الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغرب. قال في «مسالك الأبصار» : وطولها خمس وثلاثون يوما، وعرضها عشرون يوما.
الجملة الثانية (في بيان ما اشتملت عليه هذه المملكة من الأعمال وما انطوى عليه كلّ عمل)
وهذه المملكة تشتمل على عملين:
العمل الأوّل- أفريقيّة
. قال في «تقويم البلدان» : بفتح الهمزة وسكون الفاء وكسر الراء المهملة وسكون الياء المثناة تحت وكسر القاف ومثناة تحت بعدها هاء في الآخر. وقد اختلف في سبب تسميتها أفريقيّة. فقيل إن أفريقس «1» أحد تبابعة اليمن افتتحها واستولى عليها فسمّيت بذلك. وقيل إنما سمّيت بفارق بن [بيصر بن حام بن نوح عليه السلام]«2» وكانت قاعدتها القديمة (سبيطلة) بضم السين المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون المثناة من تحتها وفتح الطاء «3» المهملة واللام وفي آخرها هاء.
وهي مدينة أزليّة في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة، حيث الطول ثلاثون درجة، والعرض ثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وبها آثار عظيمة تدلّ على عظم أمرها.
قال الإدريسيّ: وكانت قبل الإسلام مدينة أفريسيس «4» ملك الروم
الأفارقة، فتحها المسلمون في صدر الإسلام وقتلوا ملكها المذكور.
ثم صارت قاعدتها في أوّل الإسلام (القيروان) . بفتح القاف وسكون المثناة تحت وفتح الراء المهملة وواو وألف وفي آخرها نون. وهي مدينة في الإقليم الثالث أيضا حيث الطول ثمان وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، بنيت في صدر الإسلام بعد فتح أفريقيّة في جنوبيّ جبل شماليّها؛ وهي في صحراء، وشرب أهلها من ماء الآبار وقال في «العزيزي» : من ماء المطر، وليس لها ماء جار، ولها واد في قبلة المدينة به ماء مالح يستعمله الناس فيما يحتاجونه.
قال في «العزيزي» : وهي أجلّ مدن الغرب (يعني في القديم) . وكان عليها سور عظيم هدمه زيادة الله بن الأغلب «1» . قال الإدريسي: وبينها وبين سبيطلة سبعون ميلا.
ثم صارت قاعدتها بعد ذلك (المهديّة) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر الدال المهملة نسبة إلى المهديّ. وهي مدينة بناها عبيد الله المهديّ جدّ الخلفاء الفاطميين بمصر في سنة ثلاث وثلاثمائة؛ وموقعها في الإقليم الثالث أيضا من الأقاليم السبعة حيث الطول ثلاثون درجة وأربعون دقيقة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة فيما ذكره ابن سعيد. وهي على طرف داخل في البحر كهيئة كفّ متصل بزند، والبحر محيط بها غير مدخلها، وهو مكان ضيق كما في سبتة. ولها سور حصين شاهق في الهواء، مبنيّ بالحجر الأبيض بأبراج عظام. وبها القصور الحسنة المطلّة على البحر.
ثم صارت قاعدتها بعد ذلك (تونس) بضم المثناة من فوق وسكون الواو وضم النون وفي آخرها سين مهملة، وهي قاعدة هذه المملكة الآن، ومستقرّ
سلطانها. وهي مدينة قديمة البناء، واقعة في الإقليم الثالث قال ابن سعيد: حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وهي على بحيرة مالحة خارجة من البحر الرّوميّ، طولها عشرة أميال وتونس على آخرها.
