الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالأندلس فتن آخرها أن ثار ابن هود على الأندلس واستولى [عليه] وأخرج منه الموحدين.
[الطبقة] الطائفة العاشرة (بنو الأحمر ملوك الأندلس إلى زماننا هذا)
وقد تعرّض القاضي شهاب الدين بن فضل الله إلى الذي كان في زمانه منهم وهو (يوسف) ولم ينسبه غير أنه قال: إنه من ولد قيس بن سعد بن عبادة. ثم ذكر أنه فاضل، له يد في الموشّحات.
واعلم أن بني الأحمر هؤلاء أصلهم من أرجونة من حصون قرطبة وينتسبون إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج، ولم أقف على نسبهم إليه، ويعرفون ببني نصر، وكان كبيرهم آخر دولة الموحدين الشيخ أبو دبّوس (محمد بن يوسف) بن نصر المعروف بابن الأحمر وأخوه إسماعيل، وكان لهما وجاهة ورياسة في تلك الناحية.
ولما ضعف أمر الموحّدين بالأندلس واستقلّ بالأمر محمد بن يوسف بن هود الثائر بمرسية وقام بدعوة العبّاسيّة بالأندلس وتغلب على جميع شرق الأندلس، ثار محمد بن يوسف بن نصر: جدّ بني الأحمر على محمد بن يوسف بن هود، وبويع له سنة تسع وعشرين وستمائة، على الدعاء للأمير أبي زكريّا يحيى صاحب أفريقيّة من بقية الموحدين، وأطاعته جيّان وشريش في السنة الثانية من مبايعته. ثم بايع لابن هود سنة إحدى وثلاثين عند وصول تقليد الخليفة من بغداد لابن هود.
ثم تغلب على إشبيلية سنة اثنتين وثلاثين، واستعيدت منه بعد شهر ورجعت لابن هود [ثم تغلّب]«1» على غرناطة سنة خمس وثلاثين، وبايعوه وهو بجيّان، فقدم إليها ونزلها وابتنى بها حصن الحمراء منزلا له، وهو المعبّر عنه بالقصبة الحمراء:
وهي القلعة؛ ثم تغلب على مالقة وأخذها من يد عبد الله بن زنون الثائر بها بعد
مهلك ابن هود، ثم أخذ المريّة من يد محمد بن الرميمي وزير ابن هود الثائر بها سنة ثلاث وأربعين. ثم بايعه أهل لورقة سنة ثلاث وستين [وانتزعها] ممن كانت بيده. وفي أيامه وأيام ابن هود الثائر استعاد العدوّ المخذول من المسلمين أكثر بلاد الأندلس وحصونه، وهي بيدهم إلى الآن، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبقي حتّى مات سنة إحدى وسبعين وستمائة.
وقام بأمره من بعده ابنه الفقيه (محمد) ابن الشيخ محمد بن يوسف، واستجاش بني مرين ملوك المغرب على أهل الكفر فلبّوه بالإجابة، وكان لهم مع طاغية الكفر وقائع أبلغت فيهم التأثير، وبلغت فيهم حدّ النّكاية، وبقي حتّى هلك سنة إحدى وسبعمائة.
وولي من بعده ابنه (محمد المخلوع) ابن محمد الفقيه.
ثم غلب عليه أخوه (أبو الجيوش نصر بن محمد) الفقيه، واعتقله سنة ثمان وسبعمائة، واستولى على مملكته، فأساء السّيرة في الرعية، والصّحبة لمن عنده من غزاة بني مرين.
فبايعوا (أبا الوليد إسماعيل) ابن الرئيس أبي سعيد فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر، وزحف من مالقة إلى غرناطة، فهزم عساكر أبي الجيوش، فصالحه على الخروج إلى وادياش ولحق بها، فجدّد له بها ملكا إلى أن مات سنة ثنتين وعشرين وسبعمائة، فدخل أبو الوليد إلى غرناطة وملكها، وكان بينه وبين ملك قشتالة من ملوك النصارى واقعة بظاهر غرناطة ظهرت فيها معجزة من معجزات الدّين لغلبة المسلمين مع قلّتهم المشركين مع العدد الكثير، وغدر به بعض قرابته من بني نصر فطعنه عندما انفضّ مجلسه بباب داره فقتله.
