الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه
[تتمة المقالة الثانية]
[تتمة الفصل الاول من الباب الرابع من المقالة الثانية]
المقصد الثاني (في ممالك جزيرة العرب الخارجة عن مضافات الديار المصرية)
قد تقدّم في الكلام على مملكة الديار المصرية ومضافاتها ذكر جزيرة العرب، وأنه يحدّها من جهة الغرب بحر القلزم، ومن جهة الجنوب بحر الهند، ومن جهة الشرق بحر فارس، ومن جهة الشّمال الفرات. وأنها تحتوي الحجاز ونجدا وتهامة واليمن واليمامة والبحرين، وقطعة من بادية الشام، وقطعة من بادية العراق وتقدّم هناك الكلام على ما هو مضاف إلى مملكة الديار المصرية.
منها مكة، والمدينة، على الحالّ «1» بها أفضل الصلاة والسلام، والتحية والإكرام، والينبع، وما هو من بادية الشام كتدمر ونحوها.
والمقصود هنا الكلام على باقى أقطارها، التي لم تدخل في مضافات الديار المصرية. ويتوجه القصد منها إلى ثلاثة أقطار:
القطر الأوّل (اليمن)
قال في «اللباب» «2» : بفتح المثناة التحتية والميم وفي آخرها نون. قال:
وينسب إليه يمنيّ ويمانيّ. وهو قطعة من جزيرة العرب يحدّها من الغرب بحر
القلزم، ومن الجنوب بحر الهند، ومن الشّمال بحر فارس، ومن الشرق حدود مكة حيث الموضع المعروف بطلحة «1» الملك، وما على سمت «2» ذلك إلى بحر فارس.
وقد وردت السّنة بتفضيله بقوله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان يمان» «3» واختلف في سبب تسميته باليمن فقيل: سمّي بيمن بن قحطان. وقيل: إن قحطان نفسه كان يسمّى بيمن. وقيل: سمّي بيمن بن قيدار. وقيل: سمّي بذلك لأنه عن يمين الكعبة. قال «ابن الكلبي» «4» : سميت بذلك لتيامنهم «5» إليها. قال «ابن عباس» : استتبّ الناس «6» وهم العرب فتيامنوا إلى اليمن فسمّيت بذلك.
وقيل: تيامنت بنو يقطن إليها فسمّيت بذلك. وقيل: لمّا كثر الناس بمكة وتفرّقوا عنها التأمت بنو يمن إلى اليمن وهو أيمن الأرض.
وهو إقليم متسع له ذكر في القديم، وبه كان قوم سبإ «7» المنصوص خبرهم في سورة «سبإ» «8» وبلقيس «9» المذكور عرشها في سورة «النمل» «10»
وقد ذكر «البكريّ» «1» أن عرضه ستّ عشرة مرحلة، وطوله عشرون مرحلة.
قال في «مسالك الأبصار» «2» : وله ذكر قديم. قال: وهو كثير الأمطار، ولكن لا تنشأ منه السّحب؛ ويمطر في الغالب من وقت الزوال إلى أخريات النهار.
قال الحكيم «صلاح الدين محمد بن البرهان» : وأكثر مطره في أخريات الربيع إلى وسط الصيف. وهو إلى الحرّ أميل، وبه الأنهار الجارية، والمروج الفيح، والأشجار المتكاثفة في بعض أماكنه، وله ارتفاع صالح من الأموال، وغالب أمواله موجبات التّجّار الواصلين من الهند ومصر والحبشة؛ مع مالها من دخل البلاد.
وذكر عن الحكيم صلاح الدين المذكور، أن لأهل اليمن سيادات بينهم محفوظة، وسعادات عندهم ملحوظة، ولأكابرها حظّ من رفاهية العيش والتنعم والتفنّن في المأكل، يطبخ في بيت الرجل منهم عدّة ألوان، ويعمل فيها السكّر والقلوب، وتطيّب أوانيها بالعطر والبخور، ويكون لأحدهم الحاشية والغاشية، وفي بيته العدد الصالح من الإماء، وعلى بابه جملة من الخدم والعبيد والخصيان من الهند والحبوش، ولهم الدّيارات الجليلة، والمباني الأنيقة، إلا الرّخام ودهان الذهب واللازورد، فإنه من خواصّ السلطان، لا يشاركه فيه غيره من الرّعايا.
وإنما تفرش دور أعيانهم بالخافقيّ ونحوه، على أن ابن البرهان قد غضّ من اليمن في أثناء كلامه فقال: واسم اليمن أكبر منه، لا تعدّ في بلاد الخصب بلاده.