قال البكري: ودور هذه البحيرة نحو أربعة وعشرين ميلا. قال في «العزيزي» : وهي مدينة جليلة، لها مياه ضعيفة جارية يزرع عليها، وفيها الخصب وكثرة الغلّات. وهي في وطاءة من الأرض في سفح جبل يعرف بأمّ عمرو، يستدير بها خندق وسور حصين، ولها ثلاثة أرباض كبيرة من جهاتها، وأرضها سبخة «1» ، وجميع بنائها بالحجر والآجرّ، وأبنيتها مسقّفة بالأخشاب، ودور أكابرها مفروشة بالرّخام، وذمّ في «الروض المعطار» بيوتها فقال هي كما يقال:
ظاهرها رخام، وباطنها سخام «2» وشرب أهلها من الآبار، وبيوتها صهاريج يجمع فيها ماء المطر لغسل القماش ونحوه، وبها الحمّامات والأسواق الجليلة، وبها ثلاث مدارس: وهي الشماعية والفرضية، ومدرسة الهواء، وبها البساتين البعيدة والقربية منها، والبساتين محيطة ببحيرتها المقدّم ذكرها من جنوبيها.
قال في «مسالك الأبصار» : ومذ خلا الأندلس من أهله، وأووا إلى جناح ملوكها، مصّروا إقليمها، ونوّعوا بها الغراس، فكثرت مستنزهاتها، وامتدّ بسيط بساتينها. قال: وبها يعمل القماش الأفريقيّ: وهو ثياب رفاع من القطن والكتّان معا ومن الكتّان وحده، وهو أمتع من النّصافيّ البغداديّ وأحسن، ومنه جلّ كساوى «3» أهل المغرب. وللسلطان بها قلعة جليلة يسكنها، يعبّرون عنها بالقصبة كما هو مصطلح المغاربة في تسمية القلعة بالقصبة، وللسلطان بها
بستانان: أحدهما ملاصق أرباض البلد يسمّى برأس الطابية، والثاني بعيد من البساتين يسمّى بأبي فهر، بينه وبين البلد نحو ثلاثة أميال، والماء منساق إليهما من ساقية بجبل يعرف بجبل زغوان بفتح الزاي وسكون الغين المعجمتين ونون في الآخر، على مسيرة يومين من تونس.
وأما ما اشتملت عليه من المدن سوى القواعد المتقدّمة الذكر.
فمن مشارق تونس (سوسة) بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح السين الثانية ثم هاء. وهي مدينة على ساحل البحر، واقعة في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة، حيث الطول أربع وثلاثون درجة وعشر دقائق، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وهي في جنوبيّ تونس وشرقيّها في طرف داخل في البحر. قال في «العزيزي» : وهي مدينة أزليّة بها سوق وفنادق وحمّامات. قال الإدريسيّ: وهي عامرة بالناس، كثيرة المتاجر، والمسافرون إليها قاصدون وعنها صادرون، وعليها سور من حجر حصين.
وذكر في «مسالك الأبصار» : أن عليها سورا من لبن، وأنها قليلة العمارة لاستيلاء العرب عليها.
ومنها (صفاقس) بفتح الصاد المهملة ثم فاء وألف وقاف مضمومة وفي آخرها سين مهملة. وهي مدينة على ساحل البحر شرقيّ المهديّة، واقعة في الإقليم الثالث قال ابن سعيد حيث الطول خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. قال في «تقويم البلدان» : وهي مدينة صغيرة في مستو من الأرض، وجنوبيّها جبل يسمّى جبل السبّع بفتح السين المهملة والباء الموحّدة وعين مهملة في الآخر. يستدير عليها سور، وشرب أهلها من الآبار، ولها بساتين قليلة، ومن بحرها يستخرج الصّوف المعروف عند العامّة بصوف السّمك المتّخذ منه الثياب النّفيسة. قال ابن سعيد: أنا رأيته كيف يخرج، يغوص الغوّاصون في البحر فيخرجون كمائم شبيهة بالبصل بأعناق، في أعلاها زويرة، فتنشر في الشمس فتنفتح تلك الكمائم عن وبر، فيمشط ويؤخذ صوفه فيغزل، ويعمل منه طعمة لقيام من الحرير، وتنسج منه الثياب.
ومنها (قابس) بفتح القاف وألف ثم باء موحدة وفي آخرها سين مهملة.
وهي مدينة في الإقليم الثالث، حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة، على ثلاثة أميال من البحر. قال في «العزيزى» :
وعليها سور وخندق. قال في «تقويم البلدان» : وهي في أفريقيّة كدمشق في الشام، ينزل إليها نهران من الجبل في جنوبيّها، يخترقان غوطتها، قال: وقد خصّت من بلاد أفريقيّة بالموز وحبّ العزيز والخيار.
