الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الرابعة (ملوك بني أبي العافية من مكناسة)
كانت مكناسة من قبائل البربر لأوّل الفتح بنواحي (تارا)«1» من أوساط المغرب الأقصى والأوسط وكانوا يرجعون في رياستهم إلى بني أبي باسل بن أبي الضحّاك وكانت الرياسة في المائة الثالثة لمصالة- بن حيوس، بن منازل، بن أبي الضّحّاك، بن يزّول، بن تافرسين، بن فراديس، بن ونيف، بن مكناس، بن ورصطف، بن يحيى، بن تمصيت، بن ضريس، بن رجيك، بن مادغش، بن بربر-؛ وموسى بن أبي العافية، بن أبي باسل، بن أبي الضحاك المتقدّم ذكره.
ولما استولى عبيد الله المهدي على المغرب صار مصالة بن حيوس من أكبر قوّاده وولّاه مدينة تاهرت والغرب الأوسط.
ولما زحف مصالة إلى المغرب الأقصى سنة خمس وثلاثمائة واستولى على فاس ثم على سجلماسة واستنزل يحيى بن إدريس بفاس إلى طاعة عبيد الله المهديّ وأبقاه أميرا على فاس على ما تقدّم، عقد لابن عمّه موسى بن أبي العافية أمير مكناسة على سائر ضواحي المغرب وأمصاره مضافة إلى عمله من قبل: تسول وتازا وما معهما وقفل مصالة إلى القيروان.
فقام موسى بن أبى العافية بأمر المغرب، وعاود مصالة غزو المغرب سنة تسع وثلاثمائة: أغراه موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس، فقبض عليه وأخذ ماله وطرده، فلحق ببني عمه بالبصرة والريف، وولّى مصالة مكانه على فاس ريحانا الكتاميّ وقفل إلى القيروان فمات، وعظم ملك موسى بن أبي العافية بالمغرب.
ثم ثار بفاس سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة (الحسن بن محمد) بن القاسم، بن إدريس الملقب بالحجّام، ودخل فاس على حين غفلة من أهلها وقتل ريحانا واليها، واجتمع الناس على بيعته، ثم خرج لقتال ابن أبي العافية والتقوا، فهلك جماعة من مكناسة ثم كانت الغلبة لهم. ورجع الحسن مهزوما إلى فاس فغدر به عامله على عدوة القرويّين: حامد بن حمدان الهمداني، فقبض عليه واعتقله وأمكن ابن أبي العافية من البلد، وزحف إلى عدوة الأندلسيين فملكها وقتل عاملها، وولّى مكانه أخاه محمدا، واستولى ابن أبي العافية على فاس وجميع المغرب وأجلى الأدارسة عنه.
ثم استخلف على المغرب الأقصى ابنه (مدين) وأنزله بعدوة القرويّين، واستعمل على عدوة الأندلسيّين طوال بن أبي زيد «1» ، وعزل عنه محمد بن ثعلبة.
ونهض إلى تلمسان سنة تسع عشرة وثلاثمائة فملكها، وغلب عليها صاحبها الحسن بن أبي العيش بن عيسى، بن إدريس، بن محمد بن سليمان: من عقب سليمان ابن عبد الله: أخي إدريس الأكبر الداخل إلى المغرب بعده؛ ورجع بعد فتحها إلى فاس وخرج عن طاعة العبيديين، وخطب للناصر الأمويّ خليفة الأندلس على منابر عمله، فبعث عبيد الله المهديّ قائده حميدا المكناسيّ ابن أخى مصالة إلى فاس، ففرّ عنها مدين بن موسى بن أبي العافية إلى أبيه فدخلها حميد، ثم استعمل عليها حامد بن حمدان ورجع إلى أفريقيّة، وقد دوّخ المغرب.
ثم انتقض أهل المغرب على العبيديين بعد مهلك عبيد الله، وثار (أحمد بن بكر) بن عبد الرحمن بن سهل الجذاميّ على حامد بن حمدان عامل فاس، فقتله وبعث برأسه إلى موسى بن أبي العافية، فبعث به إلى الناصر الأمويّ بالأندلس واستولى على المغرب، وزحف (ميسور الخصيّ) قائد أبي القاسم بن عبيد الله
المهديّ سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة إلى فاس وحاصرها فأحجم ابن أبي العافية عن لقائه، واستنزل ميسور أحمد بن بكر عاملها وقبض عليه وبعث به إلى المهديّة.
ثم خرج أهل فاس عن طاعته، وقدّموا على أنفسهم (حسن بن قاسم اللّواتي) ، ثم حاصرهم ميسور فدخلوا تحت طاعته، واشترطوا على أنفسهم الإتاوة، فقبل ميسور ذلك منهم، وأقرّ حسن بن قاسم على ولايته بفاس، وارتحل إلى حرب بن أبي العافية، فكانت بينهم حروب آخرها أن ظهر ميسور على ابن أبي العافية، وأجلاه عن أعمال المغرب إلى بلاد الصّحراء، ثم قفل ميسور إلى القيروان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ورجع موسى بن أبي العافية من الصّحراء إلى أعماله بالمغرب، وزحف إلى تلمسان، ففرّ عنها أبو العيش ولحق بتكور، واستفحل أمر ابن أبي العافية بالمغرب الأقصى واتّصل عمله بعمل محمد بن خزر ملك مغراوة وصاحب المغرب الأوسط، وبثّوا دعوة الأمويّة في أعمالها، وبعث ابنه مدين إلى منازلة فاس فحاصرها، وهلك موسى في خلال ذلك سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
وقام ابنه (مدين) بأمره، وعقد له الناصر الأمويّ على أعمال أبيه بالمغرب، ثم قسم أعماله بينه وبين أخويه البوري وأبي منقذ، وأجاز البوريّ إلى الناصر بالأندلس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة فعقد له ثم هلك سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وهو محاصر لأخيه مدين بفاس، فعقد الناصر لابنه (منصور) على عمله.
ثم توفّي مدين، فعقد الناصر لأخيه أبي منقذ على عمله؛ ثم غلب مغراوة على فاس وأعمالها، واستفحل أمرهم بالمغرب. وأزاحوا مكناسة عن ضواحيه وأعماله؛ وأجاز إسماعيل بن البوري ومحمد بن عبد الله بن مدين إلى الأندلس، فنزلا بها إلى أن أجازوا مع واضح أيّام المنصور بن أبي عامر عند ما خرج زيري بن عطية عن طاعتهم سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة.