الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوكالة بالخصومة والقبض
قال:
الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض
عندنا خلافا لزفر رحمه الله هو يقول: إنه رضي بخصومته والقبض غير الخصومة ولم يرض به. ولنا: أن من ملك شيئا ملك إتمامه وإتمام الخصومة وانتهاؤها بالقبض، والفتوى اليوم على قول زفر رحمه الله لظهور الخيانة في الوكلاء وقد يؤتمن على الخصومة من لا يؤتمن على المال، ونظيره الوكيل بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية لأنه في معناه وضعا،
ــ
[البناية]
[باب الوكالة بالخصومة والقبض]
[الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض]
م: (باب الوكالة بالخصومة والقبض) ش: أي هذا باب في بيان الوكالة بالخصومة والقبض ولما كانت
الخصومة مهجورة شرعا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: 46](الأنفال: الآية 46) استحق بابها التأخير بما ليس بمهجور م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في " مختصره ": م: (الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض عندنا) ش: أطلق القدوري كلامه ليتناول الوكيل بالخصومة في العين والدين، وهو وكيل بالقبض فيهما عند علماؤنا الثلاثة.
وقال في " إشارات الأسرار ": الوكيل بالخصومة بملك قبض الدين عندنا خلافا لزفر رحمه الله وقال في " الواقعات ": الوكيل بالتقاضي أو بالخصومة ليس له أن يقبض الدين في زماننا، لأن الخيانة ظهرت فيما بين الناس، وهو اختيار مشايخ بلخ خصوصا في الوكلاء على باب القاضي، به أخذ الفقيه أبو الليث م:(خلافا لزفر رحمه الله) ش: فإنه يقول - لا يكون وكيلا بالقبض، وبه قال الشافعي رحمه الله: في الأظهر، ومالك وأحمد - رحمهما الله -، وفي وجه عند الشافعي رحمه الله: أنه يملك كقولنا م: (هو) ش: أي زفر م: (يقول: إنه) ش: أي لأن الموكل م: (رضي بخصومته والقبض غير الخصومة) ش: لأن الخصومة لإظهار الحق، ويختار فيها ألج الناس للقبض أمن الناس ممن يصلح للخصومة لا يرضى بأمانته عادة، وهو معنى قوله: م: (ولم يرض به) ش: أي القبض.
م: (ولنا: أن من ملك شيئا ملك إتمامه وتمام الخصومة وانتهاؤها بالقبض) ش: لأن الخصومة قائمة ما لم يقبض م: (والفتوى اليوم على قول زفر رحمه الله لظهور الخيانة في الوكلاء، وقد يؤتمن على الخصومة من لا يؤتمن على المال) ش: وبه أفتى الصدر الشهيد، م:(ونظيره) ش: أي نظير هذا التوكيل: م: (الوكيل بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية لأنه في معناه) ش: أي لأن القاضي في معنى القبض م: (وضعا) ش: أي من حيث الوضع في اللغة يقال تقاضيته ديني وبديني، واقتضيته واستقضيته طلبت قضاءه واقتضيت منه حقي أي أخذته، ذكره في " الأساس ".
إلا أن العرف بخلافه وهو قاض على الوضع فالفتوى على أن لا يملك. قال: فإن كانا وكيلين بالخصومة لا يقبضان إلا معا لأنه رضي بأمانتهما لا بأمانة أحدهما واجتماعهما ممكن بخلاف الخصومة على ما مر.
قال والوكيل بقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة عند أبي حنيفة رحمه الله حتى لو أقيمت عليه البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده،
ــ
[البناية]
وقال الأترازي رحمه الله: في معناه وضعا أي لأن التقاضي في معنى القبض فيه نظر، لأنه قال في المغرب تقاضيته ديني إلى آخر ما ذكرناه.
قلت: لم أدر وجه النظر فيه لأنه لم يقل " التقاضي هو القبض " بل قال في معنى القبض، م:(إلا أن العرف بخلافه) ش: أي بخلاف الوضع فإن الناس لا يفهمون المعنى الموضوع من التقاضي بل يفهمون منه المطالبة م: (وهو قاض) ش: أي العرف حاكم وراجح م: (على الوضع) ش: لأن وضع الألفاظ لحاجة الناس وهم لا يفهمون المعنى الموضوع بل يفهمون المجاز فصار المجاز بمنزلة الحقيقة العرفية، فإن قلت: الحقيقة مستعملة والمجاز متعارف وهي أولى منه عند أبي حنيفة رحمه الله.
