامرأتان، فرجعت امرأة

- ‌[شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا]

- ‌ شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها، ثم رجعا

- ‌ شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا

- ‌ شهدوا بقصاص، ثم رجعوا بعد القتل

- ‌[رجوع شهود الفرع عن شهادتهم في مجلس القاضي بعد القضاء بشهادتهم]

- ‌[قال شهود الفرع كذب شهود الأصل وغلطوا في شهادتهم]

- ‌كتاب الوكالة

- ‌[تعريف الوكالة وحكمها]

- ‌ الوكالة بالخصومة

- ‌ الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود

- ‌[أوكل الحرالعاقل البالغ أو المأذون مثلهما]

- ‌[أضرب العقد الذي يعقده الوكلاء]

- ‌ طالب الموكل المشتري بالثمن

- ‌باب الوكالة بالبيع والشراء

- ‌فصل في الشراء

- ‌[وكل رجلاً بشراء شيء هل يلزم تسمية الجنس والصفة]

- ‌[الجهالة اليسيرة في الوكالة بالبيع والشراء]

- ‌[قال لآخر اشتر لي دابة أو ثوبا أو دارا]

- ‌[دفع إلى آخر دراهم وقال اشتري لي حنطة]

- ‌ اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب

- ‌ التوكيل بعقد الصرف والسلم

- ‌[حبس الوكيل المبيع فهلك عنده]

- ‌ وكله بشراء عبد بغير عينه، فاشترى عبدا

- ‌[أمر رجلان أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم لهما ثمنا فاشترى أحدهما]

- ‌ له على آخر ألف درهم فأمره أن يشتري بها هذا العبد فاشتراه

- ‌ تمليك الدين من غير من عليه الدين

- ‌فصل في التوكيل بشراء نفس العبد

- ‌فصل في البيع

- ‌الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض

- ‌الذي لا يتغابن الناس فيه

- ‌ وكله ببيع عبد له فباع نصفه

- ‌ أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه

- ‌[فصل في بيان وكالة الاثنين]

- ‌[يوكلهما بطلاق زوجته بغير مال]

- ‌ يوكل فيما وكل به

- ‌[عقد الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول]

- ‌[زوج العبد أو المكاتب أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة]

- ‌باب الوكالة بالخصومة والقبض

- ‌ الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض

- ‌ أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي

- ‌ كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم

- ‌ ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم

- ‌ وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري

- ‌باب عزل الوكيل

- ‌[حكم عزل الوكيل]

- ‌[مبطلات الوكالة]

- ‌[تصرف بنفسه فيما وكل به الوكيل]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

- ‌[إقرار المدعى عليه بصحة الدعوى وما يترتب عليه]

- ‌باب اليمين

- ‌ قال المدعي: لي بينة حاضرة وطلب اليمين

- ‌ بينة صاحب اليد في الملك المطلق

- ‌ نكل المدعى عليه عن اليمين

- ‌[ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة وبالعكس]

- ‌ ادعى قصاصا على غيره فجحده

- ‌فصل في كيفية اليمين والاستحلاف

- ‌[استحلاف اليهودي والنصراني]

- ‌[كيفية تحليف من ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحده]

- ‌باب التحالف

- ‌[صفة اليمين في التحالف]

- ‌[اختلفا البائع والمشتري في الثمن]

- ‌ اختلف الزوجان في المهر

- ‌[اختلف المتآجران في الإجارة]

- ‌[اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح بينهما قائم]

- ‌فصل فيمن لا يكون خصما

- ‌باب ما يدعيه الرجلان

- ‌ ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة، وأقاما بينة

- ‌ ادعى اثنان كل واحد منهما أنه اشترى منه هذا العبد

- ‌[ادعى أحدهما شراء والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما]

- ‌ ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة

- ‌[ادعى كل منهما أنه اشترى هذه العين من واحد]

- ‌[أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا]

- ‌ أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج

- ‌[أقاما الخارج وصاحب اليد البينة على نسج ثوب فيما لا يتكرر نسجه كغزل القطن]

- ‌ أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه

- ‌[أقام الخارج وصاحب اليد البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما]

- ‌[أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة]

- ‌[دارا في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة]

- ‌[ادعى أحدهما نصفها والآخر كلها]

- ‌[تنازعا في دابة والدابة في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده]

- ‌(فصل في التنازع بالأيدي)

