الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميت في الحقيقة، وواحد من الورثة يصلح خليفة عنه في ذلك، بخلاف الاستيفاء لنفسه؛ لأنه عامل فيه لنفسه، فلا يصلح نائبا عن غيره، ولهذا لا يستوفي إلا نصيبه، وصار كما إذا قامت البينة بدين الميت إلا أنه إنما يثبت استحقاق الكل على أحد الورثة إذا كان الكل في يده. ذكره في " الجامع "؛ لأنه لا يكون خصما بدون اليد فيقتصر القضاء على ما في يده.
قال: ومن
قال مالي في المساكين صدقة
فهو على ما فيه الزكاة،
ــ
[البناية]
الميت في الحقيقة، وواحد من الورثة يصلح خليفة عنه) ش: أي عن الميت م: (في ذلك) ش: الأمر وهو اختيار المصنف رحمه الله واختيار فخر الإسلام رحمه الله والخصاف رحمه الله ومنهم من قال: يكلف بإعادة البينة على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله في قتل العمد إذا أقام الحاضر البينة: أن فلانا قتل أباه عمدا ثم حضر الغائب، يحتاج إلى إقامة البينة.
م: (بخلاف الاستيفاء) ش: جواب عما يقال: لو صلح أحدهم للخلافة كان كالميت، وجاز له استيفاء الجميع كالميت لكن لا يدفع إليه سوى نصيبه بالإجماع. تقرير الجواب: أن الاستيفاء م: (لنفسه) ش: خلاف ذلك م: (لأنه) ش: أي لأن المستوفي م: (عامل فيه لنفسه فلا يصلح نائبا عن غيره) ش: ولقائل أن يقول: فليكن عاملا لنفسه في نصيبه، ونائبا عن غيره فيما زاد ولا محظور فيه.
وجوابه: في المسائل قال: لكن لا يدفع إليه سوى نصيبه بالإجماع وما كان كذلك لا يقبل التشكيك م: (ولهذه) ش: أي ولأجل كون العامل لنفسه لا يصلح أن يكون نائبا لغيره م: (لا يستوفي) ش: الحاضر م: (إلا نصيبه، وصار كما إذا قامت البينة بدين الميت) ش: فإنه يقضي بالكل، ولا يأخذ إلا نصيب نفسه م:(إلا أنه) ش: استثناء من قوله: لأن أحد الورثة ينتصب خصما إلى قوله له وعليه، يعني أنه لو ادعى أحد على أحد الورثة دينا على الميت يكون هو خصما في جميع التركة لا يكون قضاء على جميع الورثة إن كانت التركة جميعها في يده، وهو معنى قوله: إلا أنه أي إلا أن الشأن م: (إنما يثبت استحقاق الكل على أحد الورثة إذا كان الكل) ش: أي كل التركة م: (في يده) ش: أي في يد الحاضر م: (ذكره في " الجامع ") ش: أي " الجامع الكبير " في باب الشهادة في المواريث م: (لأنه) ش: أي لأن الحاضر م: (لا يكون خصما بدون اليد فيقتصر القضاء على ما في يده) ش: وفي " الكافي ": أن دعوى العين لا يتوجه إلا على ذي اليد، وإنما ينتصب أحد الورثة خصما عن الباقين إذا كان المدعي في يده، وهذا بخلاف دعوى الدين، فإن أحد الورثة ينتصب خصما، وإن لم يكن في يده شيء من التركة، وكذا ذكره في " المحيط " و" الذخيرة ".
[قال مالي في المساكين صدقة]
م: (قال: ومن قال: مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة) ش: أي يجب عليه أن يتصدق بجميع ما يملكه من أجناس الأموال التي يجب فيها الزكاة، كالنقدين والسوائم وأموال التجارة بلغ النصاب أم لا، إلا أن المعتبر هو جنس مال الزكاة، والقليل منه، ولهذا قالوا: إذا
وإن أوصى بثلث ماله فهو على ثلث كل شيء، والقياس أن يلزمه التصدق بالكل، وبه قال زفر رحمه الله لعموم اسم المال كما في الوصية. وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فينصرف إيجابه إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال.
ــ
[البناية]
نذر أن يتصدق بماله وعليه دين يحيط بماله لزمه التصدق به، فإن قضى به دينه لزمه التصدق بقدره عند تملكه، ولا يجب التصدق بالأموال التي لا يجب في جنسها الزكاة كالعقار والرقين وأثاث المنازل وثياب البذلة وغير ذلك.
