الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث (ألقاب عامة الناس من التّجّار والغلمان السّلطانية ونحوهم)
وهم على سنن الفقهاء في ألقابهم، وربما مال من هو منهم في الخدم السلطانية إلى التلقيب بألقاب الجند.
النوع الرابع (ألقاب أهل الذّمّة من الكتّاب والصّيارف ومن في معناهم من اليهود والنصارى)
وقد اصطلحوا على ألقاب يتلقبون بها غالبها مصدّرة بالشيخ، ثم منهم من يجري على الرسم الأوّل في التلقيب بالإضافة إلى الدولة فيتلقب بوليّ الدولة ونحوه، ومنهم من يحذف المضاف إليه في الجملة ويعرّف اللقب بالألف واللام فيقولون «الشيخ الشمسيّ» و «الشيخ الصفيّ» و «الشيخ الموفّق» وما أشبه ذلك. فإذا أسلم أحدهم أسقطت الألف واللام من أوّل لقبه ذلك، وأضيف إلى لفظ الدين. فيقال في الشيخ الشمسي «شمس الدين» وفي الصفيّ «صفي الدين» وفي وليّ الدولة «وليّ الدين» وما أشبه ذلك. وربما كان لقب الذميّ ليس له موافقة في شيء مما يضاف إلى الدين من ألقاب المسلمين، فيراعى فيه إذا أسلم أقرب الألقاب إليه، مثل أن يقال في الشيخ السعيد مثلا إذا أسلم «سعد الدين» ونحو ذلك.
الجملة الرابعة (في أصل وضع الألقاب الجارية بين الكتّاب، ثم انتهائها إلى غاية التعظيم ومجاوزتها الحدّ في التكثير)
أما أصل وضعها ثم انتهاؤها إلى غاية التعظيم فإنّ ألقاب الخلافة في ابتداء الأمر- على جلالة قدرها وعظم شأنها- كانت في المكاتبات الصادرة عن ديوان الخلافة وإليه، والولايات الناشئة عنه «عبد الله ووليّه الإمام الفلانيّ أمير المؤمنين» ولم يزل الأمر على هذا الحدّ في الألقاب إلى أن استولى بنو بويه من
الدّيلم على الأمر، وغلبوا على الخلفاء، واستبدّوا عليهم احتجبت الخلفاء ولم يبق إليهم فيما يكتب عنهم غالبا سوى الولايات، وفوّض الأمر في غالب المكاتبات إلى وزرائهم، وصارت الحال إذا اقتضت ذكر الخليفة كني عنه ب «المواقف المقدّسة» و «المقامات الشريفة» و «السرّة النبويّة» و «الدار العزيزة» و «المحل الممجّد» يعنون «بالمواقف» الأماكن التي يقف فيها الخليفة، وكذلك المقامات، وبالسرة الأنماط التي يجلس عليها الخليفة، و «بالدار» دار الخلافة، و «بالمحل» محلّ الخليفة. قال في «ذخيرة الكتّاب» : وليت شعري أيّ شيء قصد من كنى عن أمير المؤمنين بهذه الكنايات، وبدّل نعوته وصفاته المعظمة المكرّمة بهذه الألفاظ المحقّرات؟ وإذا استجيز ذلك ورضي به وأغضي عنه كان لآخر أن يقول «المجالس الطاهرة» و «المقاعد المقدّسة» و «المراكب المعظّمة» و «الأسرّة الممجّدة» وما يجري هذا المجرى مما ينبو عنه السمع وينكره لاستحداثه واستجداده. على أنه لو توالى على الأسماع كتوالي تلك الألفاظ لم تنكره بعد إذ لا فرق. قال: ولم يستسنّه النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا اختاره لنفسه، ولا استحدثه الخلفاء من بعده. فما وجه العمل بموضعه والاقتفاء لأثره؟
وكيف يجوز أن يكنى عن الجمادات، بما يكنى به عن الإنسان الحيّ الناطق الكامل الصفات. ولما انتهى الحال بالخلفاء إلى التعظيم بهذه الألقاب والنعوت المستعارة، تداعى الأمر إلى تعظيم الملوك والوزراء بالتلقيب ب «المجلس العالي» و «الحضرة السامية» وما أشبه ذلك. قال: وهذا مما لم يكن في زمان، ولا جرى في وقت، ولا كتب به النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا استعمله الخلفاء بعده. ثم تزايد الحال في ذلك إلى أن كنوا ب «المقام» و «المقرّ» و «الجناب» و «المجلس» ونحو ذلك على ما سيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأما مجاوزتها الحدّ في الكثرة، فقد تقدّم أن اللقب الواحد كان يلقّب به الشخص دون تعدّد ألقاب، إلى أن وافت أيام القادر بالله «1» والتلقيب بالإضافة إلى