الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو يزيد صاحب الحمار. وتوفّي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وكان قد عهد إلى ابنه المنصور بالله إسماعيل، فقام بالأمر بعده، وكتم موت أبيه فلم يتسمّ بالخليفة ولا غيّر السّكة والخطبة والبنود، وتوفّي سلخ رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة لسبع سنين من خلافته.
وولي الأمر بعده ابنه (المعزّ لدين الله معدّ) فاستقام له الأمر، وانتهت مملكته بالغرب إلى البحر المحيط، وافتتح مصر على يد قائده «جوهر» في منتصف شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، واختطّ له القاهرة، ثم قدم المعزّ إلى مصر، ودخل القاهرة لخمس من رمضان سنة ثنتين وستين وثلاثمائة على ما سبق في الكلام على مملكة الديار المصرية.
الطبقة الثالثة (ملوكها من بني زيري)
كان المعزّ معدّ الفاطميّ حين قدم مصر على ما تقدّم استخلف على أفريقيّة والمغرب (بلكين بن زيري) بن ميّاد البربري، ويقال: الحميريّ وأنزله القيروان، وسمّاه يوسف، وكنّاه أبا الفتوح، ولقّبه سيف الدّولة وبقي حتّى توفّي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ومات المعزّ بالقاهرة، وانتقلت الخلافة بعده إلى ابنه العزيز نزار، فولّى على أفريقيّة والمغرب بعد بلكين ابنه (المنصور بن بلكين) بولاية عهد من أبيه وبقي حتى توفّي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
وقام بأمره بعده (ابنه باديس) بن المنصور فبقي حتى توفّي سنة ست وأربعمائة بمعسكره فجأة وهو نائم بين أصحابه.
وبويع ابنه (المعزّ بن باديس) وهو ابن ثماني سنين، واستمرّ ملكه بأفريقيّة وعظم ملكه بها؛ وكان المعزّ منحرفا عن الرّفض والتشيّع، منتحلا للسّنّة، وأعلن بذلك في أوّل ولايته؛ ثم كان آخر أمره أن خلع طاعة العبيديّين، وقطع الخطبة لهم بأفريقيّة سنة أربعين وأربعمائة على عهد المستنصر العبيديّ خليفة مصر، وخطب للقائم بن القادر الخليفة العبّاسيّ ببغداد، فاضطرب لذلك ملكه، وثارت عليه
الثّوّار، وملكوا منه النّواحي؛ ومات المعزّ سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وقام بأمره من بعد ابنه (تميم بن المعزّ بن باديس) وغلبه العرب على أفريقيّة، فلم يكن له إلا ما ضمّه السّور، واستمرّت الثّوّار في أيامه وبقي حتى هلك سنة احدى وخمسمائة.
وملك بعده ابنه (يحيى بن تميم) فراجع طاعة العبيديّين خلفاء مصر، ووصلته منهم المخاطبات والهدايا والتّحف، وأكثر في غزو النصارى من الفرنجة وغيرهم، حتى لقّبوه بالجرية من وراء البحر، ومات فجأة في قصره سنة تسع وخمسمائة.
وملك بعده ابنه (عليّ بن يحيى) وقام بالأمر على طاعة خلفاء العبيديين بمصر، ومات سنة خمس عشرة وخمسمائة.
وملك بعده ابنه (الحسن بن عليّ) وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وقام بأمره مولاه صندل، ثم مولاه موفّق وغلبه النصارى على المهديّة وبلاد الساحل كلّها إلى أن استنفذها منهم عبد المؤمن «1» شيخ الموحّدين، ولحق الحسن بالجزائر ونزل بها إلى أن فتح الموحّدون الجزائر سنة سبع وأربعين وخمسمائة بعد ملكهم المغرب والأندلس، فخرج إلى عبد المؤمن فأحسن إليه وبقي معه حتى افتتح المهديّة فأنزله بها، فأقام بها ثماني سنين. ثم سار إلى مرّاكش فمات في طريقه، وانقرضت دولة بني باديس من أفريقية في أيامهم عند وقوع الفتن.