الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة السابعة (في ذكر ملوك الهند)
[أما قبل الإسلام فملكها]«1» جماعة منهم ملوك الكفر، أسماؤهم أعجمية لا حاجة إلى ذكرهم، فأضربنا عنهم.
وأمّا في الإسلام فأوّل من أخذ في فتح ما فتح من الهند بنو سبكتكين: ملوك غزنة، المتقدّم ذكرهم في مملكة خوارزم والقبجاق وما مع ذلك.
ففتح يمين الدولة (محمود بن سبكتكين)«2» منه مدينة بهاطية. وهي مدينة حصينة عالية السور وراء الملتان، في سنة «3» ستّ وتسعين وثلاثمائة وسار إلى بيدا ملك الهند، فهرب منه إلى مدينته المعروفة بكاليجار، فحاصره فيها حتى صالحه على مال، فأخذ المال وألبسه خلعته، واستعفى من شدّ وسطه بالمنطقة فلم يعفه من ذلك، فشدّها على كره.
ثم فتح (إبراهيم بن مسعود) منهم حصونا منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ثم كانت دولة الغوريّة بغزنة أيضا. ففتح شهاب الدّين أبو المظفّر (محمد ابن سام) بن الحسين الغوري منه مدينة لهاور في سنة سبع وأربعين وخمسمائة»
، وأتبعها بفتح الكثير من بلادهم، وبلغ من النّكاية في ملوكهم ما لم يبلغه أحد من
ملوك الإسلام قبله، وتمكن من بلاد الهند، وأقطع مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي التي هي قاعدة الهند، وبعث أيبك المذكور عساكره، فملكت من الهند أماكن مادخلها مسلم قبله حتّى قاربت جهة الصين.
ثم فتح (شهاب الدين محمد) المذكور أيضا بعد ذلك نهرواله في سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وتوالت ملوك المسلمين وفتوحاتهم في الهند إلى أن كان (محمد بن طغلقشاه) في زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون «1» صاحب الديار المصرية، فقوي سلطانه بالهند، وكثرت عساكره، وأخذ في الفتوح حتّى فتح معظم الهند.
قال «في مسالك الأبصار» قال الشيخ مبارك الأنباتي: وأوّل ما فتح منه مملكة تلنك؛ وهي واسعة البلاد، كثيرة القرى، عدّة قراها تسعمائة ألف قرية وتسعمائة قرية. ثم فتح بلاد جاجنكز، وبها سبعون مدينة جليلة كلّها على البحر، دخلها من الجوهر والقماش المنوّع، والطّيب، والأفاويه؛ ثم فتح بلاد لكنوتي، وهي كرسيّ تسعة ملوك. ثم فتح بلاد دواكير، ويقال لها دكير، ولها أربع وثمانون قلعة جليلات المقدار. ونقل عن الشيخ برهان الدين أبي بكر بن الخلال البزي: أن بها ألف ألف قرية ومائتي ألف قرية. ثم فتح بلاد دور سمند، وكان بها السلطان بلال الدبو وخمسة ملوك كفّار. ثم فتح بلاد المعبر: وهو إقليم جليل له تسعون مدينة بنادر على البحر، يجبى من دخلها الطّيب، واللّانس، والقماش المنوّع، ولطائف الآفاق.
وذكر أنه حصل له من الأموال بسبب الفتوح التي فتحها ما لا يكاد السامع يصدّقه. فحكى عن الشيخ برهان الدين أبي بكر بن الخلّال المقدّم ذكره: أنه حاصر ملكا على حدّ بلاد الدواكير، فسأله أن يكفّ عنه على أن يرسل إليه من
الدّوابّ ما يختار ليحمّله له مالا، فسأله عن قدر ما عنده من المال فأجابه فقال: إنه كان قبلي سبعة ملوك، جمع كلّ واحد منهم سبعين ألف صهريج متسعة من المال، فأجابه إلى ذلك، وختم على تلك الصهاريج باسمه وتركها بحالها، وأقرّ الملك باسم ذلك الملك، وأمر بإقامته عنده، وجعل له نائبا بتلك المملكة.
وحكى عن عليّ بن منصور العقيلي من عرب البحرين أنه تواتر عندهم من الأخبار أن هذا السلطان فتح مدينة بها بحيرة ماء، وفي وسطها بيت برّ معظّم عندهم يقصدونه بالنذر، وكلما أتي له بنذر رمي في تلك البحيرة، فصرف الماء عنها وأخذ ما كان بها من الذهب، فكان وسق مائتي فيل وآلاف من البقر، إلى غير ذلك ممّا يكاد العقل أن ينكره ولذلك حصل عنده من الأموال ما لا يأخذه الحصر، واتسعت أموال عساكره حتى جاوزت الوصف، حتى حكى الشيخ تاج الدين بن أبي المجاهد السّمرقنديّ: أنه غضب على بعض خاناته لشربه الخمر فأمسكه وأخذ ماله، فكان جملة ما وجد له من الذهب ألف مثقال وسبعة وثلاثين ألف مثقال، ومقدار ذلك ثلاثة وأربعون قنطار وسبعون قنطارا، وهو مع ذلك يعطي العطاء الجزيل ويصل بالأموال الجمّة.
فقد حكى ابن الحكيم الطياري: أن شخصا قدم له كتبا، فحثى «1» له حثية من جوهر كان بين يديه، قيمتها عشرون ألف مثقال من الذهب.
وحكى الشريف السّمرقنديّ: أن شخصا قدّم له اثنتين وعشرين حبّة من البطّيخ الأصفر، حملها إليه من بخارى، فأمر له بثلاثة آلاف مثقال من الذهب.
وحكى الشيخ أبو بكر بن أبي الحسن الملتانيّ أنه استفاض عنه أنه التزم أنه لا ينطق في إطلاقاته بأقلّ من ثلاثة آلاف مثقال، إلى غير ذلك من العطاء الذي يخرق العقول.
وحكى عن قاضي القضاة سراج الدين الهندي: أنه مع كثرة البذل وسعة