قلت: إن ذلك وجه لأصل الرواية، والكلام فيه وإنما الكلام في أن الفتوى على أصل الرواية، أو على العرف لظهور الخيانة في الوكلاء.
قالوا: على العرف فلا يملك القبض، وإليه أشار بقوله: م: (فالفتوى على أن لا يملك) ش: يعني أن الوكيل يتقاضى الدين بملك القبض بالاتفاق، ولكن فتوى المشايخ على أن لا يملك لفساد الزمان. م:(قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (فإن كانا) ش: أي الرجلان م: (وكيلين بالخصومة لا يقبضان إلا معا) ش: أي لا يقبضان الدين إلا مجتمعين.
م: (لأنه) ش: أي لأن الموكل م: (رضي بأمانتهما لا بأمانة أحدهما واجتماعهما ممكن) ش: أي اجتماع الوكيلين على القبض ممكن فإنهما يصيران قابضين بالتخلية م: (بخلاف الخصومة) ش: فإن اجتماعهما عليها غير ممكن م: (على ما مر) ش: في أول الفصل المتقدم عند قوله -: وإذا وكل وكيلين فليس لأحدهما أن يتصرف فيما وكل به دون الآخر إلا أن يوكلهما بالخصومة، وقال الأكمل رحمه الله على ما مر أنه يقضي إلى الشغب في مجلس القضاء وهو مذهب الهامية، وعند زفر رحمه الله: ليس للوكيل بالخصومة أن يقبض الدين وقد مر.
م: (قال: والوكيل يقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وقال الشافعي رضي الله عنه في قوله، وأحمد رحمه الله في رواية: م: (حتى لو أقيمت عليه) ش: أي على الوكيل م: (البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله.
وقالا لا يكون خصما، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله، لأن القبض غير الخصومة وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات، فلم يكن الرضا بالقبض رضا بها، ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه وكله بالتملك؛ لأن الديون تقضى بأمثالها إذ قبض الدين نفسه لا يتصور، إلا أنه جعل استيفاء لعين حقه من وجه، فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة والوكيل بالشراء والقسمة والرد بالعيب، وهذه أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما
ــ
[البناية]
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (لا يكون خصما) ش: أي الوكيل يقبض الدين م: (وهو) ش: أي قولهما م: (رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله) ش:، وبه قال الشافعي رضي الله عنه في الأصح، وأحمد رحمه الله في ظاهر الرواية، م:(لأن القبض غير الخصومة) ش: فلا يكون وكيلا بهما م: (وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات، فلم يكن الرضا بالقبض رضا بها) ش: أي بالخصومة.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه وكله بالتملك) ش: أي أن الوكيل يقبض دين وكيله بالتمليك والتملك لأنه توكيل تملك، والمقبوض يقابله في الذمة قصاصا م:(لأن الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها إذ قبض الدين نفسه) ش: بالجر، قال الأترازي رحمه الله بدل من الدين قلت: هو تأكيد.
م: (لا يتصور) ش: لأنه وصف ثابت في الذمة م: (إلا أنه) ش: استثناء من قوله " لأن الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها "، أي غير أنه م:(جعل استيفاء لعين حقه من وجه) ش: بدليل أن رب الدين يجبر على القبض، فلو كان تمليكا محضا معنى استيفاء عين الحق لم يجبر على القبض، وكذا إذا ظفر بجنس حقه حل له التناول م:(فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة) ش: أي فأشبه الوكيل يقبض الدين الوكيل بأخذ الشفعة، يعني أنه خصم فكذا هذا.