- ‌ كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر

- ‌[ادعيا عبدا وهو في أيديهما]

- ‌[قال أنا عبد لفلان]

- ‌[كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادي وتنازعا فيه]

- ‌[دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت وتنازعا]

- ‌(باب دعوى النسب)

- ‌ باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع

- ‌ باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول

- ‌ ادعى نسب أحد التوأمين

- ‌ الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب، ثم قال: هو ابني

- ‌ الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي

- ‌ ادعت امرأة صبيا أنه ابنها

- ‌ الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها، وزعمت أنه ابنها من غيره

- ‌[اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل]

- ‌(كتاب الإقرار)

- ‌ أقر الحر البالغ العاقل بحق

- ‌ إقرار الصبي والمجنون

- ‌ قال: لفلان علي مال

- ‌ قال: له علي أو قبلي

- ‌[الإقرار بكون الشيء في يده]

- ‌[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]

- ‌[قال له علي مائة ودرهم]

- ‌ أقر بتمر في قوصرة

- ‌ أقر بدابة في إصطبل

- ‌ أقر لغيره بخاتم

- ‌ قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب

- ‌ قال: له علي من درهم إلى عشرة

- ‌ قال: لحمل فلانة علي ألف درهم

- ‌[فصل في بيان مسائل الحمل]

- ‌[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]

- ‌ أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل

- ‌باب الاستثناء وما في معناه

- ‌[معنى الاستثناء]

- ‌ قال: له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة

- ‌ أقر بحق، وقال: إن شاء الله متصلا بإقراره

- ‌ قال: بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان

- ‌[قال هذه الدار لفلان واستثنى بناءها لنفسه]

- ‌ قال: له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه

- ‌[قال المقر له مع إنكار العبد المقر به ما بعتكه إنما بعتك غيره]

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير

- ‌ قال: أقرضني ألف درهم ثم قال: هي زيوف

- ‌ قال: لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع والقرض

- ‌ قال: هي ستوقة أو رصاص بعدما أقر بالغصب والوديعة ووصل

- ‌ أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب

- ‌ قال: أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل قرضا

- ‌ قال: هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه، فقال فلان: هي لي

- ‌ قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان: الثوب ثوبي

- ‌ أقر أن فلانا زرع هذه الأرض

- ‌باب إقرار المريض

- ‌[حكم إقرار المريض]

- ‌[أقر المريض بعين في يده لآخر]

- ‌[أقر الرجل في مرضه بدين]

- ‌[أقرالمريض لوارثه]

- ‌ أقر لأجنبي ثم قال: هو ابني

- ‌ أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه

- ‌ إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى

- ‌ أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم

- ‌ مات أبوه فأقر بأخ

- ‌ مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين

الفصل: ‌[تعريف الدعوى وأركانها]

‌كتاب الدعوى

ــ

[البناية]

[كتاب الدعوى]

[تعريف الدعوى وأركانها]

م: (كتاب الدعوى) ش: أي هذا كتاب في بيان الأحكام المتعلقة بالدعوى، وهي في اللغة: اسم لادعاء الذي هو مصدر ادعى زيد على عمرو مالا، وبفتح الواو لا غير، كفتوى وفتاوى، وقيل: الدعوى لغة قول يقصد به إيجاب حق على الغير.

وذكر شيخ الإسلام المحبوبي -: الدعوى لغة: إضافة الشيء إلى نفسه بأن قال: لي ذمته دعوة الولد.

وذكرت في " شرحي الكنز " أن الدعوى فعلى من الدعاء وهو الطلب، والفعل منه ادعى يدعي وادعاء فهو مدع، والعين الذي يدعي مدع، ولا يقال مدعى فيه ولا به، وأصل دعا ادتعى، وأصل مدع مدتعي، قلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال، والدعوة بفتح الدال الدعاء إلى الطعام وبكسرها في النسب، وبضمها في دار الحرب فافهم.

وفي الشرع: الدعوى: إضافة الشيء إلى نفسه في حالة المنازعة، وقيل: هي مطالبة حق في مجلس من له الخلاص عند ثبوته، ولها ركن وشرط وحكم وسبب، أما ركنها هو معناها لغة، وهي إضافة الشيء إلى نفسه، لأن ركن الشيء ما يقوم به الشيء، والدعوى إنما تقوم بإضافة المدعي إلى نفسه فكان ركنا، وأما شرطها مجلس القضاء لأن الدعوى لا تصح في غير مجلس القاضي حتى لا يجب على المدعى عليه جواب المدعي، وأما حكمها: فوجوب الجواب على الخصم إما بنعم أو بلا، وأما سببها: فما هو السبب الذي ذكرناه في النكاح والبيوع!.

وفي " المبسوط " وغيره: سبب فسادها شيئان، جهالة المدعي، وكونها لا تكون ملزما على الخصم وهي مشروعة بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة، أما الكتاب: قَوْله تَعَالَى في قصة داود عليه السلام: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20](سورة ص: الآية 20) وفسر علي رضي الله عنه بقوله: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» .

وأما السنة: فما رواه عمرو بن شعيب رضي الله عنه عن أبيه عن جده عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» ، وأما الإجماع: فقيل: انعقد إجماع الأمة عليها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.

ووجه المناسبة بين هذا الكتاب وبين كتاب الوكالة هو أن الوكالة كانت بالخصومة لأجل الدعوى.

ص: 313

قال: المدعي من لا يجبر على الخصومة إذا تركها، والمدعى عليه من يجبر على الخصومة، ومعرفة الفرق بينهما من أهم ما يبتنى عليه مسائل الدعوى. وقد اختلفت عبارات المشايخ فيها، فمنها ما قال في الكتاب، وهو حد عام صحيح، وقيل: المدعي من لا يستحق إلا بحجة كالخارج، والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة كذي اليد، وقيل: المدعي من يتمسك بغير الظاهر، والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر، وقال محمد رحمه الله في الأصل: المدعى عليه هو المنكر وهذا صحيح، لكن الشأن في معرفته والترجيح بالفقه عند الحذاق من أصحابنا رحمهم الله؛ لأن الاعتبار للمعاني دون الصور،

ــ

[البناية]

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في " مختصره " م: (المدعي من لا يجبر على الخصومة إذا تركها، والمدعى عليه من يجبر على الخصومة) ش: هذا الحد هو الذي اختاره القدوري رحمه الله، وقال المصنف رحمه الله: م: (ومعرفة الفرق بينهما) ش: أي بين المدعي والمدعى عليه م: (من أهم ما يبتنى عليه مسائل الدعوى) ش:، وذلك لأن الإنسان قد يكون مدعيا صورة، ومع ذلك القول قوله "مع يمينه "، كالمودع إذا ادعى رد الوديعة على ما ذكرنا في الكتاب.

م: (وقد اختلفت عبارات المشايخ فيها،) ش: أي في الفرق بين المدعي والمدعى عليه م: (فمنها) ش: أي فمن جملة عبارات المشايخ م: (ما قال في الكتاب) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وهو حد عام صحيح) ش: أما عمومه فلأنه يتناول كل حد من الحدود التي ذكرت في المدعي والمدعى عليه، وأما صحته فلأنه جامع مانع على ما لا يخفى، فلذلك اختاره المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

م: (وقيل: المدعي من لا يستحق إلا بحجة) ش: يعني البينة والإقرار م: (كالخارج) ش: الذي يدعي عينا في يد رجل فإنه لا يستحق إلا بحجة، يعني البينة أو الإقرار م:(والمدعى عليه من يكون مستحقا بقوله من غير حجة كذي اليد) ش: أي كصاحب اليد فإنه لا يحتاج إلى بينته واستحقاقه بقوله هذا ملكي وأنا واضع اليد. وقال الأكمل: هو ليس بعام لعدم تناوله لصورة المودع إذا ادعى رد الوديعة، ولعله غير صحيح.

م: (وقيل: المدعي من يتمسك بغير الظاهر) ش: إذ الظاهر أن الأملاك في يد المالك وبراءة الذمة م: (والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر) ش: لأنه يدعي قرار يده وملكه على ظاهره، وهذا منقوض بالمودع فإنه مدعى عليه، وليس بتمسك بالظاهر، لأن رد الوديعة ليس بظاهر، لأن الفراغ ليس بأصل بعد الاشتغال؛ م:(وقال محمد رحمه الله في " الأصل ": المدعى عليه هو المنكر وهذا صحيح، لكن الشأن في معرفته) ش: أي في معرفة المنكر م: (والترجيح بالفقه) ش: يعني باعتبار المعنى دون الصورة م: (عند الحذاق من أصحابنا رحمهم الله؛ لأن الاعتبار للمعاني دون الصور) ش: بيانه إذا تعارضت الجهتان في صورة فالترجيح لأحدهما على الآخر يكون بالفقه كما ذكرنا،

ص: 314

فإن المودع إذا قال: رددت الوديعة فالقول قوله مع اليمين ينكر، وإن كان مدعيا للرد صورة لأنه ينكر الضمان معنى. قال: ولا تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره لأن فائدة الدعوى الإلزام بواسطة إقامة الحجة والإلزام في المجهول لا يتحقق.

