الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك في أسطول فملك جزيرة صقلية من أيدي أهلها وصارت داخلة في أعمالهم.
المملكة الرابعة (مملكة نبرّة مما يلي قشتالة من جهة الشرق، فاصلا بين عمالات ملك قشتالة وعمالات ملك برشلونة)
وهي عمالة صغيرة، وقاعدتها مدينة ينبلونة، وملكها ملك البشكنس. أما ما وراء الأندلس من الفرنج فأمم لا تحصى، وسيأتي الكلام على ذكر ملكهم الأكبر ريدفرنس فيما بعد إن شاء الله تعالى.
الجملة السادسة (في ترتيب هذه المملكة)
أما مملكة المسلمين فلا يخفى أنها في معنى بلاد المغرب. [وفي كثير من الأوقات يملكهم ملوك المغرب الأقصى، فبالضرورة إن ترتيبهم جار على ترتيب بلاد الغرب]«1» وقد ذكر في «مسالك الأبصار» أن أهل الأندلس في الجملة لا يتعمّمون، بل يتعهّدون شعورهم بالتنظيف والحنّاء ما لم يغلب الشّيب، ويتطيلسون فيلقون الطّيلسان على الكتف أو الكتفين مطويّا طيّا ظريفا [والمتعمم فيهم قليل] ؛ ويلبسون الثياب الرفيعة الملونة من الصّوف والكتّان ونحو ذلك، وأكثر لباسهم في الشتاء الجوخ وفي الصيف البياض. قال: وأرزاق الجند به ذهب بحسب مراتبهم، وأكثرهم من برّ العدوة من بني مرين وبني عبد الواد وغيرهم. والسلطان مسكنه القصور الرفيعة، ويقعد السلطان للناس بدار العدل في مكان يعرف بالسبيكة من القصبة الحمراء التي هي القلعة يوم الاثنين ويوم الخميس صباحا، ويحضر معه المجلس الرؤساء من أقاربه ونحوهم، ويقرأ بمجلسه عشر من القرآن وشيء من الحديث النبويّ، ويأخذ الوزير القصص من الناس فتقرأ عليه. وأما
الحرب فإنهم فيها سجال: تارة لهم وتارة عليهم، والنصر في الأغلب للمسلمين على قلّتهم وكثرة عدوّهم بقوّة الله تعالى. وبالبلاد البحرية أسطول الحراريق المفرّق في البحر الشامي، يركبها الأنجاد من الرّماة والرؤساء المهرة، فيقاتلون العدوّ على ظهر البحر، وهم الظافرون في الغالب، ويغيرون على بلاد النصارى بالساحل وما هو بقربه فيأسرون أهلها ذكورهم وإناثهم، ويأتون بهم بلاد المسلمين، فيبرزون بهم ويحملونهم إلى غرناطة إلى السلطان فيأخذ منهم ما يشاء ويهدي ويبيع.
وقد كانت لهم وقيعة في الإفرنج سنة تسع عشرة وسبعمائة على مرج غرناطة قتل فيها من الإفرنج أكثر من ستين ألفا وملكان: وهما بطرة وجوان عمه ففديت جيفة جوان بأموال عظيمة. وحملت جثّة بطرة إلى غرناطة، فعلّقت على باب قلعتها في تابوت، واستمرت معلّقة هناك، وجاز المسلمون غنيمة من أموالهم قلّما يذكر مثلها في تاريخ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
«1» وقد تقدم في المقالة الأولى في الكلام على النوع الرابع مما يحتاج إليه الكاتب: وهو حفظ كتاب الله تعالى: أن بعض ملوك الفرنج كتب إلى ابن الأحمر:
صاحب غرناطة كتابا يهدّده فيه، فكان جوابه أن قلبه وكتب على ظهره ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ
«2» وأما ملوك الفرنج به فعلى ترتيب سائر ممالك الفرنج مما هو غير معلوم لنا.