وبويع لابنه (محمد بن أبي الوليد إسماعيل) فاستولى عليه وزيره محمد ابن المحروق، وغلب عليه حتّى قتله بمجلسه غدرا في سنة تسع وعشرين وسبعمائة، واستبدّ بأمر ملكه، واستجاش بني مرين على طاغية الكفر حتّى
استرجع جبل الفتح من أيديهم سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة «1» ، وغدروا به بعد رجوعه من الجبل المذكور إلى غرناطة فقتلوه بالرّماح.
وقدّموا مكانه أخاه (أبا الحجاج يوسف) بن أبي الوليد إسماعيل وهو الذي ذكر في التعريف أنه كان في زمانه. وفي أيامه تغلّب النصارى على الجزيرة الخضراء، وأخذوها صلحا سنة ثلاث وأربعين بعد حروب عظيمة، قتل ولد السلطان أبي الحسن المرينيّ في بعضها وكان هو بنفسه في بعضها. ولم يزل حتّى مات يوم الفطر سنة خمس وخمسين وسبعمائة «2» ، طعن في سجوده في صلاة العيد، وقتل للحين قاتله.
وولي مكانه ابنه (محمد بن يوسف) وقام بأمره مولاهم رضوان الحاجب [فغلبه عليه وحجبه. وكان أخوه إسماعيل ببعض قصور الحمراء وكانت له ذمّة وصهر من محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن محمد ابن الرئيس أبي سعيد، فسلط محمد هذا بعض الزّعانفة فتسوّر حصن الحمراء على الحاجب فقتله، وأخرج صهره إسماعيل ونصّبه للملك]«3» وخلع أخاه السلطان محمدا، وكان بروضة خارج الحمراء ففرّ إلى السلطان أبي سالم بن أبي الحسن المرينيّ:
ملك المغرب فأحسن نزله وأكرمه.
واستقلّ أخوه (إسماعيل بن يوسف) بالملك في ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان المعظم قدره، سنة ستين وسبعمائة، وأقام السلطان إسماعيل في الملك بالأندلس إلى أن مات أوّل سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
وأقيم مكانه أبو الحجاج (يوسف بن إسماعيل)«4» وبايعه الناس ومات سنة أربع وتسعين وسبعمائة.
وبويع ابنه (محمد) وهو محمد بن يوسف بن محمد المخلوع بن يوسف بن إسماعيل ابن الرئيس أبي سعيد فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر، وقام بأمره محمد الخصاصي القائد من جماعة أبيه، وقد شغل الله طاغية الكفر بما وقع بينه وبين أخيه من الفتن المستأصلة، فامتنع صاحب الأندلس عمّا كان يؤدّيه من الإتاوة للنصارى في كان سنة، وامتنع ذلك من استقبال سنة ثنتين وسبعين وسبعمائة وإلى هذا الوقت. وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ
»
واعلم أنه لما افتتح المسلمون الأندلس، أجفلت أمم النصرانية أمامهم إلى سيف البحر من جانب الجوف، وتجاوزوا الدّروب من وراء قشتالة، واجتمعوا بجلّيقيّة وملّكوا عليهم (بلاية بن قاقلة) فأقام في الملك تسع عشرة سنة، وهلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة.
وولي ابنه (قاقلة) سنتين ثم هلك، فولّوا عليهم بعده (أدفونش بن بطرة) من الجلالقة أو القوط، واتصل الملك في عقبه إلى الآن، فجمعهم أدفونش المذكور على حماية ما بقي من أرضهم بعد ما ملك المسلمون عامّتها، وانتهوا إلى جلّيقيّة، وهلك سنة ثنتين وأربعين ومائة لثمان عشرة سنة من ملكه.