ــ

[البناية]

ثم أوضح ذلك بقوله:

م: (فإن المودع إذا قال: رددت الوديعة فالقول قوله مع اليمين ينكر، وإن كان مدعيا للرد صورة لأنه ينكر الضمان معنى) ش: فلو أقام على ذلك بينة قبلت، لأنه متمسك بالأصل إذ الأصل في الذمم البراءة، ويحلف القاضي أنه لا يلزمه رد ولا ضمان، ولا يحلفه على أنه رده لأن اليمين أبدا يكون على النفي، فلو أقام على بينة قبلت والقول قوله مع يمينه أيضا فكان مدعى عليه، فإذا أقام البينة اعتبر الصورة، وإذا عجز عنها اعتبر معناها فإنه ينكر الضمان والقول قول المنكر مع يمينه، فإن قيل: المودع بدعوى الرد يتمسك بما ليس بثابت وهو الرد، إذ الرد لم يكن ثابتا، والمودع متمسك بما هو ثابت، وهو عدم الرد، فإن كان ثابتا فينبغي أن يكون الأمر على العكس.

قلت: المودع يدعي براءة ذمته عن الضمان معنى، وهو أصل المودع يدعي الشغل، ولم يكن ثابتا، ولهذا تقبل بينته اعتبارا للصورة، ويجبر على الخصومة، ويحلف اعتبارا للمعنى، فإن قيل: يشكل هذا بما إذا ادعى المديون رفع الدين إلى وكيل رب الدين، ثم حضر رب الدين وأنكر الوكالة فالقول له على ما مر في باب الوكالة، مع أن المديون يدعي البراءة؟.

قلنا: المديون يدعي البراءة هنا بعد الشغل، فكان الشغل أصلا والبراءة عارضا، أما في رد الوديعة فالبراءة أصل والشغل عارض ما ذكرنا فالقول له.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ولا تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره) ش: قال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (لأن فائدة الدعوى الإلزام) ش: أي إلزام الخصم م: (بواسطة إقامة الحجة) ش: أي بواسطة الحجة وهي البينة والإقرار م: (والإلزام في المجهول لا يتحقق) ش: لأن يلتفت القاضي إذا ادعى شيئا مجهولا، ولا يكلف المدعى عليه الجواب، لأنه إن أنكر لا يصح إقامة البينة عليها مع الجهالة، وإن نكل عن اليمين لا يمكن القضاء بالمجهول فسقطت الدعوى، فإذا كان كذلك اعتبرت الدعوى الصحيحة، وهي بأن يكون المدعي معلوما في جنسه كالدراهم والدنانير والحنطة وغير ذلك وقدره مثل كذا وكذا درهما أو دينارا، أو كرا ويذكر مع ذلك صفتها، كالحنطة البيضاء أو الحمراء، ويذكر أنها جيدة أو رديئة كذا في " الذخيرة ".

وإذا كان المدعي مجهولا في نفسه لا تسمع ولا تعلم فيه خلافا إلا في الوصية؛ فإن الأئمة الثلاث يجوزون دعوى المجهول في الوصية بأن ادعى حقا من وصية أو إقرارا فإنهما يصحان

ص: 315

فإن كان عينا في يد المدعى عليه كلف إحضارها ليشير إليها بالدعوى، وكذا في الشهادة والاستحلاف؛ لأن الإعلام بأقصى ما يمكن شرط، وذلك بالإشارة في المنقول لأن النقل ممكن، والإشارة أبلغ في التعريف، ويتعلق بالدعوى وجوب الحضور، وعلى هذا القضاة من آخرهم في كل عصر، ووجوب الجواب إذا حضر ليفيد حضوره ولزوم إحضار العين المدعاة لما قلنا، واليمين إذا أنكره وسنذكره إن شاء الله تعالى.

