الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفلانيّ، ك «الملك الأفضل» و «الملك الصالح» ونحو ذلك على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وكان الكتّاب في أواخر الدولة الفاطميّة إلى أثناء الدولة الأيّوبيّة يلقبون ب «الفاضل» و «الرّشيد» و «العماد» وما أشبه ذلك، ثم دخلوا في عموم التلقيب بالإضافة إلى الدين، واختص التلقيب بالإضافة إلى الدولة كوليّ الدولة بكتّاب النصارى، والأمر على ذلك إلى الآن.
الطرف الثاني (في بيان معاني الألقاب، وفيه تسع جمل)
الجملة الأولى (في الألقاب الخاصّة بأرباب الوظائف المعتبرة التي بها انتظام أمور المملكة وقوامها، وهي قسمان)
القسم الأوّل (الألقاب الإسلاميّة، وهي نوعان)
النوع الأوّل (الألقاب القديمة المتداولة الحكم إلى زماننا، وهي صنفان)
الصنف الأوّل (ألقاب أرباب السيوف، وهي سبعة ألقاب)
الأوّل- الخليفة
. وهو لقب على الزعيم الأعظم القائم بأمور الأمّة، وقد اختلف في معناه، فقيل: إنه فعيل بمعنى مفعول، كجريح بمعنى مجروح، وقتيل بمعنى مقتول ويكون المعنى أنه يخلفه من بعده، وعليه حمل قوله تعالى إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
«1» على قول من قال: إن آدم عليه السلام أوّل من عمر
الأرض وخلفه بنوه من بعده. وقيل: فعيل بمعنى فاعل، ويكون المراد أنه يخلف من بعده، وعليه حمل الآية من قال إنه كان قبله في الأرض الجنّ وإنه خلفهم فيها، واختاره النّحّاس «1» في «صناعة الكتّاب» : وعليه اقتصر البغويّ في «شرح السّنّة» والماورديّ في «الأحكام السّلطانية» . قال النّحاس: وعليه خوطب أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه بخليفة رسول الله.
وقد أجازوا أن يقال في الخليفة «خليفة رسول الله» لأنه خلفه في أمّته.
واختلفوا هل يجوز أن يقال فيه خليفة الله: فجوّز بعضهم ذلك لقيامه بحقوقه في خلقه محتجّين بقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ
«2» وامتنع جمهور الفقهاء من ذلك محتجّين بأنه إنما يستخلف من يغيب أو يموت والله تعالى باق موجود إلى الأبد لا يغيب ولا يموت. ويؤيّد ما نقل عن الجمهور بما روي أنه قيل لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة الله- فقال: لست بخليفة الله ولكنّي خليفة رسول الله، وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: يا خليفة الله- فقال: ويلك! لقد تناولت متناولا بعيدا! إنّ أمّي سمّتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلت، ثم كبرت فكنّيت أبا حفص، فلو دعوتني به قبلت، ثم ولّيتمونى أموركم فسمّيتموني أمير المؤمنين، فلو دعوتني به كفاك. وخصّ البغويّ جواز إطلاق ذلك بآدم وداود عليهما السلام، محتجّا بقوله تعالى في حق آدم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
«3» وقوله في حقّ داود: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
«4» ثم قال: ولا يسمّى أحد خليفة الله بعدهما. قال في «شرح السنة» : ويسمّى خليفة وإن كان مخالفا لسيرة أئمة العدل.
ثم قد كره جماعة من الفقهاء منهم «أحمد بن حنبل» إطلاق اسم الخليفة
على ما بعد خلافة «الحسن بن عليّ» رضي الله عنهما فيما حكاه النحاس وغيره، محتجّين بحديث «الخلافة بعدي ثلاثون» يعني ثلاثين سنة، وكان انقضاء الثلاثين بانقضاء خلافة الحسن، ولما انقضت الخلافة صارت ملكا. قال المعافى بن إسماعيل في تفسيره: وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل طلحة والزّبير وكعبا وسلمان عن الفرق بين الخليفة والملك- فقال طلحة والزبير لا ندري- فقال سلمان: الخليفة الذي يعدل في الرعيّة، ويقسم بينهم بالسّويّة، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله والوالد على ولده، ويقضي بينهم بكتاب الله تعالى- فقال كعب: ما كنت أحسب أن في هذا المجلس من يفرّق بين الخليفة والملك، ولكنّ الله ألهم سلمان حكما وعلما!.
واختلف في الهاء في آخره: فقيل أدخلت فيه للمبالغة كما أدخلت في رجل داهية وراوية وعلّامة ونسّابة وهو قول الفرّاء، واستحسنه النحاس ناقلا له عن أكثر النحويين وخطّأه عليّ بن سليمان محتجّا بأنه لو كان كذلك لكان التأنيث فيه حقيقيّا، وقيل: الهاء فيه لتأنيث الصّيغة. قال النحاس: وربما أسقطوا الهاء منه وأضافوه فقالوا «فلان خليف فلان» يعنون خليفته.
ثم الأصل فيه التذكير نظرا للمعنى لأن المراد بالخليفة رجل وهو مذكّر، فيقال أمر الخليفة بكذا على التذكير، وأجاز الكوفيّون فيه التأنيث على لفظ خليفة فيقال أمرت الخليفة بكذا، وأنشد الفرّاء:
أبوك خليفة ولدته أخرى
ومنعه البصريون محتجين بأنه لو جاز ذلك لجاز قالت طلحة في رجل اسمه طلحة وهو ممتنع. فإن ظهر اسم الخليفة تعين التذكير باتّفاق فتقول قال أبو جعفر الخليفة أو قال الراضي الخليفة ونحو ذلك. ويجمع على خلفاء ككريم وكرماء، وعليه ورد قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ
«1» وعلى