ومنها (أطرابلس) بفتح الهمزة وسكون الطاء وفتح الراء المهملتين وألف وباء موحدة بعدها لام مضمومتان وسين مهملة في الآخر. وهي مدينة شرقيّ تونس على البحر، واقعة في الإقليم الثالث قال ابن سعيد حيث الطول ثمان وثلاثون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. قال في «تقويم البلدان» : وهي آخر المدن التي شرقيّ القيروان، وإذا فارقها المسافر مشرّقا لا يجد مدينة فيها حمّام حتّى يصل الإسكندرية. وبناؤها بالصّخر، وهي واسعة الكورة «1» ، وبها الخصب الكثير، وليس بها ماء جار، بل بها جباب «2» عليها سواق. قال في «العزيزي» : وبها مرسّى للمراكب.
ومنها (قصر أحمد) وضبطه معروف، وموقعه في أوّل الإقليم الرابع، حيث الطول إحدى وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وسبع وثلاثون دقيقة. قال ابن سعيد: وهو حدّ أفريقيّة من الشرق وحدّ برقة من الغرب. وهو قرية صغيرة، وحوله قصور نحو اثني عشر ميلا، وهي بلاد زيتون ونخيل، وأهلها يجلبون الخيل للإسكندريّة، ومنها يركب المسافر البرّيّة إلى الشرق.
ومن مغارب تونس على مسيرة يومين (باجة) قال في «المشترك» بفتح
الباء الموحدة وألف وتخفيف الجيم ثم هاء. وهي مدينة بالإقليم الثالث قال في «الأطوال» حيث الطول تسع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة. وهي مدينة كبيرة، ولها بساتين قليلة وعيون ماء، وعليها سور حصين. مبنيّة في مستو من الأرض، على نحو يوم من البحر، ويقابلها على البحر مرسى الخرز.
ومنها (بنزرت) بفتح النون وسكون الباء الموحدة وفتح الزاي المعجمة والراء المهملة وفي آخرها تاء مثناة من فوق، وقيل هي بتقديم الموحدة على النون، وهي مرسى تونس، وموقعها في الإقليم الثالث قال ابن سعيد حيث الطول ثلاثون درجة وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وهي مدينة على نهر يجرى في شرقيّها وعليه مستنزهاتها. قال في «تقويم البلدان» :
ولها بحيرة حلوة في جنوبيّها، وبحيرة مالحة في شرقيّها، تصبّ كلّ واحدة منهما في الأخرى ستة أشهر، فلا الحلوة تفسد بالمالحة ولا المالحة تعذب بالحلوة. قال الشيخ عبد الواحد: أما زيادة الحلوة فبكثرة السّيول أيام الشتاء، وتقلّ عنها السيول في أيام الصيف فتعلو عليها المالحة.
ومنها (بونة) قال في «اللباب» بضم الباء الموحدة وسكون الواو ثم نون وهاء. قال في «مسالك الأبصار» : وهي المسمّاة الآن بلد العنّاب، وهي مدينة على ساحل البحر في أوّل الإقليم الرابع قال ابن سعيد حيث الطول ثمان وعشرون درجة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. قال في «العزيزي» : وهي مدينة جليلة عامرة خصبة الزّرع، كثيرة الفواكه، رخيّة، بظاهرها معادن الحديد، ويزرع بها الكتّان الكثير. قال: وحدث بها عن قريب مغاص مرجان، ولكن ليس كمرجان مرسى الخرز.
ومن قبلي تونس للجنوب (بلاد الجريد) .