ــ

[البناية]

بالمجهول، وتصح دعوى الإبراء بالمجهول بلا خلاف، ولا يشترط لسماع الدعوى المخالطة والمعاملة، ولا فرق فيه بين طبقات الناس، وعن مالك رحمه الله: لا يسمع دعوى الذمي الزاني على الشريف إذا لم يعرف بينهما نسب.

م: (فإن كان) ش: أي المدعي م: (عينا في يد المدعى عليه كلف إحضارها ليشير إليه) ش: المدعي م: (بالدعوى) ش: فيقول: هذا الذي أدعيه، لأن المنقول لا يحيط بالوصف فيجب إحضاره، فيجب العلم بأقصى ما يمكن، ويرتفع الاشتباه، لأن الإشارة أبلغ في التعريف، م:(وكذا في الشهادة) ش: أي المدعى عليه بإحضار المدعي ليشير إليه عند أداء الشهادة، وقالوا في المنقولات التي يتعذر نقلها كالرحى ونحوه: يحضر الحاكم عندها أو يبعث أمينا، وفي " المجتبى ": قال الأسبيجابي في مسألة سرقة البقرة: " لو اختلفا في ألوانها تقبل الشهادة عنده خلافا لهما".

وهذه المسألة تدل على أن إحضار المنقول ليس بشرط لصحة الدعوى، إذ لو شرط ألوانها لأحضرت، ولما وقع الاختلاف عند المشاهدة، ثم قال: والناس عنها غافلون، م:(والاستحلاف) ش: يعني إذا استحلف المدعى عليه على العين المدعاة كلف إحضارها، م:(لأن الإعلام بأقصى ما يمكن شرط وذلك) ش: أي الإعلام م: (بالإشارة في المنقول لأن النقل ممكن والإشارة أبلغ في التعريف ويتعلق بالدعوى وجوب الحضور) ش: يعني يتعلق بالدعوى الصحيحة الحضور م: (وعلى هذا القضاة من آخرهم) ش: أي بأجمعهم، كذا قاله [في]" الكافي " رحمه الله.

وقال الأكمل: من أولهم إلى آخرهم م: (في كل عصر) ش: أي من كل زمان من أزمنة الفقهاء والمجتهدين م: (ووجوب الجواب إذا حضر) ش: أو يتعلق بالدعوى أيضا وجوب الجواب على المدعى عليه بنعم أو بلا إذا حضر م: (ليفيد حضوره) ش: لأن المقصود من حضوره الجواب م: (ولزوم إحضار العين المدعاة) ش: أي ويتعلق بالدعوى أيضا وجوب إحضار العين المدعاة مجلس القاضي على المدعى عليه إذا كانت منقولة قائمة في يده م: (لما قلنا:) ش: أشار به إلى قوله: ليشير إليها بالدعوى م: (واليمين) ش: بالجر عطفا على إحضار العين أي يتعلق بالدعوى أيضا لزم اليمين على المدعى عليه م: (إذا أنكره) ش: الحق إذا لم يقدر المدعي على إقامة البينة، م:(وسنذكره إن شاء الله تعالى) ش: أي سنذكر وجوب اليمين على المدعى عليه في آخر هذا الباب،

ص: 316

قال: وإن لم تكن حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعي معلوما لأن العين لا تعرف بالوصف والقيمة تعرف به وقد تعذر مشاهدة العين، وقال الفقيه أبو الليث: يشترط مع بيان القيمة ذكر الذكورة والأنوثة.

ــ

[البناية]

م: (قال: وإن لم تكن) ش: أي العين المدعاة م: (حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعى معلوما) ش: وعدم حضور العين أعم من أن يكون لهلاكها أو للتعذر.

وقال شمس الأئمة الحلواني -رحمه لله-: ومن المنقولات ما لا يمكن إحضاره عند القاضي كالصبرة من الطعام، والقطيع من الغنم، فالقاضي بالخيار إن شاء حضر ذا الموضع إن تيسر له، وإلا بعث خليفته إن كان مأذونا بالاستخلاف، وإذا رفعت الدعوى في جملة ولا يسع باب داره فإنه يخرج إلى باب داره أو يأمر نائبه حتى يخرج ليشير إليه الشهود لحضرته.

وذكر الإمام القاضي ظهير الدين رحمه الله: وهذا إنما يستقيم إذا كانت العين المدعاة في المصر، أما إذا كانت خارج المصر كيف يقضي القاضي به والمصر شرط جواز القضاء في ظاهر الرواية، لكن الطريق فيه أن يبعث واحدا من أعوانه حتى يسمع الدعوى والبينة ويقضي، ثم بعد ذلك يمضي قضاؤه.