وولي بعده ابنه (فرّويلة) إحدى عشرة سنة قوي فيها سلطانه، وقارنه اشتغال «عبد الرحمن «2» الداخل» : أوّل خلفاء بني أمية بتمهيد أمره، فاسترجع مدينة لكّ، وبرتقال، وسمّورة، وسلمنقة، وشقوبية، وقشتالة، بعد أن فتحها المسلمون وصارت في مملكتهم، وهلك سنة ثنتين وخمسين.
وولي ابنه (أور بن فرّويلة) ست سنين، وهلك سنة ثمان وخمسين.
وولي ابنه (شبلون) عشر سنين، وهلك سنة ثمان وستين.
فولّوا من بني أدفونش مكانه رجلا اسمه (أدفونش) فوثب عليه (مورفاط) فقتله وملك مكانه سبع سنين.
ثم ولي منهم آخر اسمه (أدفونش) ثنتين وخمسين سنة، وهلك سنة سبع وعشرين ومائتين.
فولي ابنه (ردمير) واتصل الملك في عقبه على التوالي إلى أن ولي منهم (ردمير) بن أردون آخر ملوكهم المستبدّين بأمرهم. قال ابن حيان في «تاريخ الأندلس» : وكانت ولايته بعد ترهّب أخيه أدفونش الملك قبله، وذلك سنة تسع عشرة وثلاثمائة في زمن الناصر الأمويّ الخليفة بالأندلس، وتهيأ للناصر الظهور عليه إلى أن كانت وقعة الخندق سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وحصل للمسلمين فيها الابتلاء العظيم، وهلك ردمير سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
وولي أخوه (شانجة) وكان معجبا تيّاها فوهن ملكه، وضعف سلطانه، ووثب عليه قوامس «1» دولته- وهم ولاة الأعمال من قبل الملك الأعظم- فلم ينتظم لبني أدفونش بعدها ملك مستقلّ في الجلالقة إلا بعد حين، وصاروا كملوك الطوائف. قال ابن حيان: وذلك أن فردلند قومس ألية والقلاع- وكان أعظم القوامس- انتقض على شانجة المتقدّم ذكره، ونصّب للملك مكانه ابن عمه (أردون بن أدفونش) واستبدّ عليه، فمالت النصرانية عن شانجة إليه، وظاهرهم ملك البشكنس على شانجة، ووفد شانجة على الناصر الأمويّ بقرطبة صريخا، فجهّز معه عساكر واستولى على سمّورة فملكها وأنزل المسلمين بها، واتصلت الحرب بين شانجة وفردلند القومس. وفي خلال ذلك ولي الحكم المستنصر الأمويّ، ثم هلك شانجة بن أدفونش ببطليوس.
وقام بأمرهم بعده ابنه (ردمير) وهلك أيضا فردلند قومس «2» ألية والقلاع،
وقام بأمره بعده ابنه غريسة، ومات الحكم المستنصر فقوي سلطان ردمير، وعظمت نكايته في المسلمين إلى أن قيّض الله لهم المنصور بن أبي «1» عامر حاجب هشام؛ فأثخن في عمل ردمير وغزاه مرارا وحاصره، وافتتح (شنت مانكس) وخرّبها فتشاءمت الجلالقة بردمير، ورجع «2» إلى طاعة المنصور سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وهلك على أثرها، فأطاعت أمه.
واتفقت الجلالقة على (برمند بن أردون) فعقد له المنصور على سمورة وليون وما اتصل بهما من أعمال غليسية إلى البحر الأخضر فقبل؛ ثم انتقض فغزاه المنصور سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، فافتتح ليون وسمورة، ولم يبق بعدها للجلالقة إلا حصون يسيرة بالجبل الحاجز بينهم وبين البحر الأخضر، ولم يزل المنصور به حتّى ضرب عليه الجزية وأنزل المسلمين مدينة سمّورة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وولّى عليها أبا الأحوص (معن بن عبد العزيز) التّجيبي؛ وسار إلى (غرسية بن فردلند) صاحب ألية فملك عليه لشبونة قاعدة غليسية وخرّبها، وهلك غرسية.
