الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبويع (محمد بن إدريس) المتأيّد بمالقة سنة ثمان وثلاثين وتلقّب بالمهديّ، وأقام بمالقة، وأطاعته غرناطة وجيّان وأعمالها، ومات سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
وبويع (إدريس بن يحيى) بن إدريس المتأيد ولقّب الموفّق ولم يخطب له، وزحف إليه إدريس المخلوع الملقب بالعالي ابن يحيى المعتلي من قمارش فبويع له بمالقة إلى أن هلك سنة سبع وأربعين.
وبويع (محمد الأصغر) ابن إدريس المتأيد ولقّب المستعلي، وخطب له بمالقة والمريّة ورندة، وهلك سنة ستين وأربعمائة.
وكان (محمد بن القاسم) بن حمّود قد لحق بالجزيرة الخضراء سنة أربع عشرة وأربعمائة فملكها وتلقّب بالمعتصم، وبقي بها إلى أن مات سنة أربعين وأربعمائة.
ثم ملكها من بعده (ابنه القاسم) ولقب الواثق، وهلك سنة خمسين، وصارت الجزيرة الخضراء للمعتضد بن عبّاد «1» ، وانقرضت دولة بني حمّود بالأندلس.
الطبقة الثامنة (ملوك الطّوائف بالأندلس)
لما اضمحلّ أمر الخلافة من بني أميّة وبني حمّود بعدهم بالأندلس، وثب الأمراء على الجهات، وتفرّق ملك الأندلس في طوائف من الموالي، والوزراء، وكبار العرب والبربر، وقام كلّ منهم بأمر ناحية، وتغلّب بعضهم على بعض
وضعف أمرهم حتّى أعطوا الإتاوة لملوك الفرنجة من بني أدفونش حتّى أدركهم الله بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين.
فأما إشبيلية وغرب الأندلس فاستولى عليهما بنو عبّاد.
كان أولهم القاضي أبو القاسم (محمد بن ذي الوزارتين) أبي الوليد، ابن إسماعيل، بن قريش، بن عبّاد، بن عمرو، بن أسلم، بن عمرو، بن عطّاف، ابن نعيم اللخمي؛ واستبدّ بإشبيلية بعد فرار القاسم بن حمّود عن قرطبة، انتزعها من أبي زيري وكان واليا عليها من جهة القاسم بن حمّود المذكور، وبقي بها إلى أن مات سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
ولما مات قام بأمره ابنه (عبّاد) وتلقب المعتضد، وطالت أيامه، وتغلب على أكثر الممالك بغرب الأندلس، وبقي حتّى مات سنة إحدى وستين وأربعمائة.
وولي مكانه ابنه (أبو القاسم محمد) الملقّب بالمعتمد؛ فجرى على سنن أبيه واستولى على دار الخلافة بقرطبة من يد ابن جهور، وفرّق أبناءه على قواعد الملك، واستفحل ملكه بغرب الأندلس، وغلب على من كان هناك من ملوك الطوائف، وبقي حتّى غلب أمير المسلمين «يوسف بن تاشفين» على الأندلس فقبض عليه، ونقله إلى أغمات: قرية من قرى مرّاكش سنة أربع وثمانين وأربعمائة، واعتقله بها إلى أن هلك سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
وأما قرطبة فاستولى عليها بنو جهور. وكان رئيس الجماعة بقرطبة أيام فتنة بني أميّة، أبو الحزم (جهور بن محمد) بن جهور، بن عبد الله، بن محمد، بن الغمر، بن يحيى، بن أبي المعافر، بن أبي عبيدة الكلبيّ، وأبو عبيدة هذا هو الداخل إلى الاندلس، وكانت لهم وزارة بقرطبة بالدولة العامريّة. ولما خلع الجند «المقتدر بالله «1» » آخر خلفاء بني أميّة بالأندلس، استبدّ جهور بالأمر واستولى على المملكة بقرطبة سنة ثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان على سنن أهل الفضل، فأسندوا أمرهم إليه إلى أن يوجد خليفة، ثم اقتصروا عليه فدبّر أمرهم إلى أن هلك في المحرّم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وولي مكانه ابنه (أبو الوليد محمد بن جهور) فخلعه أهل قرطبة سنة إحدى وستين وأربعمائة، وأخرجوه [ثم فوض التدبير إلى ابنه عبد الملك بن أبي الوليد فأساء السيرة فأخرجوه]«2» عن قرطبة، فاعتقل [بشلطيلش]«3» إلى أن مات سنة ثنتين وستين.