م: (لأن العين لا تعرف بالوصف) ش: لأنه ربما توجد أعيان كثيرة بهذا الوصف فلا يصير المدعى معلوما مع وجود المزاحم م: (والقيمة تعرف به) ش: أي بالوصف لأنه إذا قيل: عشرة دراهم من الفضة وكذا دينارا من الذهب، الركن يصير قيمته معلومة بهذا الوصف.

قال تاج الشريعة: وقال الأكمل - رحمهما الله-: وإذا لم تكن حاضرة لزمه ذكر قيمتها يعني إذا وقع الدعوى في عين غائبة لا يدري مكانها لزم المدعي ذكر قيمتها، فيصير المدعى معلوما، وذكر الوصف بكاف لأن العين لا تعرف الوصف وإن بويع فيه لإمكان المشاركة فيه فذكره في تعريفه غير مفيد، والقيمة شيء يعرف به المعين فبذكرها يكون مفيدا، وقوله: م: (وقد تعذرت مشاهدة العين) ش: جملة حالية بمن قوله لأن العين لا تعرف بالوصف، يعني والحال أن المشاهدة تعذرت، وأغلاق تركيبه لا يخفى انتهى.

قلت: لا إغلاق في تركيبه على ما لا يخفى، بل التحقيق على ما ذكره تاج الشريعة رحمه الله ومثله قال الكاكي رحمه الله: قوله -: وقد تعذرت مشاهدة العين الوصف والقيمة في الغائب مقام المشاهدة، م:(وقال الفقيه أبو الليث: يشترط مع بيان القيمة ذكر الذكورة والأنوثة) ش:، وقال محمد بن محمود الأستروشني في " فصوله ": وإذا ادعى قيمة دابة مستهلكة هل يحتاج إلى ذكر الأنوثة والذكورة؟، اختلف المشايخ فيه، وذكر الصدر الشهيد: لا بد من ذكر الأنوثة والذكورة، ولا بد من بيان السن، ومن المشايخ من أبى ذكر الذكورة والأنوثة، لأن المقصود في

ص: 317

قال: وإن ادعى عقارا وحدده وذكر أنه في يد المدعى عليه وأنه يطالبه به لأنه تعذر التعريف بالإشارة لتعذر النقل فيصار إلى التحديد، فإن العقار يعرف به ويذكر الحدود الأربعة، ويذكر أسماء أصحاب الحدود وأنسابهم ولا بد من ذكر الحد؛ لأن تمام التعريف به عند أبي حنيفة رحمه الله على ما عرف هو الصحيح ولو كان الرجل مشهورا يكتفى بذكره، فإن ذكر ثلاثة من الحدود يكتفى بها عندنا خلافا لزفر رحمه الله لوجود الأكثر، بخلاف ما إذا غلط في الرابعة؛ لأنه يختلف به المدعي ولا كذلك بتركها، وكما يشترط التحديد في الدعوى يشترط في الشهادة وقوله في الكتاب، وذكر أنه

ــ

[البناية]

دعوى الدابة المستهلكة القيمة فلا حاجة إلى ذكرهما.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في " مختصره ": م: (وإن ادعى عقارا وحدده) ش: أي ذكر حدوده م: (وذكر أنه في يد المدعى عليه وأنه يطالبه به) ش: أي وأن المدعي يطالب المدعى عليه بالمدعى م: (لأنه تعذر التعريف بالإشارة لتعذر النقل فيصار إلى التحديد، فإن العقار يعرف به) ش: أي بالتحديد م: (ويذكر الحدود الأربعة ويذكر أسماء أصحاب الحدود وأنسابهم) ش: ويذكر أصحاب حدود العقار، ويذكر أنساب أصحاب الحدود بأن يقال: فلان بن فلان بن فلان م: (ولا بد من ذكر الجد لأن تمام التعريف به عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: أي يذكر الجد م: (على ما عرف هو الصحيح) ش: احترز به عما روي عنهما أن ذكر الأب يكفي م: (ولو كان الرجل مشهورا) ش: كأبي حنيفة رحمه الله ومحمد بن الحسن، وابن أبي ليلى، وأبي جعفر الكبير البخاري رحمهم الله جميعا - م:(يكتفي بذكره) ش: أي بذكر الرجل بدون نسبته.

م: (فإن ذكر ثلاثة من الحدود يكتفى بها عندنا خلافا لزفر رحمه الله) ش: هو يقول: التعريف لم يتم بدون ذكره وقوله م: (لوجود الأكثر) ش:، دليلنا أن إقامة الأكثر مقام الكل أصل في الشرع، ثم مقدار الطول يعرف بالحدين، ومقدار العرض بذكر أحد الحدين، وقد يكون الأصل مثليه م:(بخلاف ما إذا غلط في الرابعة) ش: يعني إذا ذكر الحدود الثلاثة وسكت عن الرابعة جاز، أي عن الحد الرابع وإنما أنثه باعتبار الجهة وإنما قلنا:" وسكت عن الرابعة " لأنه إذا ذكر الرابع وغلط فيه لا يجوز باتفاق بيننا وبين زفر.

م: (لأنه يختلف به) ش: أي بالغلط م: (المدعي ولا كذلك بتركها) ش: أي بترك الرابعة، كما لو شهد شاهدان بالبيع وقبض الثمن، وتركا ذكر الثمن جاز، ولو غلطا في الثمن لا تجوز شهادتهم، لأنه صار عقد آخر بالغلط م:(وكما يشترط التحديد في الدعوى يشترط في الشهادة) ش: حتى لو ذكروا ثلاثة في الحدود في الشهادة قبلت شهادتهم خلافا لزفر كما مر.

م: (وقوله في الكتاب) ش: أي قول القدوري رحمه الله في " مختصره ": م: (وذكر أنه

ص: 318

في يد المدعى عليه لا بد منه؛ لأنه إنما ينتصب خصما إذا كان في يده وفي العقار لا يكتفى بذكر المدعي وتصديق المدعى عليه أنه في يده بل لا تثبت اليد فيه إلا بالبينة أو علم القاضي هو الصحيح نفيا لتهمة المواضعة إذ العقار عساه في يد غيرهما، بخلاف المنقول لأن اليد فيه مشاهدة، وقوله أنه يطالبه به؛ لأن المطالبة حقه فلا بد من طلبه،

ــ

[البناية]

في يد المدعى عليه لا بد منه لأنه) ش: أي لأن المدعى عليه م: (إنما ينتصب خصما) ش: دعواه، في " الخلاصة " ادعى على آخر دارا في يده، وقال: في ملكي وفي يدي، وأنكر المدعى عليه أنها ملك المدعي، فإن القاضي لا يقضي بهذه البينة ما لم يشهدوا أنها في يد المدعى عليه، وفي " أدب القاضي " للخصاف: لو أقام أحدهما البينة أنها في يديه وقام الآخر البينة على أنها له فهو لصاحب الملك دون صاحب اليد.

قال مشايخنا رحمهم الله: نصفه على وجه القضاء، ونصفه على وجه الترك، كان الكلام فيما م:(إذا كان في يده) ش: والظاهر أن كله وجه القضاء، وقال الأسبيجابي في " شرح الكافي " للحاكم الشهيد: وإذا كانت الدار في يدي رجلين، كل واحد منهما يدعي أنها له، فكل واحد منهما مدعى لما في يد صاحبه وعليه البينة.

ولكل واحد منهما على صاحبه اليمين فأيهما حلف على دعوى صاحبه برئ عنها، وأيهما نكل عن اليمين ألزمته ثمنه صاحبه، لأن يد كل واحد منهما ثابتة على النصف، فكان خارجا فيما في يد صاحبه، فتكون البينة بينة على ما في يد الآخر، واليمين يمين على صاحبه، وكذلك الحيوان والعروض، م:(وفي العقار لا يكتفي بذكر المدعي وتصديق المدعى عليه أنه في يده، بل لا تثبت اليد فيه) ش: أي في العقار م: (إلا بالبينة) ش: بأن يشهدوا أنهم عاينوا أنه في يده، حتى لو قالوا: سمعنا ذلك لم يقبل وكذا في غير هذه الصورة لا بد في الشهادة على اليد من ذلك، م:(أو علم القاضي) ش: بأنه في يده م: (وهو الصحيح) ش: احترز به عن قول من يقول: يكتفي بتصديق المدعى عليه أنه في يده.

