الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الخامسة (بنو زيري بن عطيّة من مغراوة من البربر)
وهو زيري بن عطية، بن عبد الله، بن خزر، بن محمد، بن خزر، بن حفص، بن صولات، بن رومان، من بطون زناتة من البربر، وكان أوّليّة أمره أنّ زيري هذا كان أمير بني خزر في وقته، وانتهت إليه رياستهم وإمارتهم في البداوة.
ولما غلب بلكين بن زيري الصّنهاجيّ صاحب أفريقيّة وقومه صنهاجة على المغرب الأوسط سنة تسع وستّين وثلاثمائة وأجلوا عنه مغرواة الذين كانوا به من تقادم السنين وصار المغرب الأوسط جميعه لصنهاجة، لحق مغراوة فيمن بقي من بني خزر، بالغرب الأقصى؛ وأمراؤهم يومئذ محمد بن الخير، ومقاتل وزيري ابنا عطية بن عبد الله، وخزرون بن فلفول، ووصلوا إلى سبتة وأميرهم المنصور بن أبي عامر حاجب.
وبعث العزيز بن نزار العبيديّ من مصر الحسن بن كنّون من الأدارسة لاسترجاع ملكه بالمغرب، فبعث المنصور لحربه أبا الحكم عمرو بن عبد الله بن أبي عامر الملقب بعسكلاجة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وانحاش «1» إليه زيري ابن عطية ومن معه من بني خزر في جموع مغراوة، وزحفوا إلى الحسن بن كنّون حتى ألجأوه إلى الطاعة، ثم انصرف أبو الحكم بن أبي عامر إلى الأندلس، فعقد المنصور بن أبي عامر على المغرب الأقصى للوزير (حسن بن أحمد) بن عبد الودود السلمي، وأنفذه إليه سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وأوصاه بملوك مغراوة خصوصا زيري؛ فسار الحسن بن أحمد حتى نزل بفاس وضبط أعمال المغرب، ومات مقاتل بن عطية سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة واستقلّ أخوه زيري بن عطية برياسة مغراوة؛ وبقي الحسن بن أحمد إلى أن قتل في بعض الحروب سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وبلغ الخبر المنصور بن أبي عامر فعقد على المغرب (لزيري ابن عطية) المذكور، وكتب إليه بعهده وأمره بضبط المغرب، فاستفحل ملكه
وغلب على تلمسان. فملكها من يد أبي البهار الصنهاجي، وبعث بالفتح إلى المنصور بن أبي عامر فجدّد له العهد، واختطّ مدينة (وجدة) سنة أربع وثمانين، وأنزل بها عساكره.
ثم فسد ما بين المنصور بن أبي عامر وبين زيري بن عطية، فعقد المنصور لمولاه واضح على المغرب، وعلى حرب زيري بن عطية، وجهّزه إليه في عساكره؛ ثم أتبعه المنصور ابنه المظفّر عبد الملك فاجتمعا على زيري بن عطية، ودارت بينهم الحرب فكانت الهزيمة على زيري وجرح في المعركة وفرّ إلى فاس فامتنع عليه أهلها، فلحق بالصحراء جريحا؛ وكتب عبد الملك بن المنصور بالفتح إلى أبيه فاستبشر به وكتب إلى ابنه (عبد الملك) بعهده على المغرب.
وكان زيري بن عطية لمّا فرّ إلى الصحراء صرف وجهه إلى حرب صنهاجة بالمغرب الأوسط فقصده وفتح تاهرت وتلمسان وأعمالهما، وأقام الدعوة فيها لهشام بن عبد الملك خليفة الأندلس وحاجبه المنصور من بعده، وبقي على ذلك حتى مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وبويع من بعده ابنه (المعزّ بن زيري) فجرى على سنن أبيه من الدعاء لهشام بن عبد الملك والمنصور من بعده؛ ومات المنصور في خلال ذلك.
وقام بأمره من بعده ابنه المظفّر (عبد الملك) وبعث المعزّ بن زيري يرغب إلى المظفّر في عمل فاس والمغرب الأقصى فأجابه إلى ذلك، وكتب له عهده بذلك، خلا سجلماسة فإنها كانت بيد خزرون «1» ؛ وبقي المعزّ في ولايته إلى أن هلك سنة سبع عشرة وأربعمائة.
وولي من بعده ابن عمه (حمامة) بن المعز بن عطية واستفحل ملكه؛ ثم
نازعه الأمير أبو الكمال (تميم بن زيري) بن يعلى اليفرني سنة أربع وعشرين وأربعمائة؛ واستقلّ بملك المغرب وبقي حتى مات سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وولي من بعده ابنه (دوناس) المعروف بأبي العطّاف، واستولى على فاس وسائر عمل أبيه، فاستقامت دولته، واحتفل بعمارة فاس وأدار السّور على أرباضها، وبنى بها المصانع، والحمّامات، والفنادق، وبقي حتى مات سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
وولي من بعده ابنه (الفتّوح بن دوناس) ونازعه أخوه الأصغر عجيسة واستولى على عدوة القرويّين من فاس، وبقي الفتّوح بعدوة الأندلسيّين، وافترق أمرهما ووقعت الحرب بينهما؛ وابتنى الفتّوح بعدوة الأندلسيين (باب الفتوح) المعروف به إلى الآن، وابتنى عجيسة بعدوة القرويين (باب الجيسة) المعروف به إلى الآن، وحذفت العين منه لكثرة دورانه على الألسنة، وبقي الأمر على ذلك حتى ظفر الفتوح بأخيه عجيسة، وقتله سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ودهم المغرب على إثر ذلك ما دهمه من أمر المرابطين من لمتونة، وخشي الفتّوح عاقبة أمرهم، فرحل عن فاس وتركها.
وزحف صاحب القلعة (بلكين) بن محمد بن حمّاد إلى المغرب سنة أربع وخمسين، فدخل فاس واسترهن بعض أشرافهم على الطاعة ورجع إلى عمله، وولّى على المغرب بعد الفتّوح (معتصر) بن حماد، بن معتصر، بن المعز، بن زيري.