م: (والرجوع في الهبة) ش: بالجر عطفا على قوله: " بأخذ الشفعة "، يعني: إذا وكل وكيلا بالرجوع في الهبة كان خصما حتى إذا أراد الرجوع فأقام الموهوب له البينة أن الواهب أخذ المعوض تقبل بينته، م:(والوكيل بالشراء) ش: بالجر أيضا، يعني: لو أقام أحد الشريكين بينة على الوكيل أن الموكل أخذ نصيبه تقبل بينته لأنه خصم، م:(والقسمة) ش: بالجر أيضا، يعني أحد الشريكين، إذا وكل رجلا بأنه يقاسمه شريكه فأراد الموكل المقاسمة وأقام الشريك الآخر البينة أن الموكل أخذ نصيبه تقبل بينته، لأن الوكيل خصم، لأن القسمة معنى التمليك.
م: (والرد بالعيب) ش: بالجر أيضا، يعني أن المشتري رضي بذلك قبلت بينته م:(وهذه) ش: أي مسألة التوكيل م: (أشبه بأخذ الشفعة) ش: وفي بعض النسخ: وهذا، أي التوكيل بقبض الدين، أشبه بأخذ الشفعة من المسائل الثلاث الأخر م:(حتى يكون) ش: أي الوكيل م: (خصمًا
قبل القبض كما يكون خصما قبل الأخذ هنالك، والوكيل بالشراء لا يكون خصما قبل مباشرة الشراء، وهذا لأن المبادلة تقتضي حقوقا وهو أصيل فيها فيكون خصما فيها. قال: والوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة بالاتفاق لأنه أمين محض والقبض ليس بمبادلة فأشبه الرسول، حتى إن من وكل وكيلا بقبض عين له فأقام الذي هو في يديه البينة على أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب، وهذا استحسان، والقياس أن يدفع الوكيل لأن البينة قامت لا على خصم فلم تعتبر. وجه الاستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام الموكل في القبض فتقصر يده وإن لم يثبت البيع حتى لو حضر الغائب تعاد البينة على البيع، فصار كما إذا أقام البينة على أن الموكل عزله عن ذلك فإنها تقبل في يده كذا هذا قال وكذلك العتاق والطلاق
ــ
[البناية]
قبل القبض كما يكون خصما قبل الأخذ هنالك) ش: أي في أخذ الشفعة م: (والوكيل بالشراء لا يكون خصما قبل مباشرة الشراء، وهذا) ش: إشارة إلى مطلع نكتة أبي حنيفة رحمه الله بقوله " أنه وكله بالتملك " يعني أنه لما وكل الوكيل بالقبض بالتملك كان فيه معنى المبادلة وهذا م: (لأن المبادلة تقتضي حقوقا) ش: من التسليم والتسلم والرد بالعيب م: (وهو) ش: أي الوكيل م: (أصيل فيها) ش: أي في الحقوق م: (فيكون خصما فيها) ش: أي في الحقوق، م:(قال) ش: أي محمد رحمه الله: م: (والوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة بالاتفاق) ش: بالإجماع م: (لأنه أمين محض والقبض ليس بمبادلة) ش: لكونه يقبض عين الموكل من كل وجه م: (فأشبه الرسول، حتى إن من وكل وكيلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يديه البينة أن الموكل باعه إياه) ش: أي العبد م: (وقف الأمر حتى يحضر الغائب) ش: أي الأمر.
م: (وهذا استحسان، والقياس أن يدفع) ش: أي العبد م: (إلى الوكيل لأن البينة قامت لا على خصم) ش: لأن الوكيل يقبض الوديعة ليس بخصم م: (فلم تعتبر) ش: أي بينة ذي اليد في قطع يد الوكيل بالقبض م: (وجه الاستحسان أنه) ش: أي أن الوكيل يقبض الوديعة م: (خصم في قصر يده) ش: أي يد نفسه، أي قصر يد الوكيل م:(لقيامه مقام الموكل في القبض فتقصر يده وإن لم يثبت البيع) ش: أي بالوكيل.
م: (حتى لو حضر الغائب تعاد البينة على البيع فصار) ش: هذا م: (كما إذا أقام) ش: أي ذو اليد م: (البينة على أن الموكل عزله عن ذلك) ش: أي عن القبض م: (فإنها) ش: أي فإن البينة م: (تقبل في قصر يده) ش: أي في يد الوكيل م: (كذا هذا) ش: أي فكذا حكم المسألة المذكورة، م:(قال) ش: أي محمد رحمه الله: م: (وكذلك العتاق والطلاق) ش: أي وكالمذكور حكم العتاق والطلاق، والمصنف يذكر الآن صورتهما.