فولي ابنه (شانجة) فضرب عليه الجزية، وصارت الجلالقة بأجمعهم في طاعة المنصور وهم كالعمّال له. ثم انتقض برمند بن أردون فغزاه المنصور حتّى بلغ شنت ياقب، مكان حجّ النصارى ومدفن يعقوب الحواريّ من أقصى غليسية، فأصابها خالية فهدمها ونقل أبوابها إلى قرطبة، فجعلها في نصف الزّيادة التي أضافها إلى المسجد الأعظم. ثم افتتح قاعدتهم (شنتمريّة) سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ثم هلك برمند بن أردون ملك بني أدفونش.
وولي ابنه (أدفونش) وهو سبط غرسية بن فردلند صاحب ألية، وكان صغيرا فكفله (منند بن غند شلب) قومس غليسية، إلى أن قتل منند غيلة سنة ثمان
وتسعين وثلاثمائة فاستقلّ أدفونش بأمره، وطلب القواميس المتعذّرين على أبيه وعلى من سلف من قومه مثل بني أرغومس وبني فردلند المتقدّم ذكرهم بالطاعة فأطاعوا ودخلوا تحت أمره. ثم جاءت الفتنة البربرية على رأس المائة الرابعة فضعف أمر المسلمين، وتغلّب النصارى على ما كان المنصور تغلّب عليه بقشتالة وجلّيقيّة، ولم يزل أدفونش بن برمند ملكا على جلّيقيّة وأعمالها، ثم كان الملك من بعده في عقبه إلى أن كان ملوك الطوائف، وتغلب المرابطون ملوك الغرب من لمتونة على ملوك الطوائف بالأندلس، على ما سيأتي في الكلام على مكاتبة ابن الأحمر ملك المسلمين بالأندلس.
وفي بعض التواريخ أن ملك قشتالة الذي ضرب الجزية على ملوك الطوائف في سني خمسين وأربعمائة هو (البيطبين) وأنه لما هلك قام بأمره بنوه فردلند، وغرسية، وردمير. وولي أمرهم (فردلند) ثم هلك، وخلّف شانجة وغرسية والفنش فتنازعوا، ثم خلص الملك للفنش، واستولى على طليطلة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وعلى بلنسية سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ثم ارتجعها المرابطون من يده حتّى استعادها النصارى سنة ست وثلاثين وستمائة. وهلك الفنش سنة إحدى وخمسمائة.
وقام بأمر الجلالقة (بنته) وتزوّجت ردمير، ثم فارقته وتزوّجت بعده قمطا من أقماطها فأتت منه بولد كانوا يسمّونه (السليطين) . وأوقع ابن ردمير بابن هود سنة ثلاث وخمسمائة الواقعة التي استشهد فيها، وملك منه سرقسطة.
وفي بعض التواريخ أن النصارى في زمن المنصور أبي «1» يعقوب ابن أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن كان دائرا بين ثلاثة من ملوكهم الفنش، والبيبوح، وابن الزند، وكبيرهم الفنش.
ولما فشلت ريح بني عبد المؤمن في زمن المستنصر بن الناصر، استولى الفنش على جميع ما فتحه المسلمون من معاقل الأندلس، ثم هلك الفنش.
وولي ابنه (هرّاندة) وكان أحول وبذلك يلقّب، فارتجع قرطبة واشبيلية من أيدي المسلمين.