وولّى ابن عبّاد على قرطبة ابنه (سراج الدّولة) وقتله ابن عكّاشة سنة سبع وستين، ودعا لابن ذي النّون (يحيى بن إسماعيل) وقدمها ابن ذي النّون من بلنسية وقتل بها مسموما.
وزحف المعتمد بن عبّاد بعد مهلكه إلى قرطبة، فملكها سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
وأما بطليوس، فكان بها عند فتنة بني أميّة بالاندلس أبو محمد (عبد الله بن مسلمة) التّجيبي المعروف بابن الأفطس، واستبدّ بها سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ثم هلك.
فوليّ من بعده ابنه المظفّر (أبو بكر) وعظم ملكه. وكان من أعظم ملوك الطوائف، ومات سنة ستين وأربعمائة.
وولي بعده ابنه المتوكّل «1» (أبو حفص عمر) بن محمد المعروف بساجة، ولم يزل بها إلى أن قتله (يوسف بن تاشفين» «2» سنة تسع وثمانين وأربعمائة بإغراء ابن عبّاد به.
وأما «3» غرناطة، فملكها أيام الفتنة (زاري بن زيري) بن ميّاد، ثم ارتحل إلى القيروان واستخلف على غرناطة ابنه، فبدا لأهل غرناطة أن بعثوا إلى ابن أخيه (حيوس بن ماكس) بن زيري من بعض الحصون، فوصل وملك غرناطة واستبدّ بها، وتوفّي سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وولي مكانه ابنه (باديس) وكانت بينه وبين بني عبّاد حروب، وتوفّي سنة سبع وستين وأربعمائة.
وولي حافده المظفّر أبو محمد (عبد الله بن بلكين بن باديس) وولّى أخاه تميما بمالقة بعهد جدّه إلى أن خلعهما «يوسف بن تاشفين» سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
وأما طليطلة، فاستولى عليها بنو ذي النّون. وذلك أن الظافر إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذي النون الهوّاري [تغلّب]«1» أيام الفتنة على حصن أفلنتين سنة تسع وأربعمائة، وكانت طليطلة ليعيش بن محمد بن يعيش وليها في أوّل الفتنة، فلما مات سنة سبع وعشرين مضى إسماعيل الظافر إلى طليطلة فملكها، وامتد ملكه إلى جنجالة من عمل مرسية، ولم يزل بها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين.
فولي مكانه ابنه المأمون (أبو الحسن يحيى) فاستفحل ملكه، وعظم بين ملوك الطوائف سلطانه، ثم غلب على بلنسية وقرطبة، ومات مسموما سنة سبع وستين وأربعمائة.
وولي بعده طليطلة حافده (القادر يحيى) بن إسماعيل بن المأمون يحيى بن ذي النون.
وكان الطاغية أدفونش ملك الفرنج بالأندلس قد استفحل أمره عند وقوع الفتنة بين ملوك الأندلس فضايق ابن النون حتّى تغلّب على طليطلة وخرج له عنها (القادر يحيى) سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وشرط عليه أن يظاهره على أخذ بلنسية، فقبل شرطه وتسلّمها الأدفونش ملك الفرنج، وبقيت معه إلى الآن أعادها الله تعالى إلى نطاق الإسلام.
وأما شاطبة وما معها من شرق الأندلس، فاستولى عليها العامريون. بويع للمنصور (عبد العزيز) بن الناصر عبد الرحمن بن أبي عامر بشاطبة سنة إحدى عشرة وأربعمائة، أقامه الموالي العامريّون عند الفتنة البربرية في زمن بني أميّة، فاستبدّ بها، ثم ثار عليه أهل شاطبة فترك شاطبة ولحق ببلنسية فملكها، وفوّض أمره للموالي.
وكان (خيران العامريّ) من مواليهم قد تغلّب قبل ذلك على أربونة سنة أربع وأربعمائة، ثم ملك مرسية سنة سبع، ثم جيّان والمريّة سنة تسع، وبايعوا جميعا للمنصور عبد العزيز «1» ثم انتقض خيران على المنصور وسار إلى مرسية وأقام بها ابن عمّه (أبا عامر محمد بن المظفّر) بن المنصور بن أبي عامر، وجمع الموالي على طاعته، وسماه (المؤتمن) ثم (المعتصم) ثم أخرج منها؛ ثم هلك خيران سنة تسع عشرة وأربعمائة.
وقام بأمره بعده الأمير (عميد الدولة أبو القاسم زهير العامريّ) وزحف إلى غرناطة فبرز إليه باديس بن حيوس فقتله بظاهرها سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وصار ملكه للمنصور (عبد العزيز) صاحب بلنسية.
وكان قائده صمادح وابنه معن يتوليان حروبه مع مجاهد العامريّ «2» صاحب دانية، فولّى على المريّة (معن بن صمادح) سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وغزا الموالي العامريّين بشاطبة فغلبهم عليها.
وولّى على بلنسية ابنه (عبد الملك) فقام بأمره وجاهد المأمون بن ذي النون فغلبه على بلنسية وانتزعها منه سنة سبع وخمسين.
ولما مات المأمون وولي حافده القادر على ما تقدّم ذكره، ولّى على بلنسية (أبا بكر) بن عبد العزيز بقيّة وزراء ابن أبي عامر، فحسّن له ابن هود «1» الانتقاض على القادر، ففعل واستبد بها سنة ثمان وستين وأربعمائة حين تغلّب المقتدر على دانية، ثم هلك لسنة ثمان وسبعين لعشر سنين من ولايته.
وولي ابنه القاضي (عثمان) فلما سلّم القادر بن ذي النون طليطلة للأدفونش «2» وزحف إلى بلنسية، خلعوا القاضي عثمان خوفا من استيلاء ملك الفرنج عليها.
ثم ثار على القادر سنة ثلاث وثمانين القاضي (جعفر بن عبد الله) بن حجاف، فقتله واستبد بها، ثم تغلب النصارى عليها سنة تسع وثمانين وقتلوه، ثم جاءهم (يوسف بن تاشفين)«3» وأما معن بن صمادح «4» قائد عبد العزيز بن أبي عامر، فإنه أقام بالمريّة لما ولّاه المنصور سنة ثلاث وثلاثين، وتسمّى ذا الوزارتين، ثم خلعه.
وولّى ابنه (المعتصم أبا يحيى محمد بن معن بن صمادح)«5» سنة أربع وأربعين، ولم يزل بها أميرا إلى أن مات سنة ثمانين وأربعمائة.
وولي ابنه (أحمد) وبقي حتّى خلعه يوسف بن تاشفين.
وأما سرقسطة والثّغر فاستولى عليهما بقية بني هود، إذ كان منذر بن يحى بن مطرّف، بن عبد الرحمن، بن محمد، بن هاشم التّجيبيّ صاحب الثّغر الأعلى بالأندلس، وكانت دار إمارته سرقسطة. ولما وقعت فتنة البربر آخر أيام بني أميّة، استقل (منذر) هذا بسرقسطة والثغر، وتلقب بالمنصور، ومات سنة أربع عشرة وأربعمائة.
وولي مكانه ابنه (يحيى) وتلقب بالمظفّر.
وكان أبو أيّوب (سليمان بن محمد) بن هود بن عبد الله بن موسى، مولى أبي حذيفة الجذاميّ من أهل نسبهم مستقلّا بمدينة (تطيلة) و (لاردة) من أوّل الفتنة.
وجدّهم هود هو الداخل إلى الأندلس، فتغلّب سليمان المذكور على المظفّر يحيى ابن المنذر وقتله سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وملك سرقسطة والثغر من أيديهم، وتحوّل إليها، وتلقّب بالمستعين واستفحل ملكه، ثم ملك بلنسية ودانية. وولّى على لاردة ابنه (أحمد المقتدر) ومات سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
فولي ابنه (أحمد) الملقّب بالمقتدر سرقسطة وسائر الثغر الأعلى، وولّى ابنه (يوسف) الملقب بالمظفر لاردة. ومات أحمد المقتدر سنة أربع وسبعين لتسع وثلاثين سنة من ملكه.
فولي بعده ابنه (يوسف المؤتمن) وكان له اليد الطّولى في العلوم الرياضية، وألف فيها التآليف الفائقة، مثل «المناظر» و «الاستكمال» وغيرهما، ومات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وولي بعده ابنه (أحمد) الملقب بالمستعين، ولم يزل أميرا بسرقسطة إلى أن مات شهيدا سنة ثلاث وخمسمائة في زحف ملك الفرنج إليها.
وولي بعده ابنه (عبد الملك) وتلقّب عماد الدولة، وزحف إليه الطاغية أدفونش ملك الفرنج فملك منه سرقسطة وأخرجه منها، واستولى عليها سنة ثنتي عشرة وخمسمائة، ومات سنة ثلاث عشرة.
وولي ابنه (أحمد) وتلقّب سيف الدولة والمستنصر، وبالغ في النّكاية في الطاغية ملك الفرنج، ومات سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
وكان من ممالك بني هود هؤلاء طرطوشة، وقد كان ملكها (مقاتل) أحد الموالي العامريين سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، ومات سنة خمس وأربعين.
وملكها بعده (يعلى العامريّ) ولم تطل مدّته.
وملكها بعده (نبيل) أحدهم إلى أن نزل عنها لعماد الدولة (أحمد بن المستعين) سنة ثنتين وخمسين وأربعمائة، فلم تزل في يده ويد بنيه بعده إلى أن غلب عليها العدو المخذول فيما غلب عليه من شرق الأندلس.
وأما دانية وميورقة، فاستولى عليهما (مجاهد بن على) بن يوسف مولى المنصور بن أبي عامر، وذلك أنه بعد الفتنة كان قد ملك طرطوشة ثم تركها وسار إلى دانية واستقرّ بها، وملك ميورقة [ومنورقة] وبيّاسة، واستقلّ بملكها سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وولّى عليها ابن أخيه (عبد الله) ثم ولّى عليها بعد ابن أخيه مولاه (الأغلب) سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وهلك مجاهد سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة.
وولي ابنه (عليّ) وتلقّب إقبال الدولة، ودام ملكه ثلاثا وثلاثين سنة، ثم غلبه المقتدر بن هود على دانية سنة ثمان وستين وأربعمائة ونقله إلى سرقسطة، فمات قريبا من [وفاة المقتدر «1» ] سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وبقي الأغلب مولى مجاهد على ميورقة؛ وكان كثير الغزو في البحر فاستأذن عليّ بن مجاهد في الغزو، واستخلف على ميورقة صهره سليمان بن مشكيان نائبا عنه فأقام سليمان خمس سنين ثم مات فولّى عليّ بن مجاهد مكانه (مبشرا، وتسمّى ناصر الدولة) فأقام
خمس سنين، وانقرض ملك عليّ بن مجاهد وتغلب عليه المقتدر بن هود «1» فاستقلّ (مبشر) بميورقة ولم يزل يردّد الغزو إلى بلاد العدو حتّى جمع له طاغية برشلونة وحاصره بميورقة عشرة أشهر، ثم اقتلعها منه واستباحها سنة ثمان وخمسمائة، وكان مبشر قد بعث بالصّريخ إلى (عليّ بن يوسف) صاحب المغرب، فلم يواف أسطوله بالمدد إلا بعد تغلّب العدوّ عليها وموت مبشر، فلما وصل العساكر والأسطول دفعوا عنها العدوّ وولّى عليّ بن يوسف عليها من قبله (وانّود بن أبي بكر اللّمتوني) ثم عسف بهم فولّى عليها (يحيى بن عليّ بن إسحاق) ابن غانية صاحب غرب الأندلس فبعث إليها أخاه (محمد بن عليّ) فأقام في ولايتها عشر سنين إلى أن هلك أخوه يحيى، وسلطانهم عليّ بن يوسف واستقرّت ميورقة في ملك بني غانية وكانت لهم بها دولة ثم ملكها الموحّدون وانقرض أمر بني غانية وبقيت في أيدي الموحّدين حتى ملكها الفرنج من أيديهم آخر دولتهم.
وأما غرناطة فاستولى عليها (زاري بن زيري) بن ميّاد الصنهاجي، ثم عنّ له أن قدم على المعزّ بن باديس صاحب أفريقية وهو حفيد أخيه بلكين، فقدم عليه واستخلف مكانه بغرناطة ابنا له فأساء السيرة فيهم فأرسلوا إلى ابن عمه حيّوس بن ماكس بن زيري فحضر إليهم فبايعوه، وعظم فيها سلطانه إلى أن مات سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وولي من بعده ابنه (باديس بن حيّوس «2» ) وتلقب بالمظفّر، وهو الذي مصرّ غرناطة واختطّ قصبتها وشيّد قصورها وحصّن أسوارها، ومات سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وقد ظهر أمر المرابطين بالمغرب.
وولي من بعده حافده (عبد الله بن بلكين) بن باديس فبقي بها إلى أن أجاز