م: (نفيا لتهمة المواضعة إذ العقار عساه) ش: أي لعله م: (في يد غيرهما) ش: الحاصل: أنه يحتمل أنهما تواصفا على أن يصدق المدعى عليه المدعي بأن العقار في يد المدعى عليه ليحكم القاضي باليد للمدعى عليه، حتى يتصرف فيه المدعي، فكان القضاء فيه قضاء بالتصرف في مال الغير، وذلك يقضي إلى نقض القضاء عند ظهوره في يد ثالث، م:(بخلاف المنقول لأن اليد فيه مشاهدة) ش: فلا حاجة إلى اشتراط الزيادة.

م: (وقوله) ش: أي وقول القدوري رحمه الله: م: (إنه يطالبه به لأن المطالبة حقه فلا بد من طلبه) ش: أي لأن المطالبة حق المدعي فلا بد من طلبه حتى تجب على القاضي إعانته، وقال

ص: 319

ولأنه يحتمل أن يكون مرهونا في يده أو محبوسا بالثمن في يده وبالمطالبة يزول هذا الاحتمال، وعن هذا قالوا في المنقول: يجب أن يقول في يده بغير حق. قال: وإن كان حقا في الذمة ذكر أنه يطالبه به لما قلنا، وهذا لأن صاحب الذمة قد حضر فلم يبق إلا المطالبة، لكن لا بد من تعريفه بالوصف لأنه يعرف به.

ــ

[البناية]

الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: في عبارته تسامح، لأنه إلى تقدير فلا بد من طلب المطالبة فتأمل، ثم قال: ويمكن أن يجاب عنه بأن المطالبة مصدر بمعنى المفعول فكان معناه المطالب حقه فلا بد من طلبه، انتهى.

قلت: إنما قال " فيه تسامح " لأنه توهم من ذلك أن الضمير في طلبه يرجع إلى حقه كما يدل عليه تقديره، ولأن المطالبة حقه فلا بد من طلب حقه فوقع فيما وقع فيه، وإنما الضمير في" طلبه " يرجع إلى المدعي.

والمعنى أصح، على أن في قوله " ولأن المطالبة " مصدر بمعنى المفعول في كلام يتأمل فيه، م:(ولأنه) ش: أي ولأن المدعي م: (يحتمل أن يكون مرهونا في يده) ش: أي ولأن المدعي يحتمل أن يكون مرهونا في يده أي في يد المدعى عليه م: (ومحبوسا بالثمن في يده) ش: فلا تصح الدعوى قبل أداء الدين أو أداء الثمن، م:(وبالمطالبة يزول هذا الاحتمال) ش: لأنه لو كان مرهونا أو محبوسا بالثمن، لا يطالب بالانقطاع من ذي اليد بخلاف مجرد الدعوى أنه ملكه، إذ مجرد الملك لا يدل على أن اليد له م:(وعن هذا قالوا في المنقول) ش: إشارة إلى قوله: يحتمل أن يكون مرهونا أو محبوسا بالثمن لم يطالب م: (يجب أن يقول: في يده بغير حق) ش: لهذا المعنى الذي ذكر وهو احتمال كونه مرهونا أو محبوسا بالثمن، وفي " الفتاوى الصغرى " و" التتمة ": أنه إذا ملك المدعي ولم يشهد أنه في هذا بغير حق، يعني أنه يقبل؛ وسمعت أنه ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في " الجامع ": أنه اختلف المشايخ فيه، قال: والأوضح أنه لا يقبل؛ وذكر نجم الدين النسفي عن أبي الحسن السعدي والبزدوي: أنه شرط ما لم يثبت أنه في يده بغير حق لا يمكنه المطالبة بالتسليم، وبه كان يفتي أكثر مشايخنا، وقال صاحب " التتمة ": وهو الصحيح وعليه الفتوى.

م: (قال) ش: القدوري رحمه الله في " مختصره " م: (وإن كان حقا في الذمة ذكر أنه يطالبه به لما قلنا) ش: إشارة إلى قوله: إن المطالبة حقه فلا بد من طلبه م: (وهذا) ش: يعني قوله: أن يطالبه م: (لأن صاحب الذمة قد حضر فلم يبق إلا المطالبة ولكن لا بد من تعريفه) ش: أي تعريف ما في الذمة م: (بالوصف) ش: مثل أن يقول: - كذا درهما أو دينارا - فبعد ذلك إن كان مضروبا بذكر نوعه كبخاري الضرب أو نيسابوري الضرب، م:(لأنه يعرف به) ش: أي لأن ما في الذمة يعرف بالوصف بأنه جيد أو وسط أو رديء، وإنما يحتاج إلى ذكر الصفة إذا كان في البلد نقود مختلفة،

ص: 320