وزحف ملك أرغون في زمنه فاستولى على ماردة، وشاطبة، ودانية، وبلنسية، وسرقسطة، والزّهراء، والزاهرة، وسائر القواعد والثّغور الشرقيّة، وانحاز المسلمون إلى سيف البحر، وملّكوا عليهم ابن «1» الأحمر بعد ولاية ابن هود. وكان استرجاع الطاغية ماردة سنة ستّ وعشرين وستّمائة، وميورقة سنة سبع وعشرين، وبلنسية سنة ستّ وثلاثين، وسرقسطة وشاطبة قبل ذلك بزمن طويل.
ثم هلك هرّاندة، وولي ابنه [شانجة] «2» ثم هلك [سنة ثلاث وتسعين] «3» وولي ابنه (هرّاندة) وكان بينه وبين عساكر يعقوب بن عبد الحق:
سلطان الغرب الواصلة إلى الأندلس حروب متصلة، الغلب فيها لعساكر ابن عبد الحق، ثم خرج على هرّاندة هذا ابنه (شانجة) فوفد هرّاندة على السلطان يعقوب بن عبد الحق فقبّل يده، واستجاشه على ولده شانجة، فقبل وفادته، وأمدّه بالمال والعساكر، ورهن عنده على المال التاج المعروف من ذخائر سلفهم، فهو عند بني عبد الحق إلى الآن.
ثم هلك هرّاندة سنة ثلاث وثلاثين وستّمائة، واستقل ابنه (شانجة) بالملك، ووفد على يوسف بن يعقوب بالجزيرة الخضراء بعد مهلك أبيه يعقوب ابن عبد الحق وعقد معه الهدنة، ثم نقض واستولى على مدينة طريف سنة ثلاث وتسعين وستّمائة؛ ثم هلك سنة ثنتي عشرة وسبعمائة.
فولي ابنه (بطرة) صغيرا، وكفله عمّه جوان وهلكا جميعا على غرناطة عند زحفهما إليها سنة ثمان عشرة وسبعمائة.
فولي ابنه (الهنشة بن بطرة) صغيرا وكفله زعماء دولته، ثم استقل بأمره وهلك محاصرا جبل الفتح سنة إحدى وخمسين وسبعمائة في الطاعون الجارف.
وولي (ابنه بطرة) وفرّ ابنه القمط إلى برشلونة فاستجاش صاحبها على أخيه بطرة فأجابه، وزحف إليه بطرة فاستولى على كثير من بلاده، ثم كان الغلب للقمط سنة ثمان وستين وسبعمائة، واستولى على بلاد قشتالة، وزحفت إليهم أمم النصرانية، ولحق بطرة بأمم الفرنج الذين وراء قشتالة في الجوف بجهات الليمانية وبرطانية إلى ساحل البحر الأخضر وجزائره فزوّج بنته من ابن ملكهم الأعظم المعروف بالبنس غالس، وأمدّه بأمم لا تحصى فملك قشتالة والقرنتيرة، واتصلت الحرب بعد ذلك بين بطرة وأخيه القمط، إلى أن غلبه القمط وقتله سنة ثنتين وسبعين وسبعمائة، واستولى القمط على ملك بني أدفونش أجمعه، واستقام له أمر قشتالة، ونازعه البنس غالس ملك الإفرنجة بابنه الذي هو من بنت بطرة، وطلب له الملك على عادتهم في تمليك ابن البنت، واتصلت الحرب بينهما، وشغله ذلك عن المسلمين فامتنعوا عن أداء الإتاوة التي كانوا يؤدّونها إلى من كان قبله، وهلك القمط سنة إحدى وثمانين وسبعمائة.
فولي ابنه (دن جوان) وفرّ أخوه غريس ولحق بالبرتغال، واستجاش على أخيه بجموع كثيرة، ثم رجع إليه واصطلح عليه، ثم هلك دن جوان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ونصّب قومه في الملك ابنه بطرة صبيا صغيرا لم يبلغ الحلم وقام بكفالته وتدبير دولته اليركيش خال جدّه القمط بن الهنشه والأمر على ذلك إلى الآن، وفتنهم مع البنس غالس ومع الفرنج متصلة، وأيديهم عن المسلمين مكفوفة