الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة السابعة (ملوك الموحّدين)
كان أوّل أمرهم أن المهديّ محمد بن تومرت، كان إماما متضلّعا بالعلوم، قد حجّ ودخل العراق واجتمع بأئمته من العلماء والنّظّار، كالغزاليّ [وإلكيا الهرّاسي]«1» وغيرهما، وأخذ بمذهب الأشعريّة أهل السنة، ورجع إلى الغرب وأهله يومئذ على مذهب أهل الظاهر في منع التأويل، فاجتمع إليه قبائل المصامدة من البربر وجعل يبثّ فيهم عقائد الأشعريّة، وينهى عن الجمود على الظاهر، وسمّي أتباعه الموحدين، تعريضا بتكفير القائلين بالتجسيم الذي يؤدّي إليه الوقوف على الظاهر.
وكان الكهّان يتحدّثون بظهور دولة بالمغرب لأمّة من البربر، وصرفوا القول في ذلك إليه، ودعا المصامدة إلى بيعته على التوحيد وقتال المجسّمين سنة خمس عشرة وخمسمائة فبايعوه على ذلك.
ولما كملت بيعته لقّبوه المهدي، وكان قبل ذلك يلقّب الإمام، وأخذوا في قتال المرابطين من لمتونة حتّى استقاموا على الطاعة. وتوفّي المهديّ سنة ثنتين وعشرين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده (عبد المؤمن) بن عليّ بعهده إليه. فكان من أمره ما تقدّم من استيلائه على العدوتين وانقراض ملك المرابطين بهما، وكان ذلك من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة إلى سنة إحدى وأربعين. ثم صرف همّه إلى بجاية وأفريقيّة فافتتحهما، واستخلص المهديّة والبلاد الساحلية التي كانت النصارى قد
استولوا عليها من أيديهم واستولى على سائر بلاد أفريقيّة، وعاد إلى الغرب في سنة ستّ وخمسين وخمسمائة. وتوفّي بسلا من الغرب الأقصى في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين.
وبويع بعده ابنه أبو يعقوب (يوسف بن عبد المؤمن) فاستولى على ما كان بيد أبيه من العدوتين وأفريقيّة، واشتغل بإصلاح الممالك وجهاد العدوّ، وأجاز إلى الأندلس لجهاد النصارى، وقتل في بعض غزواته فيه بسهم أصابه. وقيل مرض فمات سنة ثمانين وخمسمائة.
وبويع ابنه (يعقوب بن يوسف) بإشبيلية عقب وفاته وتلقّب بالمنصور، فاستولى على ما كان بيد أبيه من الممالك إلى الأندلس، وكان له مع العدو وقائع، ومرض بالأندلس فمات سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وبويع ابنه (محمد) وليّ عهده وتلقّب الناصر لدين الله، ورجع إلى بلاد المغرب. وفي أيامه ثار (ابن غانية)«1» على أفريقيّة وتغلّب عليها، وولّى أبا محمد ابن الشيخ أبي حفص عليها، فاستقرّت بها قدم بنيه إلى الآن، وأجاز إلى الأندلس ونزل إشبيلية، والتقى مع العدوّ في صفر سنة تسع وستمائة، وابتلي المسلمون في ذلك اليوم ورجع إلى مرّاكش فمات في شعبان من السنة المذكورة.
وبويع ابنه (يوسف بن محمد) سنة إحدى عشرة وستمائة، وهو ابن ستّ عشرة سنة، ولقّب المستنصر بالله، وتأخّر أبو محمد ابن الشيخ أبي حفص عن بيعته لصغر سنه، وغلب عليه مشيخة الموحّدين فقاموا بأمره. وبقي المستنصر حتّى مات يوم الأضحى سنة «2» ست وعشرين وستمائة.
وبويع بعده أبو محمد (عبد الواحد بن يوسف) بن عبد المؤمن، وهو أخو المنصور ويعرف (بالمخلوع) . وكان الوالي بالمرسية من الأندلس أبو محمد عبد الله بن يعقوب بن المنصور، بن يوسف، بن عبد المؤمن. فثار بالأندلس ودعا لنفسه وتلقّب (العادل) . واتصل الخبر بمرّاكش فاضطرب الموحّدون على (المخلوع) وبعثوا ببيعتهم إلى العادل بالأندلس، وبادر العادل إلى مرّاكش فدخلها وبقي حتّى قتل بها أيام الفطر سنة أربع وعشرين وستّمائة.
وكان أخوه (إدريس بن المنصور) بإشبيلية من الأندلس فدعا لنفسه وبويع وبعث الموحّدون ببيعتهم إليه، ثم قصد مرّاكش فهلك في طريقه بوادي أمّ ربيع مفتتح سنة ثلاثين وستمائة، وتغلب ابن هود على سبتة.
وبويع بعده ابنه (المأمون عبد الواحد بن إدريس) فلقّب الرشيد، ودخل إلى مرّاكش فبايعوه، وبقي حتّى توفّي سنة أربعين وستمائة.
وبويع بعده أخوه (أبو الحسن عليّ السعيد) ولقّب المعتضد بالله، وقام بالأمر ثم سار إلى تلمسان فكان بها مهلكه على يد بني عبد الواد في صفر سنة ستّ وأربعين وستمائة، وكان فيها استيلاء النصارى على إشبيلية.
ثم اجتمع الموحّدون على بيعة (أبي حفص) عمر «1» بن أبي إسحاق بن يوسف، بن عبد المؤمن، فبايعوه ولقّب (المرتضى) وكان بسلا فقدم إلى مرّاكش. وفي أيامه استولى أبو يحيى بن عبد الحق المرينيّ جدّ السلطان أبي الحسن على مدينة فاس سنة سبع وأربعين وستمائة، واستبدّ العزفيّ بسبتة.
ثم انتقض على المرتضى قائد حروبه (أبو العلاء) الملقّب بأبي دبّوس، بن أبي عبد الله محمد، بن أبي حفص، بن عبد المؤمن، ففرّ منه واجتمع عليه جموع