الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الوقف، فالصحيح أنه تقبل الشهادة في التسامع في أصله دون شرائطه؛ لأن أصله هو الذي يشتهر، قال: ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له؛ لأن اليد أقصى ما يستدل به على الملك، إذ هي مرجع الدلالة في الأسباب كلها فيكتفى بها.
ــ
[البناية]
وفي " أدب القاضي " للشهيد رحمه الله عن الحلواني: أن الخلاف ثابت في العتق أيضاً؛ لأن الشهادة على الولاء شهادة على العتق أيضاً.
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: أن الشهادة على العتق بالتسامع لا تقبل بالإجماع. وعند الشافعي رحمه الله في قول، وأحمد ومالك - رحمهما الله -: يقبل في العتق أيضاً، ثم الخصاف شرط لسماع الشهادة بالتسامع الولاء عند أبي يوسف رحمه الله، وفي " المبسوط " شرط لم يشترطه محمد، فقال: إنما يقبل إذا كان المعتق مشهوراً، وللعتق أبوان أو ثلاثة في الإسلام.
[الشهادة بالوقف بالاستفاضة]
م: (وأما الوقف، فالصحيح أنه يقبل الشهادة بالتسامع في أصله دون شرائطه؛ لأن أصله هو الذي يشتهر) ش: وشرائطه لا تشتهر، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله وهو الأصح.
وفي " شرح الأقطع ": ولا يجوز الشهادة بالوقف بالاستفاضة. وقال محمد: رحمه الله: يجوز، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله. وبه قال أحمد رحمه الله، وقال المرغيناني رحمه الله: لا بد من بيان الجهة بأن يشهد بأن هذا وقف على المسجد أو على المقبرة أو ما أشبهه، حتى لو لم يذكر ذلك لا تقبل شهادته، وفي " المجتبى ": والمختار أن يقبل على شرائط الوقف أيضاً.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له) ش: وفي " جامع قاضي خان " صورة المسألة رجل رأى عيناً في يد إنسان، ثم رآها في يد الآخر، والأول يدعي الملك، وسعه أن يشهد أنه للمدعي؛ لأن الملك في الأشياء لا يعرف بطريق التعيين، وإنما يعرف بطريق الظاهر، واليد بلا منازع دليل الملك ظاهراً، بل لا دليل لمعرفة الملك للشاهد سوى اليد بلا منازعة م:(لأن اليد أقصى ما يستدل به على الملك إذ هي) ش: أي اليد م: (مرجع الدلالة في الأسباب كلها) ش: من الشراء والهبة ونحو ذلك م: (فيكتفى بها) ش: أي باليد، فجاز للشاهد أن يشهد بدلالة اليد على الملك، ولكن لا يقول عند الشهادة: أشهد بأنه ملكه؛ لأني رأيته في يده؛ لأن الظاهر هو يكفي لأداء الشهادة ما لا يكفي للقضاء، إلا في العبد والأمة إذا كانا كبيرين يعبران عن أنفسهما؛ لأنهما في يد أنفسهما، فلأن يكون مجرد استعمالهما دليل الملك؛ لأن الحر قد يخدم الحر إعارة أو إجارة، كأنه عبد، وهو إذا كان له يعرف أنهما رقيقان، أما إذا عرفا أنهما رقيقان، فتجوز الشهادة؛ لأن العبد والأمة لا بد لهما على
وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يشترط مع ذلك أن يقع في قلبه أنه له، قالوا: ويحتمل أن يكون هذا تفسيرا لإطلاق محمد رحمه الله في الرواية فيكون شرطا على الاتفاق، وقال الشافعي رحمه الله دليل الملك اليد مع التصرف، وبه قال بعض مشايخنا رحمهم الله لأن اليد متنوعة إلى أمانة وملك. قلنا: والتصرف يتنوع أيضا إلى نيابة وأصالة،
ــ
[البناية]
أنفسهما، وكذا تجوز الشهادة إذا كانا صغيرين لا يعتبران عن أنفسهما، وإن لم يعرفا أنهما رقيقان ولهذا المعنى.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يشترط مع ذلك) ش: أي مع رؤية اليد والتصرف م: (أن يقع في قلبه أنه له) ش: أي أن هذا الشيء لمن في يده، وفي " الفوائد الظهيرية ": أسند هذا القول إلى أبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله فقال: وعنهما، ووجهه أن الأصل في الشهادة الإحاطة واليقين، لقوله عليه السلام:«إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع» .
وعند [
…
] أن ذلك يصار إلى ما يشهد به القلب، ولهذا قيل: إذا رأى إنسان درة ثمينة في يد كناس أو كتاباً في يد جاهل، ليس في أمانة من هو أهل لذلك، لا يسعه أن يشهد بالملك له.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ رحمهم الله: م: (ويحتمل أن يكون هذا) ش: أي ما ذكر من شهادة القلب م: (تفسيراً لإطلاق محمد رحمه الله في الرواية فيكون شرطاً على الاتفاق) ش: وهو قوله: " وسعك أن تشهد أنه له "، وذكر الصدر الشهيد رحمه الله في " أدب القاضي ": ويحتمل أن يكون قوله قول الكل، وبه نأخذ.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: دليل الملك اليد مع التصرف) ش: أي التصرف مدة طويلة، وبه قال مالك رحمه الله وأبو حامد الحنبلي م:(وبه قال بعض مشايخنا رحمهم الله) ش: وهو الخصاف م: (لأن اليد متنوعة إلى أمانة وملك) ش: وكذا إلى ضمان الإنابة كالوكيل والمضارب م: (قلنا: والتصرف يتنوع أيضا إلى نيابة وأصالة) ش: بضم، يحتمل إلى محتمل يريد الاحتمال فبقي العلم.
