الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الخضروات اللّوبيا، والكرنب، والباذنجان، والشّمار، والصّعتر. أما الملوخيا فإنها تطلع عندهم برّية.
الجملة الثالثة (في معاملاتهم وأسعارهم)
أما معاملاتهم فعلى ثلاثة أنواع. منها ما هو بالأعراض مقايضة: تباع البقر بالغنم ونحو ذلك كما في القسم الأول من بلاد الحبشة. ومنها ما هو بالدّنانير والدراهم كمصر والشأم ونحوهما، وهو (وفات) وأعمالها خاصّة. قال في «مسالك الأبصار» : وليس بأوفات سكّة تضرب بل معاملاتهم بدنانير مصر ودراهمها الواصلة إليهم صحبة التّجّار. وذلك أنه لو ضرب أحد منهم سكّة في بلاده لم ترج في بلد غيره. ومنها ما هو بالحكنات، جمع حكنة- بفتح الحاء المهملة وضم الكاف والنون- كما ضبطه في «مسالك الأبصار» وهي قطع حديد في طول الإبرة، ولكنها أعرض منها بحيث تكون في عرض ثلاث إبر، يتعامل بها في سائر هذه البلاد سوى ما تقدّم ذكره. قال: وليس لهذه الحكنة عندهم سعر مضبوط بل تباع البقرة الجيدة بسبعة آلاف حكنة، والشاة الجيدة بثلاثة آلاف حكنة. وتكال غلّتهم بكيل اسمه الرابعيّة، بمقدار ويبة من الكيل المصريّ. وزنة أرطالهم اثنتا عشرة أوقية كل أوقية عشرة دراهم بصنجة مصر.
وأما الأسعار فكلّها رخيّة حتّى قال في «مسالك الأبصار» : إنه يباع بالدرهم الواحد عندهم من الحنطة بمقدار حمل بغل، والشعير لا قيمة له. وعلى هذا فقس.
الجملة الرابعة (في ملوكهم)
قد تقدّم في الكلام على القسم الأول من بلاد الحبشة أن الحطّي الذي هو سلطانهم الأكبر تحت يده تسعة وتسعون ملكا وهو لهم تمام المائة. وقد ذكر في
«التعريف» : أن هذه السبعة من جملة التسعة والتسعين الذين هم تحت يده. قال في «مسالك الأبصار» : والملك منهم في بيوت محفوظة إلّا بالي اليوم، فإن الملك بها صار إلى رجل ليس من أهل بيت الملك، تقرّب إلى سلطان أمحرا حتّى ولّاه مملكة بالي فاستقلّ ملكا بها. على أنه قد وليها من أهل بيت الملك رجال أكفاء، ولكنّ الأرض لله يورثها من يشاء. قال: وجميع ملوك هذه الممالك وإن توارثوها لا يستقلّ منهم بملك إلا من أقامه سلطان أمحرا، وإذا مات منهم ملك ومن أهله رجال قصدوا جميعهم سلطان أمحرا، وتقرّبوا إليه جهد الطاقة، فيختار منهم رجلا يولّيه، فإذا ولّاه سمع البقيّة له وأطاعوا، فهم له كالنّواب، وأمرهم راجع إليه. ثم كلّهم متفقون على تعظيم صاحب أوفات، منقادون إليه. ثم قال: وهذه الممالك السبع ضعيفة البناء، قليلة الغناء، لضعف تركيب أهلها، وقلّة محصول بلادهم، وتسلّط الحطّي سلطان أمحرا عليهم، مع ما بينهم من عداوة الدّين، ومباينة ما بين النصارى والمسلمين. قال: وهم مع ذلك كلمتهم متفرّقة، وذات بينهم فاسدة.
ثم حكي عن الشيخ عبد الله الزّيلعيّ وغيره: أنه لو اتفقت هذه الملوك السبعة واجتمعت ذات بينهم، قدروا على مدافعة الحطّي أو التماسك معه، ولكنهم مع ما هم عليه من الضّعف وافتراق الكلمة بينهم تنافس. قال: وهم على ما هم عليه من الذّلّة والمسكنة للحطّي سلطان أمحرا عليهم قطائع مقرّرة، تحمل إليه في كل سنة من القماش الحرير والكتان، مما يجلب إليهم من مصر واليمن والعراق. ثم قال: قد كان الفقيه «عبد الله الزيلعيّ» قد سعى في الأبواب السلطانية بمصر عند وصول رسول سلطان أمحرا إلى مصر في تنجّز كتاب البطريرك إليه، بكف أذيّته عمّن في بلاده من المسلمين وعن أخذ حريمهم. وبرزت المراسيم السلطانية للبطريرك لكتابة ذلك، فكتب إليه عن نفسه كتابا بليغا شافيا، فيه معنى الإنكار لهذه الأفعال، وأنه حرّم هذا على من يفعله، بعبارات أجاد فيها، ثم قال:
وفي هذا دلالة على الحال.
قلت: وقد كتب في أوائل الدولة الظاهرية «برقوق» كتاب عن السلطان في معنى ذلك، وقرينه كتاب من البطريرك (متّى) بطريرك الإسكندرية يومئذ بمعناه.