ومنها (توزر) . قال في «تقويم البلدان» عن الشيخ عبد الواحد: بضم المثناة من فوق وسكون الواو وفتح الزاي المعجمة وراء مهملة في الآخر. وموقعها
في الإقليم الثالث قال ابن سعيد حيث الطول ستّ وثلاثون درجة وسبع دقائق، والعرض تسع وعشرون درجة وثمان دقائق. وهي قاعدة بلاد الجريد، وبها بساتين ومحمضات «1» ونخيل وزيتون؛ ولها نهر يسقي بساتينها، والمطر بها قليل، ويزرع بها الكتّان والحنّاء. قال في «تقويم البلدان» : وبذلك وبقلّة المطر تشبه مصر. وقد عابها في «الروض المعطار» بأن أهلها يبيعون ما يتحصّل في مراحيضهم من رجيع «2» الناس، يفحّلون به بقولهم وبساتينهم، ولكنهم لا يرغبون فيه إلا إذا كان جافّا، فيحملهم ذلك على عدم الاستنجاء في مراحيضهم، ويخرج أحدهم من بيته حتّى يأتي القناة فيستنجي من مائها، وربما اتّخذ أحدهم المراحيض على قارعة الطريق للواردين عليها ليأخذ ما يتحصّل من ذلك فيبيعه.
ومنها (قفصة) بفتح القاف وسكون الفاء ثم صاد مهملة وهاء في الآخر.
وموقعها في الإقليم الثالث قال في «الأطوال» حيث الطول إحدى وثلاثون درجة، والعرض ثلاثون درجة وخمسون دقيقة. قال ابن سعيد: وهي قاعدة مشهورة من بلاد الجريد بها النّخيل والفستق. قال: ولا يكون الفستق ببلاد المغرب إلا في قفصة. وبها من الفواكه والمشمومات أنواع كثيرة، ومنها يجلب دهن البنفسج وخلّ العنصل «3» ، وإليها ينسب جلد الأروى المتخذ منه النّعال الشديدة اللّيونة.
ومنها (المسيلة) قال في «تقويم البلدان» عن الشيخ عبد الواحد؛ بكسر الميم والسين المهملة وسكون المثناة من تحت وفي آخرها لام ألف، والجاري على الألسنة فتح الميم وهاء في الآخر، وهي مدينة من بلاد الجريد، موقعها في الإقليم الثالث قال ابن سعيد حيث الطول ثلاث وعشرون درجة
وأربعون دقيقة، والعرض تسع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة. قال في «العزيزي» : وهي مدينة محدثة، بناها القائم الفاطميّ «1» سنة خمس عشرة وثلاثمائة. قال ابن سعيد: ولها نهر يمرّ بغربيّها ويغوص في رمال الصّحارى.
ومنها (بسكرة) قال في «اللباب» بكسر الباء الموحدة وقيل بفتحها وسكون السين المهملة وكاف وراء مهملة بعدها هاء. وهي مدينة من بلاد الجريد، في أواخر الإقليم الثاني قال ابن سعيد حيث الطول أربع وعشرون درجة وخمس وعشرون دقيقة، والعرض سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة. قال ابن سعيد: وهي قاعدة بلاد الزّاب، ولها بلاد ذات نخيل وفواكه وزروع كثيرة، ومنها يجلب الثمر الطيّب الى تونس وبجاية.
ومنها (طرّا) قال في «تقويم البلدان» عن عبد الواحد: بضم الطاء وتشديد الراء المهملتين وفي آخرها ألف، ونقل عن بعضهم إبدال الألف هاء، وهي مدينة من بلاد الجريد في الإقليم الثالث قال ابن سعيد: حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، والعرض تسع وعشرون درجة، قال في «تقويم البلدان» : وبها يعمل الزّجاج الصافي وتفاصيل الصوف، ومنها يجلب إلى الإسكندرية.
ومنها (غذامس) بفتح الغين والذال المعجمتين وألف وميم مكسورة وسين مهملة. وهي مدينة في الصحراء جنوبيّ بلاد الجريد، على طريق السّودان المعروفين بالكانم، قال في «العزيزي» : وهي مدينة جليلة عامرة، وفي وسطها عين أزليّة عليها أثر بنيان روميّ عجيب، يفيض الماء منها ويقتسمه أهل المدينة بأقساط معلومة وعليه يزرعون. وأهلها قوم من البربر مسلمون، قال في «تقويم