م: (وإن أوصى بثلث ماله فهو على ثلث كل شيء، والقياس) ش: في الأول أيضا م: (أن يلزمه التصدق بالكل، وبه) ش: أي بالقياس م: (قال زفر رحمه الله) ش: وهو قول الشافعي رحمه الله، وهو قول النخعي والليثي - رحمهمها الله -، واستدل زفر رحمه الله والشافعي رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم:«من نذر أن يطيع الله فليطيعه» .
والجواب عنه: أنا نحن نقول به، وقد بينا الفرق بين الوصية والنذر، وقال الزهري ومالك وأحمد رحمهم الله: يتصدق بثلث ماله، سواء كان زيوفا أم لا، لما روي «أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي لبابة رضي الله عنه حين قال: إن من توبتي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنخلع من مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "يجزئك الثلث» ، والجواب عليه أنه ليس بنذر، وليس هو محل النزاع.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله في " شرح الجامع الصغير ": ذكر أبو يوسف [في]" الأمالي " حكاه عن أبي حنيفة رحمه الله، وعن نفسه أنه إذا قال: مالي في المساكين صدقة انصرف إلى مال الزكاة، وإذا قال: ما أملك صدقة انصرف إلى جميع الأموال، وفي قول مالك رحمه الله: يتصدق بثلث ماله.
وفي قول الشافعي رحمه الله: عليه كفارة اليمين. وروي عن الشعبي رحمه الله: أنه لا يجب عليه شيء، إلى هنا لفظ الفقيه أبي الليث رحمه الله، وجه القياس في التصدق بالكل، ما قاله زفر رحمه الله.
م: (لعموم اسم المال) ش: فإنه عام يتناول ما تجب فيه الزكاة، وما لا يجب فيه الزكاة فينصرف إلى الكل م:(كما في الوصية) ش: فإنه إذا أوصى بثلث ماله ينصرف إلى الكل، ولا يختص بما فيه الزكاة م:(وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى) ش: فإيجاب الله الصدقة في مطلق المال ينصرف إلى مال الزكاة، فكذا إيجاب العبد م:(فينصرف إيجابه) ش: أي إيجاب العبد م: (إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال) ش: ولا يرد الاعتكاف حيث لم يوجب في الشرع من جنسه، وهو معتبر لأنه لبث في مسجد جماعة عبادة، وهو من جنس الوقوف
أما الوصية فأخت الميراث؛ لأنها خلافة كهي، فلا تختص بمال دون مال، ولأن الظاهر التزام الصدقة من فاضل ماله، وهو مال الزكاة. أما الوصية فتقع في حال الاستغناء، فينصرف إلى الكل، وتدخل فيه الأرض العشرية عند أبي يوسف رحمه الله؛ لأنها سبب الصدقة، إذ جهة الصدقة في العشرية راجحة عنده. وعند محمد رحمه الله لا تدخل لأنها سبب المؤنة إذ جهة المؤنة راجحة عنده، ولا تدخل أرض الخراج بالإجماع؛ لأنه يتمحض مؤنة. ولو قال: ما أملكه صدقة في المساكين، فقد قيل: يتناول كل مال؛ لأنه أعم من لفظ المال،
ــ
[البناية]
بعرفات، أو لأنه في معنى الصلاة، لأنه انتظار أوقات الصلاة، ولهذا اختص بمسجد جماعة والمنتظر للصلاة كأنه في الصلاة.
م: (أما الوصية فأخذت الميراث لأنها) ش: أي لأن الوصية م: (خلافة كهي) ش: أي كالوراثة أن في كل منهما تمليك مضافا إلى ما بعد الموت م: (فلا تختص) ش: أي الوصية م: (بمال دون مال) ش: كالميراث لا يختص بمال الزكاة م: (ولأن الظاهر) ش: دليل آخر، أي ولأن الظاهر من حال الناذر م:(التزام الصدقة من فاضل ماله، وهو مال الزكاة) ش: لأن الحياة مظنة الحاجة إلى ما تقوم به حوائجه الأصلية فيختص النذر بمال الزكاة.
م: (أما الوصية فتقع في حال الاستغناء) ش: عن الأموال م: (فينصرف إلى الكل) ش أي كل الأموال م: (وتدخل فيه) ش: أي في النذر م: (الأرض العشرية عند أبي يوسف رحمه الله؛ لأنها) ش: أي لأن الأرض العشرية م: (سبب الصدقة) ش: وهي العشر، فكانت الأرض العشرية بمنزلة مال التجارة من حيث أنها من جنس مال الزكاة التي تجب فيها الصدقة.
ولا يقال في عشر يعني المؤنة بالحديث، فقال المصنف رحمه الله: م: (إذ جهة الصدقة) ش: أي العبادة م: (في العشرية راجحة عنده) ش: أي عند أبي يوسف رحمه الله.