وعند أحمد رحمه الله والإصطخري من أصحاب الشافعي رحمه الله: يجوز أن يشهد في الكل بالاستفاضة؛ لأنه موجب للعلم الظاهر، وعند مالك رحمه الله والشافعي رحمه الله في الأصح: لا يجوز؛ لاحتمال أنه أشهر من رجل، ويكون لغيره، وهو كثير فلا
ثم المسألة على وجوه: إن عاين المالك الملك حل له أن يشهد، وكذا إذا عاين الملك بحدوده دون المالك استحسانا؛ لأن النسب يثبت بالتسامع، فيحصل معرفته، وإن لم يعاينها، أو عاين المالك دون الملك لا يحل له، وأما العبد والأمة، فإن كان يعرف أنهما رقيقان، فكذلك؛ لأن الرقيق لا يكون في يد نفسه، وإن كان لا يعرف أنهما رقيقان، إلا أنهما صغيران لا يعبران عن أنفسهما فكذلك؛ لأنه
ــ
[البناية]
يفيد علماً.
م: (ثم المسألة على وجوه) ش: أي هذه المسألة على وجوه أربعة بالقسمة العقلية، الأول: هو قوله م: (إن عاين المالك الملك) ش: جميعاً فحينئذ م: (حل له أن يشهد) ش: لأن شهادته عن علم وبصيرة؛ لأنه عرف المالك بوجهه واسمه ونسبه، وعرف الملك بحدوده وحقوقه ورآه في يده، الثاني: هو قوله: م: (وكذا إذا عاين الملك بحدوده) ش: تنسب إلى فلان بن فلان الفلاني، ولم يعاينه بوجهه ولم يعرفه بنسبه، وهو معنى قوله م:(دون المالك) ش: يجوز أن يشهد م: (استحساناً) ش: والقياس أن لا يجوز؛ لأنها شهادة بالملك، ثم المالك مع جهالة المشهود له وجه الاستحسان هو قوله م:(لأن النسب) ش: أي نسب المالك م: (يثبت بالتسامع) ش: والشهرة م: (فيحصل معرفته) ش: أي معرفة المالك، فكانت شهادة بمعلوم.
ألا ترى أن صاحب الملك إذا كانت امرأة لا تبرز ولا تخرج، كان اعتبار مشاهدتها وتصرفها بنفسها لجواز الشهادة مبطلاً لحقها ولا يجوز ذلك. وعورض بأنه يستلزم الشهادة بالتسامع في الأموال، وهي باطلة.
وأجيب: بأن الشهادة بالنسبة إلى المال ليست بالتسامع بل بالعيان. والتسامع إنما هو بالنسبة إلى النسب قصداً، وهو مقبول فيه كما تقدم في خبر ذلك ببيت المال، والاعتبار للتضمن، والثالث: وهو قوله: م: (وإن لم يعاينها) ش: أي وإن لم يعاين الملك المالك جميعاً، بأن سمع من الناس أن لفلان بن فلان ضيعة في بلد كذا، حدودها كذا وكذا، ولا يشهد لأنه مجازف في الشهادة، والرابع: وهو قوله م: (أو عاين المالك دون الملك) ش: فكذلك لا يشهد بجهالة المشهود به، وقوله م:(لا يحل له) ش: جواب الوجهين الأخيرين.
م: (وأما العبد والأمة) ش: مردود إلى قوله سوى العبد والأمة، تقريره إذا رأى عبداً أو أمة في يد شخص م:(فإن كان يعرف أنهما رقيقان فكذلك) ش: أي حل للرائي أن يشهد لذي اليد بالملك م: (لأن الرقيق لا يكون في يد نفسه) ش: بل يكون في يد المستولي عليه م: (وإن كان لا يعرف أنهما رقيقان إلا أنهما صغيران لا يعبران عن أنفسهما فكذلك) ش: يعني يحل له أن يشهد م: (لأنه
لا بد لهما، وإن كانا كبيرين فذلك مصرف الاستثناء لأن لهما يدا على أنفسهما، فيدفع يد الغير عنهما فانعدم دليل الملك وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يحل له أن يشهد فيهما أيضاً اعتباراً بالثياب، والفرق ما بيناه، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
لا بد لهما) ش: أي الصغيرين م: (وإن كانا كبيرين) ش: أي العبد والأمة م: (فذلك مصرف الاستثناء) ش: بقوله سوى العبد والأمة م: (لأن لهما يداً على أنفسهما، فيدفع يد الغير عنهما فانعدم دليل الملك) ش: حتى إن الصبي الذي يعقل إن أقر بالرق على نفسه لغيره جاز، ويصنع به المقر به ما يصنع بمملوكه.
واعترض بأن الاعتبار في الحرية والرق لو كان لتعبيرهما عن أنفسهما لاعتبر دعوى الحرية منهما بعد الكبر في يد من ادعى رقيقاً، وأجيب: بأنه إنما لم يعتبر ذلك لثبوت الرق عليهما للولي في الصغر، وإنما المعتبر بذلك إذا لم يثبت لأحد عليهما رق وأجيب.
م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يحل له أن يشهد فيهما أيضاً) ش: أي في الكبيرين م: (اعتباراً بالثياب) ش: والدواب لدلالة اليد على الملك م: (والفرق ما بيناه) ش: وهو قوله لأن لهما يداً على أنفسهما يدفعان بها يد الغير عنها، بخلاف الثياب والدواب؛ لأنه لا يد لهما على أنفسهما. م:(والله أعلم بالصواب) .