م: (وعند محمد رحمه الله لا تدخل لأنها) ش: أي لأن الأرض العشرية على تأويل المكان أو لتذكير الخبر، كما في قوله: هذا ربي م: (سبب المؤنة إذ جهة المؤنة راجحة عنده) ش: أي عند محمد رحمه الله، وذكر الإمام التمرتاشي رحمه الله قول أبي حنيفة رحمه الله مع محمد رحمه الله: م: (ولا تدخل) ش: أي في النذر م: (أرض الخراج بالإجماع) ش: لأن مصرفة المقاتلة وفيهم الأغنياء وقوله م: (لأنه يتمحض مؤنة) ش: يتعلق بقوله: ولا يدخل.
م: (ولو قال: ما أملكه صدقة في المساكين، فقد قيل: يتناول كل مال) ش: وهو رواية أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله ذكره في " الأمالي " وإليه ذهب محمد بن إبراهيم الميداني رحمه الله م: (لأنه أعم من لفظ المال) ش: إذ الملك يطلق على المال وعلى غيره، يقال النكاح، وملك القصاص وملك المتعة، بخلاف ما لو قال: عبده حر إن
والمقيد إيجاب الشرع، وهو مختص بلفظ المال، فلا مخصص في لفظ الملك، فبقي على العموم، والصحيح أنهما سواء؛ لأن الملتزم باللفظين الفاضل عن الحاجة على ما مر، ثم إذا لم يكن له مال سوى ما دخل تحت الإيجاب يمسك من ذلك قوته، ثم إذا أصاب شيئا تصدق بمثل ما أمسك؛ لأن
ــ
[البناية]
أملك إلا خمسين درهما، فإن ذلك ينصرف إلى مال الزكاة، وإن نص على لفظ الملك ذكره في " الجامع "، لأن بقرينة الاستثناء أن المراد من الملك المال، إذ استثناء الدراهم يدل أن المستثنى من جنسه.
كذا ذكره المحبوبي رحمه الله م: (والمقيد) ش: بتشديد الياء المكسورة، هذا جواب عما يقال الصدقة بالأموال مقيدة في الشرع بأموال الزكاة، فزيادة التعميم خروج عن الاعتبار الواجب الرعاية، وتقرير الجواب أن المقيد م:(إيجاب الشرع) ش: أي المقيد بمال الزكاة إيجاب الشرع م: (وهو مختص بلفظ المال) ش: قال الله عز وجل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103](التوبة: الآية 103) .
وقال صلى الله عليه وسلم: «هاتوا ربع عشر أموالكم» م: (فلا مخصص في لفظ الملك) ش: إذ لم يوجد من الله عز وجل إيجاب الصدقة مضافا إلى الملك تخصيصا بأموال الزكاة م: (فبقي على العموم) ش: وفيه نظر؛ لأنه حينئذ لا يكون إيجاب العبد معتبرا بإيجاب الشرع.
م: (والصحيح أنهما) ش: أي أن لفظ "مالي وما أملك" م: (سواء) ش: فيما نحن فيه، يعني يختصان بالأموال الزكوية، وهو اختيار شمس الأئمة رحمه الله ذكره في "مبسوطه" وهو اختيار أبي بكر البلخي رحمه الله؛ م:(لأن الملتزم باللفظين الفاضل عن الحاجة) ش: الملتزم بفتح الزاي.
وأراد باللفظين قوله: مالي في المساكين صدقة، وقوله: ما أملك صدقة في المساكين ببيان هذا أن الملتزم بالصدقة، والصدقة إنما تجب على العبد شرعا في المال الفاضل عن الحاجة.
وكذا في إيجاب العبد على نفسه، والفاضل عن الحاجة مال الزكاة، فلذلك اختص لفظ الملك والمال بمال الزكاة بدلالة لسان لفظ الصدقة، هكذا بخط شيخي العلامة رحمه الله م:(على ما مر) .
ش: قال الكاكي رحمه الله: إشارة إلى ما ذكر من وجه الاستحسان بقوله: إن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، وليس بواضح، لأنه أبطل ذلك الوجه بقوله م:(والمقيد إيجاب الشرع) ش: وهو بلفظ المال، ولعله إشارة إلى قوله:"ولأن الظاهر التزام الصدقة من فاضل ماله".
م: (ثم إذا لم يكن له مال سوى ما دخل تحت الإيجاب يمسك من ذلك قوته) ش: لأن حاجته هذه مقدمة، إذ لو لم يمسك لاحتاج أن يسأل الناس من يومه، وقبيح أن يتصدق بماله ويسأل الناس من يومه م:(ثم إذا أصاب شيئا) ش: يعني إذا حصل له شيء من الدنيا م: (تصدق بمثل ما أمسك؛ لأن